تزايد حالات الطلاق: تشجيع على تفكك الأسر .. أم ظاهرة طبيعية مرتبطة بتغيير المجتمع

: 7/25/18, 6:35 PM
Updated: 7/25/18, 6:35 PM
تزايد حالات الطلاق: تشجيع على تفكك الأسر .. أم ظاهرة طبيعية مرتبطة بتغيير المجتمع

الكومبس – تحقيقات: ما أن ينتقل المرء للعيش في مجتمع جديد، سواءٌ أكان وحيداً أم مع زوجته، تبدأ عادة إشكالية التفاهم والتبادل السلوكي والأخلاقي والثقافي مع البيئة الجديدة. فإما أن تتصادم الأنماط السلوكية أو تنسجم، أو يجرى التوصل إلى مساومة. ذلك الحوار يتوقف على التكوين النفسي والثقافي للمهاجرين، بحسب ما يرى العديد من خبراء علم النفس والباحثين الاجتماعيين.

في مقابل ذلك، هناك وجهة نظر أخرى، تقول إنه عندما يأتي الزوج وحيداً، غيرَ خاضعٍ لرقابة أسرته والتقييدات والالتزامات العائلية، ينظر إلى الواقع الجديد بكل علاقاته بهدوء أكثر. وربما تتم عملية التبادل النفسي بسهولة أكبر. لكنْ، تصعب الأمور عندما يأتي متزوجاً وبرفقة عائلته. آنذاك، يصبح انسجام الأسرة مع البيئة الجديدة موضوعاً شائكاً، لا يندر أن تنجم عنه مشكلات. إذ يدخل الزوجان في دوامة الواقع الجديد، فتبرز ملفات التكوين الأصلية للأفراد، ما قد يجرّ إلى الاختلال والتفكك النسبي، ثم إلى الانفتاح أو الانكماش تجاه العلاقات الجديدة.

ومع الاندماج في المجتمعات الجديدة، تظهر بوادر التغيرات النفسية والذهنية بقوة، فتؤثر بكل ثقلها في سلوك الزوجين. فبعض العنف الممارَسْ يلين وبعض اللين يتصلب استعداداً لمواجهة تفصيلات حياتية قد تؤدي إلى الخروج السريع من أخلاقيات الجمع التقليدية المتكونة في الوطن الأم، فينظر الجميع مجدداً إلى ماضي علاقاتهم ونشأتهم. وتبدأ مفاضلة بين واقعين تؤدي في النهاية إلى التقرب من الأفضل وحسم إشكالية الانتماء إلى حد ما. وبذلك، يصبح الأفراد في خارطة نفسية وفكرية جديدة، فتحل القطيعة وربما الطلاق.

طريقة التفكير الجديدة التي تكونت لدى النساء في السويد صدمت بعض الرجال المعتادين على السيطرة الأبوية.

تميم سلطان

العلاقة من الأساس غير متينة

يقول تميم سلطان، الذي يعيش في السويد منذ نحو عامين: “الأزواج الذين يصلون الى السويد وتكون ظروفهم في البلد الذي كانوا فيه مشابهة إلى وضعهم هنا، أعني أن المرأة تكون عاملة وتتسلم واجبات مثل الرجل وتسهم في إعالة الأسرة، أولئك لا يتأثرون كثيراً بالوضع الجديد، وتبقى علاقتهم مستمرة لأنها تواجه تحديات مماثلة لما كانت عليه الحال في البلد الأصلي”.و يضيف: “أما الازواج الذين كانوا يضطلعون بأدوار متفاوتة أصلاً و للرجل الكلمة الأولى والأخيرة والزوجة تنفذ مطالبه وحسب، لكونه القوة الاقتصادية في البيت، فمن المرجح أنها حالة يصعب استمرارها هنا والعلاقة من الأساس غيرمتينة”.

ويوضح تميم سلطان قائلاً: “ففي تلك الحال، تنتبه المرأة إلى حقوقها وأهليتها للعطاء والعمل، التي لا تقل عن الرجل. بالتالي، يصبح اتخاذ قرار الانفصال أسهل لأن العلاقة من الأساس لم تكن متوازنة، فيصبح الطلاق بمثابة تصحيح لخطأ الزواج.

كريمة صميدة

الاستقلال المادي هو العامل الحاسم

أما كريمة صميدة، فتعرب من جانبها عن قناعتها بأن الاستقلال المادي يشكل أهم أسباب التنافر. “ففي البلدان التي جئنا منها، الرجل هو الذي يعمل ويعيل الأسرة، ما يتيح السيطرة على كل ما يخص العائلة”، مثلما توضح، مضيفة: “لكنْ، عندما تأتي المرأة إلى بلد تستطيع فيه دفع إيجار المسكن وإعالة الأولاد، سواءٌ أ بفضل عملها أو مستعينة بالمساعدات الاجتماعية المتاحة في انتظار الحصول على عمل، فذلك يجعلها تبقى مع الرجل فقط في حالة أنها تريده فعلاً وتشعر بالسعادة معه، لا لمجرد كونه يصرف على الأسرة”. كما تلفت كريمة صميدة الانتباه إلى حقيقة أن الغربة تؤدي إلى خفض اكتراث المرأة بكلام الناس الذي يطالها جراء طلب الطلاق مثلما هو شائع في البلد الأصلي. وبذا، يسهل اتخاذ قرار اللجوء إلى الطلاق.

الفهم الخاطئ للحرية

وتقول سلافا نعمة “لا أعتقد أن العيش في السويد يؤثر في اتخاذ قرار الطلاق. لكن مفهوم المرأة عن الحرية في السويد خاطئ، فهي قد تعتقد أنها وصلت إلى بلد في إمكانها القيام فيه بأي شيء تريده، بينما الخيار الأفضل هو اختبار العلاقة الزوجية في الظروف الجديدة وإعطاء الفرصة للرجل للتصرف مع المعطيات التي لم يسبق أن واجهاها في السابق”. تضيف: “سبب الطلاق في السويد هو الفهم الخاطئ للحرية. في رأيي، إن لم تكن هنالك مشاكل كبيرة في العلاقة، مثل الخيانة، فلا داعي للطلاق بل يمكن إيجاد حلول لاستمرار العلاقة خصوصاً مع وجود أطفال”.

سلافا نعمة

كما تؤكد سلافا نعمة: “في بلداننا، كانت المرأة تتحمل أخطاء الرجل أكثر، والرجل قد يتغير عندما يصل إلى السويد. فالأمور التي كان يقوم بها في البلد الأصلي، كالخيانة والضرب، لا يعود في إمكانه أن يعمد إليها هنا. بالتالي، يشكل ذلك فرصة كبيرة للتغير نحو الأفضل”.

“المرأة في السويد لا تحتاج إلى الرجل”!!

تقول ثرياً سيدي آل شريف “هنا، تشعر المرأة بالثقة بنفسها أكثر، وبقوة واستقلالية أكبر. فرصتها بالحضور في مكان ومجتمع آمنين كبيرة، بالتالي لا تكون مجبرة على تحمل ضغوط الرجل. المرأة في السويد لا تحتاج الرجل سوى كدعم عاطفي لها، وحتى هذا الأمر لا تحتاج فيه إلى أن تكون متزوجة. فهي تستطيع الارتباط بشخص بدون زواج”.

ثريا سيدي ال شريف

فريد الشاني: خلل في توازن السلطة داخل العائلة

فريد الشاني

أما الباحث الاجتماعي فريد الشاني يقول: “تؤكد كثير من البحوث والدراسات العلمية على حدوث تغير كبير في بنية الاسرة في المهجر، والسبب يعود الى حصول تغير قوي في القواعد والقيم العائلية وفقدان التوازن في العلاقة الزوجية بسبب تعرض هيكل العائلة الى خلل في توازن السلطة وفقدان السيطرة والتسلط من قبل الرجل، في بلد تسوده المساواة، وتكون حقوق المرأة محمية قانونيا.
يتقوى دور المرأة بشكل ملحوظ ويفسح المجال امامها في جميع المجالات وتتمتع المرأة في الاستقلال الاقتصادي وحق التعبير عن الرأي، وتمارس حياتها بالشكل الطبيعي وتعمل وتحقق استقلالا ماديا وهو الأمر الذي لم يعتاد عليه الرجل في السابق لانه تعود ان يكون هو المسيطر على زمام الأمور.

وبالنتيجة يضعف موقع الرجل. حيث ان المرأة مستفيدة من القوانين والحماية التي تتوفر لها في المجتمع الجديد أكثر من الرجل. العديد من الرجال يعيشون في الأمس والنساء في الحاضر والأطفال في المستقبل. هذا يؤدي إلى صراعات خطيرة داخل الأسرة. وبالتأكيد هناك عوامل اخرى تلعب دورا كبيرا في خلل العلاقة بين الزوج والزوجة”.

آلية الطلاق

أما عن آلية الطلاق في حد ذاتها، فتتلخص في تقديم طلب الطلاق إلى المحكمة التي تتبعها مدينة صاحب الطلب. فإذا لم يكن أي من الزوجين يقيم في السويد، فإن المحكمة ذات الصلاحية القضائية تكون عادة، إنما ليس دائماً، محكمة ستوكهولم. ويتعين على الزوجين تقديم طلب مشترك للحصول على الطلاق، وهي الوثيقة الأساسية، أو إقامة دعوة قضائية إذا لم يرغب أحدهما بالطلاق. كما لا يمكن لأحدهما منع الآخر من تقديم الطلب. وتُرسل الوثيقة إلى المحكمة مع شهادة ميلاد، يمكن الحصول عليها مجاناً من مكتب الضرائب السويدي. ومن المهم تحديد أن الغرض من استخراج تلك الشهادة هو الحصول على الطلاق، لأن هناك أنواعاً عدة من شهادة الميلاد.

حالياً، تبلغ رسوم التقدم بطلب إلى المحكمة 900 كرون سويدي، ما يعادل نحو 105 دولارات. وتستغرق إجراءات إنهاء الطلاق عادة بضعة أسابيع. لكن، مع وجود أطفال دون سن الـ16، ينبغي الانتظار 6 شهور للحصول على القرار النهائي. والشيء نفسه ينطبق في حال رفض الطلاق من جانب الطرف الآخر. رغم ذلك، ثمة استثناءات لتلك القاعدة. وفي الأحوال كلها، يستحسن استشارة محام بعد مضي الشهور الستة، وإعداد طلب مكتمل وإرساله إلى المحكمة مرة أخرى لإتمام الطلاق بشكل نهائي.

زينب وتوت

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.