حقوق المرأة في السويد الذريعة والواقع

: 3/7/16, 12:03 PM
Updated: 3/7/16, 12:03 PM
حقوق المرأة في السويد الذريعة والواقع

الكومبس -تحقيقات: “ما أن تطأ أقدام المرأة أرض مملكة السُويد، حتى تشعر أنها ملكة”! هذه ليست مجرد مقولة، بل يمكن أن تكون احساس حقيقي، يشعر به العديد من القادمين الجدد، الذين يؤمنون بشكل قطعي أن المرأة لها الأفضلية في الحقوق والواجبات مقارنة مع الرجل. حتى أن البعض يذهب بعيداً في اعتقاده الخاطئ هذا، وصولاً الى التفكير بأن المرأة تحتاج فقط الى قول: كفى! حتى تذلل لها جميع العقبات، وتحصل على كافة المكتسبات المادية والمعنوية وتنتزعها من الرجل.

هذا الشعور لا يقتصر على النساء، بل حتى بعض الرجال يعترفون بشيء من الخوف يختلجهم حال قدومهم الى بلد مثل السويد، وكأن قدر رجولتهم الذي اعتادوا عليه في بلادهم سينتقص أمام مكانة المرأة التي ستصبح الآن هي الآمرة الناهية!

لكن إذا ما عدنا الى سبب ذلك الاعتقاد الشائع في تفضيل المرأة على الرجل في السويد، نرى أنه يعود أولاً الى أن معظم الوافدين الجدد الى السويد، يأتون من بلدان نامية قد تعاني النساء فيها فعلا من عدم المساواة في حقوقهن.

موسى جرجي

المحامي جرجي: “مفهوم المرأة مفضلة على الرجل فخ”

أن تجد المرأة التي كانت تعاني نوعا ما من الاضطهاد في بلادها نفسها في بيئة جديدة تسودها المساواة ولا يوجد بها تمييز طرف عن الآخر، يعني ذلك أنها حصلت على مكتسبات اضافية لها، يمكن ان تستفيد منها ويمكن أن تسيئ استخدامها وهو الامر الذي أكده المحامي الشاب موسى جرجي لـ ” الكومبس”، حيث قال إن اعتبار المرأة فئة مدللة في السويد ما هو الا فخ يقع فيه القادمون من بلدان تعاني فيها المرأة من تمييز ضدها وتقليل من شأنها، لأنه في واقع الأمر، القانون السويدي يرمي الى المساواة بين الجنسين وليس الى تمييز فئة عن الأخرى.

والأمر الثاني والأبرز في ذلك الاعتقاد هو ذلك المكتسب الاضافي للمرأة في القانون السويدي، والذي ينحصر في فقرة قانونية تتعلق بمسألة حماية المرأة من العنف المنزلي، على اعتبار أنه لا يوجد في المقابل ما يسمى قانون حماية الرجل من العنف المنزلي.

يقول جرجي “إنها الفقرة التي تُعَول عليها معظم النساء لكسب قضاياهن ضد الرجال ونيل مستحقات اضافية بعيداً عن المناصفة والتقسيمات العادلة والمتساوية في الحقوق والواجبات المنصوصة في القانون السويدي. لكن اثبات تهمة التعدي على المرأة ليست بتلك السهولة التي تعتبرها الاخيرة، وذلك لضرورة تقديمها اثباتات ودلائل للمحكمة لتتمكن بعدها من نيل تلك المكتسبات الاضافية من الرجل”.

ويضيف أنه بعيداً عن الشق القانوني لمسألة تمييز المرأة عن الرجل، فان ما يجعل المرأة تبدو متفوقة في حقوقها في السويد هو حظها بحماية فورية من مكاتب الخدمات الاجتماعية حال لجوئها إليهم، حيث لا تدعو الحاجة هناك الى تقديم أي دليل مادي لتعرضها للعنف، الامر الذي يحول الرجل عن رؤية عائلته واولاده الى حين بت المسألة في أروقة المحاكم، والتي في أغلبها تستغرق الكثير من الوقت تصل الى سنوات عدة، الامر الذي يعتبر في حالات عديدة ظلماً على الرجل بخاصة إذا ما كان بريئا من تلك الادعاءات.

مكتسبات المرأة في السويد لم تأتي بسهولة أو بمنحة من الرجل

لكن درجة التساوي التي وصلت اليها النساء في السويد لم تكن وليدة قرار من الرجل أو يقظة منه. فمنذ 35 سنة كان وضع المرأة هنا مشابه لوضع مثيلتها في بلدان أخرى، لكن مع الجهد المبذول على مدى عقود للحركات النسائية، استطاعت المرأة في السويد تذليل تلك الفروقات بين الجنسين وكسب تلك المساواة في القوانين. وذلك نتيجة ايمانها بتلك القضية المتعلقة بالمساواة، بخلاف المرأة في معظم البلدان العربية حيث لا تظهر هناك الاهتمام الكافي بمساواتها مع الرجل لاعتبارات عدة أبرزها دينية واجتماعية وغيرها.

منى كنعان

منى كنعان: ” ما زلنا نلتمس نظرة ناقصة في أعين المجتمع للمرأة”

لكن في المقابل، لا نستطيع الجزم 100% ان المرأة في السويد تقف على درجة متساوية مع الرجل، كما تقول الناشطة في حزب الاشتراكيين الديمقراطيين وعضو بلدية Eskilstuna منى كنعان، التي تضيف قائلة: ” ما زلنا الى الآن نلتمس نظرة ناقصة في أعين المجتمع للمرأة وعدم اعتبارها فرداً مماثلاً له”، وتعطي مثالاً لتلك النظرة غير المتساوية في المجتمع عبر طرحها مسألة اعطاء الرجل المريض احياناً، وبشكل غير مقصود، أولوية الدخول الى غرف المعاينة في اقسام الطوارئ قبل المرأة والقول إن السبب يعود لتحلي الاخير بصبر يفوق صبر المرأة!

ويمكن التأكيد على أن تقدم السويد ووصولها الى هذه المكانة الاقتصادية والسياسية المميزة هو نتيجة اعطاء المرأة حريتها واستقلالها المادي، الامر الذي يحيل الرجل عن استئثار القرار في المنزل نتيجة كونه المعيل الوحيد للأسرة كما هو حاصل في معظم البلدان العربية والذي يجعلها بالتالي فرداً تابعاً له.

وترى كنعان أن تلك النظرة تحتاج الى تغيير يبدأ من البنية التحتية للمجتمع كالمدارس والمؤسسات والبلديات، وهي كمسؤولة عن شؤون الثقافة والرياضة في بلدية المدينة، تؤكد حرصها على عدم اعطاء مميزات اضافية للرجال على حساب النساء في الرياضة، مثل اعطاء الفرق الرجالية الأولوية في أحقية استخدام الملاعب الرياضية لاجراء تمرينات لعبة كرة القدم، كما كان يحصل سابقاً.

ديما الحلوة

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.