الكومبس – تحقيقات: “أكبر تنازل تقدمه في حياتك هو أن تتأقلم”، هذا ما قاله الشاعر الفلسطيني محمود درويش، وقد تكون مقولته هذه، على علاقة مع ما يعاني منه الكثير مع بداية وصولهم للبيئة الجديدة، التي يجدون فيها صعوبة في التعايش مع مجتمعهم الجديد في السويد.
ولكن هل هنالك فرصة لإعادة ضبط نمط الحياة من جديد؟ وما الذي يحدث بعد انتهاء فترة شهر العسل؟ عندما تنتهي الفترة التي نكون خلالها مبهورين بكل شيء في السويد، ومعجبين بأمور عديدة مثل الناس والطبيعة وطريقة سير الأمور؟
سألنا بعض الأشخاص الذين لاحظوا تغيرا طرأ على شخصياتهم بعد ان عاشوا في السويد، فكانت إجاباتهم كالتالي:
سوسن العطار: ” شخصيتي أصبحت أقوى”
تقول سوسن العطار: “من الأمور التي تغيرت بي بعد ان عشت في السويد هي انني اشعر ان شخصيتي أصبحت قوية أكثر لأني أعرف حقوقي كامرأة وواجباتي أيضا، وأصبحت اقتصادية وأكثر ترتيبا في جميع أمور حياتي، ولم أعد مضطرة لمجاملة أشخاص لا اتفق معهم فكريا وأربي أولادي بالطريقة التي اعتقد انها الأنسب بغض النظر عن ما سيقوله الاخرين، من العادات التي تغيرت لدي أيضا ان الزيارات للأقارب والاصدقاء لا تتم الا بمواعيد محددة وحتى الاهتمام بالمظهر لم يعد له الأولوية بل أرتدي ملابس مريحة وعملية”.
حنان صادق: “الكثير من أفكاري تغيرت”
اما حنان صادق فتقول” استغلال الوقت والمرونة في تحقيق الاهداف وان أكون مستمعة جيدة واحترم وأتقبل الآخر هي من الأمور التي تغيرت بي بعد ان عشت في السويد وهنالك افكار كانت ثابتة كالقانون في حياتي الآن تغيرت وأصبحت مرنة وبعضها تم التخلي عنها كليا، بدأت استغل وقتي بأمور واشياء تسعدني وتسعد عائلتي لم يعد الاهتمام بأمور الناس كثيرا (الفضول) الاهتمام بأموري الشخصية وامور عائلتي هو بالمقدمة.
هناك بعض الامور صعب التخلي عنها مثلا عاداتنا في التسوق أكثر من الحاجة الفعلية التي نحتاجها بسبب الحروب التي عشتها في بلدي تعلمت شراء مواد غذائية وخزنها في حالة حدوث شيء منع تجوال او غيرها من ظروف الحروب الطارئة في السويد تعودت ان اتسوق مواد غذائية إضافية.
التغير الأهم الذي حدث قد يكون ان الانسانية أصبحت طاغية على مشاعرنا وتغيرنا نحو الأفضل”.
منى العطار: “ان ترضى بحياتك كما هي، والحلول تأتي تباعا”
الالتزام بالمواعيد واحترام الوقت والعبور من منطقة العبور في الشارع هي من أول الأمور التي تغيرت عند منى العطار. تقول: ” التسوق أصبح تسليه ولَم يعد فقط للحاجة وإنما لتمضية الوقت في المحلات لأني أعيش في السويد وبعيدة عن الأهل والأقارب أصبحت عائلتي الصغيرة المكونة من زوجي واولادي وقليل من الأصدقاء هي كل مجتمعي وازداد الحرص على هذه العائلة الصغيرة، الصورة التي أخذناها عن السويديين تغيرت بمرور الوقت واستطعنا الاندماج معهم بسبب تعاملنا اليومي والعمل معهم.
من الأمور التي تغيرت بي إنني تعلمت ان اتعامل وأقلق عندما تحدث المشاكل وليس قبلها. لان طريقة التفكير السويدي تميل الى ان تستقبل وترضى بحياتك كما هي ولا تحاول ان تضغط على نفسك وتأخذ الأمور كما هي والحلول تأتي تباعا.
وميض عبد الرسول: “السويد أعطتنا الفرصة ان نفكر بطريقة مختلفة”
تحدثنا وميض عبد الرسول، عن موقف حدث لها في بداية عملها في السويد تعتبره الاحتكاك الحقيقي بينها وبين اول موظفة سويدية فتقول: “جئت من العراق وإنا مثقلة بهموم حروب مر بها بلدي بها منذ ان كنت صغيرة منها الحرب العراقية الإيرانية، وعندما أتممت دراستي هنا في السويد حصلت على اول وظيفة وعرفت بعد ذلك ان الموظف الذي سوف اعمل معه هو إيراني الأصل.
وبدأت استرجع حوادث الماضي وكان القلق الأكبر في كيفية التعامل مع هذا الموظف الذي كان في نظري جزء من ذكريات لا اريد ان أتذكرها.
وفِي اليوم الاول بالعمل قدمني المدير للموظف وإذا بي أراها امرأة وليست رجل ولَم يكن هو المهم بالنسبة لي المهم إني التقيت بأول انسان من أصول إيرانية بعد ماكنت اراهم العدو الأكبر في صور من المعركة العراقية الإيرانية.
وبدأت اقنع نفسي اني احتاج الى العمل اكثر من أي شيء آخر ولابد ان اتحمل وجودها وبعد أسبوع من عملي معها لم استطع ان أتمالك نفسي وأتكلم عن ما في داخلي لها وبالحرف الواحد قلت لها اني كنت خائفة ومترددة وقلقة لأنك اول إنسان أتعرف عليه من أصول إيرانية فكان ردها: نحن ضحايا حرب طحنت ما طحنت وكان عندي نفس الإحساس والشعور بالنسبة لك ولكننا سواسية بالإنسانية.
هذا كان اول درس له وقعه ومحفور في مخيلتي لان السويد أعطتنا الفرصة ان نفكر بطريقة مختلفة بسبب استقبالها كل أصناف البشر من أنحاء الكرة الارضيّة ونحن كنّا نعتقد إننا الوحيدين في العالم.
تعلمت ان لا افرق بين البشر بغض النظر عن لونهم وأشكالهم وعرقيتهم وأديانهم تعلمت ان احترم آرائهم وافكارهم واستقبلها كما هي.
تغير بي إني اصبحت أصغي واضع عيني بعين المتكلم ولا أحيد نظري الى مكان اخر وإلا اكون عديمة الاحترام.
وكانت المفارقة اننا تعلمنا ان لا ننظر الى الانسان الأكبر منا عندما يتحدث بالإضافة الى طريقة الأكل أصبحت صحية أكثر وممارسة الرياضة وركوب الدراجة الهوائية.
الأطفال الذين هم مستقبلنا تعلمت الكثير حول كيفية ان أخصص وقت لأطفالي أعطي جزء من وقتي للمتعة وليس كما هو سائد ان الأطفال عبأ على آبائهم.
تعلمت ان احترم واسمع لكل طفل يتحدث معي وانظر الية وكأنه إنسان ناضج وله وعي وطريقة تفكير، تعلمت من الفكر السويدي إني أفكر بلغة الجماعة لان الانسان السويدي يدرب على ان يعمل مع جماعة ويتعلم ويتكافل مع المجموعة ويبرز وهو في فريق عمل، بصراحة هناك أشياء لا تحصى تعلمتها من المجتمع ولا اشعر بها الا عندما اسافر الى بلد ثاني.
وتضيف وميض: “ولكن لا ننسى اننا اعطينا الشعب السويدي الكثير مثل الفلافل والعنبة والخبز العراقي والدولمة والبقلاوة، والاهم من ذلك ان يحرص على روح العائلة ويلتزم بها وان يتواصل مع الجد والجدة والأصدقاء بطريقة أفضل “.
زينب وتوت