الاستيطان الإسرائيلي يزدهر رغم الأزمة الاقتصادية

: 8/6/12, 11:37 PM
Updated: 8/6/12, 11:37 PM
الاستيطان الإسرائيلي يزدهر رغم الأزمة الاقتصادية

يتوقع أن تصادق الحكومة الإسرائيلية على بناء فنادق في المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية والضفة الغربية، وتظهر البيانات أن حجم تمويل النشاطات الاستيطانية في تزايد رغم قرار تقليص موازنة الوزارات بنحو خمسة في المئة. وفي وقت تتجه فيه إسرائيل إلى أزمة اقتصادية خانقة، تركز النخب الحاكمة على المخاطر الأمنية، واحتمالات تطور الأحداث في سورية، والتهديد النووي الإيراني

يتوقع أن تصادق الحكومة الإسرائيلية على بناء فنادق في المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية والضفة الغربية، وتظهر البيانات أن حجم تمويل النشاطات الاستيطانية في تزايد رغم قرار تقليص موازنة الوزارات بنحو خمسة في المئة. وفي وقت تتجه فيه إسرائيل إلى أزمة اقتصادية خانقة، تركز النخب الحاكمة على المخاطر الأمنية، واحتمالات تطور الأحداث في سورية، والتهديد النووي الإيراني، إضافة إلى الحراك السياسي الداخلي عقب انسحاب حزب كاديما من الائتلاف الحكومي.

وفي 30 يوليو/تموز الماضي، صادقت الحكومة الإسرائيلية على تقليص بنحو خمسة في المئة لموازنات مختلف الوزارات باستثناء وزارات الدفاع، واستيعاب الهجرة اليهودية وكشفت تقارير عن زيادة الموارد المخصصة للاستيطان في الضفة الغربية.

ولا يبدو أن قادة إسرائيل يهتمون بالقدر الكافي بتنامي ظاهرة إحراق مواطنين إسرائيليين أنفسهم، والتي كان آخرها موت عيكفا مافعي في 2 آب/أغسطس الجاري بعد عشرة أيام من إضرامه النار بنفسه احتجاجا على أوضاعه الاقتصادية الصعبة.

قرارات تضرب الطبقة الوسطى والفئات الضعيفة

حذرت دراسات كثيرة من أن تقليص موازنات وزارات مختلفة يمكن أن يؤدي إلى أضرار كثيرة في حجم الخدمات المقدمة، ويمكن أن يؤثر سلبا في جهود مكافحة هجرة الأدمغة، والترويج السياحي، ومعظم الضرر سيطال الفئات الاجتماعية الأضعف، خصوصا أنها ترافقت مع زيادة حجم الضرائب.

وتعاكس المؤشرات الاقتصادية في إسرائيل ما ذهب إليه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أن تقليص الموازنة" خطوة مسؤولة سوف تحافظ على الاقتصاد الإسرائيلي وعلى أماكن عمل المواطنين". وفي أحدث البيانات أشارت معطيات دائرة الإحصاء المركزية في 31 يوليو/تموز إلى تسجيل البطالة في إسرائيل أعلى معدل لعام 2012 ، وبلوغها 7,2 في المئة مقابل 7.1 في المئة في مايو/أيار و6,5 في المئة في نهاية العام الماضي.

وأوضحت المعطيات أن عدد العاطلين عن العمل وصل إلى 260 ألفاً، عدا أولئك المسجلين في مؤسسة التأمين الوطني كباحثين عن العمل ممن لا ينطبق عليهم تعريف المؤسسات الرسمية للعاطل عن العمل، ما يعني أن نسبة البطالة الحقيقية أكثر من ذلك بكثير.

وتتضمن حزمة القرارات الاقتصادية مخططات لزيادة حجم جباية الضرائب بنحو 4 مليارات شيكل في العام الحالي، و(14.4) مليار في العام المقبل. إضافة إلى تقليص موازنة العام المقبل بنحو 14 مليار شيكل. وانتقدت رئيسة حزب العمل شيلي يحيموفيتش الإجراءات الحكومية وحذرت من مصير مشابه لمصير اليونان.

نتنياهو والمسؤولية عن الأزمة

وحملت الصحف الإسرائيلية نتنياهو مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وأشارت إلى أن "حكومة نتنياهو وجدت نفسها في حالة دخل فيها الاقتصاد الإسرائيلي في مرحلة تباطؤ مصحوبة بارتفاع العجز المالي للحكومة بشكل كبير". وذكرت "يديعوت أحرنوت" إنه بموجب الإجراءات الجديدة "سترفع ضريبة القيمة المضافة إلى 17 في المئة بدلا من 16 في المئة. كم سترتفع الضريبة المفروضة على السجائر والكحول، وسترتفع أسعار الوقود بنحو 50 أغورة للتر الواحد، مع فرض ضريبة جديدة خاصة على الأثرياء بنسبة 2 في المئة، وقرار بتقليص لعجز المالي بــ700 مليون شيكل".

وترى صحيفة "هآرتس" أن ما يحدث في الاقتصاد الإسرائيلي "نتيجة مباشرة لسياسة نتنياهو في العامين الأخيرين، وأن الضرائب التي ستفرضها الحكومة الإسرائيلية هي غيض من فيض ما ينتظر المواطنين في إسرائيل في العام المقبل".

وتزداد المؤشرات على أن الاقتصاد الإسرائيلي دخل في حالة الانكماش، مثل رفع سقف عجز الموازنة منذ أشهر عدة، وأزمة السيولة في كبريات الشركات، وارتفاع نسبة البطالة، وزيادة أعداد المؤسسات التي تشهر إفلاسها.

ويبدو أن انعكاسات الأزمة الاقتصادية العالمية، وأزمة الديون السيادية في أوروبا أثرت كثيرا في الاقتصاد الإسرائيلي المعتمد على التصدير بالأساس. والواضح أن الأزمة الحالية أقسى من سابقاتها في عامي 1992 و2003، خصوصا أن إسرائيل لا تستطيع المراهنة على الولايات المتحدة هذه المرة لأن الأخيرة تشهد أزمة اقتصادية خانقة أيضاً، ولن تستطيع تقديم مساعدات كما فعلت سابقا بتقديم ضمانات للديون تقدر بنحو 14 مليار دولار.

الاستيطان خارج كل المعادلات

في مقابل تقليص الموازنات أشارت تقارير صحفية إلى أن الحكومة الإسرائيلية رصدت للاستيطان مبلغ (1.1) مليار دولار في العام 2011. ونقلت صحيفة هآرتس عن تقرير لحركة "السلام الآن" في 31 يوليو/تموز الماضي أن " إسرائيل يمكنها أن توفر 1.6 مليار شيكل في السنة اذا ما تمت ملاءمة ميزانيات المستوطنات مع نصيبها في الدولة". وأوضحت الصحيفة أن مخصصات الاستيطان شهدت تراجعا من (2.1) مليار شيكل في العام 2003 إلى800 مليون شيكل في العام 2010، قبل أن ترتفع بنحو 38 في المئة في فترة حكم نتنياهو.

وانتقدت صحيفة "يديعوت أحرنوت" تخصيص الحكومة مبالغ أكبر للبناء الاستيطاني، ودعم السكان في مستوطنات القدس والضفة فيما تختنق الطبقة الوسطى تحت عبء الضرائب المرتفعة والتقليص في موازنات الوزارات الحكومية. وذكرت الصحيفة في الثاني من آب/أغسطس أن "معطيات مصدرها مكتب الإحصاء المركزي تبين أن معدل سكان منطقة الضفة والقدس الشرقية بين عموم السكان في إسرائيل بقي مستقرا في السنوات الأخيرة.. وبالمقابل، فإن الموازنات الخاصة التي نقلت في العقد الأخير للمستوطنات شهدت ارتفاعات وانخفاضات وتمتعت بازدهار في عهد حكومة نتنياهو". وتساءلت الصحيفة: "هل يستحق سكان المستوطنات التمتع بميزانية فائضة؟.. هناك من يقول نعم وهناك من يقول لا. ولكن السؤال ليس قيميا بل من حيث الحقائق: هل هذه "مبالغ هامشية" كما يدعي رئيس الوزراء. الجواب عن ذلك، على الأقل حسب معطيات مكتب الإحصاء المركزي، هو لا".

وتشير بيانات مكتب الإحصاء المركزي إلى أن سكان المستوطنات تمتعوا في السنوات الأخيرة بموازنة عالية وسطيا مقارنة مع نسبتهم من سكان الدولة العبرية في عدة مجالات؛ ففيما تصل نسبتهم إلى أربعة في المئة من السكان فإنهم يحظون بنحو 13.6 في المئة من مخصصات البناء في وزارة التعليم، و11.5 في المئة من منح الدعم الزراعي، و15.1 في المئة لتطوير المناطق الصناعية الجديدة.

وتكشف المعطيات السابقة مدى اهتمام حكومة نتنياهو بالاستيطان في أراضي الضفة والقدس الشرقية، ما يؤكد أنها تسعى إلى تقويض حل الدولتين عبر الاستيلاء على مساحات للاستيطان، وتوسيع المستوطنات الموجودة سابقاً، حتى لو كان ذلك على حساب مواطنيها. وتنذر الإجراءات الحكومية الأخيرة بتفاقم الاحتجاج الداخلي على سياسات نتنياهو الاقتصادية في شوارع تل أبيب ومدن أخرى.

(الدولار الأمريكي يساوي 3,93 شيكل)

سامر الياس

روسيا اليوم

6 أغسطس 2012

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.