بسبب “البطاطس”.. ردود غاضبة على ترشيح صحفية ألمانية لمنصب مهم

: 6/23/22, 8:18 AM
Updated: 6/23/22, 5:05 PM
الصحفية الألمانية فردا أتامان ذات الأصول التركية واليونانية وصفت الألمان البيض بـ"بطاطس".
الصحفية الألمانية فردا أتامان ذات الأصول التركية واليونانية وصفت الألمان البيض بـ"بطاطس".

الكومبس – أوروبية: تتمتع فيردا أتامان بخبرة شخصية ومهنية للقيام بدور رئيسة مكتب مكافحة التمييز في ألمانيا. لكن ترشيحها للمنصب أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية في ألمانيا واختلفت الآراء ما بين مؤيد لترشيحها ورافض له.

لأول مرة منذ أربع سنوات، يفترض أن يتم بشكل رسمي هذا الأسبوع، تعيين رئيس لوكالة مكافحة التمييز الألمانية (ADS)، وذلك بعدما رشح الائتلاف الحاكم الصحفية فردا أتامان لتولي المنصب. لكن ترشيح أتامان أثار جدلاً حاداً حول ما إذا كان ينبغي استبعادها من الترشح للمنصب بسبب أمور من بينها نص كتبته قبل عامين للدفاع عن استخدام مصطلح “يسخر” من الألمان البيض.

ولدت أتامان، البالغة من العمر 42 عاماً، في مدينة شتوتغارت بجنوب غرب ألمانيا لأبوين لهما جذور يونانية وتركية وسفاردية يهودية، ودرست العلوم السياسية وبدأت حياتها المهنية ككاتبة خطاب سياسي قبل أن تتحول إلى الصحافة. كما لعبت دوراً أساسياً في تأسيس “Mediendienst Integration” (خدمات إعلامية من أجل الاندماج)، وهي منصة لتبادل المعلومات حول الهجرة واللجوء في ألمانيا، وتكتب للعديد من وسائل الإعلام الألمانية حول العنصرية وسياسة الهجرة.

في يناير 2020، كتبت أتامان مقالاً لمجلة دير شبيغل الألمانية، تناقش فيه حقيقة أنه في حين تزخر اللغة الألمانية بمصطلحات للأشخاص الذين هاجر آباؤهم أو أجدادهم إلى ألمانيا، فإن مصطلح “الأشخاص الذين لديهم خلفية مهاجرة” هو المصطلح المفضل والصحيح تقريباً من الناحية السياسية في ألمانيا اليوم، ويبدو أنه لا يوجد اسم متفق عليه بشكل عام لمن هم من أصل ألماني فقط.

دافعت عن مصطلح “البطاطس”

وقالت إن مصطلح “كارتوفل” (اسم البطاطس باللغة الألمانية) الذي تستخدمه أحيانا مجتمعات المهاجرين لوصف الألمان البيض ليس تمييزاً. وكتبت “إنها خضروات تحظى بشعبية كبيرة عالمياً”، قائلة إن المصطلح “غير ضار” و”لطيف” ولا يمكن مقارنته بتسميات أطلقت على جماعات غرقت لعقود أو قرون في الكراهية والاضطهاد.

ووصفت أتامان اختلال التوازن في مجتمع لا يزال كثير من الأشخاص المولودين فيه يُصنفون على أنهم مثلاً “ألمان أتراك”، وقالت إن الألمان البيض غالباً ما ينتابهم شعور بالخوف من أن يطلق عليهم هذا الاسم.

متهمة بدعم “ثقافة الإلغاء”

أطلق مقالها العنان لسيل من الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو نقاش اندلع مرة أخرى الآن بسبب ترشيحها لقيادة وكالة مكافحة التمييز الألمانية (ADS). وظهرت سلسلة من المقالات تنتقد اختيارها على وسائل الإعلام الألمانية خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث وصف الكاتب الألماني الإسرائيلي أحمد منصور ترشيحها بأنه “موعد لثقافة الإلغاء وانقسام المجتمع”، بحسب ما نقلته صحيفة “تاغس شبيغل” اليومية.

وفي صحيفة “برلينر تسايتونغ”، اتهم مسعود رضا، الخبير في السياسة التعليمية لمسجد ابن رشد- غوته الليبرالي في برلين، أتامان بسرد الحكايات بدلاً من التركيز على أمثلة أكثر جدوى من العنصرية اليومية و”الخلط دائماً بين المهاجرين والمسلمين “ولا سيما من تركيا أو العالم العربي.

كما أثار ترشيح أتامان أيضاً غضب المشرعين المحافظين من الاتحاد االمسيحي الاجتماعي (CSU)، أو مايعرف أيضاً بالحزب البافاري، وهو الشقيق الأصغر للحزب المسيحي الديمقراطي (CDU)، الذي تنتمي إليه المستشارة السابقة أنغيلا ميركل.

ومن جهتها، قالت أندريا ليندهولز، نائبة في الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحي، إن “السيدة أتامان جذبت الانتباه حتى الآن بشكل أساسي من خلال الاستفزازات الخرقاء والأيديولوجية اليسارية المتشددة”، متهمة الصحفية “بإهانة مجتمع الأغلبية أو التلاعب بالفئات الاجتماعية ضد بعضها”.

ورغم أن ترشيح أتامان جاء من الائتلاف الحاكم للاشتراكيين الديمقراطيين الاشتراكيين (SPD)، وحزب الخضر، والحزب الديمقراطي الحر (FDP) ، فإن هذا الاختيار لم يؤيد في الأحزاب الحاكمة بالإجماع. فقد وجه بعض السياسيين في الحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي)، بشكل خاص، انتقادات شديدة لأتامان، حيث قالت عضو الحزب ليندا توتبرغ إن الرئيسة المعينة لوكالة مكافحة التمييز قد “تجاوزت الحدود”، كما اتهمتها “بحذف حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي وتنقيتها” لتجنب الانتقادات.

ومنذ ترشيحها، حذفت فردا أتامان العديد من تغريداتها، حيث كانت قد أشارت في إحداها إلى التحيز الملحوظ في النظام الصحي الألماني. وكتبت خلال الموجة الأولى من جائحة كورونا في مارس 2020 “لدي شكوك حول الفئات الاجتماعية التي ستحصل على معاملة تفضيلية في المستشفيات عندما يكون هناك نقص”.

وبعد موجة انتقادات، أضافت الملاحظة: “أعدك بالامتناع عن الإعراب عن مخاوفي بشأن العنصرية فيما يتعلق بأزمة كوفيد”. لكن هذه من بين عشرات التغريدات التي مسحتها أتامان من حسابها.

“صوت قوي” لأولئك الذين يعانون من التمييز

وأشاد المدافعون عن أتامان، بمن فيهم السياسية من الـ(SPD) سوسن شبلي، التي أشادت بخبرات أتامان الهائلة التي جلبتها للوظيفة وشجاعتها في التحدث بحقائق غير مريحة للأغلبية البيض في ألمانيا. وكتبت شبلي في تغريدة على حسابها في تويتر أن الحملة ضد أتامان كانت جزءاً من تعصب “منهجي” تجاه المسلمين أو من “يوحي اسمه بأنهم مسلم”.

فيما قالت ليزا باوس، وزيرة شؤون الأسرة التي رشحتها، إن أتامان “تؤيد المشاركة القوية والمجتمع الديمقراطي الشامل” وأنها “ستوفر صوتاً قوياً لأي شخص يعاني من التمييز في ألمانيا”.

مشكلة كبيرة ومكتب صغير

إذا نجح ترشيحها بالتصويت في وقت لاحق من هذا الأسبوع، فستكون أتامان أول رئيسة معينة رسمياً لوكالة مكافحة التمييز منذ أربع سنوات، أي منذ تقاعد الرئيس السابق. فيما يشير بعض المحللين إلى ضعف المكتب وعدم أهميته في نظر الحكومة الاتحادية.

الجديربالذكر، أنه قد تم إنشاء وكالة مكافحة التمييز الألمانية (ADS) في العام 2006 كمكتب مستقل داخل الوزارة الاتحادية لشؤون الأسرة، ويقدم المكتب المشورة لأولئك الذين عانوا من التمييز أو شهدوه، ويقوم بإجراء البحوث، ويرفع التقارير إلى البرلمان الألماني البوندستاغ. ولكن دون التصرف نيابة عن أولئك الذين يتعرضون للتمييز بأي معنى قانوني، كما تفعل مكاتب مماثلة في دول غربية أخرى مثل الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة.

ورغم أن الدراسات الاستقصائية التي أجريت على مستوى البلاد تُظهر أن 65 بالمئة من الألمان يأخذون العنصرية على محمل الجد، وقد خبروها أو شهدوها مرة واحدة على الأقل في حياتهم، فإن الدستور الألماني (القانون الأساسي) يتحدث في المادة 3 عن الحق في “المساواة في المعاملة”، ولكن دون التعليق على التمييز.

ورغم الميزانية المتواضعة وعدد الموظفين الضئيل مقارنة بنظيرتها في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، تقدم وكالة “ADS” الألمانية خدمة أساسية، وكانت قد أكملت مشاريع مهمة مثل( Afrocensus) العام الماضي، وهو أول تعداد سكاني يجرى حصرياً لجمع البيانات ومعالجتها حول احتياجات الجالية الأفريقية-الألمانية.

اليزابيث شوماخر/ ريم ضوا

ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية وDW

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.