باتريك أسبلوند من متطرف في صفوف النازية إلى ناشط يساعد المهاجرين

: 4/18/20, 11:07 AM
Updated: 4/18/20, 11:07 AM
باتريك أسبلوند من متطرف في صفوف النازية إلى ناشط يساعد المهاجرين

الكومبس – مجتمع: هي ليست فقط فرصة لمعرفة النازيين المتطرفين من داخل منظماتهم، بل هي فرصة أيضا لإثبات أن الإنسانية المبنية على المحبة والخير موجودة ويمكن أن تتغلب على مشاعر الكراهية والبغض.
باتريك أسبلوند
Patrik Asplund انتمى في مطلع شبابه المبكر إلى منظمات يمينية نازية، التقينا معه للحديث عن تجربته في صفوف النازيين وكيف غير أفكاره كليا إلى أفكار التضامن ومساعدة الآخرين.

أنواع من الموسيقى الصاخبة كانت البداية في تبنى ودخول الحركات العنصرية

يقول باتريك: ” يمكنني القول إن الحركات النازية في السويد بدأت من خلال الموسيقى حيث بدأ البعض في البداية بإصدار أغاني عنصرية في إنكلترا، وكان هناك فرقة اسمها (سكرو درايفر) هي من بدأت بإصدار أغاني عنصرية
وعندما كنا مراهقين بدأنا نسمع تلك الأغاني لكن كنا نظن أن فيها الكثير من التطرف.
تعبئة الشباب في تلك الفترة خلقت صدامات بينهم وبين شبان آخرين من أصول مهاجرة.

لكن خلال نشأتنا، وعندما كنا في شوارع ستوكهولم، كنا كمراهقين نتشاجر كثيراً مع بعضنا وعلى الأغلب كان الشجار مع شباب أجانب، فمن جهة نستمع لتلك الموسيقى ثم من جهة أخرى نتصادم مع شباب أجانب، فانتهى المطاف بالإيمان كلياً بما تقوله تلك الأغاني، وتدريجياً شعرت بالانتماء للوسط النازي إذا صح التعبير.

لكن هل لاتزال الحركات النازية نشطة في استقطاب شبان وفتيات جدد عن طريق الموسيقى وغيرها؟

في الماضي في التسعينيات كان ينتهي بنا المطاف بالدخول في الحركات النازية عن طريق الموسيقى، كانت هناك حفلات تتضمن أغاني محتواها عنصري يجذب الشباب اليافع للانضمام للحركات النازية.

لكن اليوم توقفت الحركات النازية عن هذا النوع من الاستقطاب، وتقوم بتجنيد الأشخاص عن طريق وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، فيوجد صفحات خاصة باسمهم على الانترنيت، وغيرها من الوسائل التي تجذب الشباب للانضمام لمنظماتهم.

ولكن ما هو العامل المساعد والذي يؤدي إلى انضمام شاب سويدي يافع إلى منظمات كهذه؟

أعتقد أن السبب الأساسي هو الخوف وهذا ما حدث معي مثلاً عندما كنت شاباً يافعاً، فقد نشأت في محيط اجتماعي على أطراف ستوكهولم كانت منطقة فيلات حيث كان والدي يعمل مديراً في شركة تيليا السويدية.

لم يكن لدي تواصل مع شباب من خلفيات أجنبية بالعكس، الشباب الوحيدين الذين كنت أتصادم معهم كانوا من خلفيات أجنبية لذلك كونت اعتقاداً أن كل الأجانب فوضويين ومحبين للشجار. كنت أتعارك دوماً، يضربونني وأنا أضربهم.

نشأ بيننا تعارض أفكار لذلك أعتقد أن الخوف والشجار ساهم بطريقة ما باستدراج الشباب للانضمام للحركات النازية.

“أكثر من نصف أصدقائي الآن هم من أصول أجنبية”

عندما كبرت أصبح أكثر من نصف أصدقائي من أصول أجنبية، لا يوجد فرق بين الناس، الانسان هو الإنسان لكني لم أدرك ذلك عندما كنت يافعاً، بل كنت أعتقد أنه يوجد اختلاف بين الناس لأنهم من أصول وخلفيات مختلفة.

كنت أتشاجر كثيراً مع أشخاص في المدينة، وقد طُعنت مرة بالسكين، كما تعرضت لمحاولة قتل عام 1992حيث حاول أحدهم دهسي بالسيارة بعد شجار في حانة حيث انتظرني الشخص خارجاً وحاول دهسي وهو مطفأ ضوء سيارته، كان شروع بالقتل المتعمد.

كان لدي شعور بالخوف والكره للأجنبي من بعدها عندما دخلت المستشفى، أصبحت أكره كل ماله علاقة بالأجانب إلى حد كبير.

لم يكن للسياسة علاقة بالأمر حينذاك، لم أقرأ مثلاً لمدة 10 أسابيع عن السياسة العنصرية مثلا، ثم قررت أنني سأصبح عنصرياً، إنما كانت تجربتي التي عشتها وما حدث معي شخصياً جعلني أنتمي لذلك الوسط.

يمكنني القول إنه الكره، لقد كنت مغنياً وأسست فرقة في التسعينيات وكان التأثير الذي خلفته تلك الأغاني هو تحفيز الناس على الكره، وكان أن بعضهم عبّر عن كرهه بارتكاب جرائم، في ذلك الوقت قُتل العديد من الناس في السويد أغلبهم كانوا من الشباب الصغار ومن قتلوهم، كانوا ممن يستمعون إلى أغانيي التي كتبتها.

كيف استطعت التخلص من هذه الكراهية، وتركت هذه الأفكار العنصرية؟

لقد ندمت بشدة على تلك الفترة وكيف تمكنت من نشر الكراهية عبر ذلك النوع من الموسيقى والنصوص، شعرت أني انا من دفع الناس لارتكاب جرائم ضد الآخرين وهذا شيء عديم الفائدة.

تلك الجرائم التي حدثت في التسعينيات هي السبب الذي دفعني للتخلي عن تلك الأفكار والابتعاد عن الحركات العنصرية.

“باتريك: أصحاب الفكر المتطرف والنازي لديهم قدرة على التقاط وجذب الأشخاص المهزوزين والضائعين”

إذا تابع المرء أفلاماً وثائقية وكل ما يجري حول العالم نستنتج أنه من السهل على اي حركة عنصرية جذب أشخاص لها، فعلى سبيل المثال يوجد الكثير من الصراعات بين الطوائف الاسلامية (سني-شيعي) مثلاً. كما في أوروبا كان يوجد صراع بين الطوائف الكاثوليكية والبروتستانتية وغيرها. حتى في ستوكهولم العديد يتصادمون من عدة خلفيات. نحن البشر أذكياء جداً في النظر الى الفوارق وإصدار أحكام مسبقة عن الآخر. وبالتالي نشوب نزاعات بيننا.

هذا ينطبق على الأشخاص ذوي العرق الأبيض أو الأصول الأوروبية الذين عزلوا أنفسهم في مجموعة ويتملكهم الخوف أن الأجنبي سيأتي ويستحوذ على كل شيء وأن ذوي العرق الأبيض سينقرضون مع الوقت وهذا ما لمح إليه ترامب عدة مرات.. باختصار العنصرية مبنية نوعاً ما على الخوف.

ولكن غالباً لنتمكن من معرفة لماذا قد ينتهي المطاف بالبعض للانتماء لحركات نازية أو حركات متطرفة أخرى دينية فإن السبب الجوهري هو شعور المرء أنً حياته لا قيمة لها، أو يشعر بالفشل وعدم القدرة على اختيار طريق محدد في الحياة وهنا يظهر الدين أو الحركات النازية وما شابه فيقول المرء حينها (آه لقد وجدت ضالتي) الآن عرفت كيف سأعيش حياتي. إذا التطرف والنازية لديهما قدرة على التقاط وجذب الأشخاص المهزوزين والتائهين.

هل تعرض باترك للتهديد لأنه ترك الفكر النازي، وانشق عن حركاتها؟

لقد تركت الحركة عام 1998 أو 1999 شعرت حينها أني أضعت الطريق ولأنني كنت مشهوراً حينها ولدي فرقة موسيقية كبيرة في السويد فقد كتبت كبريات الصحف المعروفة عن ذلك وحينها تعرضت للتهديد بالقتل وحصلت بعض المجابهات والشجار مع نازيين كما تعرضت عائلتي للتهديد أيضا ولكن كنت مستعدًا لذلك نعم لقد حدث عراك وتشابك بالأيدي مع نازيين في المدينة حينها للأسف.

لقد تعاركت كثيرا في المدينة مع شباب عندما كنت شابا صغيراً.

لقد ارتكبت الكثير من الحماقات، ضربت أشخاص وتعرضت للعنف بشكل شخصي ولكن أسوأ ما فعلته في الماضي أني نشرت الكره من خلال موسيقاي، إن ذلك الكره ملأ قلوب البعض وجعلهم يرتكبون جرائم بحق أشخاص آخرين وهذا برأيي هو أسوأ ما حدث في حياتي لكن بالمقابل أنا أعمل اليوم ومنذ عشرين سنة مع جمعيات ومؤسسات متعددة على تحقيق الاندماج ومكافحة الجريمة.

ماذا تقول لبعض الأجانب ممن يميلون إلى التصرف أو التفكير بعنصرية أو لديهم مشاعر عنصرية اتجاه بعضهم البعض؟

لقد عملت في العديد من المشاريع لدعم الضواحي على مدى15عاما إحدى تلك المشاريع كان اسمه (الفوتبول الليلي) حيث نقوم بفتح صالات الرياضة مساء الجمعة والسبت للعب كرة القدم، إنه مشروع سهل التنفيذ وكان يأتي مئات المراهقين لكل صالة، أكثر من 70 صالة رياضية افتتحت في كل أنحاء السويد لذا يمكنك أن تتخيل العدد الكبير من المراهقين للذين يلعبون كرة القدم مساءً.

ولكن جاء العديد من الأفغان إلى السويد في العام الماضي فقد كانت موجة لجوء كبيرة للسويد حينها نشأ الكثير من الشجار بين الشباب في مجموعتي، والذين هم ينتمون للضواحي وبين الشبان الأفغان وهذا ما لم يفهمه المجتمع السويدي عموماً كيف أنهم جميعاً أجانب ويعرفون بعضهم وقادمون من الضواحي، ويتشاجرون.

لم يفهم المجتمع السويدي ربما أن هناك كثير من الناس أتوا من مناطق مختلفة من العالم وإنه يوجد الكثير من الصراع حول العالم، إذاً حصل الكثير من العداوة بين شبان من أصول أجنبية وبين الشبان الأفغان وهذا ما عملنا على الحيلولة دون حدوثه فيما بعد.

العنصرية ليست فقط شيئاً يفعله السويدي ضد الأجنبي، إنما هي شيء يرتكبه الناس عموماً ضد بعضهم البعض، يوجد صراع في كل أرجاء العالم مثلاً في إيرلندا بين البروتستانتية والكاثوليك، قد تختلف المسميات والمكان لكن للتصرف العنصري وجه واحد وهوية واحدة في النهاية.

بناءً على خبرتي لا يمكن للمرء أن يحكم على شخص لا يعرفه، عندما يتعرف المرء على الناس يدرك أن كل الناس متساوون، لا يمكن الحكم على الأشخاص بناء على خلفياتهم الاجتماعية أو لون بشرتهم مثلاً. الأشخاص السيئون هم سيئون، والأشخاص الجيدون هم جيدون بكل بساطة، بينما لا يمكن الحكم على شعب بأكمله.. هذا غباء. وأعتقد إذا كان يظن المرء نفسه أفضل من الآخرين بسبب انتمائه لمجموعة عرقية معينة مثلاً فهذا غباء كبير حتماً. الناس متساوون.

لماذا باعتقادك يحظى حزب ديمقراطيو السويد بشعبية كبيرة اليوم؟

لقد جاء الكثير من الناس للسويد مؤخراً وحدث الكثير من النزاعات لأن سياسة السويد كانت سيئة في دمج المهاجرين بالمجتمع.

عندما أتى للسويد العديد من الناس من أجزاء أخرى مختلفة من العالم كالصومال مثلاً، كانت السويد غير مستعدة لاستقبال الناس وإدماجهم في المجتمع بل وزعتهم على الضواحي، والضواحي ليست لديها الموارد الكافية للاهتمام بالقادمين الجدد للسويد وهنا انخفض مستوى التعليم وأصبحت تلك الضواحي أسوأ حالاً وازداد معدل الجريمة حيث تورط العديد من الشباب بالجرائم وبدأت وسائل الإعلام تكتب أن هناك العديد من الأجانب يرتكبون الجرائم وهنا أصبح السويديين خائفين أكثر ويرغبون في إيقاف الهجرة للسويد.

لذلك يوجد حزب الـ (SD) ويزداد شعبية لأن السويد تواجه مشاكل في الاندماج لا يجرؤ أحد على مواجهتها، فبدلاً من الاعتراف بوجود مشكلة ومحاولة حلها وضعت الحكومة يديها في أذنيها وكانت ردة الفعل على ذلك هو صعود شعبية حزب ديمقراطيو السويد.

وحزب ديمقراطيو السويد SD تأسس من قبل عنصريين وفاشيين في البداية لقد كنت معهم حينها، ولدي معرفة كبيرة عن الأشخاص الذين أسسوا الحزب واليوم هم متمسكون بنكران تاريخهم وهذا أمر سخيف، الحزب بني من قبل العديد من العنصريين والفاشيين.

هل برأي باتريك أن الحكومات السويدية فشلت بسياسة الاندماج؟

نعم السويديون بارعون برفع البطاقة الصفراء كما يفعل الحكم في المباراة. وليسوا بارعين بالاندماج، الأشخاص الذين تمكنوا من تحقيق الاندماج في السويد هم من القادمين إلى السويد وليس السويديين، هم من يشجعون الآخرين للقدوم إلى السويد ويساعدونهم للدخول في المجتمع. السويد ليس لديها اليوم برنامج محدد للاندماج، برنامج وطني للاندماج، نعم ليس لدينا ذلك، وهذا شيء غبي ان لا يوجد برنامج كهذا ليساهم بالدخول الفعال في المجتمع، وهنا تظهر الصراعات ومشاكل عديدة.

” السويد ليس لديها اليوم، برنامج وطني للاندماج”

اعتقد أن السياسة الحالية مبنية على الفصل، (نحن وهم) إنها سياسة لا تجمع الناس وهذا خطأ. لكن يقول البعض لماذا لا أدعم جيمي وهو أحد أذكى السياسيين في السويد نعم انه ذكي، ولكن اعتقد أن دعم حزبه نابع من شعور بعدم الرضا. أن الناس تعبوا من كل شيء. ولكن أعتقد أن السبب الرئيسي الذي قد يدفع أحد للتصويت لحزب (SD) هو الخوف من الجريمة وما يحدث في الضواحي من سطو واغتصاب وما شابه وهذا ما يبثه الإعلام باستمرار ويثير الخوف في قلوب الناس ويجعلهم يلقون باللوم على الأجانب، بدلاً من التركيز على كيفية الحد من الجريمة وكيفية إعادة تأهيل مرتكبي الجرائم للحد من تفاقمها. هذا ما يجب التركيز عليه بدلاً من سياسة تقسيم الناس إلى أبيض وأسود أو سويدي وأجنبي هذا خطأ فادح.

وما الذي يمارسه باتريك الآن في دعم الشبان؟

لقد عملت سابقاً بمشروع يدعى (frysthus) في السويد، ثم عملت بعدة مشاريع تتعلق بالشباب ومكافحة العنصرية.

في (فريستهوس) عملت بمشروع اسمه (إكست) وهو يساعد الناس على الخروج من الحركات اليمينية المتطرفة والنازية.

وأيضاً ساعدنا من أراد الخروج من الحركات اليسارية المتطرفة وثم الحركات الدينية المتطرفة وبهذا أصبح المشروع كبيراً. ثم عملت على مشروع يتعلق بكرة القدم، حيث عملت مع فريق كرة قدم في السويد وعدة مشاريع لمكافحة العنف والعنصرية.

أما اليوم أعمل مع مؤسسة اسمها (godspot)تعمل على الاندماج ضمن الرياضة والعديد من المشاريع التي تركز على المراهقين والشباب، أنا أعمل مع مؤسسات ومنظمات بهذه التوجهات منذ عشرين سنة إلى اليوم. مثلما ذكرت سابقاً هناك شعور بالندم على الماضي والرغبة بتعويض ما حصل لكنه أيضاً حافز داخلي ورغبة بالعثور دائماً على مشاريع جديدة تقدم المساعدة، برأيي هناك دوماً أمل بالتغيير يجب ألا نستسلم، نشاطنا قد خفض نسبة الجريمة في بعض المناطق بنسبة 50 بالمئة. إذاً يمكننا أن نغير الأمور ونتعاون بطرق مختلفة مثلما ذكرت لك يمكننا مثلاً أن نتعاون بالمستقبل نحن وأنتم للعثور على حلول ونخلق أفاق جديدة للعثور على نتائج. هذا هو الحل وليس الحل في إغلاق الحدود وطرد الناس من البلاد هذا ليس حلاً.

حاوره: د. محمود آغا

رئيس تحرير “الكومبس”

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.