برنامج الإجلاء الألماني لم ينفذ .. والأفغان يهربون من موت إلى آخر

: 4/21/23, 11:15 AM
Updated: 4/21/23, 11:15 AM
أمهات وأطفال يعانون من سوء التغذية ينتظرون لتلقي المساعدة والفحص في عيادة يديرها برنامج الأغذية العالمي في كابول بأفغانستان
أمهات وأطفال يعانون من سوء التغذية ينتظرون لتلقي المساعدة والفحص في عيادة يديرها برنامج الأغذية العالمي في كابول بأفغانستان

أعلن المسؤولون مؤخرًا أن البرنامج الرائد الذي أعلنته الحكومة الألمانية أواخر 2022 لم يُجلِ فعليًا أي شخص من أفغانستان، بينما تم تعليق إصدار التأشيرات والرحلات الجوية مؤقتًا من هناك إلى ألمانيا.

في تشرين الأول/ أكتوبر 2022 ، وكجزء من وعد انتخابي قدمه حزب الخضر، وهو أحد الأحزاب الثلاثة التي تشكل الائتلاف الحاكم في ألمانيا، أعلنت الحكومة الألمانية عن أحدث برنامج إجلاء لأفغانستان.

خصص البرنامج للمساعدة في إجلاء الأشخاص المعرضين للخطر في أفغانستان إلى ألمانيا، وتعهدت برلين بإجلاء 40 ألف شخص، بنسبة نحو 1000 شخص في الشهر، على أن يتم تحقيق الهدف من البرنامج في عام 2025.

لكن الجديد بأنه في نيسان/ أبريل 2023.. لم يجل البرنامج أحدًا حتى الآن..

حيث أفادت قناة ZDF الألمانية في 11 نيسان/ أبريل بأن الحكومة اعترفت بأنه لم يتم إجلاء أي شخص إلى ألمانيا كجزء من البرنامج الجديد، وبالوقت الحالي، تم تعليق إصدار التأشيرات وتذاكر الطيران.

ما برنامج الخارجية؟

تم تصميم برنامج الإجلاء لمساعدة الأشخاص الذين تهددهم حركة طالبان منذ استيلائها على السلطة في آب/ أغسطس 2021، وهذا يشمل الأفغان الذين “أُجبروا على العمل متخفين، إما بسبب عملهم في النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، أو بسبب تعاونهم مع الدول الغربية والمنظمات الدولية، أو بسبب جنسهم أو توجههم الجنسي”، بحسب وزارة الخارجية الألمانية.

هؤلاء يقدر عددهم بحسب الحكومة الألمانية بأكثر من 40 ألف أفغاني في خطر، بالإضافة إلى أفراد عائلاتهم المباشرين، وتأمل في إحضارهم جميعًا إلى ألمانيا.

وبحسب البرنامج فإن من بين المؤهلين للإجلاء حوالي 28400 أفغاني عملوا مع الجيش الألماني أو المنظمات الألمانية في أفغانستان مع أفراد عائلاتهم، وكذلك أولئك الذين عملوا في منظمات المجتمع المدني التي تعزز الديمقراطية وحقوق الإنسان، وفقًا لوزارة الخارجية الألمانية.

في كانون الثاني/ يناير 2023، قالت الحكومة الألمانية إنها تمكنت من نقل حوالي 24 ألف شخص من أفغانستان إلى ألمانيا في إطار برنامج الإجلاء القديم، وذكرت وزارة الخارجية الألمانية أن التسجيل للبرنامج بدأ بالفعل في تشرين الأول/أكتوبر.

ومن أجل أن يتم قبولهم في البرنامج، يجب أن يكون المسجلين مدعومين من قبل المنظمات ويعيشون في أفغانستان. يقول الموقع إن المتقدمين المستهدفين هم مواطنون أفغان لا يزالون في أفغانستان يتعرضون لمخاطر بسبب طبيعة عملهم في مجالات مثل حقوق الإنسان أو التعليم أو الإعلام.

بالإضافة إلى ذلك، أو كبديل، يمكن أيضًا أن يكونوا أفغانًا لا يزالون في أفغانستان معرضون لخطر ملموس بالتعرض للعنف أو الاضطهاد على أساس ظروف مثل ميولهم الجنسية أو هويتهم أو دينهم ، بحسب الموقع.

لن نستقبل طلبات جديدة

نظرًا للعدد الكبير من الطلبات التي تم استلامها بالفعل، تقول الحكومة الألمانية إنها لن تقبل أي طلبات فردية جديدة، نظرًا لأن جميع الطلبات السابقة كان يجب أن تمر عبر الوكالات المعتمدة التي تعمل بالفعل مع الحكومة الألمانية قبل آب/ أغسطس 2021.

إذ كانت الخطة هي الإبقاء على برنامج الإجلاء مستمرًا حتى أيلول/ سبتمبر 2025 ، على الرغم من أن الحكومة تشير إلى أن “قدرة ألمانيا على استضافة ودمج الوافدين الجدد يجب أن تولى الاعتبار الواجب”.

في الوقت الحالي ، تواجه ألمانيا مشكلة في استيعاب طالبي اللجوء واللاجئين الموجودين بالفعل في البلاد وقد سجلت عددًا أكبر من المتقدمين للحصول على اللجوء في الربع الأول من عام 2023 مقارنة بالفترة المماثلة في عام 2022.

لماذا عُلّقت الرحلات؟

أفادت ZDF أنهم طلبوا من وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك إجراء مقابلة حول قضية فاطمة والبرنامج نفسه، لكنهم لم يتلقوا ردًا على طلبهم لكن وصلهم بريد إلكتروني من الخارجية الألمانية، قال: “منذ بداية برنامج الإجلاء الحكومي … كان الأمن هو أعلى أولوياتنا، لكن يتعين علينا التحقق من مستندات كل شخص وتطبيقاته بعدة طرق مختلفة، وفي الأسابيع القليلة الماضية، ظهرت بعض الأمثلة على إساءة استخدام محتملة للبرنامج … لذلك وحتى نضع إجراءات التحقق الصحيحة.. لا يمكن للأفغان السفر إلى ألمانيا”.

ووفقًا لرسالة وزارة الخارجية الألمانية، تضمنت حالات سوء المعاملة المزعومة أشخاصًا وجدوا طريقهم إلى دولة ثالثة آمنة، ما يسقط أهليتهم للبرنامج، أو أشخاص لم يكونوا صادقين بشأن أفراد عائلاتهم، إذ أعطى المتحدث باسم وزيرة الخارجية كريستوفر برغر مثالًا على إنه في إحدى الحالات وجدوا شخصًا يحاول السفر مع ابنة أخته على أنها ابنته.

بينما تعرضت وزيرة الخارجية بربوك لانتقادات حادة لتقاعسها عن تنفيذ البرنامج، فمنذ توليها المنصب، أصدرت تصريحات متكررة عن رغبتها في تعزيز “سياسة خارجية نسوية” وضمان حماية النساء في جميع أنحاء العالم ومنحهن حقوق الإنسان الأساسية، لكن الآن، فإن العديد من النساء اللاتي يأملن في السفر إلى ألمانيا هربًا من طالبان في أفغانستان – حيث حُرمن من قدرتهن على الدراسة أو حتى العمل في كثير من الحالات- عالقات في طريق مسدود.

وفقًا للخبير في قانون اللجوء ماتياس لينيرت، فإن إصدار التأشيرات ثم تعليقها أو سحبها يعد أمرًا غير قانوني. وقال لينيرت لـ ZDF: “إذا تم إصدار التأشيرة، فلا يمكن سحبها، وبالحالات التي يجب فيها سحب التأشيرات، يتعين على المسؤولين المرور بإجراءات قانونية محددة تشمل الشخص الذي حصل على التأشيرة ليتم الاستماع إليه”.

ينتظرون في طهران

تحدث صحفيو ZDF ، أرمين كويربر وجوليا هيلد ، في تقريرهم إلى عائلة وصلت بالفعل إلى الحدود الإيرانية كجزء من البرنامج، وتم إصدار تأشيرات ألمانية وإيرانية للعائلة، بما في ذلك ناشطة في مجال حقوق المرأة تُدعى فاطمة، وهو اسم غير حقيقي حفاظًا على سلامتها، كجزء من البرنامج، ولكن عندما كان من المقرر أن يسافروا، مرضت والدة فاطمة، لذلك كان لا بد من تأجيل الرحلة.

الآن، بسبب التعليق المؤقت بسبب “مخاوف أمنية”، تم نسيان أمرهم بطهران، ولا زالوا ينتظرون على أمل أن تقلع رحلتهم قريبًا.

في غضون ذلك ، من المقرر أن تنتهي تأشيراتهم إلى إيران وألمانيا في بداية أيار/ مايو2023، لكن أثناء انتظارهم في طهران، لا يتمكن الأطفال من الذهاب إلى المدرسة، ما جعل العائلة تعيش بقلق، بحسب فاطمة التي قالت لـZDF: “عندما جئنا إلى إيران قبل شهرين أجرت السفارة الألمانية مقابلة معنا وحصلنا على التأشيرة، ثم مرضت والدتنا ولم نتمكن من السفر. الآن نحن قلقون حقًا من أن تأشيراتنا الإيرانية ستنتهي، أو أن تأشيراتنا الألمانية ستنتهي وأننا سنضطر للعودة إلى أفغانستان.”

بينما أميرة، ليس اسمها الحقيقي الذي أخفي لأسباب أمنية، وهي أخت زوجة فاطمة، وهي ناشطة أخرى في مجال حقوق المرأة، وصلت بالفعل إلى برلين ، تؤكد حرصها على أن يكمل أقاربها في طهران رحلتهم إلى ألمانيا. وقالت لـ ZDF: “أنا أفهم أن الحكومة الألمانية يجب أن تقوم بفحوصات أمنية. ولكن كيف يمكن ألا يُسمح لمن اجتازوا تلك الإجراءات الأمنية بالحضور”.

الهرب إلى الموت من الموت

يتحدث صحفيو “مهاجر نيوز” من الأفغان أو من أصولٍ أفغانية عن الصعوبات التي يواجهها العديد من المواطنين الأفغان أثناء محاولتهم الخروج منذ عام 2021، بينما انتهى الأمر ببعض أولئك الذين فشلوا في الحصول على برنامج رسمي، أو انتظروا إصدار تأشيرة أو رحلة، بالموت غرقًا قبالة إيطاليا في نهاية شباط/ فبراير من هذا العام.

يوضح أحد الزملاء في “مهاجر نيوز/ باشتو”: “كانت هناك صحافيتان أفغانيتان على الأقل نعرف أنهما ماتتا على ذلك القارب”.

بينما من يفشل البعض بالتأهل لبرامج الإجلاء لأنهم لم يتمكنوا من الخروج من أفغانستان إلى باكستان أو إيران المجاورة، فمثلًا هم كانوا على اتصال مع صحفية بأفغانستان تدعى خان، وهو اسم غير حقيقي ايضًا أخفي اسمها الحقيقي لأسباب أمنية.

تلقت خان بالفعل دعوة من ألمانيا بموجب البرنامج القديم، لكن تم إبلاغها بأن عليها الوصول إلى باكستان وزيارة السفارة الألمانية في إسلام أباد شخصيًا، لاستكمال إجراءات قدومها لألمانيا، لكن ذلك يحتاج إلى جوازات سفر وتأشيرات دخول إلى باكستان، لها ولعائلتها، وهو أمرٌ تخشاه خان خوفًا من ان تكتشف طالبان أمرها، عدا عن أن طالبان توقفت عن إصدار جوازات سفر للأشخاص الذين يشتبه في أنهم يخططون لمغادرة البلاد إلى الغرب.

يوضح أحد الزملاء في “مهاجر نيوز/ باشتو” أن “هذا الموقف” يسلط الضوء على الصعوبات التي يواجهها الصحفيون وعائلاتهم في مناطق النزاع، حيث يمكن أن تكون المخاطر والشكوك هائلة. قرار السفر إلى باكستان والتقدم بطلب للحصول على جواز سفر هو قرار شاق في ظل المناخ السياسي الحالي، ومخاوف خان حقيقية، حيث وردت تقارير عن هجمات طالبان على الصحفيين وعائلاتهم”.

حتى أولئك الذين تقدموا بطلبات عبر الطرق الرسمية وما زالوا ينتظرون في أفغانستان لم يسمعوا بأي شيء حتى الآن، كما توضح الصحفية نبيلة كريمة ألكوزاي لـ”مهاجر ينوز”: “لقد طلبنا من الحكومة الألمانية تعليقًا على قضاياهم، لكنهم لم يردوا بعد”.

مهاجر نيوز 2023

ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية و DW

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.