أماني: من يتحمل مسؤولية تعرض أطفالي للتنمر بسبب الإقامة؟

: 7/12/20, 12:40 PM
Updated: 7/12/20, 12:40 PM
Foto: Jessica Gow / TT
Foto: Jessica Gow / TT

الكومبس – تحقيقات: في خضم النقاش الدائر حاليا حول قانون الهجرة الجديد، تبرز قصص لحالات إنسانية ضحاياها عائلات تركت كل شيء في أوطانها وطلبت اللجوء في السويد، لكنها فشلت في الحصول على الإقامة، منها عوائل حصلت على إقامات مؤقتة، لا يتم تجديدها، ما ترك آثاراً نفسية سلبية سيئة جداً على أطفالها في المدارس.

من وسط فيض هذه القصص الواردة إلينا يومياً، معاناة السيدة العراقية أماني علي (اسم مستعار)، البالغة من العمر 48 عاماً. التي قدمت للسويد صحبة ولديها القاصرين أواخر شهر مارس/آذار سنة 2016، أي قبل بدء تطبيق قرار الإقامات المؤقتة، الذي لم يجر اعتماده إلا لاحقاً في العشرين من يوليو/تموز من نفس العام.

لكن مصلحة الهجرة حسب ما أكدت أماني، قضت في طلب لجوئها بناء على نصوص القرار المذكور بأثر رجعي، حيث منحتها إقامة لجوء سياسي مؤقتة، مدتها 3 سنوات فقط، مخالفة بذلك صراحة، نصوصاً أخرى في القانون السويدي الحالي، وفق ما تذكر أماني.

تقول: “أطالب فقط بالعدالة وتنفيذ ما هو مكتوب على صفحة الهجرة الرسمية، حول إعطاء أولوية منح الإقامات الدائمة إلى الأمهات دون أزواج، أسوة بكثيرين أمثالنا. أما أن يأخذوا بصماتنا في ظل وجود قانون لجوء بعينه، ثم يقررون استبدال قوانينهم بأخرى وتطبيقها علينا بأثر رجعي، فهذا أمر لا مكان له في القانون السويدي”.

بسبب الإقامة يتعرضون للتنمر

تذكر أماني كذلك بعض المواقف السلبية التي تعرض لها ابنيها، نفسياً ودراسياً، خلال مجريات حياتهما اليومية، نتيجة هذا القرار، قائلة: “يعاني ابني الأصغر محمد (14 عاماً) في الأصل حالة نفسية سيئة جداً حتى قبل فشل محاولتنا بالحصول على تصريح إقامة دائمة، لكن حالته ازدادت سوءاً عندما لاحظ زملاؤه في الصف قلقه وحزنه الشديدين إزاء إقرار الهجرة منحنا إقامة مؤقتة، حيث شرع هؤلاء الأولاد يستغلون الوضع للتنمر والضحك عليه وتخويفه عبر ترديدهم على مسامعه باستمرار، أن بقاءه في السويد ليس إلا وضعاً مؤقتاً، لأن الهجرة ستقوم حتماً بترحيله مع عائلته يوماً ما وإلا ما كانت لتمنحه إقامة مؤقتة منذ الأساس. إنني أخشى في مثل سنه الحرجة هذه، أن تتفاقم حالته النفسية لتصل إلى مستويات أكثر خطورة”.

وتضيف: “أما شقيقه الأكبر (17 عاماً) فقد يحرم من الذهاب لرحلة علمية ستنظمها مدرسته الثانوية إلى أسكوتلندا في وقت لاحق، كما بقية الطلبة، نظراً لعدم امتلاكه مستند سفر. عندما ذهبنا إلى مصلحة الهجرة لاستصدار جواز سفر له، تم رفض الطلب بدعوى عدم امتلاك ابني تصريح إقامة دائمة. إن مثل هذه المواقف تخلف دون شك مرارة في نفوس الأطفال وتشعرهم أن وجودهم داخل السويد غير مرحب به”.

“تقدمت بأكثر من 300 طلب عمل”!!

على الرغم من كل ذلك، تصر أماني أنها اجتهدت وقامت من جانبها بكل ما يتوجب عليها فعله لإثبات جديتها في السعي نحو تحقيق الاندماج الأمثل وخدمة مجتمعها الجديد، أملاً بتحويل إقامتها يوماً ما إلى دائمة، إلا أن محاولاتها هذه لم تصنع أي فارق على ما يبدو ولا يتم الالتفات لها أو تقديرها أبداً من مسؤولي الهجرة.

حيث تقول: “أحمل شهادات جامعية من بلدي ولدي خبرة طويلة في العمل كمعلمة لمادتي الرياضيات واللغة الإنجليزية. بعد حصولي على تصريح الاقامة المؤقتة، انهمكت مباشرة في دراسة اللغة السويدية، حتى لا يكاد يصدق من يسمعني أتحدثها اليوم بأني لا أزال دارسة مبتدئة لها.

كما نجحت في استخراج رخصة قيادة سيارة، ثم التحقت بدورة تدريبية مكثفة، مدتها 6 أشهر، تنظمها جامعة يوتوبوري، تدعى “المعلم السريع”، خضعت في نهايتها إلى امتحان صعب، نلت على إثر النجاح به شهادة معتمدة تؤهلني لمزاولة المهنة هنا. أيضاً عملت كمتدربة لدى إحدى المدارس السويدية مدة 6 أشهر، أبليت خلالها البلاء الحسن بشهادة كل من أشرفوا علي.

لقد تقدمت حتى الآن بحوالي 300 طلب عمل، غير أنها قوبلت جميعها بالرفض والحجة دائماً أن لغتي السويدية ليست جيدة كفاية لشغل الوظيفة، لكني أدرك أن السبب الحقيقي الذي لا يجرؤون على ذكره هو سني المتقدمة نسبياً. كل هذا أنجزته وأنا امرأة مصابة بارتفاع ضغط الدم وأمراض في العظام، تربي ولديها القاصرين، مؤدية دور الأم والأب معاً”.

مناشدة إنسانية

بالختام، تناشد أماني المجتمع السويدي أن يساند مطلبها المتمثل في تبديل نوعية إقامتها من مؤقتة إلى دائمة، رأفة بما آلت له أحوالها وأحوال ولديها الصحية والنفسية، حيث تمني نفسها أن ينعكس طبع الكرم لأهل البلد، على شكل سياسات مصلحة الهجرة دائماً، قائلة: “نريد تحقيق العدالة من خلال منحنا الإقامة الدائمة، أسوة بكثير من العزاب الذين لجئوا إلى السويد وبصموا فيها معنا. أخشى على ولدي القاصرين من تدهور حالتهما النفسية أكثر حتى وقوع ما لا تحمد عقباه إن بقيت أوضاعنا على ما هي عليه الآن زمناً أطول، لا سيما أنهما يفتقران إلى أمان الأب والاستقرار المعيشي الذي توفره لهما الإقامة الدائمة ولا يملكان داعماً في غربتهما إلا أم مريضة تقدم بها السن. لذا أطلب من المجتمع السويدي مساندتنا كما تعودنا من شعب هذا البلد الكريم، المحب للخير”.

تقرير: عمر سويدان

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2025.
cookies icon