العائلة في السويد والمولودة الجديدة في سوريا
الكومبس – خاص: عائلة سويدية من أصول سورية تعيش في السويد منذ أكثر من 10 سنوات حياة مستقرة. سمير الحسين وزوجته سهير درويش وأطفالهما الخمسة كانوا يعيشون في هذه البلاد ككل العائلات بهدوء واستقرار. غير أن إجازة قصيرة للأم في موطنها الأصلي سوريا، عكرت هدوء حياة العائلة.
سافرت الزوجة سهير درويش إلى سوريا لتقضي إجازة قصيرة وهي القادمة للسويد عن طريق لم الشمل، وكانت حينها حاملاً بالشهر السادس، وخلال وجودها في سوريا تعرضت لحادث، واضطرت لولادة طفلتها السادسة ولادةً مبكرة في سوريا فلم تتمكن من العودة إلى عائلتها لتنجب مولودتها بين أفراد أسرتها في السويد.
بعد الولادة واستقرار حالة الأم، اتجهت للسويد مباشرة لتقوم بتسجيل رضيعتها هنا في البلاد، لتتمكن من العودة إلى سوريا وإحضارها معها، لكن الأمر لم يكن بالسهولة التي تخيلتها.
مر اليوم حوالي عام على محاولة سهير وسمير إصدار وثيقة سفر لمرة واحدة للرضيعة الصغيرة لتصل إلى السويد وتلتقي عائلتها دون جدوى. يقول سمير “أصدرنا كافة الوثائق المطلوبة التي تثبت نسب الرضيعة وقدمنا كل الدلائل على حمل زوجتي قبل سفرها إلى سوريا وكل ما يدل على أنها تعرضت لحادث أدى للولادة المبكرة، ولم يتبق لنا أي شيء لنفعله، لكن كل ذلك بلا أي جدوى”.
قام الوالدان بتسجيل المولودة الجديدة لدى مصلحة الضرائب السويدية، وتم التسجيل بنجاح. كما حصلت الرضيعة الجديدة على قرار الجنسية، وأصبحت بذلك مواطنة سويدية مسجلة في مصلحة الضرائب، لكن لا يمكنها إصدار جواز سفر ولا حتى وثيقة سفر لرحلة واحدة.
تطالب السلطات السويدية العائلة بإحضار “شهادة ميلاد مصدقة” للطفل حديث الولادة، فيما لا تصدر سوريا شهادة ميلاد مصدقة، بل تقدم عوضاً عن ذلك “بيان ولادة” وهو الوثيقة الوحيدة التي تخص المواليد ويمكن تصديقها من وزراة الخارجية السورية.
العائلة تواصلت مع وزارة الخارجية السويدية والقنصلية السويدية في بيروت ومصلحة الهجرة السويدية والسفارة السورية في السويد، إضافة إلى الهيئات والسلطات السورية من وزارة الخارجية إلى إدارة مصلحة النفوس وغيرها من الجهات. وانتهت كل هذه الاتصالات دون جدوى، حيث ظلت العائلة بحاجة “شهادة الميلاد المصدقة” التي لا تصدقها سوريا وتصدق عوضاً عنها بيان الولادة الذي لا تعترف به السويد.
شرح سمير للكومبس مدى المعاناة التي تعانيها الأسرة جراء كل هذا. وقال “اضطررت أن أستدين أكثر من 200 ألف كرون خلال هذا العام لتذاكر السفر فقط”. وأضاف “أحد أبنائنا الستة يعاني من طيف التوحد، وفي كل مرة تضطر زوجتي لمغادرة البلاد، نضطر أن نرسل معها ابننا المريض، وأنا أرعى بقية الأولاد الأربعة هنا في السويد، حالة الطفل تتأذى حالياً، فهو لم يعتد على هذا العدد من الرحلات”.
تسافر سهير بين السويد وسوريا بشكل مستمر، بين ابنتها الرضيعة وزوجها وبقية أولادها، وخلال وجودها في السويد تبقى الرضيعة عند جدتها المصابة بالشلل في وضع صعب للجدة والطفلة والوالدين. وخلال الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق في سوريا وتركيا، تهدم منزل الجدة بينما كانت الرضيعة لديها. لم يصب أحد بأذى لكنهم عانوا أياماً عدة حتى تمكنوا من استئجار منزل في ظل ظروف صعبة. يقول سمير “حتى الزلزال وظروفه القاسية لم يكن سبباً كافياً لتتعاطف السلطات مع حالة طفلتنا العالقة في سوريا”.
وإضافة إلى الضغط الذي تتعرض له العائلة، يشكو سمير ما وصفه بـ”التعامل السيئ جداً” من موظفي القنصلية السويدية في بيروت وموظفي القنصلية السورية في ستوكهولم. إضافة إلى أن القنصلية في بيروت شككت ببعض الوثائق معتقدة بأنها مزورة، ورفضت الموظفة توضيح أي الوثائق التي تم التشكيك بها، إضافة لتوجيه “عبارات مسيئة” بحق سهير وسمير.
تواصل سمير مع عدد من المحامين في السويد عله يتمكن من إيجاد حل ، وكان رد أحد المحامين بعد الإطلاع على ملف الطفلة “لقد جمعت أوراقاً ووثائق أكثر مما يمكن أن تطلب، ليس بالإمكان فعل شيء”.
وتبقى عائلة حسين وسهير حائرة دون وجود أي حل في الأفق. يقول سمير “بدأنا نختنق، لا أريد ترك السويد، لكن إن لم نتمكن من إيجاد أي حل فأنا مضطر لترك البلاد والاتجاه لأي بلد أخر يمكن أن يلتم فيه شمل العائلة”.
الكومبس تواصلت مع السفارة السورية في ستوكهولم، وتنتظر تعليقها على قصة العائلة.