الكومبس – لقاء: يقولون: ” إذا أردت أن تكون مبدعا فعليك أن ترى ما يراه الجميع، ولكن يجب ان تفكر دائما فيما لم يفكر فيه أحد”. هذا باختصار ما عمل عليه المخترع السوري الدكتور علاء الدين سبيعي الباحث بجامعة كورنيل بالولايات المتحدة المقيم هناك منذ سنتين فقط.
الدكتور علاء المختص في الكيمياء العضوية في تقنية النانو حصل قبل اسابيع على براءة اختراع أميركية بعد اختراعه مادة كيميائية يمكنها إزالة الشوائب العضوية من المياه بسرعة تتجاوز مئات اضعاف المواد المستخدمة عالميا في معالجة المياه، وبتكلفة اقل بكثير مما هو متوفر اليوم، وقد اثار هذا الاختراع اهتمام الاوساط العلمية والاعلامية الامريكية.
“الكومبس” اجرت الحوار التالي معه:
هل لك أن تشرح لقرائنا طبيعة الاختراع الذي انجزته وماهي اهم ميزاته؟
هذا الإختراع هو لمادة عضوية بولميرية مشتقة من نشاء الذرة. أي أنها مادة سكرية. قمت بتصنيع هذه المادة باستخدام مادة الديكسترين الحلقي أو السايكلوديكسترين المشتقة من نشاء الذرة، وقمت بتعديل كيميائي بخطوة واحدة فقط عليها، والمادة الناتجة هي مادة بولميرية نانوية على شكل بودرة، ذات مسامات بحجم النانو متر، وذات مساحة سطحية عاليا جدا، تتجاوز 400 متر مربع في الغرام الواحد، أي بما يعادل مساحة ملعب كرة قدم في غرام واحد من المادة.
هذه المادة تستطيع إزالة الشوائب العضوية مثل المواد الدوائية والمبيدات الحشرية والملوثات البلاستيكية ومستحضرات التجميل بأنواعها والمواد المنظفة والبقايا العضوية الملوثة المشتقة من البترول وغيرها من الملوثات العضوية من المياه بمجرد تمرير المياه عبرها، وهي سرعة هائلة جدا، تتجاوز مئات وآلاف الأضعاف المواد الكربونية المستخدمة حاليا في محطات تنقية المياه وفي فلاتر المياه التي تباع بالأسواق.
بالإضافة إلى أن هذه المادة يمكن إعادة تدويرها بسهولة كبيرة بغسلها في درجة حرارة الغرفة لمدة لا تتجاوز الدقيقة بالكحول الطبي، بينما من المعروف أن المواد الكربونية الحالية المستخدمة في تنقية المياه لا يمكن إعادة تدويرها بشكل كامل. بالإضافة إلى أن تكلفة هذه المادة تقارب أحيانا أقل من تكلفة المواد الكربونية المستخدمة حاليا.
كيف تلقت الاوساط العلمية في الولايات المتحدة هذا الانجاز؟
البحث تم نشره بمجلة نيتشر مؤخرا ، ومع ذلك حصل على إهتمام كبير من الأوساط العلمية. فقد تم وضع البحث في الصفحة الرئيسية والرسمية لموقع هيئة الأبحاث القومية الأمريكية العليا (NSF) .. كأحد أهم الأبحاث والإكتشافات التي قامت الحكومة الأمريكية بتمويلها هذا العام.
وأيضا تم الحديث عن هذه المادة وأبعادها المستقبلية في حل مشكلة المياه في حوالي إثني عشر من أهم المواقع والقنوات العلمية الأمريكية ومنها: ساينس نيوز (Science News) ، كورنيل كرونيكل (Cornell Cronicle) ، بيغ نيوز نيتوورك (Big News Network) ، آرتي نيتوورك (RT Network) ، يو بي آي نيوز (UPI News) ، ريد أوربيت (RedOrbit) ، فيزيكس (Phys.Org) وغيرها من المواقع الأخرى.
كيف يمكن توظيف هذا الانجاز عمليا لتطبيقه على ارض الواقع؟
البحث حاليا بطور التجربة، وسنقوم قريبا بافتتاح شركة لإنتاج هذه المادة بمستوى صناعي. ولكن يجب الحصول أولا على رخص من أمريكا بعد التأكد من سلامته للإستخدام البشري وهذا قد يأخذ سنة أو سنتين. وهو مانقوم به حاليا. هذه المادة قد تستخدم مستقبلا في فلاتر المياه الموجودة في البيوت ، وكذلك لتصنيع فلاتر كبيرة تستخدم في محطات تنقية المياه.
لماذا الكثير من الطلبة والباحثين العرب يبدعون في دراستهم واباحثهم خارج بلادهم لماذا لا يستطيعون فعل ذلك في اوطانهم الاصلية؟
جواب هذا السؤال بسيط: البيئة العربية ليست مناسبة للإبداع. أبحاث ونتائج بهذا المستوى تحتاج إمكانيات مادية وتجهيزات علمية ضخمة ومجموعات بحثية متميزة ، بالإضافة إلى عدم وجود معوقات لشراء المواد الكيميائية وإجراء التحاليل الكيميائية الضرورية. هذا بالإضافة إلى عدم وجود التشجيع المادي والمعنوي في عالمنا العربي للباحث حتى يتفرغ لأبحاثه العلمية. أجور الباحثين هي من أقل الأجور في عالمنا العربي. وقد يتعرض الباحث لضغوط تمنعه من إتمام أبحاثه.
هل تلقيت اي دعم او تبني لهذا الاختراع من اي مؤسسة عربية؟
هناك بعض الهيئات التابعة للحكومة السعودية تتواصل معي حاليا من أجل دراسة إمكانية نقل هذه التقنية للمملكة العربية السعودية. ولكن المشكلة أنني لا أستطيع التصرف في براءة الإختراع حاليا مع أنها بإسمي ، فجامعة كورنيل تمتلك جزءا كبيرا من براءة الإختراع.
هل كان هناك اي تشجيع او اشادة او عرض ما من سوريا لهذا الانجاز سواء جهات داخل البلد او خارجه ؟
للأسف لا لم اتلق اي من ذلك ولا من اي جهة كانت.
كيف يمكن للكثير من اللاجئين ان يوظفوا خبراتهم وقدراتهم في بلاد اللجوء بماذا تنصحهم؟
أنصح اللاجئين بالإنطلاق في البلاد التي استقبلتهم ، فهي بلاد تدعم الإبداع والتميز بغض النظر عن جنسية الباحث. هناك إمكانيات كبيرة للتميز بهذه البلاد فلا تدعو هذه الفرصة. إعملوا في المجالات التي تحبونها وأعطوها كل ما تستطيعون، وصدقوني بأنهم ليسو أذكى منا أبدا .. بل على العكس نحن شعوب تمتلك القدر الكبير من الذكاء والقدرة على التميز في جميع المجالات. وفقط للتنويه : الجالية العربية في أمريكا هي الجالية الأكثر تعليما ومساهمة في المجتمع الأمريكي باعتراف هيئات رسمية وحكومية أمريكية.
حاوره: هاني نصر ( خاص بالكومبس ).