هل هناك مشكلة عندما يعمل المهندس سائقا والخريج الجامعي عامل مطعم؟
الكومبس ـ تحقيقات: بعد أن كانت يداه تخطان أهم مشاريع البناء في سوريا وقدماه تقودانه إلى استطلاع مواقع تنفيذ ما خططه هو وزملائه فجأة تركت يداه القلم والتصقت بمقود السيارة، وقدماه تتنقلان فقط بين دواستي الفرامل والبنزين.
يصف المهندس المدني عماد الموصلي حياته بأنها شبيهة بدواستي قيادة السيارة، فبعد أن كانت مسيرة حياته مسرعة نحو مستقبل مشرق اصطدم بحاجز الأزمة السورية مما أوقف عجلة حياته بضربة فرام قوية، فالحاجة الى العمل واقترابه من العقد الخمسين من العمر منعاه عن الاستمرار في مهنة الهندسة التي يحبها، فاختار الطريق الأسهل وهو دورة في قيادة السيارة العامة لينحصرا طموحه وشهادته على حجم الكرسي الذي يجلس عليه.
يقول الموصلي" أنا لا أقلّل من شأن سائقي السيارة لكن المرء يعيش حياته حتى يجد ذاته ونفسي وجدتها بين أوراق الهندسة، فكما تُقتلع الشجرة من جذورها هكذا انفصلت عن مهنتي، لأن إمكانية العمل بشهادتي في السويد شبه معدومة في ظل وجود مئات المهندسين العاطلين عن العمل والذي يتقنون اللغة السويدية أكثر مني".
شهادة أخرى لسامح شيخ ياسين الذي درس العلوم في العراق، انتهت بين جنبات مطعم في ستوكهولم حيث يقول مازحا وهو يرتب الطاولات " شهادتي فاحت منها رائحة هذا المكان ويبدو أن مفعولها انتهى مع مروري من الحدود العراقية.
قلق الأجانب لم يخففه على ما يبدو إعلان مكتب العمل في أيار الماضي، عن استمرار انخفاض عدد العاطلين عن العمل وخاصة من فئة الشباب بعد أن وصلت نسبة البطالة الى 11 بالمئة من التعداد السكاني في السويد.
ويؤكد هذا التصريح أن العثور على عمل أصبح أسهل من السابق خصوصا بعد حذف 20 ألف شخص من قائمة البطالة في العام لماضي. لكن نتائج شهر أيار (مايو) أتت حذرة بعض الشيء وبأقل قوة عن أشهر شباط (فبراير) وآذار (مارس) ونيسان (إبريل) من حيث التوظيف.
انكفار ويديل
المشروع الخاص هو الحل البديل
هذه الأرقام التي تدعو للتفاؤل ربما هي ليست كذلك بالنسبة للبعض ومنهم اليمنية فاتنة عز الدين التي تعمل مدرسة للغة الأم العربية فتقول "مهما عرضت الأرقام من انخفاض نسب البطالة يبقى الواقع هو المُعاش، وما آلمني أنه في جميع مقابلاتي مع أرباب العمل سابقا كنت أتلقى أسئلة عن عملي في السويد ضاربين بعرض الحائط كل حياتي وشهاداتي السابقة، لذا كان الحل بالنسبة لعائلتي أن نلتجئ إلى قوقعتنا الخاصة ونؤسس مشروعنا الخاص الى أن تمكنت أخيرا من الحصول على عمل مؤقت كمدرسة للغة العربية ".
بشرى دلال مهندسة المعلوماتية كانت تؤيد فكرة فاتنة سابقا لكن مع دخولها مجال التدريب العملي غيرت فكرتها، فتعبر عن سبب تعديل رأيها قائلة " كنت أعتقد أن السويد لا تثق بشهاداتنا السورية لكن الحقيقة ليس كذلك، استشفيت من خلال تدريبي في إحدى شركات المعلوماتية أن السويدي يفضل الشخص الذي يعرفه على الذي لا يعرفه، وبالتالي العلاقات هي رقم واحد للحصول على فرصة عمل سواء كانت شهادتي سورية أم سويدية، فالخطوة الأولى التي تخلقها العلاقات هي التي تؤمن العمل".
وتؤكد بشرى أن "مشكلة الأجنبي هي احتياجه الى فترة طويلة لكي يتعرف على نظام البلد وخلال هذه المدة الكثير منهم ينتقدون السويد لاستسلامهم لا لعيب يكمن في هذا البلد، فأبواب المعرفة مفتوحة حتى لو عمل صاحب الشهادة عملا مؤقتا كسائق أو في مطعم فهذا لايعني أن الطموح وقصص النجاح التي يعرضها موقع الكومبس تشهد على كلامي".
وتعرض شبكة الكومبس باستمرار قصص تعكس اصرار الكثير من الأجانب على صعود السلم رغم الرياح التي تجبرهم أحيانا بالتراجع درجة أو درجتين، لكنها لا تكسر عزيمة من يريد الوصول إلى القمم .
الكثير من السويديين لا يثقون بشهادة الأجانب
عدم توظيف أصحاب الشهادات العليا من الأجانب برره انكفار ويديل وهو من الموظفين الرئيسين في دائرة الاندماج بمدينة فيستروس في لقاء سابق مع الكومبيس أن "الكثير من السويديين لا يثقون بشهادة الأجانب مما يؤدي الى بقاء أصحاب الشهادات العالية عاطلين عن العمل، وفي المقابل تزيد فرصة العمل كلما انخفضت الشهادة العلمية، ووجدت من خلال تعاملي مع الأجانب أن الكثير من الدول لديها مستوى تعليم عالي وعلينا كسويديين أن نستفيد من هذه الخبرات الكبيرة الوافدة إلينا وعدم إحباطها لأن ذلك سيعود بالخير على بلدنا، وأكبر مثال على ذلك شركة آ ب ب والتي تضم أكثر من 100 لغة ، ونتيجة لاستفادتها من الخبرات الوافدة إليها حصلت على شهرة كبيرة، وأعتقد أن هذه التجربة أيقظت الكثير من أصحاب العمل ”.