أزمة اليمن إلى أين؟

: 10/8/21, 4:49 PM
Updated: 4/11/22, 2:47 PM
ظروف في غاية القسوة تواجهها الأسر اليمنية النازحة إثر المعارك
ظروف في غاية القسوة تواجهها الأسر اليمنية النازحة إثر المعارك

صراع في “الرئاسة” يهدد بانتصار الحوثيين

الكومبس – مقالات: وسط تزايد الاهتمام السويدي والعالمي بإيجاد حل لأزمة اليمن المشتعلة منذ سنوات والتي أدت إلى أزمة إنسانية من أكبر الأزمات التي شهدها العالم، كتب صلاح الأغبر مقالاً يشرح فيه الصراعات السياسية داخل معسكر الحكومة وتأثيراتها على تقدم الحوثيين:

تبدو أزمة اليمن أكثر تعقيداً من أي وقت مضى بعد أن فقدت حكومة الرئيس اليمني المؤقت عبد ربه منصور هادي، المعترف بهاً دولياً، مساحات شاسعة لمصلحة المتمردين الحوثيين الذين تدعمهم إيران، الأمر الذي يعني استمرار الحرب، في ظل توسع سطوة وسيطرة المليشيا الحوثية ورفض العالم لها، كما يرفضها معظم اليمنيين.

وما يزيد الأمر تعقيداً أن اليمنيين فقدوا ثقتهم بشكل كبير بحكومة هادي الشرعية. فبعد سبع سنوات من الحرب الطاحنة لم تحقق تلك السلطة أي شي لليمنيين واتسم اداؤها بضعف يكاد يصل إلى الشلل، كما يؤخذ عليها غرقها في الفساد بشكل كبير ومفضوح، خصوصاً مع بقاء كبار مسؤوليها وعائلاتهم خارج البلاد في الوقت الذي يعاني فيه اليمنيون تداعيات الحرب والفقر وسوء الحال والأوضاع رغم عدم ثقة اليمنيين في حكومة هادي والحلفاء المحليين (جماعة الإخوان المسلمين) التي تصنف على قوائم الإرهاب في بعض الدول، بفرعها اليمني حزب التجمع اليمني للإصلاح، وهو الحزب الذي يبدو واضحاً حالياً أنه دخل في مرحلة تحالفات مرحلية مع المليشيا الحوثية عجلت بتسليم عدد من المحافظات وجبهات القتال شمال اليمن للحوثين وانسحاب المقاتلين والألوية لعسكرية المحسوبة على حركة الإخوان جنوباً من دون قتال في كثير من الأحيان.

تقول تقارير محلية إن القتال أصبح اليوم بين حلفاء هادي، والحوثيين في شبوة النفطية الجنوبية التي يطل جزء منها على ساحل بحر العرب، بعد أن ظلت لسنوات محررة بالكامل من الحوثيين والتنظيمات الإرهابية، لولا سقوطها في قبضة الإخوان في آب/أغسطس العام 2019، وهو السقوط الذي تؤكد تقارير محلية أنه ساهم في عودة تنظيم القاعدة إلى معاقله العتيقة في شبوة وخصوصاً في بلدة عزان التي ظلت إمارة رئيسية لأشد فروع التنظيم تطرفاً في الجزيرة العربية.

يؤكد يمنيون أن المجتمع الإقليمي والدولي تراجع عن دعم الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي، بفعل تحالف حلفائه المحليين مع التنظيمات الإرهابية والمتطرفة التي تقول إنها تقاتل الحوثيين تحت شعار “الدفاع عن ولي الأمر”، ومع ذلك يظل تنظيم القاعدة له أجندته الخاصة القائمة على إقامة امارات وتنفيذ هجمات انتقامية ضد قوات النخية والحزام الأمنية التي تشكلت في جنوب اليمن، لمهمة محاربة الحوثيين وتنظيمي القاعدة وداعش. لكن هذا لا يعني أن الإخوان ساهموا في الاستحواذ على السلطة والرئاسة بعد عزل رئيس الحكومة خالد بحاح في مطلع العام 2016، وقرار إقالة بحاح مثل انشقاقاً حاداً في حكومة هادي التي كان من المفترض أن تمضي في خلق تحالفات أوسع لمواجهة الحوثيين، الأمر الذي دفع أحزاباً يمنية الى وقف التأييد لهادي، والسبب سياسة الاقصاء والتهميش التي مارسها الإخوان ضد الجميع، بعد وصول الجنرال علي محسن الأحمر إلى منصب نائب الرئيس.

فقد قطاع واسع من اليمنيين الثقة في حكومة هادي، والاتهامات تشير الى جماعة الإخوان التي تتحكم في القرار السياسي عن طريق نائب الرئيس علي محسن الأحمر ومدير مكتب هادي، عبدالله العليمي، وهما من تنظيم الإخوان الذي دخل في تحالفات مرحلية مؤقتة مع الحوثيين لمواجهة خصوم الطرفين “الانفصاليين في الجنوب”، لكن هذا لا يخفي التخوف الإقليمي والدولي من مغبة انتصار حكومة هادي على الحوثيين، فالإخوان يتحالفون بشكل وثيق مع تنظيم القاعدة الذي يرفع زعيمه الجديد خالد باطرفي، شعار الحرب ضد “الشيعة”، في إشارة الى جماعة الحوثيين.

ومع ذلك لا يمكن إخفاء التحالف الواضح بين الإخوان والحوثيين في مواجهة “الانفصاليين الجنوبيين” وتيار حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه في الداخل اليمني العميد طارق محمد عبدالله صالح، والصراع الذي اتضحت ملامحه بشكل أوضح لا يعني الإصرار على بقاء اليمن موحداً، بل الهدف منابع النفط التي يدور الصراع حولها، حيث تتقاطع المصالح الحوثية الإخوانية، وهو ما يفقد هادي مشروعية “سلطته”، كرئيس يفترض أن ينقل البلد من أتون الحرب والصراع المتعدد إلى سلطة جديدة ورئيس منتخب توافقي، وهو ما لم يتحقق في ظل انعدام ثقة الشارع اليمني باللاعبين المحليين الذين يقرون أن من مصلحة الحوثيين التشارك في حكومة وطنية في حين أن القوى السياسية الأخرى ترى أن لا استقرار إلا بهزيمة المتمردين وإعادتهم على الأرجح إلى صعدة معقلهم الرئيس. ورغم صعوبة ذلك، فإن من المهم التفكير بشأن الأوراق التي بيد هادي وحلفائه المحليين للدخول في تفاوض مع الحوثيين، فالحلفاء المحليون يسعون إلى تجاوز مشروعية هادي، بتشكيل مجلس رئاسي من أعضاء التنظيم مهمته نقل السلطة من هادي، وهو ما يعني أن اتباع الرئيس المؤقت قد يعترضون على ذلك ويتحول الصراع إلى صراع داخل الرئاسة بين الرئيس ونائبه.

هذا الصراع المتوقع حدوثه قد يؤدي بنهاية المطاف الى استمرار الحرب في الجنوب أو استحواذ الحوثيين على كل المدن المحررة في الجنوب، وانتصار ايران وهزيمة للسعودية.

صلاح الأغبر

اقرأ أيضاً:

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.