اهتمام مميز بمشاركة النجم جمال سليمان بمهرجان مالمو للأفلام العربية
الفنان السوري يتحدث عن هموم بلاده من السويد ويؤكد معارضته المبدئية للنظام وعدم قناعته بسلوكيات المعارضة
الكومبس – مالمو
اهتمام مميز بمشاركة النجم جمال سليمان بمهرجان مالمو للأفلام العربية:
الفنان السوري يتحدث عن هموم بلاده من السويد ويؤكد معارضته المبدئية للنظام وعدم قناعته بسلوكيات المعارضة.
نجومية جمال سليمان المميزة أعطت مهرجان مالمو للأفلام العربية نكهة خاصة، بينما توق الجاليات العربية في السويد والدنمارك واهتمامها بمشاهدته وبسماع رأيه زاد من شعبية هذا الحدث الثقافي المشترك بين السويد ووعدة دول عربية.
سماع رأي جمال سليمان حول ما يحدث في سوريا وتصوراته عما يسود الوطن العربي من حراك متسارع، كان هدفا يشد من اتيحت له فرصة التواجد ضمن فعاليات المهرجان.
موضوع حسم النجم جمال سليمان لموقفه مما يحدث في سوريا، لم يعد خبرا جديدا، فهو من أوئل شخصيات الوسط الفني والثقافي التي أعلنت انحيازها إلى جانب مطالب الشعب الشرعية والعادلة، لكن الجديد هو في قصة هذا الخبر الذي لم ينتهي بعد. ومع استمرار الأحداث المأساوية وتدهور الأوضاع من سيئ إلى اسوء تتطلع الناس دوما إلى أن تسمع رأي من تحبهم وتحترمهم، وتهتم بمعرفة تفاصيل قصة خبر حسم انحيازهم وأسبابه، بعد أن ارتفعت أصوات العنف والقتل والدمار.
عندما طلبت منه حديثا صحفيا وافق شرط أن يجلس في مكان غير مغلق وفي الهواء الطلق بعيدا عن أجواء الكاميرات، وعن بروتوكول موعد الغذاء المنتظر.
الحديث على رصيف بجانب إحدى مقاهي المدينة، وعلى الرغم من بدايات برد الخريف في مالمو، المدينة الواقعة في بلد يحتل مكانا في أقصى زوايا العالم الشمالية، حديث أخذ فرصة الخروج عن تكاليف اللقاءات الصحفية التقليدية وقيودها.
السؤال الأول كان تقليديا يتعلق بالانطباعات والشعور والأحاسيس في أجواء المهرجان والمدينة التي تحتضنه. فهو فعالية ثقافية عربية تعقد في بلد اوروبي واسكندنافي:
على هذا السؤال إجاب الفنان جمال سليمان لى الشكل التالي:
فكرة إقامة مهرجانات عربية في مدن أوروبية فكرة حيوية وهامة جدا من أجل المساهمة في تقديم صورة واقعية وحقيقية عن العالم العربي والإسلامي، بعد أن تركنا لغيرنا أن يرسم صورتنا كيفما أراد. فيما تحاول بعض وسائل الإعلام رسمنا كمصدرين للتطرف. نحن كما يبدو لدينا مشكلة تعارف مع الغرب، مشكلة إظهار من نحن.
هذه المهرجانات مهمة للطرفين للمبدع العربي وللمتلقي في الغرب، خاصة أن السينما يمكن أن تكون طريقة غير مباشرة أو مألوفة لهذا التقديم. إضافة إلى أن السينما وسيلة اختراق غير متوفرة لدى الفنون الأخرى، في حال أحسن استخدامها.
أنا لاحظت حرارة استقبال الجاليات العربية لنا، هذا الاستقبال أعطانا جرعة سعادة حقيقية، ونحن نعرف أهمية وخصوصية عرض الأفلام والمسلسلات العربية في السويد وبقية دول الاغتراب أيضا، لأنها وسيلة تواصل مع الوطن وتحفز الأجيال على الاطلاع أكثر على نمط وطبيعة حياتنا في الأوطان
ولكن ما هو المعيق أمام الأفلام العربية لتقوم بهذا الدور، دور التعريف بمن نحن؟
تحرك وانتشار السينما العربية عالميا لا يزال محدودا للغاية، وانتاج الأفلام العربية حاليا متواضع ولا يرقى إلى المعايير العالمية، مع أن لدى العالم فضول للتعرف أكثر علينا وعلى حقيقة ثقافتنا.
أعتقد أن السينما العربية لا تستطيع المنافسة ضمن فئة الأفلام التي تعتمد على ضخامة الانتاج واستخدام التقنيات المبهرة، خاصة أن أسواقنا محدودة نسبيا، ولكن ما نستطيع أن ننافس به هو الأفلام التي تعتمد على النص وقوة الموضوع.
"لا يستطيع المرء أن يتجاهل أنه في حين كانت الوكالة اليهودية تصور سفن الهجرة غير الشرعية إلى فلسطين، كنا لا نزال نناقش هل التصوير الفوتوغرافي حلالا أو حراما"
جانب آخر مهم من أجل تطوير الأعمال الفنية السينمائية يتعلق بالاهتمام، أو زيادة الاهتمام والوعي بقوة الإعلام وتأثيره خاصة الكاميرا.
نحن نملك المواهب والامكانيات المادية لكننا لا نملك الرؤية و إدراكنا لأهمية الصورة في تشكيل وعي العالم ما زال محدودا. نحن لم نستثمر في الثقافة وبقينا نتعامل معها على أنها من الكماليات حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه. لا يستطيع المرء أن يتجاهل أنه في حين كانت الوكالة اليهودية تصور سفن الهجرة غير الشرعية إلى فلسطين، كنا لا نزال نناقش هل التصوير الفوتوغرافي حلالا أو حراما.
الرأي العام يتشكل عادة من خلال وسائل الاتصال وعلى رأسها الفنون، من خلال كتاب أو أغنية أو فيلم، تماما مثلما حدث في جنوب أفريقيا، حيث كان للفنانين والمثقفين ووسائل الإعلام في الغرب الدور الأعظم في فضح تواطؤ الحكومات الغربية – خدمة لمصالحها الاقتصادية- مع نظام التمييز العنصري مما أدى إلى خلق رأي عام أجبر هذه الحكومات على اتخاذ موقف أخلاقي يفضل الأخلاق على المصالح.
هل أنت ما تزال تؤمن بالربيع العربي على الرغم من انتكاسته الخريفية خاصة في سوريا؟
نعم، أنا ما زلت أومن بالربيع العربي، ربما لأنني واحد ممن نظر إلى هذا التحول من البداية، نظرة واقعية بعيدة عن الرومانسية، وكنت أرى أن التغيرات في العالم العربي تحتاج إلى مخاض والطريق إليها ليس مفروشا بالزهور دائما، وأنا كنت أرى أن النظام العربي الرسمي قد وصل إلى طريق مسدود، لا بسبب فساده و فشله فقط بل بسبب منعه للنمو السياسي المجتمعي الطبيعي من خلال الأحزاب والتجمعات المدنية.
"التغيرات في العالم العربي تحتاج إلى مخاض والطريق إليها ليس مفروشا بالزهور دائما، وأنا أرى أن النظام العربي الرسمي قد وصل إلى طريق مسدود"
وظن أنه بذلك اشترى الأبدية لنفسه. لكن مع توفر وسائل الاتصالات الحديثة التي أوجدت مكانا افتراضيا للإجتماع وجدت الناس فيه بديلا عن الاجتمعات والتجمعات ذات الطابع الحزبي بعيدا عن عيون المراقبة، وأصبحت وسيلة اتصال وتعبئة جماهيرية، ساعدت على تجميع الناس واشعال شرارة الاحتجاجات.
ولكن أنت كنت ضمن الدائرة المقربة من الرئيس بشار في بداية استلامه للسلطة، كيف انقلبت عليه ولماذا؟
لا أعرف إن كانت صيغة التوصيف في سؤالك تنطبق علي. على كل من المعروف أنني كنت أحد المتحمسين والمتفائلين بوصول شاب متعلم ومنفتح إلى السلطة في سوريا بعد فترة ركود في عمليات تطوير وتحديث أجهزة الدولة ومؤسساتها، وكانت آمال غالبية الشعب السوري منعقدة على مشروعه الإصلاحي. لكنني اكتشفت أنا وغيري أن هذا التفاؤل هو وهم لأن وعود الإصلاح بقيت مجرد وعود، بل أن الوضع زاد سوءا، وأن نسب الفقر والتهميش ارتفعت.
وأن الفساد – وإن ضاقت دائرته – إلا أنه ازداد.
ومع ذلك وفي بداية الاحتجاجات كنت مع كثيرين نتمنى أن يستغل النظام الفرصة ويتفهم أن الوقت قد استنفذ ويلتقط اللحظة التاريخية ليباشر إصلاحا حقيقيا يرتكز على حقيقة أن التغيير أصبح حاجة ملحة تضع سوريا على مفترق طرق.
كنت ممن ألتقى الرئيس بشار وكنت أتمنى أن يستغل الفرصة وأن يقود إصلاحا حقيقيا وليس تجميليا.
كثير من السوريين التقوا بالرئيس وأنا كنت واحدا منهم ضمن وفد المبادرة الوطنية الديمقراطية وشرحنا وجهة نظرنا، وكنا جميعا نتمنى أن يستغل الرئيس الفرصة ويقود إصلاحا على مبدأ الشراكة، يعطي شعورا بالثقة ويبرهن على وجود نوايا صادقة بالشروع في عمليات إصلاح حقيقية وليس تجميلية. تسير بخطط مقنعة ومنضبطة ولها برامج زمنية محددة، والتخلي عن الحل الأمني الذي سيفتح الأبواب لأبشع الاحتمالات.
لكن النظام مانع ورفض الاستماع إلى مطالب الشعب، واختار الحل الأمني ومارس القمع منذ البداية وبقوة مما أدى إلى الحالة المرعبة التي نحن فيها الآن.
لكن النظام السوري يظهر الآن بعيون الكثيرين على أنه يحارب قوى خارجية وعصابات سلفية وجهادية، مما يجعله المنقذ لسوريا وحتى للمنطقة؟
هذا ما قصده كثير من السوريين عندما تحدثوا عن العواقب الكارثية للحل الأمني. عندما لم يحسم النظام السوري موقفه ويستجيب لمطالب الشعب التي وصفها الرئيس نفسه في بدايات حديثه عن المسألة بأنها مشروعة، وعدم جديته في الاستجابة الحقيقية لهذه المطالب الشرعية، أطال أمد الصراع وسمح لقوى عديدة ليس بالضرورة أن تكون وطنية بالتدخل المباشر واستخدام السلاح، قوى لها أجندات جهادية وسلفية وربما مرتبطة بمخططات قديمة حول شرق أوسط جديد.
"عندما لم يحسم النظام السوري موقفه ويستجيب لمطالب الشعب ويظهر عدم جديته في الاستجابة الحقيقية لهذه المطالب الشرعية، أطال أمد الصراع وسمح لقوى عديدة ليس بالضرورة أن تكون وطنية بالتدخل المباشر".
و هناك وجهات نظر جديرة بالاعتبار تقول بأن النظام هو من منح لمثل هذه القوى فرصة الوجود كي يعطي حربه نوعا من الشرعية.
أضف إلى ذلك أن استنزاف قوى الجيش والموارد الوطنية أدى إلى إضعاف الدولة، وهذا ما فسح المجال لمزيد من التدخل في الشأن السوري مما قاد أيضا إلى أن تصبح سوريا مجرد فصل أو ورقة ضمن ملف دولي متشابك.
أنا أعتقد أن القوى الدولية المأثرة في هذا الملف لا يهمها حل الأزمة السورية بل فقط إدارتها ضمن تجاذب مصالحها.
بالتأكيد اي مواطن سوري يعز عليه أن يقتل جندي من الجيش أو متظاهر خرح يطالب بالحرية او أن يرى مقاتلين أغراب موجودين على أرض سوريا باجندات خارجية أو أن يرى ظواهر العنف التي تؤكدها التقارير الدولية المستقلة منتشرة في سوريا انتشار الوباء
إذا أنت تحمل المسؤولية للنظام، ولكن ماذا عن المعارضة هل هي برئية مما وصلت إليه الأمور في سوريا؟
بطبيعة الحال النظام يتحمل المسؤولية لأنه هو من يحكم وهو المسؤول عن نتائج سياساته، وهو المسؤول عن وحدة وأمن الوطن والمواطن وعن كرامة وحرية الشعب السوري. النظام أبدى تعنتا هائلا وأّذرعته هاجمت بقسوة بأشكال مختلفة كل من رفع صوتا أو قدم حلا لا يقوم على تأييد مطلق للنظام.
لقد تعرض كثيرون منا لحملات ترهيب وتخوين وتهديد وتشويه للسمعة رغم أن أجهزة أمنه تعرف أكثر من غيرها أننا لسنا سلفيين أو جهاديين و لسنا مسلحين و لسنا عنفيين ولا نقبل التفريط بمؤسسات الدولة ولا نؤيد التدخل الخارجي ولم تقبل ولن تقبل يدنا قرشا واحدا ثمنا لمواقفنا.وهذا خلق دليلا دامغا على أن النظام يدافع عن بقائه الأبدي وليس عن الوطن السوري.
"تعرض كثيرون منا لحملات ترهيب وتخوين وتهديد وتشويه للسمعة رغم أن أجهزة أمنه تعرف أكثر من غيرها أننا لسنا سلفيين أو جهاديين و لسنا مسلحين و لسنا عنفيين"
أما المعارضة فهي أطياف مختلفة متنازعة من الصعب توصيفها مجتمعة. لكن بات واضحا أن بعض أطيافها يمارس ما يمارسه النظام من إقصاء وتوزيع اتهامات جاهزة.
كل طرف من أطراف المعارضة متربص بالطرف الآخر كتربصه للنظام. الدلائل على أن المعارضة لم تكن بريئة من مآسي الشعب السوري كثيرة.
وعندما كان يتطرق لهذه الدلائل أحد كان يتعرض لنفس الحملات التي يشنها النظام على خصومه وفي أحيان كثيرة بنفس اللغة. لكن مع مرور الإيام المريرة بات كل شئ واضح للعلن وبات واضحا للإنسان السوري الذي يفكر بحرية وموضوعية أن جزءا من الثمن الباهظ الذي تدفعه سوريا هو في ذمة المعارضة.
وبتنا نسمع ذلك من بعض المعارضين الشرفاء الذين يشعرون أن النقد الذاتي واجب وطني وأخلاقي.
"الدلائل على أن المعارضة لم تكن بريئة من مآسي الشعب السوري كثيرة.
إننا اليوم في حالة صعبة جدا واجهها كوفي عنان وهزم أمامها، ولا شك أنها ماثلة اليوم أمام الأخضر الإبراهيمي، وهي أن النظام لا يريد أن يقدم شيئا والمعارضة تريد كل شئ والقوى الإقليمية والدولية تدير الأزمة بدلا من المساهمة في حلها بينا تدفع سوريا والسوريون الثمن غاليا.
نحن نرى تزايد أعمال القتل والدمار وهجرة العقول والاستثمارات وتعطيل المدارس، نشهد في المقابل خطابا سياسيا عقيما ومتحجرا، خطابا محاربا وليس محاورا.
للأسف المشهد الآن خالي من الحوار الوطني الحكيم، فأنت متهم بالعمالة والخيانة والارتباط بالاجندات الخارجية إذا انتقدت ممارسات النظام، بالمقابل لا تستطيع الإفلات من اتهامات المعارضة بأنك متأمر على الشعب وعميل للنظام إذا رفضت مثلا فكرة تسليح الاحتجاجات وقمت بإدانة اللجوء إلى العنف. للأسف خطاب الإقصاء من الطرفين هو السائد حاليا، ومبدأ التعايش في المجتمع أصبح مهددا بالانهيار
هل تعتقد ان دور الفنانين السوريين مغيب أو أنه دور مشلول ولا يرتقي إلى ما هو متوقع منه؟
أنا لا أستطيع أن أحمل أحد أي ذنب، فلكل فنان أو فنانة ظروف خاصة بهم، ولكل واحد منهم حساباته وتركيبته الثقافية والمعرفية التي تجعله ينتج أو لا ينتج موقفا فنحن يجب أن لا نحملهم أكثر من طاقتهم، مع أنني اتفق معك أن الفنان له مكانة كبيرة لدى الناس كشخصية عامة.
هناك فنانون فقدوا مصداقيتهم أيضا لأنهم يقولون علنا عكس ما يقولونه في الخفاء. ولكن يجب أن نتذكر أيضا أن كثيرا من الفنانين دخلوا المعتقلات ومنهم من تلقى التهديدات على مدار الساعة من جهات موالية للنظام بالقتل أو باختطاف أولادهم.
"هناك فنانون فقدوا مصداقيتهم أيضا لأنهم يقولون علنا عكس ما يقولونه في الخفاء. ولكن يجب أن نتذكر أيضا أن كثيرا من الفنانين دخلوا المعتقلات ومنهم من تلقى التهديدات على مدار الساعة"
أرجع بذاكرتك فقط إلى بدايات الحراك وما يسمى بيان الحليب الذي أطلقه بعض الفنانين مطالبين السلطات أن تأخذ بعين الاعتبار احتياجات الأطفال في مدينة درعا أثناء حصار الجيش لها استعدادا لتطهيرها من الإرهابيين حسب رواية النظام. البيان لم يطالب بإسقاط النظام ولم يعلن الدعم للطرف الآخر، البيان فقط ناشد الجهات المختصة من أجل احتياجات الأطفال.
الموقعون على البيان هددوا بالإعدام و أعطيت الأوامر للشبيحة الالكترونيين كي يشنوا حربا شعواء من البذائة على الموقعين. بالمقابل كان هناك بضعة فنانين ممن ذهبت بهم الحمية للمطالبة بسحب الجنسية السورية من زملائهم. هذا هو حالنا فلذلك من الصعب أن تعمم.
هل تقصد أسماء معينة؟
لا الأسماء هنا لا تهم المهم النهج، الشخصنة من أسوء الممارسات الحاصلة حاليا في سوريا، والتي للأسف تتحول إلى مهاترات يومية، وهذا أمر خطير والشعب يدفع ثمنا غاليا نتيجة ذلك. لأن هناك مسألة وطنية أهم من الأسماء، مسألة وطنية تتعلق بحق الشعب بأن يعيش ضمن دولة مؤسسات وأن يمارس حقوقه السياسية والمدنية بحرية.
"من الطبيعي أن تجد من يشتمك بأبشع العبارات و يهددك بالقتل علنا لأنك خائن تطلب التدخل العسكري الخارجي ضد بلدك في حين أنك ذكرت بوضوح وبصوت عال وبعبارات لا تقبل تفسيرا ولا تأويلا وعبر أكبر المنابر الإعلامية أنك ضد التدخل الخارجي".
المشكلة اليوم ليست فيما قلته أو تقوله بل فيما أراد الطرف الآخر أن يسمعه منك. حتى في أوساط كثير من الناس العاديين من المعارف والأصدقاء والأقرباء تجد أحيانا أن هناك حالة تمترس تمنع الحوار العميق والموضوعي. كل منا جاهز بعباراته واتهاماته التي سينهال بها على الآخر، منشغل في ترتيبها في ذهنه و متحرق لفترة صمت يغتنمها وينطلق فيها بوابل اتهاماته دون أن يسمع ما قال فعلا الطرف الآخر.
وهذا سببه التجييش الشديد والضوضاء المقصودة. بالتالي ( على سبيل المثال) من الطبيعي أن تجد من يشتمك بأبشع العبارات ويهددك بالقتل علنا لأنك خائن تطلب التدخل العسكري الخارجي ضد بلدك في حين أنك ذكرت بوضوح و بصوت عال وبعبارات لا تقبل تفسيرا ولا تأويلا وعبر أكبر المنابر الإعلامية أنك ضد التدخل الخارجي. ولكن هناك من لا يريد أن يسمع.
هل ترى مستقبلا لسوريا مع النظام القائم؟
لا.
بهذه الكلمة أنهى جمال سليمان حديثه عن هموم بلده سوريا .."لا" كانت كافية ومعبرة، لأنها جاءت سريعة وبدون تردد، وهذا ما أعفاني من أي سؤال استفساري آخر، لا مستقبل لسوريا مع النظام الحالي، جواب مختصر وحاسم .
كنت أود أن استغل فرصة الحديث مع هذا الفنان المثقف القادم إلينا نحن المهاجرين والبعيدين عما يجري في أوطاننا، لذلك حاولت ان أوجه له أسئلة متنوعه وقصيرة عن كل ما توارد إلى ذهني.
أسئلة عن تجربته الفنية وأعماله المستقبلية ورأيه بتجسيد الشخصيات التاريخية والسياسية في أعمال تلفزيونية وسينمائية، ولكن أهم ما لفت نظري هو جوابه عن سؤال يتعلق بسر نجاحه وسبب تميز نجوميته.
" سر نجاح أي فنان هو أن يحترم من يبادله الاحترام وأن يتمتع بالمصداقية وبالقرب من هموم الناس وهذا ينعكس على معاير اختيار النصوص في الأعمال الفنية، والتي يجب أن تكون لأعمال لها قيمة فكرية وأدبية راقية"
في النهاية يجب أن أضيف أنني عايشت تجربة فريدة أثناء الساعات القليلة التي قضيتها بصحبة الفنان جمال سليمان في مدينة مالمو السويدية وفي عاصمة الدنمارك كوبنهاغن القريبة منها، ففي كلتا المدينتين كان كل من شاهد هذا النجم من الجاليات العربية يتوقف ليسلم عليه ويتحدث معه ويرحب به، ويطلب أن يتصور بجانبه، سوريون ولبنانويون ومصريون وعراقيون وتوانسة وفلسطينيون وغيرهم ..عندها اكتشفت سرا آخر من أسرار نجاح الفنان سر أسمه التواضع إلى جانب الثقافة الواسعة وسعة الإطلاع.
أجرى الحوار محمود الآغا