الأيام الأخيرة لحكم بن علي كما تراها زوجته ليلى طرابلسي

: 7/7/12, 10:24 AM
Updated: 7/7/12, 10:24 AM
الأيام الأخيرة لحكم بن علي كما تراها زوجته ليلى طرابلسي

أصدق ما في الكتاب الذي أصدرته زوجة الرئيس التونسي السابق ليلى بن علي في باريس هو عنوانه – «حقيقتي».

وباختيارها هذا العنوان تؤكد بن علي أنها لا تطمح عبر ما تسرده في الكتاب الذي صدر بالفرنسية عن دار «مومان» الى أي تجريد أو تحليل، بل ان هدفها هو الإدلاء بروايتها الخاصة للأحداث التي شهدتها تونس، وأدت الى إطاحة نظام زوجها زين العابدين بن علي

أصدق ما في الكتاب الذي أصدرته زوجة الرئيس التونسي السابق ليلى بن علي في باريس هو عنوانه – «حقيقتي».

باختيارها هذا العنوان تؤكد بن علي أنها لا تطمح عبر ما تسرده في الكتاب الذي صدر بالفرنسية عن دار «مومان» الى أي تجريد أو تحليل، بل ان هدفها هو الإدلاء بروايتها الخاصة للأحداث التي شهدتها تونس، وأدت الى إطاحة نظام زوجها زين العابدين بن علي، والكشف عن تفاصيل وملابسات رحيلها والرئيس السابق الى المنفى في المملكة العربية السعودية، من منظورها وموقعها كسيدة أولى.

وبعيداً، على حد قولها، من اي رغبة في «الإنتقام» او «تصفية الحسابات» او اي «محاولة بائسة للعودة الى الحكم» فإن مقصدها من الكتاب هو دحض حملات الازدراء والأكاذيب التي استهدفتها في شكل اساسي ولم توفر افراد اسرتها، وتحديداً اشقاءها. كما ترفض بن علي الإقرار بأن سقوط نظام زوجها جاء نتيجة الظلم والفقر والإحباط المتراكم الذي فجر احتجاجات جعلت من تونس مهد انطلاقة ما سمي الربيع العربي، وهي تعتمد ببساطة نظرية المؤامرة التي باتت شائعة الاستخدام لتستنتج ان زوجها سقط ضحية «انقلاب مدبر».

تبدأ بن علي سردها بالتوقف عند يوم 14 كانون الثاني (يناير) 2011 الذي شهد رحيلها وزوجها عن البلاد لتؤكد أنهما ارغما على المغادرة، وان اعمال السلب التي استهدفت ممتلكاتهما والاعتقالات التي استهدفت عدداً من افراد اسرة الرئيس السابق واسرتها كانت كلها مبرمجة منذ مدة. وتقول بن علي في الكتاب الذي صاغه الصحافي الفرنسي ايف دورييه بعد سلسة مقابلات اجراها معها بناء لطلبها، بواسطة «سكاييب»، ان شعوراً بالقلق اصابها عندما استفاقت ذاك اليوم لترى ان العديد من افراد اسرتها توافدوا الى قصرها في سيدي بوسعيد خوفاً من الاحتجاجات المتصاعدة في البلاد.

هذا القلق لم يهدأ عند تلقيها اتصالاً من زوجها الذي اقترح عليها التوجه لأداء العمرة واصطحاب ابنتها حليمة وابنها احمد وملازمة السعودية لمدة بضعة ايام ريثما تهدأ الأمور في تونس.

ولدى التحاقها بزوجها في قصر قرطاج فوجئت بن علي بغياب اي حراسة حول القصر الذي بدا مشرع الأبواب ومن ثم بسماع كلام رئيس الحرس الرئاسي علي سيرياطي وهو يتحدث الى بن علي في مكتبه عارضاً له «سيناريو اشبه بنهاية العالم».

وتتناول بالتفصيل ما تصفه بالمناورة التي اعتمدها سيرياطي لحض زوجها على التوجه مع اسرته الى المطار، ثم اقناعه بالصعود الى الطائرة التي اقلعت بهم الى السعودية التي يلازمها حتى الآن.

وتشير بن علي الى ان دور سيرياطي واصراره على رحيل زوجها لا يزال لغزاً محيراً بالنسبة اليها، وتقول ان بن علي وثق بسيرياطي و «سقط في الفخ»، والا لما كان «صعد أبداً الى الطائرة حيث وجد نفسه بلا امتعة ولا نظارات وادوية ولا جواز سفر». وتجد صعوبة في تفسير مغزى هذا الدور ومدى ترابطه مع خطة الجيش التونسي الذي تقول انه يتحمل المسؤولية عن انهيار نظام بن علي «بالتواطؤ مع جهات غربية».

وتشير تحديداً بالاسم الى المستشار السابق لبن علي وهو كامل الطايف «المعروف بصلاته مع بعض الغربيين»، من دون تسميتهم، وتعتبر ان الطايف لعب دوراً اساسياً بما حل ببن علي يوم 14 كانون الثاني.

وتأكيداً للدور الذي لعبه الجيش في اطاحة زوجها لا ترى بن علي ان الصدفة هي التي ادت الى تجريد الجيش للشرطة من اسلحتها، وتستنتج ان «الذين دبروا محاولة الانقلاب» لا ينتمون الى وزارة الداخلية التونسية.

وتعود بن علي في روايتها الى العامين اللذين سبقا سقوط نظام زوجها الى القول انه منذ تلك الفترة كانت تتردد شائعات حول احتمال تعرض زوجها لمحاولة انقلابية، لكن بن علي «لم يكن يكترث» لهذه الإشاعات مما جعل مسؤولي الأمن يهملونها بدورهم.

لكن عملية الإعداد للإطاحة بزوجها بدأت عملياً مع هذه الإشاعات، ومن المؤشرات على ذلك «العدد غير الاعتيادي للدورات التدريبية» التي صدرت عن «بعض الدول الأجنبية» هنا ايضاً من دون تسميتها، وخصصت لشباب تونسيين «التحقوا بمختبرات حيث تعلموا استخدام المدونات».

وتشير بن علي الى ان الإشاعات استمرت، لكن الاحتجاجات لم تبدأ سوى في 17 كانون الأول بعد اقدام محمد بوعزيزي على اضرام النار بنفسه. وتتساءل: «لماذا ادى احراق بوعزيزي لنفسه الى موجة التظاهرات؟» علماً ان شابين آخرين كانا احرقا نفسيهما في موناستير قبل اسبوعين وتجيب ان في ذلك دليلاً على عملية مدبرة كان ينبغي في رأيها، ان تبدأ في منتصف كانون الأول وتكتمل برحيلها وزوجها عن تونس في كانون الثاني.

وتأكيداً لنظرية المؤامرة تروي بن علي انه في نهاية كانون الأول كانت هناك سيارات تجول في المناطق الداخلية لتونس و «توزع المال والزجاجات الحارقة وحبوب الهلوسة على السكان»، وان الاحتجاجات امتدت بالنتيجة الى العاصمة التي أصبحت «تحت رحمة مخلين بالأمن مستعدين لزرع الرعب من اجل حفنة من الدنانير».

«الأيدي الخفية»

وتصر بن علي على ان «أيدي خفية» عملت على اسقاط نظام زوجها وليس «النخب التونسية ولا شباب فايسبوك» انما مجموعة من الأشخاص تم اعدادهم في ما تسميه «مختبرات اجنبية» ومراكز «اجهزة استخبارات غربية» لا تحدد هويتها.

وتنفي بن علي التي كانت توصف بأنها مشغوفة بالمال والسلطة ان يكون الشعب التونسي مناهضاً لها، وتصف ذلك «بالأقوال المزعومة»، وتحمل مجدداً الطايف مسؤولية السمعة السيئة التي التصقت بأسرتها قبل زواجها من الرئيس السابق، وهي اسرة طرابلسي، في مسعى بائس لإصلاح الصورة الشائعة عن جشع وفساد اشقائها وعبثهم بأموال تونس مستغلين سطوتها على زوجها.

وتكتفي بالإقرار بأن بعض افراد اسرة طرابلسي «بالغوا بعض الشيء وخصوصاً منهم الشباب الذين استسلموا لشهيتهم في الربح». ولا تتردد في توجيه تهديدات مبطنة الى بعض «المتسلطين حالياً على الحكم والذين يعلم بن علي جيداً بملفاتهم». وتعتبر ان اعتقال عدد من افراد اسرتي بن علي وطرابلسي كان يهدف الى ابتزاز الرئيس السابق في حال رفضه الرحيل عن البلاد. وتتحسر على ما تعرض له هؤلاء من إذلال وإهانة وإخضاعهم لمحاكمات صورية بتهم زائفة.

كما تنفي بن علي ان تكون اعدت نفسها كما تردد لتولي السلطة خلفاً لزوجها، وتقول انه كان يسعى بالفعل للاعداد لخلافته وانه وجد الشخص المناسب، «وكان يعمل على تهيئته للحكم» وهو وزير الخارجية السابق كامل مرجان.

آرليت خوري

الحياة اللندنية

السبت ٧ يوليو ٢٠١٢

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.