باحثون عن عمل لـ”الكومبس”: لا ينقصنا إلا “العلاقات الشخصية”

: 10/14/21, 7:02 PM
Updated: 10/14/21, 7:02 PM
Foto: Jessica Gow / TT
Foto: Jessica Gow / TT

“يقبلون تدريبي ويرفضون توظيفي”

“أقدم السيرة هنا وهناك ولا أحصل إلا على رسائل الرفض”

خبيرة: هكذا توسعون فرصكم في التوظيف

البطالة طويلة الأمد تصل إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ السويد

الكومبس – تحقيقات: البطالة طويلة الأمد شغل السويد الشاغل هذه الأيام. ومثار جدل سياسي بين اليمين واليسار، حتى أنها كانت أحد المواضيع الأربعة الرئيسة على طاولة مناظرة رؤساء الأحزاب الأحد الماضي.

مع تراجع نسبة البطالة وعودة الانتعاش الاقتصادي بعد جائحة كورونا، ظلت مشكلة البطالة طويلة الأمد عصية على الحل. أكثر من 180 ألف شخص بقوا عاطلين عن العمل لمدة تزيد على السنة، كثير منهم من المهاجرين.

ومع اختلاف الآراء السياسية بين اليمين واليسار على طرائق حل المشكلة، ما زالت مسألة البطالة إجمالاً موضع استغلال من قبل بعض الأحزاب لإثبات فشل الاندماج. وفيما يطرح الجميع حله الخاص للمشكلة، تغيب أصوات المعنيين بها أنفسهم.

عاطلون عن العمل لفترة طويلة قالوا لـ”الكومبس” إنهم لم يتركوا فرصة أو محاولة إلا أقدموا عليها بهدف الحصول على عمل دون جدوى، مجمعين أن ما أكثر ما ينقصهم للحصول على عمل في السويد هو “العلاقات الشخصية”.

ريما، التي فضلت عدم ذكر اسمها كاملاً، بقيت دون عمل أكثر من سنتين رغم محاولاتها “الدؤوبة” كما تقول.

دوامة التدريب ومكتب العمل

لجأت ريما إلى مكتب العمل طلباً للمساعدة فأخبرها المسؤول عنها هناك أنه سيبحث لها عن عمل لكنه لم يفعل. وسرعان ما ألقى الموظفون المسؤولية على عاتقها وطلبوا منها البحث عن عمل في الأماكن التي تتوفر فيها الشواغر بعد تزويدها بأسماء عدد منها.

تقول ريما “كلما ذهبت إلى شركة قال لي المسؤولون فيها إنهم سيوظفونني إن أثبتّ نفسي في فترة التدريب التي تتجاوز الشهرين عادة. وبعد التدريب يستغنون عن خدماتي بكل بساطة. وأعود إلى دوامة مكتب العمل مجدداً”.

وتضيف ريما “لغتي السويدية قوية وعملت سابقاً في أكثر من مكان في ستوكهولم، لذلك فإن سيرتي الذاتية غنية وخبرتي طويلة”.

وروت ريما موقفاً حصل معها بالقول “ذهبت لكي أقدم سيرتي الذاتية لأحد المتاجر السويدية المعروفة بعد أن نشرت إعلاناً على الإنترنت عن حاجتهم إلى موظفين. ذهبت إلى المدير وسلمته سيرتي الذاتية باليد، غير أن المدير نفى حاجة الشركة إلى موظفين رغم الإعلان الذي نشروه قبل ساعات فقط. وعرفت لاحقاً أنه توجد امرأة تعمل هناك استطاعت توظيف أولادها جميعاً. ما أريد أن أقوله أني لم أحصل على وظيفة بسبب ضعف معارفي وعلاقاتي، على عكس تلك المرأة التي تعمل هناك”.

وعن الحصول على عمل من خلال دراسة مهنة معينة، قالت ريما “قدمت في مكتب العمل على عدد من الدورات السريعة مثل “مساعدة ممرضة” لكنهم لم يرسلوا لي أي شيء. وما زلت حتى الآن عاطلة عن العمل دون معين”.

لغة قوية ودراسة في السويد

أنهت ندى، التي فضلت عدم ذكر اسمها كاملاً، دراستها الثانوية في برنامج (naturvetenskap program) الذي يتيح لها العمل في مجالات عدة، وقدمت سيرتها الذاتية لأكثر من مكان، متفائلة بإيجاد عمل، لكن كل ما حصلت عليه هو رسائل بالرفض.

تقول ندى “أجيد اللغة السويدية كوني درست الثانويه هنا. ورغم حصولي على شهادة الثانوية فإني لا أستطيع الحصول على عمل منذ سنتين. عملت سابقاً في دار لرعاية المسنين، وقبلها مساعدة شخصية لذوي الاحتياجات الخاصة، لكن بعد أزمة كورونا لم أحصل على فرصة للعمل”.

وعن إمكانية انتقالها إلى منطقة أخرى بحثاً عن عمل، تقول ندى “ألغيت هذه الفكرة لأني أعلم أنه مهما كان راتبي قوياً فلن يستطيع أن يسد احتياجاتي إذا عشت بمفردي، لأنني أصبح المسؤولة عن إيجار البيت و الكهرباء والإنترنت وغيرها من الفواتير، لذلك أفضل البقاء مع أسرتي”.

لم تيأس ندى من تقديم سيرتها الذاتية كلما قرأت إعلاناً عن وظيفة، رغم ضعف أملها بقبولها لأن “العلاقات الشخصية” هي الطريقة الأفضل للوصول إلى عمل، حسب ما ترى.

“لأني أجنبي!”

وتختلف تجربة كريم قليلاً، حيث عانى في البداية صعوبة باللغة السويدية لكنه استطاع تجاوز هذا العائق ودخل دورات دراسية قصيرة يقدمها مكتب العمل إضافة إلى اختصاصه في الاقتصاد. لكنه لم يجد عملاً بعد.

يقول كريم “ليست لدي شبكة معارف على الإطلاق، أشعر أنه من الضروري أن يكون لدي معارف في المنطقة التي أعيش فيها، حيث لاحظت أن ذلك ضروري للحصول على عمل”.

ويروي كريم قصة حدثت معه أثناء تنفيذه فترة تدريب في الكومون، حيث طلب الكومون موظفاً في مجال الاقتصاد في نفس المكان الذي يتدرب فيه، وحين قدم عليها رفض المدير طلبه واختار شخصاً غيره. يقول كريم “لم يعترض المدير على وجودي كمتدرب لديه، لكن عندما أردت الوظيفة لم يمنحني فرصة. أعتقد بأن المشكلة ليست في سيرتي الذاتية بل في كوني أجنبياً، لأنني أشعر أنني مؤهل من كل النواحي”.

خبيرة: هكذا يوسع الفرد فرصه

تعمل لينا أبو أسعد في شركة “stöd och matching” التي تساعد العاطلين عن العمل في العثور على وظيفة. أجرينا معها مقابلة لمعرفة أهم الصعوبات التي يواجهها الباحثون عن عمل وكيف يمكن تجاوزها.

ما أبرز العوامل التي تسهم في بقاء الفرد عاطلاً عن عمل؟

التعليم المتدني من المشاكل البارزة. كلما كان المستوى التعليمي أقل قلّت فرص الفرد في إيجاد عمل يناسبه.

في بعض الأحيان بطلب مكتب العمل من الوافدين الجدد البحث عن عمل، وبالطبع تكون إمكانية حصولهم على وظيفة ضئيلة بسبب ضعف اللغة وكذلك ضعف شبكة المعارف.

ومن الأمور التي تغيب عن كثير من القادمين الجدد أن استخدام الخدمات الرقمية ضروري في السويد، فعدم امتلاك هذه القدرة يفوت عليهم كثيراً من الفرص، لأن غالبية الوظائف الشاغرة تعلن عن طريق الإنترنت.

ومن المشكلات أيضاً ضعف كتابة السيرة الذاتية، وأنا في مجال عملي أساعد الناس على كتابة السيرة الذاتية بشكل أكثر مهنية.

كيف يوسع الباحث عن عمل فرص حصوله على وظيفة؟

عبر الإصرار، بأن يرسل الباحث عن عمل سيرته الذاتية أكثر من مرة، وعندما يأتي وقت المقابلة يجب عليه أن يتدرب على لغة الجسد و على أجوبته و أن ينتبه لمظهره الخارجي ونظافته الشخصية. ينبغي أن يتجنب الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الباحث عن عمل، مثل عدم كتابة السيرة الذاتية والرسالة الشخصية بشكل مهني.

ولتسهيل الحصول على عمل يجب أن يحدد الفرد ماذا يريد أن يعمل بالتحديد وعلى هذا الأساس يمكن إرشاده إلى الدراسة المطلوبة. هناك دائماً خيارات للتعليم القصير، كالتعليم المهني عن طريق مكتب العمل، فهي طريق مختصرة ويتحمل مكتب العمل تكلفتها. نقطة أخرى مهمة هي أن غالبية الوافدين الجدد يبحثون عن عمل في مدينتهم فقط رغم عدم توفر وظائف شاغرة لأن كثيراً منهم يميلون إلى الاستقرار، على عكس بقية السويديين الذين ينتقلون إلى المنطقة التي تتوافر لهم فرص عمل فيها حتى لو كان ذلك يعني الانتقال الى مدينة أو مقاطعة أخرى.

مستويات غير مسبوقة في السويد

إحصاءات مكتب العمل تشير إلى أن عدد العاطلين عن العمل لفترة طويلة (12 شهراً فأكثر) وصل إلى مستويات قياسية غير مسبوقة في تاريخ السويد الحديث. وبحلول نهاية العام، تشير التقديرات إلى أن عدد هؤلاء العاطلين سيصل إلى 200 ألف شخص.

تحليلات سابقة لمكتب العمل أكدت أن المهاجرين والشباب هم الأكثر تضرراً بالبطالة طويلة الأمد.

وأظهرت الإحصاءات الشهرية الصيف الماضي أن عدد العاطلين عن العمل لمدة 12 شهراً فأكثر زاد بمقدار 25 ألفاً مقارنة بالعام الماضي.

وهذا يعني أن 190 ألف شخص، أو 46 بالمئة من إجمالي العاطلين عن العمل، يعانون من البطالة طويلة الأمد. وهي أعلى نسبة منذ أن بدأ مكتب العمل استخدام هذا المصطلح في العام 2008.

ليندا الجنابي

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.