نقد المصادر

الجدل ينفجر.. هل يتعلم الأطفال الجنس في روضات السويد؟

: 9/20/23, 3:46 PM
Updated: 9/20/23, 4:29 PM
تعبيرية
Foto: Fredrik Sandberg / TT / kod 10080
تعبيرية Foto: Fredrik Sandberg / TT / kod 10080

الكومبس – خاص: دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي لعدم إرسال الأطفال إلى الروضات في السويد، ووسائل الإعلام السويدية تتحدث عن “حملة معلومات مضللة” تنتشر هذه الأيام بكثافة، مفادها أن الروضات السويدية تعلّم الأطفال الجنس وتشجعهم على المثلية الجنسية، الأمر الذي أثار قلقاً كبيراً بين الأهالي.

الكومبس رصدت الأمر منذ بدايته وكيف تطور، وتحدثت مع خبيرة تربوية عما يتم تدريسه فعلاً في روضات السويد.

بالعودة إلى بدايات الحملة على منصات التواصل، وخصوصا “تيك توك” يلاحظ أن ناشطين ناطقين بالعربية في أوروبا، والسويد خصوصاً، بدؤوا ينشرون فيديوهات عن “تعليم الجنس” في مدارس السويد، تأثراً بمقاطع فيديو انتشرت في الفترة الأخيرة عن استياء أولياء الأمور في المدارس الأمريكية من المناهج التعليمية والدعم لمجتمع المثليين.

ومع الوقت تحول النقد في السويد من رفض ما يسميه المنتقدون “الترويج للمثلية” إلى اتهام مدارس السويد بالترويج للإباحية، خصوصاً بعد نشر خبر عن تعديل مناهج التربية الجنسية في المدارس وتطويرها منذ بداية الفصل الدراسي الحالي.

تحول المنتقدون إلى مهاجمة المناهج التعليمية الجديدة المخصصة للمدارس وليس لرياض الأطفال. وراجت فيديوهات تدعي أن الجنس يتم تعليمه للأطفال في الروضات “بصور فاضحة”. وعرضت الفيديوهات نماذج من كتب ادعت أنها تعطى للأطفال في الروضات، وسط حالة استياء بين بعض أولياء أمور سويديين، وبينهم ناطقون بالعربية، مما يعتبرونه “التركيز على المثلية” في المدارس والتساؤلات التي يطرحها الأطفال على والديهم فيما يتعلق بالجنس والهوية الجنسية.

واستند المنتقدون إلى معلومات مجتزأة من “الدليل التقني للتربية الجنسية” الصادر عن منظمة الصحة العالمية، وروجوها مضخمة تحت مسمى “أجندة الأمم المتحدة للجنس 2030”. وجرى تداول المعلومات باعتبارها “خطة لتشجيع الأطفال على ممارسة الجنس في عمر 5 سنوات” كما نشر موقع بالسويدية.

أحد الأمثلة التي جرى استخدامها بكثرة على وسائل التواصل، كتاب اسمه “Boken om att knulla”، قال ناشطون إنه يستخدم في رياض الأطفال. في حين قالت دار النشر التي أصدرت الكتاب إنه لا يُدرس ضمن المناهج التعليمية إطلاقاً، بل جرى تصميمه للمراهقين والشباب من ذوي الاحتياجات الخاصة، لذلك تم استخدام الصور بصراحة ووضوح في الكتاب لتلبية طريقة تعليم هذه الفئة بالذات. ونفت إدارة التعليم في أكثر من مدينة أن يكون الكتاب موجوداً في الروضات.

وأوضحت دار النشر أن هناك أكثر من 80 كتاباً موجوداً في المدارس السويدية ومراكز رعاية اليافعين LSS عن الثقافة الجنسية، لكن ليس في رياض الأطفال.

وفي الأيام الأخيرة، ازدادت الدعوات التي تحث الأهالي على عدم إرسال أطفالهم إلى الروضات الأسبوع المقبل بسبب ما أسماه مطلقو هذه الدعوات “برنامجاً مكثفاً لدعم المثليين في الروضات والمدارس”. الامر الذي دعا مصلحة المدارس للتحذير مما أسمته “معلومات مضللة” تنتشر حول الأمر.

تعبيرية
Foto: Fredrik Sandberg / TT / kod 10080

“خلط بين التربية الجنسية والمثلية”

خالد (اسم مستعار) رب أسرة لديها طفلة صغيرة واحدة عمرها 4 سنوات، تذهب لرياض الأطفال منذ أكثر من سنتين. الكومبس سألت خالد عما إن كان قد واجه أي شيء يتعلق بتدريس التربية الجنسية لطفلته في الروضة. وقال خالد إن “التربية الجنسية لا يتم التطرق لها بشكل مباشر، لكن هناك محاولات واضحة ومتعمدة للتركيز على ألوان علم مجتمع الميم، وهذا الشيء يظهر بكثرة من خلال رسومات البنت التي ترسمها خلال وجودها في الروضة”. ولاحظ خالد وزوجته ذلك أيضاً في الرسومات التي تلونها ابنتهما في المنزل أيضاً، حيث تلون كل شيء تقريباً بألوان قوس قزح.

سأل خالد ابنته عن سبب استخدامها هذه الألوان تحديداً لتلوين رسوماتها، فقالت الطفلة إنها تحب هذه الألوان. ولم يشأ خالد أن يسأل الطفلة أي سؤال آخر بما يتعلق بالأمر.

واعتاد الأطفال في مدارس السويد وغيرها من دول العالم استخدام ألوان قوس قزح لجمالها، غير أن الأمر بات يثير حساسية لدى بعض الأهالي مع كثرة الحديث عن رمز المثلية في وسائل الإعلام.

ولفت خالد إلى ما أسماه التناقض بين احتفالات العيد الوطني السويدي و”أسبوع البرايد” على سبيل المثال. حيث قال إن الروضة وزعت على الأطفال أعلام السويد بحجم صغير في اليوم الوطني بينما كانت أعلام البرايد كبيرة بشكل مبالغ فيه في احتفالات أسبوع البرايد. وقال خالد “أشعر أنهم يحاولون إقحام أمر المثلية الجنسية في كافة جوانب الحياة لكن بشكل غير مباشر بالنسبة للأطفال عن طريق إظهار الرموز التي تدل على المثلية الجنسية في كافة زوايا الروضة وفعالياتها ومن بينها تلوين الرسومات أيضاً”.

وذكر خالد موقفاً آخر حين أحضرت المدرسة مسبحاً متنقلاً للأطفال خلال فترة الصيف، وقام الأطفال بخلع كامل ملابسهم والسباحة في المسبح، فيما رفضت ابنة خالد أن تخلع ملابسها، ولم يحدث شيء من قبل المدرسة مقابل رفضها، لكن خالد وزوجته استغربا تصرف المدرسة وطلبها من الأطفال خلع ملابسهم كاملة دون العودة للأهالي وسؤالهم.

ويعتقد خالد أن ما يحصل في رياض الأطفال هو إقحام لموضوع المثلية الجنسية ليصبح الأمر متداخلاً مع كافة تفاصيل حياة الأطفال، مما سيجعلهم لاحقاً متقبلين للأمر بشكل كبير. وقال خالد “لا أجد في ذلك خطأً من حيث المبدأ، لكن أن يتم الإقحام بهذه المرحلة العمرية للأطفال، فهذا أمر غير صحي من وجهة نظري”. وأضاف “أرى أن الأمر يمكن أن يصبح صحياً في حال تم تعريف الأطفال على المثلية الجنسية بعد معرفتهم هم أنفسهم بهويتهم الجنسية”.

ولا يرى خالد أي مشكلة في تدريس التربية الجنسية للأطفال، لكنه يرفض الربط بين التربية الجنسية والمثلية وترويج المثلية للأطفال في هذا العمر.

وقال خالد “لا مشكلة بأن يتم تدريس ابنتي العلاقات الجنسية الطبيعية بين الذكر والأنثى، بالشكل المناسب لمرحلتها العمرية، لكن ارفض أن يتم تدرسيها العلاقات الجنسية المثلية في عمر مبكر كهذا، وأحد الأسباب هو أنهم على سبيل المثال لن يشرحوا للطفلة على سبيل المثال أن العلاقة الجنسية بين ذكرين تمنعهم من التبرع بالدم مدة 6 شهور، بسبب المخاوف من الأمراض الجنسية”.

سونيا سودانيِ

“لا تدريس للجنس في المدارس التمهيدية”

الكومبس سألت الخبيرة التربوية سونيا سوداني عما يُدرس في رياض الأطفال والمناهج المتبعة، وإن كان هناك أي كتب يتم تدريسها.

ماذا يتعلم الأطفال في الروضات السويدية عن الجنس؟

في المدرسة التمهيدية لا توجد دروس وفصول، لكن يوجد تدريس يُطرح بطرق مختلفة تتماشى مع عمر الطفل.
في المنهج مذكور أنه من المهم أن يدرس الطفل عن القيم والحرية والهوية. وأنه يجب على المدرسة التمهيدية مقاومة مفاهيم الجنس، وهنا يقصد، أن نقاوم أفكاراً نمطية مثل أن الأولاد أقوياء لا يبكون والبنات ضعيفات. من المهم أيضاً ألا يكون التركيز على نوع الجنس بقدر التركيز عن قدرات الطفل. والتركيز على مفهوم “أن يكون الشخص كما يحب”. هذا ما يركز عليه المنهج، أما طريقة تدريس المنهج فتختلف من شخص إلى آخر.
لا يوجد في المنهج طريقه يتبعها المربي للتدريس لكن هناك دورات تعليمية وكتب مكملة للمنهج ليكون المربي قادراً على إيصال الفكرة بطريقة جيدة.

تثير التربية الجنسية جدلاً كبيراً على وسائل التواصل هذه الأيام؟ هل اطلعت على بعض هذا الجدل وما رأيك به؟

بالنسبة للكتب عموماً، رأيي هو أن هناك عدد من المربين والمدارس التمهيدية التي تطلب وتشتري كتباً دون أن تقرأها. يرون في الغلاف أن المحتوى يمكن أن يعالج منطقة معينة لدى المدرسة التمهيدية فيها نقص في الكتب بهذا الموضوع أو ذاك فيقومون بشراء الكتاب عن غير علم ومعرفة.

أحياناً تقوم البلديات بشراء كمية كبيرة من الكتب وتوزيعها على المدارس التمهيدية لتغطية منطقة معينة من المنهج، لكن يكون الاختيار خاطئاً أحياناً، وعندما يشعر المربي بأن هناك شيء خطأ أو كتاب خطأ، يتم فقط عدم استعمال الكتاب وينتهي الموضوع.
المهم أنه لا يوجد تدريس للجنس في المدارس التمهيدية والتركيز يكون أكثر على الهوية والأسرة وطريقة تكونها.

علاء يعقوب

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.