وفاة طفل في أحد مستشفيات السويد والأب يتحدث عن إهمال وتقصير طبي
الكومبس –خاص: قد لا يوجد أصعب من الأسى والحزن الذي يصيب الأب أو الأم في حال فقدان طفلهما، خاصة إذا كان هذا الطفل هو المولود الأول وقد يزداد هذا الشعور مرارة عندما يكون سبب الوفاة نتيجة خطأ أو تقصير بالعلاج كان يمكن ألا يقع.
هذه الظروف الصعبة، عايشها أحد قراء شبكة الكومبس، والذي بالرغم من أنه سلم بقضاء ربه وقدره بما أصابه، كما يقول، إلاّ أنه يعتقد أن هذه المأساة ما كانت لتحدث لو كان هناك مجالاً لتفادي خطأً طبياً حرمه من ولده، الذي كان برفقة والدته في إجازة عائلية في السويد، عند وفاته.
الكومبس تلقت قصة الأب أنور من طرف واحد، وعندما أرادت البحث والاستقصاء من الطرف الآخر، حسب ما تمليه مبادئ المهنة، اصطدمنا بقوانين صارمة تمنع المستشفى والأطباء من نشر أي معلومات تخص مريض أو متوفي دون إذن قانوني.
ولأننا نحترم هذا القانون الذي نراه هاما وللمصلحة العامة، اكتفينا بنشر القصة حسب ما وصلتنا من الأب المكلوم بوفاة ابنه. مع الإشارة مرة أخرى إلا أن هذه القصة تبقى غير مكتملة دون سماع رواية الأطباء والمستشفى حول هذه الحادثة المأساوية.
يعيش أنور الذي أكتفى بذكر أسمه الأول في بريطانيا منذ سنوات عدة، وهو متزوج من فتاة عراقية في العام 2014 تحمل الجنسية السويدية
يقول في حديثه مع الكومبس، إنه بعد سنة من الزواج رزق وزوجته بمولدهما الأول حيث كانت فرحتهما به لا توصف، خصوصاً أن أنور هو وحيد عائلته، فكان طفله الصغير بمثابة الأبن والأخ له كما يقول.
فرحة الوالدين هذه لم تكتمل وذلك بعد اكتشاف أن طفلهما يعاني من نوبات صرع ولكن بفضل الطب الحديث والأدوية المتخصصة وفقاً لأنور استقرت حالة أبنه، وقال له الاطباء حينها، إن هذه الحالة ستزول تدريجياً مع بلوغ طفله السنتين من عمره
“لكن للأسف لم يكتب لهذا الطفل حتى أن يبلغ السنتين من عمره” يقولها لنا أنور والغصة تطغى على كلماته.
ففي شباط/ فبراير من هذا العام، قررت زوجته الذهاب إلى السويد لرؤية عائلتها هناك، واصطحبت معها ابنهما، وتحسباً لأي طارئ قد يحصل مع الطفل، طلب الوالد من المستشفى الذي يعالج فيه أبنه في بريطانيا تزويده بكل الوثائق الطبية المطلوبة عن وضعه الصحي لتكون موجودة بين يدي الوالدة في حال حدوث أي عارض صحي لابنهما خلال وجوده في السويد.
لم يكن أنور يتوقع أن يتعرض أبنه لأي عارض صحي غير الذي كان يمر به بالعادة أي نوبات الصرع، ولكن وبعد مرور أسابيع على وجوده في السويد مع أمه، تعرض الطفل لانتكاسة صحية ادخل على أثرها إحدى المستشفيات في منطقة Trollhättan القريبة من يوتيبوري وتشخصت أصابته بفيروس ( آر س التنفسي المخلوي )وهو فيروس يصيب الاطفال عادة قبل بلوغهم سن الثالثة، وله أعراض مشابهة للزكام ويؤثر على الرئتين والقصبات الهوائية.
يقول لنا أنور هنا، إن الأطباء في المستشفى ارتكبوا حسب اعتقاده خطأ طبياً، عندما قاموا بالاكتفاء بوضع الأوكسجين له وعدم حقنه بمضاد حيوي، وبالإضافة لذلك، أخرج الطفل من المستشفى وهو لم يتماثل للشفاء التام بعد.
الطفل يفارق الحياة والأهل بحالة صدمة
ويضيف، أن حالة أبنه الصحية عادت وساءت من جديد في أواخر مارس/ آذار الماضي، وتم إدخاله للمشفى من جديد بسبب هذا الفيروس.
ووفقاً لأنور فقد قام الأطباء في المستشفى بإعطاء أبنه المضاد الحيوي عن طريق الفم بدلاً من حقنه في الدم، كما تم تزويده بالكرتزون الذي يخفض مستوى الضغط رغم معاناة أبنه أصلاً من ضغط منخفض.
وحسب ما يقوله الأب لنا، فقد أدى كل ذلك إلى مضاعفات صحية خطيرة، فارق على أثرها ولده الوحيد الحياة في السادس من نيسان أبريل 2016
كالصاعقة نزل خبر وفاة أبنه على مسامعه، لم يستطع تخيل أن زوجته ستعود إلى بريطانيا من السويد وابنهما ليس بين يديها.
بعد أيام من الحادثة، تواصل أنور مع الطبيب الذي كان مسؤولا عن حالة أبنه الصحية، ووفقاً لمراسلاته معه، وجد أن هناك نوعاً من عدم تحمل المسؤولية والإهمال من قبل الطبيب في التعامل مع حالة الطفل، وكل ذلك وفقاً للأب.
يقول أنور” كلام الطبيب معي جعلني أشعر أنني أتحدث مع طبيب من دول العالم الثالث” حسب وصفه و“ليس من دولة متقدمة ومتطورة كالسويد“
من بريطانيا إلى السويد ولا جواب كاف
بعد شعور الوالد بوجود نوع من الإهمال الطبي حرمه ولده وفقاً لتعبيره دفعه ذلك إلى طلب موعد مع إدارة المشفى والاجتماع بها ليشرح لها ما حصل لطفله والكلام الذي دار بينه وبين الطبيب المعالج.
يؤكد لنا في هذا الإطار، أن الإدارة تجاهلت سؤاله ولم تعطه أي موعد، فاضطره ذلك للسفر إلى السويد والمدينة التي يقع فيها المستشفى.
ويتابع أنور، أن كل ما حصل عليه بعد هذا العناء، هو فقط الملف الطبي لابنه باللغة السويدية، بعد ان اعتذروا منه بأنهم لا يستطيعون تزويده بذات الملف باللغة الانكليزية.
وخلال حديثه معنا اعتبر أنور أن هناك تقصيراً ولامبالاة ستدفعه لمقاضاة الجهة المسؤولة عن وفاة أبنه و هنا يقول والحسرة تملئ قلبه” إنه حتى لو قاضيتهم، حتى لو أنا كنت على حق، فكل ذلك لن يعيد لي أبني إلى الحياة، لكن كل ما أريده هو أن لا يتكرر ما اعتبره خطأ طبي مع أطفال آخرين كذلك الذي حدث مع ابني“
طبعاً مع مراعاتنا في الكومبس لمشاعر الأب المكلوم، إلا أن واجبنا الصحفي يتطلب منا عدم الاكتفاء بوجه نظر ما حدث، وعلى الفور قمنا بالاتصال بالمستشفى وبالتحديد أرقام الأطباء والاداريين الذين كان يراسلهم أنور لمعرفة حقيقة ما جرى، كما قمنا بإرسال أكثر من بريد إلكتروني لهم ليعطونا رأيهم بما حصل، وزودناهم برقم الملف الطبي للطفل المتوفى، ومع انتظارنا ومحاولتنا أكثر من مرة وعلى مدار أسبوعين لم تصلنا للحظة كتابة هذا التحقيق أي ردود من قبل المستشفى.
ولهذه الغاية قامت الكومبس باستشارة قانونية من المحامي مجيد الناشي، حول واجب إدارة المستشفى في الرد إذ أوضح لنا أنه لا يحق للمستشفى بأي شكل من الأشكال، التصريح للصحافة، حول ما حدث للحالة الصحية التي يُراد النشر حولها، حتى وان كان للمستشفى أدلة وتأكيدات، سواء كانت بصالح المستشفى أو بصالح الطرف الثاني، وذلك لان القانون يمنع أن تقوم المستشفى بنشر معلومات حول الحالة الصحية للمريض، وما حدث له.
لكن ووفقاً لوجهة النظر القانونية يمكن للطرف الذي اشتكى على المستشفى طلب الحصول على تقرير من المستشفى، عندها يحق للصحافة نشر ما تضمنه التقرير.
لذلك نحن لا نستطيع أن نحكم ومن طرف واحد أن وفاة الطفل حدثت نتيجة خطأ أو إهمال طبي، فقط أردنا نشر قصة أب صدم بوفاة طفله الأول وهو أي الأب يحق له أن يسأل هل كان من الممكن أن ينقذ الأطباء في السويد ابني؟ أم ان هناك خطأ او إهمال قد وقع فعلاً؟ سؤال لا يزال مفتوحاً ونعدكم أن نتابع الإجابة عليه في حال تعاونت معنا الأطراف المعنية.
هاني نصر
الحقوق محفوظة: عند النقل أو الاستخدام يرجى ذكر المصدر