"آلهة": العمل الشعري الجديد للشاعر سليم بركات

: 10/7/12, 10:57 PM
Updated: 10/7/12, 10:57 PM
"آلهة":  العمل الشعري الجديد للشاعر سليم بركات

الكومبس – ثقافة "آلهة"، الكتاب الشعري الجديد للشاعر السوري المقيم في السويد سليم بركات، قصيدة طويلة كمعظم أعماله، وهي مخصصة في سياقها لموضوع واحد متشعب، ومتداخل، يصعب اختزاله إلاَّ في العنوان المجرد من التعريف.

الكومبس – ثقافة "آلهة"، الكتاب الشعري الجديد للشاعر السوري المقيم في السويد سليم بركات، قصيدة طويلة كمعظم أعماله، وهي مخصصة في سياقها لموضوع واحد متشعب، ومتداخل، يصعب اختزاله إلاَّ في العنوان المجرد من التعريف.

"آلهة" متعددة من تبويب الخيال الإنساني، في اتجاهات بلا حصر. "آلهة" خارقة، ونصف خارقة، عادية، متعالية، أو بشرية الطباع. هي محصلة تاريخ الإنسانية في محاولة فهم الوجود، وفهم النَّفْس، والتقرُّب من الغيب الغامض، أو إنشاء العلاقة بين الجماعات البشرية وفق امتلاك الحق الإلهي.

"آلهة" قصيدة تمضي في كل اتجاه، من الآلهة الصغيرة إلى الكبيرة، في الأساطير وفي المعتقدات، إلى الآلهة المثقلة بخوف الإنسان نفسه، وبأمله، وبأخاديعه وحِيلِه، وبرغباته المعقولة واللامعقولة، المتحققة والمحبَطة.

"آلهة"، هو كتاب نقد في المفهوم الغيبي، ولايُختصر بتقديم كهذا. لكن يُشار إلى أنه الرقم التاسع والثلاثون في قائمة مؤلفات الشاعر، ومزيَّن الطباعة بباقة من اللوحات هي من رسم الشاعر نفسه، موزعة على 158 صفحة، في إخراج أنيق مجلَّد تجليداً فنيًّا. وهو الكتاب الثاني الشعري يصدر مجلداً بهذه الطريقة للشاعر، بعد كتابه "عجرفة المتجانس: شكوك القُبل وهواجسها الموصولة"، عن دار الزمان في دمشق، في عام واحد. معلومٌ أن بعض مؤلفات سليم بركات الشعرية والروائية قد ترجمت إلى اللغة السويدية من قبَلْ بعض المستشرقين السويديين، وهو مرشح بقوة لجائزة نوبل السويدية.

هنا مقاطع من هذه القصيدة الملحمية الطويلة من ديوان "آلهة" الذي تجاوزت عدد صفحاته الـ 150 صفحة.

مُذْ أقسمَ الإنسانُ للآلهةِ بالجراح فيهِ،

وأقسمَ بالخوف،

وبالطبائعِ ملفَّقةً في الإنسان كصِوَر الإنسان،

وأقسمَ بالكهوفِ الأغاني معتمةً إلاَّ من عناق المطارَديْنَ للمطارَدين،

وبالقيودِ الرقيقةِ السبعةِ كالعظام السبعةِ في الجمجمة؛

مُذْ أقسم

للآلهةِ

بهذا

كلِّه

تنفَّس المُشْكلُ الصُّعداءَ:

لقد أُجِّلَ الوجودُ إلى نزفٍ آخرَ، وللآلهةِ أن تتوارثَ، مداوَرَةً، ختمَ الممكناتِ المكسور.

اْلآلهةُ التنانينُ في بَيْضِ البلابلِ،

والحجارةُ المقلِّدةُ أشعارَ الأوديةِ.

اْلآلهةُ الإلهُ وحيداً برغيفه المبلول، والآلهاتُ الإِلهةُ من نَحْتِ الوحدة أثرَ اللانهائيِّ على رغيفها المبلول؛ هِيَ هيَ، فمن سيُحصي الأيدي المقضومةَ الأظافر تجمع للآلهة وعوداً مقضومةً في المَخَارِقِ بأسنانٍ دمٍ؟ هو الإنسانُ لم يُعِدْ إلى الآلهة خناجرَها مُذِ استسلمتْ؛ لم يَعِدْها بنهايةٍ أخرى غير الوجود آلهةً؛ لم يُقْنِعْها أنها نجَتْ مُذِ استسلمت. وها ثقتُهُ أنها تنكَّرتْ لِمَا درَّبها عليه وعْدُهُ ـ وعْدُ الإنسان. والآلهةُ لاتتراجع: هي في سوءٍ من التدبير سَهَتْ عن ادِّراكه. لاتتراجعُ إنْ لايتراجع الإنسانُ عن إقناعها أنَّها آلهةٌ؛ أنَّها ماتشاءُ؛ أنْ لاتتَردَّد، لأنها عافيةُ ماانتهى.

صَفْحُ الزيزان عن الصيف لايَشْغَلُ الآلهةَ. هي تصغي إلى الغناءِ وراء الأعمدةِ. كلَّما اقتربتْ تراجع الغناءُ إلى أعمدةٍ أبعدَ. غناءٌ يتراجع كلما تراجعت الأعمدةُ. غناءٌ به تتراجع خيانةُ الصوت للصوت. والآلهةُ تصغي، لايَشْغَلها صفحُ الزيزان عن الصيف.

خروج الثعالب من جحورها الثانية، بعد جحور الحكاية الناقصةِ، لايَشْغلُ الآلهةَ. اْلأَعمارُ ـ حجرُ الجَلْخ يُسَنُّ عليه الوقتُ، كلما تعاورتْه الثلومُ، لاتشغل الآلهةَ داخلةً إلى المأزق بشفاهٍ عليها آثرُ الليلِ المأكولِ. لايَشْغَلُها المنتهى ذو القوائم القصيرة؛ لايشغلها الشركاءُ في بيع الأقمار، أو بيع الحُمُرِ الرملية بأحمالها كاملةً من أثاث القيامة،

وخلِّ القيامة،

وزيت مَعَاصِرها،

وتُحَفِها المجلوَّةِ ببول الذئبة.

لايشغلها العدمُ بصريفِ أسنانه أمام المرآة.

لاتشغلها الجثثُ العنيدةُ عنادَ مطاحن الذُّرة.

لاتشغلها المقامراتُ بالأحشاءِ طازجةً، أو الغضبُ العَقَّارُ، والشقاءُ العَقَّارُ، والألمُ العَقَّار، والأرَقُ العقَّار. هي ماهي فيه جَمْعٌ جراحٌ من تعريف الجراحِ للحياةِ، وتعريف المطلق للرماديِّ بياضاً. لاتساوم على خيالها ـ خيالِ السروج فوق ظهور الجياد:

آلهةٌ أقلامٌ رصاصٌ برؤوس مكسورةٍ.

آلهةٌ منهكةٌ من حمل أحفادها من طوفانٍ إلى آخر.

آلهةٌ توائمُ متلاصقةٌ من سُرَرها.

آلهةٌ لاتطأ العتباتِ،

وأخرى تصعد المنارات بحبالٍ وتنزل عنها بحبالٍ.

آلهةٌ بأكمامٍ طويلةٍ في قمصانها تحجب الأيدي.

آلهةٌ مكحَّلةُ الأجفانِ اليسرى.

آلهةٌ عشبٌ في الممرِّ لم تطأْهُ عِجالُ العربات،

وآلهةٌ أحزمةٌ ضيقةٌ على خصور الموتى.

لاأقلَّ من الكُفْر. لاأكثر من الكفر. آلهةُ التعب الرحيم والمتاعب الرحيمةِ. لاأقلَّ مما يستأهله الكُفرُ، أو أكثر مما يستأهلُ الكُفرُ: عريقةٌ في النسيانِ. الألهةُ وآبارُها بدلاءٍ من جلود الأيدي. الآلهةُ المعروضةُ أُجراءَ لقِطَاف الأيامِ الناضجة، والأيام الفِجَّة.

متأخِّرةٌ قسوةُ الأمثالِ في المُخاطَباتِ. اْلآلهةُ متأخرةٌ مُذْ لاأسفَ بعد القتل: عجينٌ سيُخْبزُ بنكهاتِ العَرَض كلِّها. سيُخْبَزُ ألمُ الفجر، وألم الظهيرة، والمُ الوقت متنكِّراً في روائح المغيبِ. هيَ أوقدتِ الأفرانَ. اْلآلهةُ الأفرانُ ـ انزياحُ الضروراتِ الكبرى. اْلآلهةُ الثغراتُ الكبرى؛ الآثارُ المُنطبقةُ بأنفاسِ الحجر على كلِّ لحمٍ. فَلِمَ الخوف؟ اْلنهايةُ تحذيرٌ مضحكٌ. ولِمَ الخوف؟ اْلنهايةُ بشرىً مضحكةٌ.

أمورٌ محسومةٌ أمورُ الآلهةِ، متأخِّرةٌ في التقدير مثلها. كثيرةٌ هي المحسومةُ الأمورُ. كثيرٌ إذِ الكثيرُ يتقدَّمُ الآلهةَ، أو يتبعها محسوماً بأمورِ الكثيرِ المحسومةِ. أمورٌ تتجاور فيها الميازيبُ الآلهةُ بدمعِ السماءِ سَكْباً على الأصفانِ، وسَكْباً على العظامِ مُسَجَّرةً في الحروفِ. أمورٌ محسومةٌ تلك الموعودةُ بنقائض البرهانِ على أُممٍ لم تكنْ، وجَمَالٍ لم يكنْ، وجلالٍ كنباح الكونِ:

غضبٌ

مأجورٌ

كحياةٍ مأجورة.

حَسْبُها الآلهةُ الغضبُ مأجوراً كحياةٍ مأجورةٍ، عاكفةً على تعديل البوابات إلى القيامة، وتعديل مساميرها الكبيرةِ، وصَوْنِ شحوبِ خشبها بالبَرْنيْق.

حَسْبُها التماثيلُ الآثمةُ تذرف دمعَ الخَلْقِ الثاني من أعينها. اْلخلائقُ الثانيةُ التماثيلُ بأقدامٍ في الفردوس وأخرى في الأساطيرِ. لاجراحَ. بل جراحٌ زبيبٌ في الأيدي، أو بزرُ يقطينٍ للفَصْفَصةِ. جراحٌ

خَدَمٌ في مآدبِ الإنسان.

جراحٌ حوذيُّون للعربات،

وبستانيُّون للحدائق،

ومعلِّمو حسابٍ للأطفال يُنعشون أقدامَهم في سواقي الحروب.

جراحٌ مجاملاتٌ مهذَّبةٌ.

جراحٌ تنبيْهٌ؛

حواشٍ مضافةٌ إلى متونِ الأعمار،

مُسطَّرةٌ بحرف الظلِّ.

جراحٌ مغانمُ تُقادُ كالأسلابِ النساءِ إلى الأسِرَّةِ،

أو كالذهب إلى الخزائن.

جراحٌ أدواءٌ إنِ اعتلَّتِ التواريخُ؛

قِنىً للزهو مباهاةً.

جراحٌ خالصةٌ من إثم الألم، أو الشكوى من ألمٍ.

جراحٌ مهموسةٌ، أو منطوقةٌ صريحاً بكلماتِ الرُّسُلِ.

جراحٌ صَفيقةٌ،

وأخرى خجولةٌ.

جراحٌ مُعْتَقَدٌ إرثٌ؛

ضبطٌ بليغٌ للأنينِ. جراحُ الآلهةِ الودائع في يد الإنسان. لاشكوكَ للأرض في عَدْلِ جراحها. شكوكٌ عادلةٌ. شكوكٌ من غَدْرِ العَدْلِ بالجراح عادلةً ودائعَ في يدِ الإنسانِ. أقسوةٌ أدبٌ في المخاطباتِ؟ أقسوةٌ متأخرةٌ، أمْ مخاطباتٌ متأخرةٌ؟ كلُّ

شيءٍ

متأخرٌّ

في

إدانةِ

النافذةِ

للمشهد.

ذا التأجيلُ الصارمُ. المؤجَّلُ الصارمُ، المجتهدُ أدباً في التأجيلِ. اْلآلهةُ التأجيلُ كالأنهار تُظْلِمُ في المنعطفاتِ؛

كالتعب حزيناً من توبيخ أُمَّهِ العافيةِ؛

كأدوار القَلق السبعةِ؛

كخطرِ النرجسِ،

ووعيدِ الشفةِ الجائعة.

هي ذي الآلهةُ التأجيلُ؛ عبثُ الوجدانِ بالحدائقِ؛ الصوتُ متأفِّفاً من نَبرهِ، واللسانُ متأفِّفاً من نَبرِ العقلِ. أمْ هي الوجودُ مصقولاً بالألسنةِ لَعْقاً؟ مصقولاً بالحيرةِ مصفَّاةً من فوضى أمانتها؟ جراحٌ أمانةٌ هي الآلهةُ عند الخَوَلِ المخلوقات. جراحٌ آلهةٌ، وَفْقَ الموجعِ تستكمل المنطِقَ المنسجمَ. هي ذي تأجيلٌ صارمٌ. مؤجَّلٌ صارمٌ، مجتهدٌ أدباً في التأجيل كالآلهةِ الوجودِ لمْ يُعْتَمَدْ بعْدُ إلاَّ بتخمينٍ. سيادةُ الصوتِ الآلهةِ. سيادةُ الصدى الآلهةِ. الغمغماتُ من طُرُزها تلك، المسكوكةُ على ألسنةِ الفرَّانيْنَ أمامَ النار. حَسْبُها الآلهةُ تعديلاً في الخَلْقِ حياةً كالصناديق مركومةً على أحفَّةِ السطور في الأناشيد؛ حياةً كالكراسيِّ بلا مسانِدَ؛ كالقماش مِزَقاً مصبوغاً فوضى؛ أو كاللِّيف للدَّلْكِ في الحَمَّاَمات.

لاميْلَ للونِ إلى فكرةٍ. لكنها الآلهةُ المَيْلُ إلى فكرةِ اللونِ. وَيْ: هراؤها السامي بأحماله ـ أحمالِ المشيئةِ الأولى صائرةً إلى المحنة. وَيْ طنينُها الساحقُ. خَلا أكيدَها المبعثرَ حصىً في المِنْقَلةِ لَعِباً، يستعانُ بالجمادِ النحَّاتِ مستخلصاً نقوشَ الموت نافرةً على صدورها ـ الصدورِ الطينِ. اْلآلهةُ المائيُّ نِسَباً في أخلاطِ الطينِ. الآلهةُ

كأنْ

هيَ

شأنٌ

مائيٌّ.

كأنها المائيَّاتُ مرتَّبةً فوضى؛

كأنها مايتساوى اقساماً بالكسْرِ؛

كأنها النبضةُ ضعيفةً تنزلق من مَجرى المستورِ إلى خيالٍ؛

كأنها المَهمَّةُ اختُزِلتْ في الرصدِ الخاملِ للبطولةِ خاملةً على أكتافِ القوَّاديْنَ؛

كأنها المقصَّاتُ خطأً تقطع الخيطَ الخطأَ، لاالمُسْتَوجَبَ؛

الشَّعرةَ الخطأَ؛

الزِّرَّ الخطأَ؛

الأظافِرَ الخطأَ؛

الورقةَ الخطأَ؛

الرسمَ الخطأَ؛

الفوضى الخطأَ؛

الزُّرقةَ الخطأَ؛

الأكمامَ الخطأَ؛

العشبَ الخطأَ؛

الأنفاس الخطأَ؛

الخصيةَ الخطأَ؛

الآيةَ الخطأَ

في الكتاب الخطأَ؛

الإصبعَ الخطأَ؛ السطورَ الخطأَ؛ الصوتَ الخطأَ؛ النقصانَ الخطأَ؛ الضرورةَ الخطأَ. كأنها المقصاتُ تقطع المعركةَ

الخطأَ

من

سِجِّل التوبةِ؛

الدَّورَ الخطأَ؛ الممكنَ؛ المؤقتَ؛ العنقودَ؛ النشأةَ؛ القَسَمَ الخطأَ؛ العِناقَ؛ النُّظُمَ؛ الحِرصَ؛ الثَّوابَ؛ القديمَ؛ الشَّرْحَ؛ التَّبْريرَ الخطأَ؛ القيامةَ؛ الإذْلالَ؛ الجِلْدَ؛ الوراءَ؛ البادئةَ؛ النظرةَ؛ الوصْلََ؛ الشوقَ؛ المقايضاتِ

الخطأَ

في

الأسواقِ

غباراً بغبارٍ. كأنها المقصَّاتُ تقطع المُلْكَ الخطأَ؛

الغوايةَ الخطأَ؛

الهدايةَ الخطأَ. كأنها المقصاتُ تقطع

الشتاءَ الخطأَ،

وابنَه

الربيعَ الخطأَ. كأنها المقصاتُ الخطأُ في الأيدي الخطأِ ـ الأيدي الآلهةِ محترقةً جلوداً من إشعالِ الأفران.

وليد هرمز ـ السويد

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.