الخلاف بين أثينا وأنقرة.. ألاعيب السياسة على حساب المهاجرين!

: 10/29/22, 11:52 AM
Updated: 10/30/22, 5:32 AM

ألقت الشرطة اليونانية القبض على مجموعة من المهاجرين تم تجريدهم من ملابسهم على الحدود مع تركيا، وأثينا وأنقرة تتبادلان التهم. في الوقت نفسه ينتقد تقرير صادر عن الاتحاد الأوروبي اليونان ويزيد الضغط عليها، ولكن لماذا؟

تعد منطقة الحدود البرية اليونانية التركية على نهر إيفروس منطقة محظورة بشكل تام. ونادراً ما تعلن الحكومة اليونانية عما يحدث هناك. ويكشف طالبو اللجوء بشكل مستمر عن سوء المعاملة من قبل السلطات اليونانية والتركية. الصور التي نشرها وزير الهجرة واللجوء اليوناني، نوتيس ميتاراكيس، على موقع “تويتر” قبل أيام قليلة أثارت الجدل.

تُظهر الصور المنشورة حوالي عشرين رجلاً عارياً في مرج يحيط به القصب. وهم يغطون بأيديهم أعضائهم التناسلية. وبعضهم رابض على الأرض كما لو أن شخصاً ما قد أمرهم باتخاذ هذا الموقف. وبحسب وزارة الهجرة واللجوء اليونانية ، فإن الرجال في الصورة هم جزء من مجموعة من 92 طالب لجوء من أفغانستان وسوريا وفلسطين والمغرب وإيران.

وتقول الوزارة إن السلطات التركية أجبرت هؤلاء الرجال على خلع ملابسهم ثم عبور نهر إيفروس إلى الجانب اليوناني في قوارب صغيرة. وهناك قامت الشرطة اليونانية بإلقاء القبض عليهم.

وتحدث وزير الهجرة واللجوء اليوناني، نوتيس ميتاراكيس، عن “وصمة عار على الحضارة”، ودعا أنقرة عبر موقع “تويتر” إلى الشروع في التحقيق. كما شاركت في العملية وكالة حماية الحدود الأوروبية “فرونتكس”. وبناءً على طلب دويتشه فيله، قالت الوكالة إن ضباط “فرونتكس” العاملين في إيفروس “ساعدوا السلطات اليونانية في إنقاذ 14من 92 مهاجراً يوم الجمعة الماضي (14 أكتوبر/ تشرين الأول 2022)”. وكان الرجال “شبه عراة”. و كان بعضهم مصابًا بجروح واضحة. وأكدت “فرونتكس أن الشرطة اليونانية حددت مكان الرجال ثم طلبت المساعدة من “فرونتكس”.

تركيا تنفي المزاعم !

من جهتها ترفض تركيا هذه المزاعم وتتهم أنقرة أثينا بمعاملة المهاجرين معاملة “غير إنسانية والتستر على عمليات الإعادة غير القانونية للمهاجرين”. وانتقد وزير الداخلية التركي، مولود جاويش أوغلو، الموقع اليوناني لاستخدامه صور الرجال العراة دون مشاركة بيانات دقيقة عن وقت أو مكان الحادث. ولم يتم الرد على طلب من دويتشه فيله إلى وزارة الحماية المدنية المسؤولة في أثينا بخصوص مشاركة البيانات الوصفية للصور أو للتعليق على الحادث.

ويشير توغسي دويغو كوكسال، محامي الهجرة ومدير مركز حقوق الإنسان في اسطنبول، إلى اللحظة التي نشر فيها وزير الهجرة واللجوء اليوناني للصور: “جاءت التغريدة بعد وقت قصير من نشر تقرير مكتب مكافحة الاحتيال في الاتحاد الأوروبي (OLAF)، الذي يتهم اليونان بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان بشكل غير قانوني”.

ويشتبه كوكسال في أنه من خلال نشر الصور، تحاول السلطات اليونانية تحويل الانتباه عن ردود الفعل السلبية على محتوى تقرير المكتب.

هل تنتهك عملية “فرونتكس” قانون الاتحاد الأوروبي؟

في منتصف أكتوبر/ تشرين الأول2022 ، نشرت مجلة “شبيغل” تقرير مكتب مكافحة الاحتيال الأوروبي (OLAF)، عن دور “فرونتكس” في عمليات الإعادة القسرية للمهاجرين على الحدود اليونانية التركية. خلال عمليات الإعادة القسرية، يُحرم اللاجئون من حق طلب اللجوء على الحدود. وهذا ينتهك القانون الأوروبي والدولي المعمول به. وخلص مؤلفو التقرير إلى أن “فرونتكس” كانت على دراية بالإنتهاكات التي تمارسها السلطات اليونانية للقانون، وبالتالي قامت بالتستر عليها.

تظهر الدردشات عبر الإنترنت ورسائل البريد الإلكتروني المتاحة للسلطات أن مسؤول الحقوق الأساسية المسؤول لم يتم إبلاغه بالحالات الملموسة المشتبه فيها لانتهاكات حقوق الإنسان. ووفق تقارير وسائل الإعلام، في أبريل /نيسان الماضي 2022 ، كان الضغط على “فرونتكس” كبيراً إلى درجة أن المدير آنذاك، فابريس ليجيري، قدم استقالته.

خلال مناقشة في البرلمان الأوروبي، دعمت مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية، إيلفا جوهانسون، وكالة حماية الحدود. وتُظهر حادثة إيفروس مدى أهمية دور “فرونتكس” على الحدود الخارجية لأوروبا.

وقال عمر شاتز، الخبير في القانون الدولي والمدير القانوني لمنظمة ” فرونت ليكس” غير الحكومية لـ DW إنه وفقًا للقانون الأوروبي، يجب إنهاء استخدام “فرونتكس” في اليونان على الفور في ضوء وضع حقوق الإنسان. وأضاف شاتز بأن “استخدام 92 مهاجرا كورقة ضغط أمر غير منطقي. وإذا كان هناك أي شيء، فإن الحادث يظهر أن تركيا ليست دولة ثالثة آمنة للاجئين هذا ولا تقع المسؤولية على عاتق “فرونتكس” وحدها، بل أيضًا على عاتق مفوضية الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، والتي تتسامح مع انتهاكات القانون على الحدود الخارجية الأوروبية.

انتهاك للقانون

قالت وزارة الهجرة واللجوء اليونانية إن المهاجرين الذين تم إلقاء القبض عليهم في إيفروس ما زالوا رهن الاحتجاز لدى الشرطة وسيتم نقلهم إلى مركز الاستقبال والتسجيل في قرية فيلاكيو خلال الأيام المقبلة. وعلى مدار سنوات، تحاول وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية التحقق عن أعمال عنف ضد طالبي اللجوء على الحدود الخارجية لأوروبا، سواء من الجانب اليوناني أو التركي.

ينظر مراقبون للحادثة الأخيرة في منطقة إيفروس على أنها تظهر مرة أخرى كيفية استخدام أشخاص يلتمسون الحماية في اللعبة السياسية. وقال فريق معلومات جوال تابع لإحدى المنظمات غير الحكومية اليونانية في تسالونيكي لـ DW إن حادثة إيفروس لم تكن حالة منعزلة، هناك عنف مفرط ضد المهاجرين على الحدود الخارجية اليونانية، وكذلك في الداخل، بما في ذلك “العنف القسري مثل نزع الملابس ، والاحتجاز التعسفي للشرطة ، واستخدام أسلحة الصدمة الإلكترونية والعنف الجسدي واللفظي “. إن انتهاك حقوق الإنسان و القانون على الحدود الخارجية لأوروبا أمر مخز، على حد تعبير المنظمة.

فلوريان شميتز (ثيسالونيكي)، بوركو كاراكاس (اسطنبول)/ إ.م

ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية و DW

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.