وزير العلوم والتكنولوجيا العراقي فارس يوسف ججو لـ “الكومبس” من ستوكهولم: نفكر بتأسيس هيئة علمية مشتركة للعراقيين في أوروبا بهدف التواصل العلمي

: 9/1/15, 4:06 PM
Updated: 9/1/15, 4:06 PM

الكومبس – لقاءات: على هامش زيارة قام بها وزير العلوم والتكنولوجيا العراقي المهندس فارس يوسف ججو الى السويد، قبل التقارير التي نشرت في بغداد، وافادت بدمج وزارته مع وزير التعليم العالي، استجاب الوزير لطلب الكومبس، اجراء مقابلة معه، لمعرفة أسباب وظروف زيارته والاطلاع على بعض المستجدات السياسية في العراق، وعلى عدة جوانب تتعلق بعمل وزارته واختصاصها. أدناه نص اللقاء معه:

هل تعتقد بعد زيارتك للسويد أن من الممكن تطبيق التجربة السويدية العلمية في العراق وفي البلدان العربية، أو الاستفادة منها على أقل تقدير؟

حقيقة السؤال مهم جداً، فبالإضافة إلى خصوصيات العراق ومزايا الشعب العراقي، تبقى تجارب الآخرين ضرورية لنا، لكني لا أعتقد أنه بالإمكان تطبيق هذه التجربة المتقدمة في بناء الدولة المدنية المعاصرة، بشكل كامل الآن في بلد مثل العراق، خصوصاً وأنها تجربة متطورة ورائدة كما هي في السويد، لكن الأكثر رجوحاً هو الاستفادة منها على أقل تقدير. أما بخصوص البلدان العربية، فهناك بالتأكيد تفاوت بتعزيز الروح المدنية، أو تعزيز الدولة المدنية بين دولة وأخرى، لكنها جميعاً بأشد الحاجة إلى مثل هذه التجربة.

إن أهم ما يميز الدولة المدنية في السويد كما لاحظته، هو القانون الذي يحترمه الجميع، وأيضاً المستوى العالي من التطور في جميع المجالات، في (الصناعة، الإنتاج، المدرسة، الجامعة، المستشفى، الشارع، والمرور، وفي كل مرافق الحياة الأخرى)، إضافة إلى الدستور المتطور الذي يلبي حاجة المواطن، ويحقق إنسانيته وحريته، إن هذه النقاط المهمة من التجربة السويدية في بناء الدولة المدنية، هي التي نستطيع أن ننقلها إلى العراق الآن للاستفادة منها.

ما هي أسباب زيارتكم، وهل لديكم في الحكومة العراقية، أفكاراً أو خططاً للتعاون مع الحكومة السويدية، في مجال اختصاصكم في الطاقة والعلوم والتكنولوجيا؟

في الواقع أن زيارتي إلى السويد لم تكن زيارة رسمية، وإنما هي زيارة للعلاج فقط ، لكن خلال وجودي هنا في هذه الفترة القصيرة، اتصلت مع بعض الإخوة من ذوي الشهادات العليا وبعض الأساتذة من العراقيين، للتباحث معهم بهذا الشأن، وقد لاحظت أن هناك مستويات علمية وتكنولوجيا عالية، فتولدت لدينا أفكار سنعلنها حين أعود إلى البلد، خلاصتها هي: أن تكون هناك هيئة علمية للعراق وللعراقيين في أوربا، تشبه شبكة (نيسا) للعلماء العراقيين في الخارج، ويكون بين الوزارة وبين هذه الشبكة أو الهيئة تواصل مستمر، يرفدوننا بما توصلت إليه العلوم وما وصلت إليه مستويات التكنولوجيا، للبحث أو الإجابة عن المشاكل التي نواجهها في العراق، من خلال المختصين والباحثين في وزارة العلوم والتكنولوجيا في بغداد، وستكون هناك ورش عمل وبحوث مشتركة، وحتى براءات اختراع منجزة بشكل مشترك، وأيضاً تسويق للتكنولوجيا، التي نحتاجها في كثير من مجالات العلوم في بلدنا، نعم موجودة هذه الأفكار، وربما مستقبلاً ستلاحظون تفعيلها وترجمتها على أرض الواقع في العراق.

unnamed

إلى أي حد تأثر الأوضاع السياسية الراهنة في العراق والتدخل الخارجي بشؤونه على التطور المنشود؟

حقيقة أن تدخل العديد من الدول في الشأن العراقي، لا أحد يستطيع أن ينكره، والسبب هو اعتماد الحكومات المتعاقبة على الحكم منذ عام (2003)، على أسس المحاصصة المقيتة ونهج الطائفية البغيضة، هذا الشكل من نظام الحكم ولد الكثير من التخلخل في الدولة، مما سهل من كثرة تدخلات الدول الأخرى في شؤوننا، ولا يمكن معالجة هذا الخلل إلا بوجود حكومة وطنية قوية، تستطيع أن تجد حلاً لمشاكل البلد، وأمام الحكومة الآن الكثير من التحديات الكبيرة، ولا تستطيع أن تواجهها لوحدها، وأهم هذه التحديات هو محاربة الإرهاب والقضاء عليه، وإرجاع المهجرين والنازحين إلى مناطق سكناهم، وتسهيل عودتهم الآمنة.

هل للحكومة العراقية خطة واضحة في محاربة الفساد او إنهاء المحاصصة القومية والطائفية؟

الفساد لا يقل خطورة عن الإرهاب، وأنا أصنف محاربته وفق المعادلة التالية: (الإرهابيون والطائفيون والفاسدون، أقابلها بالوطن والمواطنة والوطنية)، هذه المعادلة قد تبدو صعبة بعض الشيء، لكن لا خيار لنا إلا أن نحاربهم بهذه التسميات، فالفساد هو وليد نظام المحاصصة الطائفية، ولم تولي الاهتمام أو الانتباه إلى آثاره، التشكيلات السياسية البائسة في السنوات السابقة، إلى أن استشرى وطغى بشكل ملعون، وتعدى حدود الرشوة وأخواتها، وصار مرضاً سرطانياً، انتشر في جسد الدولة العراقية، فأصبح سلوكاً اجتماعيا مع الأسف، وأصبح من يعمل بضمير وحس وطني محط سخرية وتندر، إن المشكلة في الإنسان وفي أنظمة العمل وفي الحكومة، التي يجب عليها أن تتخذ إجراءات حاسمة، وتضرب بيد من حديد على كل من تثبت عليه حالة فساد، في أي موقع كان في الدولة، وأن تتخذ هذه الإجراءات من قبل: (رئيس الوزراء ومجلس الوزراء، هيئة النزاهة والعدالة، المحكمة الاتحادية، رئاسة الجمهورية، البرلمان، ولجنة النزاهة في البرلمان)، وعلى كل هذه المؤسسات والهيئات، أن تعمل كفريق واحد للقضاء على الفساد واجتثاثه، وهناك ملفات لدى الدولة وتعلم بها الحكومة، يجب كشفها أمام الشعب، حتى يتأكد المواطن من جدية الحكومة في محاربة الفساد.

تعود الدول الديمقراطية في الأزمات والمحن والمنعطفات التاريخية عادة إلى شعوبها لتصحيح المسار، والحكومات في العراق وفي كل الدول العربية تنادي دائماً بالديمقراطية، فأين هي من هذا المفهوم؟

كما تعلمون أن الديمقراطية في البلدان المتطورة، عمرها طويل جداً ويصل إلى قرون عديدة، وأستطيع القول لو كانت الديمقراطية تقاس من دخول الروضة إلى التخرج من الجامعة، فنحن الآن، ربما لا زلنا في الصف الأول أو الثاني الابتدائي، في إتقان وممارسة مفاهيم وقيم الديمقراطية، وسنواصل الاستمرار في هذا النهج، بالرغم من العثرات والسلبيات والخروقات، التي حصلت في جميع الانتخابات، وبالرغم من شراء الذمم وصرف الأموال بلا حساب لكسب هذه الجهة أو تلك، لكنها تجربة جديدة في ممارسة العمل السياسي، وأنها لأول مرة ربما في تاريخ العراق، يتم فيها اختيار الحكومة والبرلمان من قبل الناس، ومع هذا فإن الجميع يتخوف من أن يمس اختيار الناس بشيء ما، مثلما كان يسمى سابقاً بالمؤامرات أو الانقلابات العسكرية، لكن الشعب إذا أراد أن يغير فإنه يستطيع ذلك، فهذه إرادته كما حصل في مصر مثلاً، إن التجربة الديمقراطية في العراق في بدياتها، وعلينا أن نسعى لتطويرها، وستكون لها آفاق أخرى، أكثر رحابة مما هي عليه الآن.

محمد المنصور

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2023.