الكومبس – صحة: أظهرت دراسة جديدة واسعة النطاق تزايد معدلات الإصابة بالأنواع الأكثر شيوعا من السرطان بين الأجيال الأصغر سنا، وفق ما نشرته صحيفة “واشنطن بوست”.
كشفت دراسة جديدة نُشرت في مجلة “ذا لانسيت” الطبية أن جيل “X” وجيل الألفية يعانيان من زيادة معدلات الإصابة ببعض أنواع السرطان مقارنة بالأجيال الأكبر سنًا. ومن المرجح أن يكون هذا التحول بسبب التغيرات الجينية في النظام الغذائي وأسلوب الحياة والبيئة.
ووفقا للدراسة التي أجراها باحثون من الجمعية الأمريكية للسرطان، فإن معدلات الإصابة بالسرطان ترتفع تدريجيا بين الأجيال الأصغر سنا، وتحديدا في 17 من أصل 34 نوعا من السرطانات الأكثر شيوعا… ومن خلال تحليل بيانات أكثر من 23.5 مليون مريض بالسرطان بين عامي 2000 و 2019، تم تسليط الضوء على التحولات المهمة بين الأجيال في حالات الإصابة بالسرطان.
تشمل أبرز النتائج التي خلصت إليها الدراسة أن أبناء جيل الألفية أكثر عرضة للإصابة بسرطان الكلى والبنكرياس والأمعاء الدقيقة بمرتين إلى ثلاث مرات من أبناء جيل طفرة المواليد، وهو الجيل الذي وُلد في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية بين عامي 1946- 1964.
علاوة على ذلك، تواجه نساء جيل الألفية خطرًا متزايدًا للإصابة بسرطان الكبد والقنوات الصفراوية. وفي حين أن خطر الإصابة بالسرطان آخذ في الارتفاع، فإن معدل الوفيات بسبب معظم أنواع السرطان إما استقر أو انخفض بين الشباب. ومع ذلك، ارتفعت معدلات الوفيات بسبب سرطان المرارة والقولون والمستقيم والخصية والرحم، وكذلك سرطان الكبد بين النساء الأصغر سنا، بحسب الدراسة.
وفي حين أن معدلات الإصابة بسرطان الثدي بين النساء الأصغر من سن الأربعين تظل منخفضة، إلا أن دراسة منفصلة أظهرت أن سرطان الثدي لا يزال يشكل أعلى عدد من حالات السرطان المبكرة.
تشير الدراسة إلى أن عدة عوامل قد تساهم في ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان، بما في ذلك السمنة، والأنظمة الغذائية غير الصحية الغنية بالدهون المشبعة، والأطعمة شديدة المعالجة، وأنماط النوم السيئة، والتعرض للملوثات البيئية والمواد المسرطنة.
تتمثل إحدى الملاحظات الإيجابية التي توصلت إليها الدراسة في انخفاض معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم بين النساء الأصغر سنا، وهو ما يعزوه الخبراء إلى انتشار اللقاح المضاد لفيروس الورم الحليمي البشري على نطاق واسع. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت أنواع السرطان المرتبطة بالتدخين مثل سرطان الرئة والحنجرة والمريء، على الرغم من تباطؤ التقدم بين الفئات العمرية الأصغر سنًا.
تسلط الدراسة الضوء على التحديات التي تواجه اكتشاف السرطان في الفئات السكانية الأصغر سنًا، وأبرزها الافتقار إلى الفحص الروتيني للعديد من أنواع السرطان، والاكتفاء بإجراء اختبارات الفحص الروتينية لأربعة أنواع فقط. فضلا عن أن العديد من الشباب لا يستوفون معايير السن اللازمة لإجراء هذه الفحوصات، ما يؤدي إلى تأخيرات محتملة في التشخيص والعلاج.
بسبب زيادة حالات سرطان الثدي وسرطان القولون والمستقيم لدى الشباب، خفضت الجهات الصحية الرسمية الأعمار الموصى بها لإجراء الفحوصات الروتينية. ومع ذلك، غالبًا ما لا يتلقى الأفراد الأصغر سنًا هذه الفحوصات، إما بسبب نقص الوعي، أو سوء تفسير الأعراض أو عدم الحصول على تأمين صحي. وعلى الرغم من الإرشادات الجديدة وطرق الفحص المحسنة، لا يزال هناك تحدٍ كبير في اكتشاف هذه السرطانات في وقت مبكر لدى السكان الأصغر سنًا.
وحتى عندما يعاني الأفراد الأصغر سناً من أعراض، فقد لا يسعون إلى الحصول على رعاية طبية على الفور، وغالبًا ما يعتبرونها حميدة وغير خطيرة.. وقد يؤدي هذا إلى تشخيص خاطئ، مثل الخلط بين متلازمة القولون العصبي وسرطانات الجهاز الهضمي الأكثر خطورة. كما يؤدي الافتقار إلى فحوصات لبعض أنواع السرطان، مثل سرطان البنكرياس، إلى تفاقم المشكلة، ما يؤدي إلى تشخيصات متأخرة عندما تكون خيارات العلاج محدودة.
ويرى الخبراء أن ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان بين الأجيال الشابة يؤكد الحاجة الملحة إلى إجراء المزيد من البحوث لفهم الأسباب الكامنة وراء هذا المرض وتطوير استراتيجيات فعّالة للوقاية منه واكتشافه مبكرا.
وفي الختام، تسلط معدلات الإصابة بالسرطان المتزايدة بين جيلي “X” والألفية الضوء على قضية صحية عامة بالغة الأهمية تتطلب اهتمامًا فوريًا. ويتعين على المجتمع الطبي أن يتكيف مع احتياجات مرضى السرطان والناجين الأصغر سنًا، وضمان حصولهم على الرعاية والدعم المناسبين طوال حياتهم.