الكومبس – منوعة: في الذكرى الخمسين لرحيلها، يبقى صوت أم كلثوم يملأ الأرجاء ويعبر الزمان والمكان. من القاهرة إلى دمشق وبغداد، ومن باريس إلى كل زاوية في العالم العربي، لا يزال سحر كوكب الشرق حياً في كل لحن وكل كلمة. تظل أم كلثوم حية في قلوب عشاق الطرب، وأغانيها العذبة وألحانها الخالدة ما زالت تلهم الأجيال الجديدة. صوتها الرنّان، الذي عبر الزمن، يظل حاضراً في قلوب العرب في شتى أنحاء العالم، لتبقى كوكب الشرق رمزاً خالداً للثقافة والفن العربي.
أسطورة الطرب الذي لا يموت
أم كلثوم، تلك الفتاة التي ولدت في قرية طماي الزهايرة بمحافظة الدقهلية، أصبحت واحدة من أكثر الأسماء التي سطعت في سماء الفن العربي، بفضل صوتها الفريد وأغانيها التي تسكن القلوب.
وُلِدت فاطمة بنت الشيخ إبراهيم البلتاجي في 31 ديسمبر 1898، لكن التاريخ ذكر أيضاً 4 مايو 1908 كتاريخ رسمي لميلادها. رحلت عن عالمنا في 3 فبراير 1975.
لم تنجب أم كلثوم، التي تزوجت في سن السادسة والخمسين، لكنها كانت أول امرأة تتولى رئاسة نقابة المهن الموسيقية في مصر في الأربعينات من القرن الماضي.
وتشير الناقدة الفنية فايزة هنداوي إلى أنها “كانت امرأة قوية جداً في مجال يهيمن عليه الرجال”، مضيفةً:”لقد كانت مسيطرة على كل شيء، من أغانيها ومظهرها إلى خياراتها في الحياة”، وفقًا لوكالة فرانس برس.
في القاهرة، يقف تمثال برونزي لأم كلثوم على ضفاف نهر النيل، مخلداً ذكرى رحيلها بعد خمسين عاماً. ومن جهة النهر الأخرى، يقدم “متحف أم كلثوم” لمحة عن عالمها، حيث تعرض مقتنياتها مثل فساتينها المزخرفة، دفاتر ملاحظاتها، ونظاراتها الشمسية الماسية التي أصبحت جزءاً من إطلالتها الشهيرة.
بين أروقة المتحف، يزور معظم الزوار من الشباب، الذين لا يزالون مفتونين بإرث هذه الأسطورة.
ورغم مرور نصف قرن على رحيلها، فإن صوت أم كلثوم وأغانيها لا يزالان يحييان الزمان والمكان، من شوارع القاهرة الصاخبة إلى مقاهي بغداد التاريخية، وصولًا إلى بيوت الملايين في كافة أنحاء العالم العربي.
“كوكب الشرق” لم تكن مجرد فنانة، بل كانت رمزاً حياً للثقافة والفن، وصوت الأمة الذي لا يزال يسمع في كل زاوية من العالم العربي.هذا الإرث العظيم لا يُحتفل به فقط عبر الذاكرة، بل يتجسد من خلال فعاليات موسيقية وورش فنية تقام في مختلف المدن العربية.
وقال موقغ القاهرة الإخبارية إن الحفل الاستثنائي الذي يُنظم بمناسبة الذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق أم كلثوم يعيد إحياء أجواء الزمن الجميل ويُحيي روائع الفن المصري والعربي. الحفل، الذي يُقام تحت إشراف الهيئة الوطنية للإعلام، يتضمن مجموعة من الفقرات الفنية المميزة التي تهدف إلى تكريم إسهامات أم كلثوم الكبيرة في الموسيقى العربية.
من أبرز المفاجآت التي يشهدها الحفل هو العرض الفني باستخدام الذكاء الاصطناعي، والذي يتيح للحضور تجربة فريدة يشعرون خلالها وكأنهم يحضرون حفلًا تحييه أم كلثوم بنفسها.
في هذا الإطار، أعلنت دار الأوبرا المصرية عن برنامج فني مكثف يتضمن فعاليات محلية ودولية للاحتفال بذكرى رحيلها. حيث تُحيي “أوركسترا الموسيقى العربية”، بقيادة المايسترو علاء عبد السلام، حفلًا في باريس، بينما تبدأ الاحتفالات في مصر بحفلين بمسرح معهد الموسيقى العربية في فبراير.
كما يتم تنظيم “مهرجان أم كلثوم للموسيقى والغناء” في مختلف المحافظات، حيث تنطلق أولى فعالياته من مسقط رأسها في الدقهلية. إلى جانب ذلك، يفتح “متحف أم كلثوم” أبوابه مجاناً للجمهور طوال الشهر، بينما يقدم ” متحف نجيب محفوظ” عرضاً وثائقياً وندوات فكرية عن حياتها ومسيرتها. كما تشمل الفعاليات حفلات موسيقية وورش فنية في القاهرة والإسكندرية.
الذكرى الـ50 لرحيل أم كلثوم في باريس
احتفلت دار الأوبرا من مسرح فيلهارموني دي باريس الفرنسي الأحد 2 فبراير بالذكرى الخمسين لرحيل كوكب الشرق أم كلثوم، وذلك ضمن حفل ضخم تحت رعاية وزير الثقافة د. أحمد فؤاد هنو، وبمشاركة أوركسترا الموسيقى العربية الحفل شهد مشاركة الفنانتين رحاب عمر وإيمان عبد الغني اللتين قدّمتا مجموعة من أشهر أغاني أم كلثوم، وسط إقبال جماهيري كبير.
وتم بيع التذاكر بسرعة كبيرة، لذا قررت إدارة المسرح بث الحفل مباشرة على موقعها الرسمي ليتمكن جمهور واسع من متابعته. يذكر أن أم كلثوم قد أحيت في العام 1967 حفلين أسطوريين في “الأوليمبيا” بباريس، تبرعت بعائداتهما لمصر.
(أ ف ب، رويترز)
ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية وDW