الكومبس – الجزيرة نت – تتخذ العشرات من شركات الفوركس العالمية من تل أبيب مقرا لها، حيث وجدت هذه الشركات التي تتقمص هوية دولية طريقها للعالم العربي وتحديدا دول الخليج العربي وشمال أفريقيا مجالا واسعا للاستغلال، مستغلة ضخامة هذه الأسواق وسعة الإقبال عليها سعيا للربح السريع.
ويقصد بالفوركس سوق المضاربة على العملات الدولية والمتاجرة بالذهب والمعادن النفيسة والنفط.
وتعتمد شركات الفوركس الإسرائيلية على مندوبين وموظفين يجيدون تحدث العربية لمخاطبة العملاء والزبائن من العالم العربي عبر شبكات التواصل الاجتماعي بالإنترنت والاتصالات الخلوية، ومن بين من تستهدفهم للتوظيف طلاب الجامعات من فلسطينيي 48 من خلال إغرائهم برواتب مرتفعة تتراوح بين 2000 و4000 دولار شهريا دون الإفصاح علنية عن ماهية وطبيعة العمل.
وتستعين هذه الشركات -حسبما أكده موظفون يعملون بها- بوكلاء لها بالدول العربية، ويكون جميع الوكلاء على دراية ويقين بأنهم يعملون مع شركات إسرائيلية، وينشط الوكلاء تحديدا في السعودية والإمارات والكويت وقطر والأردن وشمال أفريقيا.
ويتلخص عملهم بالربط والوصل بين الشركة والزبائن، دون أن يكون لهم أي احتكاك مباشر أو لقاءات بالزبائن، حيث تقوم الشركة بفتح حسابات لها بالدول على اسم وكلائها لمزاولة نشاطها التجاري تحت اسم الوكيل، دون أن يأتي ذكر لاسمها، ومنها تتم معاملاتها المالية مباشرة عبر حسابات لها بمصارف أوروبية لها علاقات مع المصارف الخليجية.
مسارات الفوركس
وحسب التقديرات لموظفين بهذه الشركات مثلما سردوا للجزيرة نت، فإن قيمة المبالغ التي حصلت إحدى شركات الفوركس الإسرائيلية من العالم العربي بنحو 30 مليون دولار شهريا تجبى من العملاء المبتدئين، ناهيك عن المبالغ التي تجبى من العملاء القدامى ممن يتم ترفيعهم للمضاربة بالاستعانة بالرافعة المالية، حيث لا يمكن معرفة حجم المبالغ التي تبقى سرية لدى مديري الشركة.
ويطالب الزبون وبغية فتح حساب أولي بالمسار الفضي للاستثمار وإيداع مبلغ 500 دولار أميركي على الأقل، وإذا ما اختار الزبون المسار الذهبي للاستثمار به فعليه إيداع مبلغ 2000 دولار كحد أدنى، والمسار الثالث وهو البلاتيني والزبون مطالب بإيداع مبلغ 10 آلاف دولار على الأقل لتفعيل حسابه والشروع بإبرام الصفقات.
ويحصل الزبون بمجرد فتحه للحساب وإيداع المبلغ الأولي إما عن طريق بطاقة الاعتماد أو الحوالات الدولية لحسابات الشركة بالبنوك الأوروبية أو بواسطة وكيل الشركة بدولته، يحصل على منحة مالية إضافية هدية قد تصل إلى 30% من حجم المبلغ الذي قام بإيداعه، وتتعمد الشركة على منح المستثمرين والزبائن الجدد أرباحا عالية لنيل ثقتهم، وبالتالي لدفعهم للمواصلة بالتضارب بالعملات والذهب والفضة والنفط.
تل أبيب-لندن
تقيد الشركات الموظف العربي باتفاقية عمل لا تتعدى ثلاثة أشهر قابلة للتمديد حتى فترة أقصاها سنة، إلى جانب إلزامه بالتوقيع على تعهد بالسرية وعدم الإفصاح عن طبيعة العمل وهوية الشركة الأصلية أو مقرها الحقيقي، كما تسجل جميع المكالمات مع الزبائن ويتم التنصت عليها، وعليه تشهد هذه الشركات تغييرات غير مسبوقة بالقوى العاملة كإستراتيجية تعتمدها الشركات، فضلا عن ترك واستقالة غالبية الموظفين لمجرد معرفتهم بالتحايلات التي تجري.
ومن هذه الشركات شركة تدار من وسط تل أبيب أسوة بعشرات الشركات التي لا تعرف نفسها بأنها شركة إسرائيلية بل عالمية وتتخذ من لندن مقرا لها، حيث تزاول عملها ونشاطها حسب توقيت غرينتش، كما أنها تعتمد بيانات عالمية وتستعمل باتصالاتها البدالة الدولية التابعة لبريطانيا، كما يطلب من الموظفين تعريف وتقديم ذاتهم للزبائن على أنهم فلسطينيون لعائلات لاجئة، وذلك منعا لأي شكوك قد تراود الزبائن والعملاء العرب ولتعزيز الثقة والأمن والأمان لديهم وكسب عطفهم.
وتعليقا على نشاط الفوركس، اعتبرها الخبير الاقتصادي يوسف عواودة نوعا من الاستثمار المالي المرتبط بالتغييرات الحاصلة بسعر صرف العملات الأجنبية، وبالتالي فإن هذا الاستثمار لا يترتب عليه أي قيمة مضافة للاقتصاد بخلاف الاستثمار الحقيقي الذي يترتب عليه زيادة بالإنتاج.
وأوضح للجزيرة نت أن أسواق الفوركس العالمية التي تعتمد على شركات إسرائيلية غير معلنة هويتها جذبت الكثير من المتعاملين من العالم العربي الباحثين عن الثراء السريع.
وأضاف أن ثقافة الاستثمار والتربية الاقتصادية غائبة عن العالم العربي، وعليه لا بد من تنبيه المتعامل بأسواق الفوركس ليكون على علم بأنه يتعامل مع شركات لا تخضع لأي نوع من الرقابة القانونية التي تحمي المتعامل، فكثير من هذه الشركات لا عنوان لها إلا على شبكة الإنترنت، مشيرا إلى أن من أسباب الأزمة المالية العالمية الاستثمارات المالية الوهمية التي لا صلة لها بالاستثمار الحقيقي.
وحث الدول على توجيه أصحاب الأموال للاستثمارات الحقيقية التي تعود على صاحبها ثم على مجتمعه بالفائدة.