عنف العصابات

الانفجار الذي قتل سهى.. شهادات سكان “ستورفريتا” تكشف هول الفاجعة

: 9/29/23, 10:51 AM
Updated: 10/1/23, 2:35 PM
صورة متداولة على مواقع التواصل للشابة الضحية سهى سعد
صورة متداولة على مواقع التواصل للشابة الضحية سهى سعد

الجيران: المنزل المستهدف كان فارغاً بينما رحلت شابة لا ذنب لها

الكومبس – خاص: صراخ وبكاء ووجوه مذهولة وصفارات إنذار، ركام ودخان وكأنها ساحة حرب … شواهد وصور عدة لا يزال سكان منطقة Fullerö في ستورفريتا -أوبسالا يعبرون عنها وسط حالة الصدمة التي تسيطر على سكان المنطقة خصوصاً في محيط الانفجار الذي استهدف منزلاً ضمن موجة عنف العصابات التي تشهدها السويد، وراحت ضحيته الشابة سهى سعد وهي من أصل فلسطيني في الـ25 من عمرها كانت قد بدأت دراسة الماجستير في علوم التربية.

“صراخ الأم وصوت الانفجار لا يفارقانني تمنيت أن يكون كابوساً لأستيقظ منه، هو مشهد من أخبار العالم في ساحات الحروب”، يقول سيمون أحد جيران المنزل المستهدف، مضيفاً “لم نستوعب في البداية ما حدث، اهتز المبنى بشكل عنيف توجهت سريعاً نحو أطفالي الذين استيقظوا والذهول على وجوههم ثم بدأت اسمع صراخ جيراني وهم ينادون اسم ابنتهم والدخان يسيطر على المكان. خرجت وزوجتي نحوهم. كان المشهد مرعباً بكاء وصراخ شديد من الأم الخائفة وهي تحتضن أطفالها وتنادي على ابنتها وتقول إنها لا تزال في الداخل. استوعبت أن كارثة حدثت وبكل أسف ما هي إلا دقائق حتى خرج أحد الجيران يخبرنا أنه عثر على الشابة متوفاة تحت الركام”.

منزل عائلة الشابة سهى يقع بجوار المنزل المتسهدف بالانفجار Foto: Pontus Lundahl / TT

صراخ الأم

وتابع سيمون “أعرف الأسرة جيداً فهم من الجيران اللطفاء. أتذكر ابتسامة تلك الشابة اللطيفة. لا أجد كلمات تعبر عما أفكر به كيف رحلت بهذه السرعة. ماذا استفادوا من كل هذا الألم، إن كنت أنا لا أصدق فكيف أسرتها، صراخ الأم هزنا جميعاً. رأيت الجيران يهرعون من كل مكان، الجميع يحاول المساعدة لكن كنا جميعاً نحتاج المساعدة لنستوعب ما نواجهه”.

وأضاف “وصلت الشرطة وطوقت المكان. أخرجوا الشابة من تحت الركام حاولوا إنعاشها لكن كان واضحاً أنها غادرتنا، كنا ننظر لوجوه بعضنا والجميع يقول: ما هذا أين نحن؟!”.

الطابق السفلي الذي كانت سهى تنام فيه Foto:Alkompis

مات الحي الجميل

وهي تجمع أغراضها للرحيل تقول (م.س) “تضررت الواجهة الأمامية لمنزلي بشكل كبير لكني لا أغادر من أجل ذلك، بل حتى لا أنظر إلى موقع الانفجار، مات الحي الجميل فعلاً هذا ما أستطيع قوله، الدمار قد تتم معالجته لكن الشابة التي لا يزال صراخ والدتها يملأ قلوبنا جميعاً من سيعيدها. ماذا فعلت؟ أريد أن أسأل أولئك الذين فجروا الحزن بداخلنا لماذا قتلتم شابة لا ذنب لها؟! هل كان من الممكن أن يكون أطفالي مكانها؟ هذا وارد فعلاً، لا أريد أن أعود لمنزلي سأغادر أنا وعائلتي”.

ورصدت الكومبس إخلاء عددٍ من سكان المنازل المحيطة بموقع الانفجار لمساكنهم وقال (ك.ف) وهو يغادر المكان “أسرتي ليست هنا. الآن بعد أن سمحت لنا الشرطة بالخروج من المنطقة غادرت زوجتي ومعها أطفالي وقالت لي إن رائحة الموت تحيط بي لا أريد أن يموت أطفالي وهم نائمون”.

وتابع “سكان الحي لطفاء ونحن نعيش في مكان معروف في أوبسالا بدرجة الهدوء والسلام الذي ننعم به، هذا الحي كان يعج بأصوات الأطفال الذين يلعبون ويتنزهون أمام المنازل، لم نشهد أي حالات قلق من قبل إلى أن تم استهداف المنزل المقصود في بداية العام بإطلاق الرصاص. حينها أدركنا جميعاً الخطر وموقف الأسرة التي تحدثت إلينا وأخبرتنا أن استهدافها كان نتيجة خطأ لا ذنب لابنهم فيه”.

وأضاف “علمنا بعد فتره أن الأسرة عرضت منزلها للبيع، اعتقدت بأنهم لا يريدون العيش في مكان واجهوا خطراً فيه ولكن يبدو أنهم كانوا يعلمون بأنهم مستهدفون، مؤسف لو أخبروا جيرانهم بذلك أو الشرطة ربما ما كان ليحدث كل هذا، وبقيت الشابة بيننا، لو سمعوا صراخ والدتها وألم والدها بالتأكيد كانوا سيشعرون بالأسف”.

المنزل المستهدف معروض للبيع

أحد سكان المنازل المجاورة لمحيط الانفجار، أكد للكومبس أن المنزل المستهدف بالفعل كان معروضاً للبيع وسكانه لم يأتوا إليه منذ فترة، لكن سيارتهم وبعض أغراضهم لا تزال في المكان، بعد حادثة إطلاق النار لم يعودوا إلى المنزل ويستقروا بشكل دائم. مؤسف أن يعيشوا ونعيش معهم شعور عدم الأمان، كل تفكيرنا اليوم مع الشابة الهادئة الودودة التي رحلت بلا أي ذنب”.

“كنت أرى الجيران يخرجون بشكل متسارع من منازلهم” تقول كريسي، وتضيف “بعضهم كان يحمل أطفاله. صراخ الأم كان مرعباً ومحزناً. الجميع يحاول المساعدة لكن الخوف تملكنا جميعاً. لم نستوعب ما حصل وهل انتهى أم أن هناك المزيد. كل شيء الآن أصبح واضحاً إلا مشاعر تلك الأسرة التي نفكر بها وبخسارتها الفادحة لابنتها الكبرى الشابة اللطيفة، أشقاؤها كانوا يبكون وينتظرون أن تخرج حية من بين الحطام لكنها رحلت للأسف”.

وتتابع “علمنا أن الشابة كانت تنام في الطابق السفلي قرب الجدار الملاصق لموقع الانفجار حيث دفعت قوته الأريكة التي كانت تنام عليها للجهة المقابلة. وعثر عليها أمام الباب تحت الركام. لن أنسى المشهد أبداً”.

Foto: Alkompis

شموع وورود لروح الفقيدة

منطقة Fullerö في ستورفريتا لم تهدأ في ليلتها الأولى بعد الانفجار إذ توافد كثير من سكان المناطق المجاورة وأصدقاء الأسرة المكلومة لإضاءة الشموع في موقع الانفجار، وترك بعض أصدقاء الشابة رسائل وورود محبة لروحها وتعزية للأسرة المفجوعة.

لا تفكر ماريا بشيء سوى بالعائلة التي فقدت ابنتها النائمة، “تلك الشابة اللطيفة التي كانت تبتسم دائماً للجميع، أعتقد بأنه كان أمامها المزيد لتفعله في هذه الحياة. لا تسألوا عن شيء فقط انظروا للحزن الذي يخيم على المكان هناك أمر يطبق على أنفاسنا. المشاعر مختلطة، لا نعرف ما هذا الذي حصل، الحزن مع القلق والصدمة، نحن بالفعل نتألم، مؤسف ومرعب أن ترى أماً وأباً يبحثون عن ابنتهما بين الحطام. ما يفطر القلب، هو إخراجها أمامهما دون ان تنبض بالحياة كما كانت، لو أن القتلة يدركون ما يسببون من ألم”.

لا تعرف كرستينا ماذا ستقول لأسرة الفتاة حين تلتقيهم. وتضيف “كانوا أسرة لطيفة لا أستطيع حتى التفكير بما يشعرون. حاولنا الاطمئنان عليهم وعلمنا أنهم موجودون عند أقربائهم وفي حالة نفسية صعبة، وقد جاء أحد أفراد أسرتهم وتحدث إلى الشرطة لأخذ بعض أغراضهم الخاصة، لكن الشرطة أكدت أن لا أحد يستطيع دخول المنزل نظراً لاحتمالية سقوطه بشكل كامل، أي مأساة أصعب أن تفقد ابنك ومنزلك في وقت واحد. حزنهم كبير وقلوبنا جميعاً معهم”.

وتساءلت كرستينا عن الطريقة التي فكر بها مرتكبو الجريمة، وأضافت “أن تضع قنبلة في حي سكني وبين منازل متلاصقة يعني أنك بالتأكيد مدرك لحجم الكارثة التي قد تسببها. أي حقد وأي مسبب قد يبرر أن تقتل أبرياء دون أي ذنب”.

وكانت الشابة سهى ضحية بريئة جديدة من ضحايا حرب العصابات الدموية، بعد الرجل الستيني الذي أصيب بجروح خطيرة في Åkersberga حيث أصيب عن طريق الخطأ في عملية استهدفت شخصاً آخر. وقتل رجل سبعيني مكفوف الأسبوع الماضي كذلك في إطلاق نار استهدف حانة في ساندفيكن بمحافظة يافلبوري، تبيّن أنه كان يستهدف شاباً مرتبطاً بالعصابات.

وارتفع عدد ضحايا موجة العنف التي تجتاح السويد منذ مطلع سبتمبر إلى 12 شخصاً.

ندى سمارة

أوبسالا

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.