مَيْلَن لا تِنَگطَن كِحِل فوگ الدم
مَيْلن وَردَة الخِزّامة تِنگط سَمْ
جَرْح صويحِب بعِطّابَه ما يِلتَم
لا تِفرح بدَمْنه لا يلِگطاعي
صويحِب مِنْ يِموت المنجل يداعي !
(شعر مظفر النواب وألحان وغناء سامي كمال) .
الكومبس – لقاء: سمعت بالفنان العراقي المقيم في السويد سامي كمال قبل أن أراه . يومها كان اسمه يتردد على السنة العراقيين وهو يطربهم بصوته الشجي (رايح يارايح وين) ، التي فازت كأحسن أغنية عام 1978 ، و(بين جرفين العيون) وغيرها من الأغاني التي قدمها للإذاعة والتلفزيون في سبعينيات القرن الماضي . ودارت الأيام ليجمعنا الهَمْ العراقي ونلتقي في السويد عام 1989 ، فعرفته إنسان حقيقي ، دمث الأخلاق ، فنان وموسيقي مبدع ، غنى للحب والجمال والإنسان … التقيت به وبادرته بالسؤال التقليدي :
– كيف حالك اليوم ؟
* ليس على
مايرام ، فحال العراق وكل بلاد العرب تصعب على أي إنسان لديه ولو شيء من الإحساس
والضمير ، فكيف ومثلي أمضى سنوات كثيرة من عمره يقدم فنه ويبشر الناس بغدٍ أفضل !
– يبدو أن لقاءك بالعراق مؤلما وصعبا !
* بل أكثر
من مؤلم ، فالنظام السابق وحروبه أحرقت الزرع وأبادت النسل وخربت الإنسان ، وتبعه
الاحتلال والإرهاب وفساد النظام الحالي ، فأجهزوا على ما تبقى من أمل بحياة أفضل
للناس . كنت أمشي في شارع الرشيد ، وأشعر بالحزن ، فالخراب يعم المكان . ما شاهدته
صدمني وآلمني كثيراً ، وسبب لي أزمة صحية فأصبت بجلطة دماغية بعد وصولي للسويد .
– لو ابتعدنا عن السياسة ، جمهور القراء اليوم يريد أن يعرف شيئا عن سامي كمال الفنان ، فكيف كانت البداية والمسيرة الفنية ؟
* حسنا ، سأحاول قدر الإمكان ، رغم أنك تعرف في
الواقع ما للسياسة والسياسيين من دور
وتأثير سلبي في حياتنا . كانت بدايتي في فرقة الإنشاد التابعة للإذاعة والتلفزيون
العراقي ، يومها كانت الفرقة مدرسة فنية تضج بالحيوية والنشاط . وبرغم أني كنت
محاصرا ، كغيري ممن لم ينتم لحزب السلطة ، فقد سجلت عدد من الأغاني للإذاعة
والتلفزيون .
في عام 1976 سافرت
للكويت باقتراح من (ناجي طالب) رئيس وزراء العراق الأسبق ، الذي كان يستمع لغنائي
في جلسة خاصة ، وكتب رسالة توصية لأحد أصدقائه من أمراء الكويت . سجلت هناك عدد من
الأغنيات للتلفزيون ، ثم فضلت العودة للعراق ، رغم العروض المغرية التي قدمت لي
للبقاء هناك .
– لم تمدح نظاما أو شخص ما ، كما فعل آخرون قبلك وبعدك ؟
* إطلاقا ،
وأوضح دليل هو رفضي الانتماء لحزب السلطة وما يوفره من امتيازات . ومرة حدث موقف
في حفلة خاصة حين غنيت (ليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب) ،
فقام المحتفى به – وليس لي معرفة به ولا باسمه –
وقدم لي رزمة من فئة الخمسة دنانير عراقية ، عرفت حينها أن اسمه (عامر) .
رفضتها وتوقفت عن الغناء .
– وماذا بعد الكويت ؟
* ذهبت
للإذاعة والتلفزيون فابلغوني بقرار نقلي إلى مديرية استيراد الأفلام ، ولا أعرف
ماهي علاقتي بهذه الدائرة وأنا مغني وملحن وعازف على أكثر من آلة موسيقية ؟! كان
هذا في زمن محمد سعيد الصحاف .
– وما هو سبب نقلك ؟
* صدور
قرار بإبعاد غير البعثيين من الإعلام ، وسبق وطلبوا مني أكثر من مرة الانتماء لحزب
السلطة فرفضت . ثم عادوا ونقلوني للفرقة القومية للفنون الشعبية ، وهناك كرروا طلب
الانتماء فرفضت .
بسبب تزايد المضايقات
غادرت العراق إلى الكويت عام 1978 ، بقيت فيها شهرين ثم سافرت إلى اليمن الجنوبية
، يومها كان الفنان الراحل فؤاد سالم قد سبقني اليها . وهناك تشكلت رسميا (فرقة
الطريق) من الفنانين كمال السيد – فؤاد سالم – سامي كمال – حمودي شربه – حميد
البصري – شوقية العطار – ابو شمس – فائز الطيار – ثامر الصفار – وام ريما . وكان
لنا نشاط وجولات في طول اليمن الجنوبي
وعرضها .
– كان لك حضور خاص هناك ؟
* نعم من
خلال ما قدمته من الحان للمطربة اليمنية (كفى عراقي) ، مثل (هلا ياغالي) . كما كنت مسؤول دائرة الموسيقى في وزارة الثقافة
والسياحة اليمنية .
– ثم غادرت اليمن؟
* كنت
بحاجة لإجراء عملية جراحية ، فتقرر إرسالي إلى مستشفى الجامعة الأمريكية في بيروت
، وبعدها حدثت بعض الإشكاليات أعاقت رجوعي لليمن ، فتغير طريق العودة ، وسافرت إلى
سوريا 1982 – قبل الاجتياح الإسرائيلي للبنان – وهناك التقيت (قيس السامرائي – أبو ليلى) ، وهو قيادي
في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ، عرض عليّ تولي مسؤولية (فرقة بيسان)
فوافقت .
– ما أهمية مرحلة سوريا في إبداعك الفني؟
* سوريا
بالنسبة لي فترة غنية جدا فنيا ، فبالإضافة لعملي في (فرقة بيسان) أسسنا (فرقة
بابل للغناء) من الفنانين سامي كمال – كمال السيد – كوكب حمزة – فلاح صبار – حمودي
شربة – محفوظ البغدادي ، وآخرون . كانت لنا لقاءات وجلسات يومية رائعة مع الشعراء
مظفر النواب وسعدي يوسف وممدوح عدوان وغيرهم .
– الأغنية العراقية كيف تراها اليوم ؟
* أية
أغنية عراقية ! لا توجد أغنية عراقية ، فقدت طابعها المميز ، ربما توجد ملامح منها
.
– وهذا الإنتاج الغنائي ماذا يمكن أن نسميه ؟
* سميه
ماشئت ، لكن لاصلة له بالأغنية العراقية لا باللحن ولا بالكلمات (الهابطة) .
الأغنية مسؤولية وموقف ، لا أقصد سياسي ، بل إنساني راقي .
– حدثنا عن تجربتك في السويد
* هنا كنت
أطمح أن أقدم أعمالا موسيقية تجمع بين الفن العراقي/الشرقي والغربي إلا أن القدر
لم يمهلني فأصبت بجلطة أفقدتني القدرة على الغناء والعزف والتلحين .
تبقى لدي مساحة من
الفرح في نجاح أفراد عائلتي ، لكن فرحي الأكبر هو حب الناس وتواصلهم معي … هذا هو
الفرح العظيم .
قبل أن نفترق قلت لأبي
فريد مناكفاُ : هل لا يزال “صويحب مِن يموت المنجل يداعي” ! رد مبتسماُ : بدون شك ، فهذه قضية صراع وجولات
بين النور والديجور ، بين الحب والكره ، بين الجمال والقبح … في النهاية الإنسان
هو المنتصر !
محمد ناجي خاص لشبكة الكومبس