"الكاميرا" آلة تكنولوجية حساسة يستخدمها الصحفيون والهواة والناس بشكل عام من أجل التقاط صورة جميلة للاحتفاظ بذكريات جميلة لا تنسى، إلا أن "كاميرا" الجيش الإسرائيلي تختلف عن هذه الأجهزة؛ فإنها كاميرا "مجرمة" تستخدم للموت والقتل، بحسب الفلسطينيين.
"الكاميرا" آلة تكنولوجية حساسة يستخدمها الصحفيون والهواة والناس بشكل عام من أجل التقاط صورة جميلة للاحتفاظ بذكريات جميلة لا تنسى، إلا أن "كاميرا" الجيش الإسرائيلي تختلف عن هذه الأجهزة؛ فإنها كاميرا "مجرمة" تستخدم للموت والقتل، بحسب الفلسطينيين.
و"الكاميرا" هو موقع عسكري إسرائيلي إستراتيجي كبير، يقع جنوب شرق مدينة غزة، وبالتحديد شرق بلدة "جُحر الديك"، وتعود تسميته من قبل الفلسطينيين بهذا الاسم نظرًا لنشره مئات الكاميرات الحديثة والمتطورة تغطي مسافات بعيدة في القطاع وربما كافة أرجاء القطاع، وعدة كاميرات كبيرة بأحجام مختلفة على حدوده الغربية.
وأقامت قوات الاحتلال موقع "الكاميرا" مع بداية انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000، وكان الهدف من إنشائه في البداية هو حماية الحدود من الاختراق ومن تهريب المركبات والأسلحة إلى قطاع غزة.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لوكالة "قدس برس" إن الموقع كان في بداية إنشائه عبارة عن برج عسكري عادي يجلس في داخلة ثلاثة جنود إسرائيليين ويعملون على مراقبة الحدود على مدار الساعة بشكل تقليدي وبدون أي تقنيات.
وفي بداية عام 2002، قام الجيش الإسرائيلي بتطوير هذا الموقع ليصبح موقعًا كبيرًا ومهمًا، لتبلغ مساحته بعد التطوير والتوسيع ثلاثة دونمات. ومزود بالعديد من كاميرات المراقبة، وجميع الكاميرات الحدودية المعدة من اجل مراقبة الحدود والأجهزة الاستشعارية والسياج الإلكتروني في المساحة الذي يغطيها هذه الموقع يتم التحكم بها من داخل هذا الموقع.
ولا تزيد مساحة قطاع غزة الشريط الساحلي الضيق عن 360 كيلو مترًا مربعًا، حيث لا يزيد طول حدوده الشرقية عن 40 كيلو مترًا، وهي الحدود التي يعمل الاحتلال على تسييجها وزرعها بالكاميرات والأنفاق لصد أي هجوم صاروخي مضاد للدروع يخرج من قطاع غزة.
ويقع الموقع في مكان إستراتيجي، حيث أنه يفصل القطاع إلى قسمين شمال وجنوب، ويتمركز على تلة مرتفعة ليصبح مستوى النظر منه أعلى من قطاع غزة، وبذلك فإن قطاع غزة بكامله يكون تحت أنظار هذا الموقع وفي متناول مسح كاميراته.
ويتكون هذا الموقع من مبنى كبيرة نصفه الأول تحت الأرض، والنصف الآخر فوق الأرض، وهو مزود ببرج عسكري والعديد من الرشاشات الإلكترونية المثبتة على جدرانه الإسمنتية المحيطة بالموقع، وكذلك يوجد بداخلة برج إرسال يوجد عليه كاميرات كبيرة تغطي مسافات كبيرة وبعيدة جدًا تصل إلى شمال ووسط وجنوب القطاع.
وبحسب روايات شهود عيان لـ "قدس برس"؛ فإن قوات الاحتلال دعمت مؤخرًا الجدار الغربي للموقع بشِباك حرارية لا تكاد ترى بالعين المجردة، لاسيما بعد حديث قوات الاحتلال عن دخول أسلحة متطورة للمقاومة الفلسطينية في غزة.
ويعمل هذا الجدار الشبكي على حماية الموقع من أي هجمات من القذائف الحديثة والموجه، وذلك لأهمية هذا الموقع وبما يحتويه من معلومات وأجهزة ومعدات عسكرية، حيث كانت قوات الجيش تنشر كل ليلة جنودها خارج الحدود في داخل أراضي قطاع غزة، من أجل تأمين الموقع من ضربات رجال المقاومة الفلسطينية، حيث كانت هذه القوات تكون صيدًا سهلًا لرجال المقاومة الذين تمكنوا من قتل وجرح عدد منهم.
وقال الشهود إن هذا الجدار الشبكي الجديد تمكن من التصدي للقذائف التي كانت تطلق باتجاه الموقع وتفجيرها قبل وصولها له واختراقه وذلك من خلال ذبذبات استشعار حرارية يتمتع بها هذا الجدار الالكتروني المتطور جدًا.
ويتحكم هذا الموقع بقوتين أساسيتين في سلاح الجيش الإسرائيلي وهي "سلاح الإسناد والمدرعات"، و"سلاح الطيران " وبما أن موقع "الكاميرا" يغطي مساحات واسعة من القطاع فان الموقع يتحكم بإطلاق الصواريخ من نوع "ارض ارض" على شمال ووسط وجنوب قطاع غزة ، وكذلك يتحكم في المدفعية المتمركزة بداخلة على مدار الساعة حيث كانت تطلق المدفعية قذائفها على مناطق تحددها كاميرات وأجهزة الموقع بدقة.
وفي حال وردت إشارة عبر أجهزه الاستشعار المتحكم بها الموقع أو أي صور عبر كاميراته الراصدة لقطاع غزة وحركة المواطنين بشكل عام ورجال المقاومة بشكل خاص، يصدر الموقع مباشره إشارات بتحرك سلاح المدرعات إلى المكان ويكون ذلك بتغطية من طيران الاستطلاع، وان لزم الأمر يكون تغطية بالطيران المروحي أو الطيران الحربي من نوع "اف 16"، حسب الحاجة ودرجه الخطورة والأهمية.
وعلى الرغم من كل هذه التجهيزات العسكرية للجيش الإسرائيلي وانتشار جنوده في محيط الموقع؛ إلا أن جيش الاحتلال لا يعتمد في الأساس على جنوده على الأرض، وفي كل فترة زمنية لا تزيد عن الشهر يقوم بعمل صيانة كاملة لكافة أجهزة المراقبة، ويقوم بتطويرها للأفضل للتماشي مع الوضع الحالي وأي تطورات تواكبها المقاومة الفلسطينية على الأرض.
ويغطي موقع الكاميرا مساحة تزيد عن أربعين كيلو متر، والمساحة التي يتحكم بها الموقع من موقع "ناح العوز" شرق مدينة غزة (شمالا) " إلى موقع "كيسوفيم" شرق خان يونس جنوب قطاع غزة (جنوبا)، بحيث يكون الموقع في الوسط بين هذين الموقعين الذين لا يقلان أهمية عن موقع "الكاميرا".
وبرزت أهمية موقع "الكاميرا" للاحتلال خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة نهاية عام 2008 حيث كان الموقع يشكل مصدرًا كبيرًا للمعلومات عن أماكن تواجد رجال المقاومة وأماكن إطلاق الصواريخ وذلك لأن كاميراته تغطي مساحات واسعة كانت تكشف تلك الأماكن بسهولة.
وفي بداية الحرب البرية على القطاع مطلع عام 2009 كان أول انطلاق للآليات العسكرية الإسرائيلية ودخولها قطاع غزة من هذا الموقع، حيث أن الآليات قطعت السياج الحدودي وتمركزت في منطقة "جحر الديك"، ومن ثم انطلقت الآليات لشطر قطاع غزة إلى شطرين، شمال وجنوب، من خلال تمركز الآليات على طريق صلاح الدين "مفرق الشهداء"، وفي مستوطنة "نتساريم" سابقًا والتي انسحبت منها القوات الإسرائيلية وعلى الطريق الساحلي للقطاع.
وكانت لموقع "الكاميرا" أهمية بالنسبة لجيش الاحتلال في الحرب على غزة، وكان هو تقريبًا غرفه العمليات للجيش في الشمال والوسط والجنوب.
وقبل العمل الفعلي لطيران الاستطلاع، كان يقع على عاتق موقع "الكاميرا" الكثير من المهام، وهي رصد كافة المناطق الشمالية والجنوبية للقطاع، حيث كان يقوم برصد نشطات المقاومة الفلسطينية في تلك المنطقة وإعطاء الأوامر بإطلاق صواريخ "أرض – أرض"، وكذلك القذائف المدفعية تجاههم.
أما الآن فكل موقع عسكري على طول الحدود مع قطاع غزة يكون مسؤولاً عن منطقة يغطيها، إلا أن ذلك لم يعطل عمل موقع "الكاميرا" حيث لا يزال موكلة على عاتقة المهام التي أوكلت له من السابق بمساندة المواقع الأخرى التي تتابع كل منطقة على حدة.
المصدر: قدس برس