من ضواحي باريس إلى ضواحي ستوكهولم قصص فشل عن أزمات الاندماج

: 5/25/13, 11:24 PM
Updated: 5/25/13, 11:24 PM
من ضواحي باريس إلى ضواحي ستوكهولم قصص فشل عن أزمات الاندماج

الكومبس – تحقيقات: تستغربُ الدولُ الأوروبية والغربية الأخرى عموماً، من ما يحدثُ في "هوسبي" وأخواتها التابعة لضواحي العاصمة السويدية ستوكهولم ذات الغالبية الأجنبية، هذه الأيام، ومن سرعة انتشار الشغب وأعمال العنف، حيث تناقلت وسائل الإعلام صورا لسيارات وممتلكات محترقة، ولسيارت ودوريات شرطة. ويكاد الجميع ينصدم مما اعتُبر مؤشرات واضحة على "فشل" سياسة الإندماج السويدية، على الرغم من نموذجية هذه السياسة الأكثر تسامحا على المستوى الأوروبي والأكثر ربما كرما وسخاء في نظام المساعدات الاجتماعية، مقارنة مع جميع دول اللجوء الغربية الأخرى.

الكومبس – تحقيقات: تستغربُ الدولُ الأوروبية والغربية الأخرى عموماً، من ما يحدثُ في "هوسبي" وأخواتها التابعة لضواحي العاصمة السويدية ستوكهولم ذات الغالبية الأجنبية، هذه الأيام، ومن سرعة انتشار الشغب وأعمال العنف، حيث تناقلت وسائل الإعلام صورا لسيارات وممتلكات محترقة، ولسيارت ودوريات شرطة.

ويكاد الجميع ينصدم مما اعتُبر مؤشرات واضحة على "فشل" سياسة الإندماج السويدية، على الرغم من نموذجية هذه السياسة الأكثر تسامحا على المستوى الأوروبي والأكثر ربما كرما وسخاء في نظام المساعدات الاجتماعية، مقارنة مع جميع دول اللجوء الغربية الأخرى.


لسان حال وسائل إعلام الدول الغربية يقول: إذا السويد فشلت فماذا عن دولنا؟" أو "حتى السويد فشلت فلماذا نلوم أنفسنا" وهناك من أراد وضع الأحداث في عيادات المعالجة ومخابر التحليلات الاجتماعية والسياسية.

أغلب هذه الدول اهتمت بأحداث ضواحي العاصمة السويدية بشكل مبالغ فيه أحيانا، وقامت وسائل إعلامها بتسليط الضوء على "الموديل" السويدي للإندماج، الذي كان مثالاً يُحتذى به إلى وقت قريب، وهو يتساقط، حسب وصفهم، أمام إحراق السيارات والممتلكات العامة والخاصة أو على ضربات قذف رجال الشرطة والدفاع المدني بالحجارة، وأحيانا بزجاجات المولوتوف.

وتجد هذه المبالغة بشكل واضح، خاصة عند الإسهاب بتحليل "صدمة" فشل التجربة السويدية المفاجئة ونتائجها، وتوقعات انتقالها إلى دول أخرى. ولسان حال وسائل إعلام هذه الدول يقول: إذا السويد فشلت فماذا عن دولنا؟" أو "حتى السويد فشلت فلماذا نلوم أنفسنا" وهناك من أراد وضع الأحداث في عيادات المعالجة ومخابر التحليلات الاجتماعية والسياسية.

من المهم جدا أن نسال أنفسنا أولا: هل فعلا يمكننا أن نحكم على سياسة الإندماج السويدية بأنها فاشلة؟ وهل سبب هذا الفشل هو "الموديل السويدي" المتسامح والسخي؟ وما معنى هذا التسامح، وما ترجمته سياسيا أولا وواقعيا ثانيا وأخيراً؟

لا شك أن معايير قياس النجاح والفشل في سياسة الإندماج السويدية أو غيرها من الدول الأوروبية بات مرتبطا كما يبدو بعامل المكان، أي بجغرافيا التوزع السكاني، وتحديدا بما أصبح يعرف بضواحي المدن الكبرى.

تجمع المهاجرين وبالأخص فقراء المهاجرين في مناطق معينة حول المدن الكبرى، بإرادتهم أو رغم إرادتهم أوجد ما يمكن اعتباره ظاهرة الضواحي والتي أصبحت مقياس التحدي لنجاح وفشل سياسات الإندماج الحكومية.

Dr Laed Boakaz Malmo.jpg

الدكتور عيد بعكاز

يقول الدكتور عيد بعكاز المختص بعلوم التربية من جامعة مالمو لـ " الكومبس": " ما حدث في هوسبي، وانتقل فيما بعد الى عدة ضواحي هو نتيجة تراكمات لمشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية ونتيجة سوء تنظيم بالدرجة الأولى. ولا ننسى أن أبناء الضواحي معظهم من الجيل الثاني، إما ممن ولدوا في السويد او نشؤوا بها منذ الطفولة، وليسوا أجانب جدد. أغلبية هؤلاء الشباب لم يعرفوا وطنا


ما حدث في هوسبي، وانتقل فيما بعد الى عدة ضواحي هو نتيجة تراكمات لمشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية ونتيجة سوء تنظيم بالدرجة الأولى. ولا ننسى أن أبناء الضواحي معظهم من الجيل الثاني، إما ممن ولدوا في السويد او نشؤوا بها منذ الطفولة- د. بعكاز


غير السويد و ذاكرتهم سويدية بحتة. فالمشكلة ذات شقين : شق صراع الهوية وشق حقوق المواطنة".

يضيف: "هؤلاء الشباب يواجهون طعنا مستمرا في هويتهم السويدية يوميا في المدرسة، في الشارع وفي كل مكان يمرون به ينظر لهم نظرة الغريب الذي لامكان له في هذه البلاد رغم انهم لايعرفون وطنا غيره. فالإحساس برفض المجتمع لهم وعدم تقبله لهم زرع فيهم نمو الاحساس "باللامنتمي" وجعلهم يتصرفون بعدوان وشراسة كلما سنحت الفرصة بتفريغ احقادهم لمجتمع يرفض جنسهم وبشرتهم الداكنة".

أما شق المواطنة يتمثل في " سياسات الاقصاء والتهميش والعنصرية، وجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية لا يتمعون بنفس الحقوق في العمل والسكن والدراسة. فنجد نسبة النجاح في مدارس الضواحي او المدارس ذات الكثافة العالية من ابناء المهاجرين قليلة جدا وهنا يطرح السؤال لماذا كل هذه النتائج المتدنية، في هذه المدارس رغم أن أغلبيتهم، ولدوا و ترعرعوا في روضات ومدارس السويد. اليس التعليم هو اساس بناء المواطن؟ اليس لهؤلاء الشبان السمر حق في النجاح، كأقرانهم السويديين البيض؟ لماذا لا نتكلم عن الجوانب، التي تعتبر عنصرية في التعامل مع المواطن"؟

الكومبس في هوسبي

يبعد مكتب الكومبس الرئيسي مسافة محطة واحدة بالمترو (التونيلبانا) عن ضاحية هوسبي، ولأننا نتردد إلى هناك بشكل دائمي، لم نجد صعوبة كبيرة في أن نتوجه مباشرة الى هناك، ونسأل مجموعات من الشباب عن رأيهم بما يحدث عندهم ومعهم، أو بطرق باب أية مؤسسة لسؤال المسؤولين فيها ومناقشتهم حول ظاهرة الضواحي القديمة الحديثة.

يوسف شابٌ صومالي قال لـ "الكومبس": أنا أشعر بالأسف لما حدث في ضاحيتنا، واعتقد ان هناك شبان أتوا من مناطق مجاورة ليشاركوا باعمال العنف وهو ما يسيئ لنا هنا في هوسبي". ويضيف: " بالحقيقة انا أحاول دائما أن لا ابقى في الشارع في اوقات متاخرة من الليل، وأن أمارس الرياضة في أوقات الفراغ، ومع أن الفرص قليلة لدينا هنا إلا أنني استغل ما هو متاح لي كشاب لكي لا أبقى في الشارع".

Dr Ismaiel.JPG

الطبيب إسماعيل

"المشكلة في تدخل الشؤون الاجتماعية (السوسيال) بحياتنا الأسرية"

نائبُ رئيس الجمعية الثقافية الإسلامية الطبيب إسماعيل قال لـ " الكومبس ": " إن من أهم أسباب خروج الأطفال والمراهقين إلى الشوراع وقيامهم باعمال العنف هو عدم سيطرة الأهل على أبنائهم، وعدم وجود رادع أسري يؤثر عليهم. غياب هذا الرادع و هذا التأثير سببه تدخل الشؤون الاجتماعية (السوسيال) بتفاصيل حياتنا الأسرية وبتقليب أطفالنا ضدنا، وحتى تحريض نسائنا على رجالهم بطريقة واضحة، وبمناسبة وبدون مناسبة. هم يصرفون جهدهم ووقتهم ومواردهم للعمل ضد عاداتنا وتقاليدنا، بينما يوفرون ويقتطعون من الأموال التي من المفترض ان تخصص، لتطوير الضواحي ولإنشاء مراكز ثقافية وترفيهية تأوي الشباب في أوقات فراغهم".


من أهم أسباب خروج الأطفال والمراهقين إلى الشوراع وقيامهم باعمال العنف هو عدم سيطرة الأهل على أبنائهم، وعدم وجود رادع أسري يؤثر عليهم. غياب هذا الرادع و هذا التأثير سببه تدخل الشؤون الاجتماعية (السوسيال) بتفاصيل حياتنا الأسرية وبتقليب أطفالنا ضدنا- الطبيب إسماعيل

وأضاف الطبيب إسماعيل متحدثا عن أسباب أخرى للجوء الشبان والمراهقين لاستخدام العنف، قائلا إنها على سبيل المثال الاكتظاظ السكاني في الضواحي، حيث يمكن أن يسكن 10 أشخاص بغرفتين مثلا، إلى جانب تزايد البطالة خاصة بين فئة الشباب، والشعور بالعزلة الاجتماعية والإغتراب.

وشارك في الحديث المهندس أحمد وهو من اللجنة الإدارية للجمعية الثقافية الإسلامية قائلا:" لقد تم إغلاق عدة مراكز ثقافية كانت تساهم في تجميع الشبان وإلهائهم بأمور مفيدة. إضافة إلى أن الموظفين في البلدية ودوائر الدولة يعبئون الأطفال على انهم ينتمون إلى المجتمع السويدي ويساهمون في ابتعادهم عن ثقافتهم الخاصة وبنفس الوقت لا يقدمون لهم الإمكانيات التي تقدم لأقرانهم السويديين، لذلك يصبح لديهم اضطرابات في الهوية والانتماء".

وأكدا الطبيب اسماعيل والمهندس احمد على أن الجمعية الإسلامية الثقافية قدمت وتقدم دوما مساعدات للشرطة في المساهمة في تهدئة الأوضاع وفي التأثير على الشبان لضبط النفس، وشددا على رفض العنف والبحث دوما عن أصول الأزمة.

Ishak1_1.JPG

إ. س

شهادة أحد الملثمين

توجه الكومبس نحو مجموعة من الشباب في مركز ضاحية هوسبي، للحديث معهم، وعرفنا منهم انهم ينتمون إلى جنسيات مختلفة. " إ. س" شاب في العشرين من عمره لم ينف أو يؤكد أنه شارك بالاضطرابات وأعمال العنف في المنطقة، لكنه لم يخف غضبه من الأوضاع التي يمر بها هو وأقرانه، بسبب عدم وجود فرص عمل وبسبب ما اعتبره إهمال متعمد للمنطقة وسكانها من قبل الجهات المسؤولة.

قال " إ. س" لـ " الكومبس ": " أنا أنصح كل من يفكر بترك بلده واللجوء إلى السويد ان يفكر 10 مرات قبل هذه الخطوة بل عليه ان يبقى في بلده… وبعد برهة زمنية تابع القول: من السهل أن تقول لي إذا لم تعجبك السويد إرجع إلى بلدك، لكن أنا نشات هنا، كان عمري 3 سنوات فقط عند وصولي إلى السويد، وأنا لا أعرف بلدا غيرها، إذا رجعت إلى بلدي فساكون غريبا عنها ويمكن ان يقول لي أهل بلدي أنت سويدي إرجع إلى السويد".

أحد الشباب الآخرين قال لنا دون ان يعرف بأسمه: المشكلة ان الشباب هنا تكره شباب الشرطة، هم شباب مثلنا وعصبيون مثلنا ويمكن أن تظهر منهم تصرفات لا تقل غباءا عما يصدر عنا، وهنا يحدث التصادم.

في هوسبي وساحتها العامة وشوارعها ترى هذه الأيام أغلب ممثلي وسائل الإعلام السويدية وحتى العالمية، وترى نشطاء من قبل منظمات وهيئات مدنية واجتماعية سويدية وأوروبية، الجميع أتوا إلى هنا للإطلاع أو للمساندة أو للفضول الصحفي.

الكل يريد أن يدلو بدلوه ويكون قريبا من الحدث، حدث لا يزال مستمرا لم ينتهي بعد ربما بدأ في ضواحي باريس وامتد إلى هنا في ستوكهولم، وربما لم تنتهي أسباب انتشاره إلى مناطق أخرى، في انتظار حلول جذرية، لا تقتصر على معالجة ظاهرية مؤقتة تتزامن مع مصالح انتخابية ضيقة، أو تتناسب مع طروحات سياسية موسمية.

ومع أن الكومبس تطرق لرأي الحكومة والطبقة السياسية، في مواضيع سابقة حول أحداث ضواحي العاصمة، إلا أننا سننشر قريبا مقابلة مع مسؤول سويدي كبير لنطلع بشكل أوضح منه على مواقف وخطط الحكومة لمعالجة هذه الأحداث.

كما سيجري موقع الكومبس في القريب العاجل لقاءا مع موظف في الشؤون الإجتماعية للوقوف معه على تصوراتهم وتفسيرهم لما يحدث، وللإجابة على الإتهامات الموجه لهم.

محمود الآغا/ رئيس تحرير الكومبس

Media i Husby.JPG

organisation.JPG

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.