فيضانات ليبيا

حكايات مفجعة.. ارتدادات كارثة ليبيا وصلت إلى سوريا!

: 9/20/23, 4:06 PM
Updated: 9/20/23, 5:12 PM
إعصار دانيال حصد مئات الأرواح بينهم سوريون
إعصار دانيال حصد مئات الأرواح بينهم سوريون

42 سوريا هو الرقم الموثق لعدد السوريين الذين قضوا جراء عاصفة “دانيال” في ليبيا.. رغم أن العدد قد يكون أكبر، إلا أن 42 ليس مجرد رقم بل يعني أكثر من 42 قصة لأشخاصٍ حاولوا البحث عن حياةٍ أفضل.على مدار السنوات الماضية غادر السوريون من جميع المناطق السورية إلى مناطق مختلفة من العالم بحثًا عن حياةٍ أفضل، فيما وصل بعضهم إلى مدينة درنة الليبية طلبًا للعمل وفرص حياةٍ أفضل.

بيد أنه وبعد كارثة إعصار “دانيال” الكارثية التي أحدثت دمارًا وجرفت أحياء بأكملها إلى البحر، أصبح العشرات منهم في عداد المفقودين، بينما يخشى أن يكونوا قد لقوا حتفهم.

تجاوزت حصيلة القتلى الـ11 ألفاً، وأكثر من 10 آلاف مفقود. وبعد 7 أيام على الكارثة، لا يزال الباحثون يحفرون في الطين والمباني المجوفة في درنة، بحثًا عن الجثث.

الضحايا أكثر مما هو معلن

رغم التحذيرات السابقة من أن الفيضانات تشكل خطرًا كبيرًا على السدود بدرنة، التي فيها نحو 90 ألف شخص في شمال شرق ليبيا، ورغم الدعوات المتكررة للصيانة الفورية للسدود خارج مدينة درنة، لم تستجب الحكومات المتعاقبة، في الدولة الشمال إفريقية التي تعاني انقسامًا سياسيًا وتعصف بها الفوضى، بينما تغرق ليبيا بمعظمها بالفوضى والفساد.

لكن الكارثة لم تطل الليبيين وحدهم/ فبحسب وكالة “أسوشيتد برس” أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقره بريطانيا، وهو مجموعة مراقبة الحرب، إنه تم التأكد من مقتل 42 سورياً في ليبيا في حين أن العدد الحقيقي قد يصل إلى 150.

وأضاف المرصد أن من بين الضحايا سوريون كانوا يعيشون ويعملون في ليبيا لفترة طويلة، إلى جانب مهاجرين سوريين كانوا يستخدمون ليبيا كنقطة عبور في جهودهم للوصول إلى أوروبا، في أغلب الأحيان عن طريق رحلات محفوفة بالمخاطر عبر البحر الأبيض المتوسط، في قوارب غير آمنة ينظمها المهربون.

من جانبه أكد مدير المرصد رامي عبد الرحمن، بحسب ما نقلته عنه وكالة “أسوشيتد برس” أنه لم يتمكن من التأكد من وجود ناجٍ واحد من بين 150 سورياً مفقودين في درنة منذ ليلة الأحد (17 سبتمبر/أيلول). لكن من الصعب الحصول على أرقام محددة في أعقاب الفوضى التي أعقبت الدمار.

لدينا أمل

قبل عامين، غادر عمار كنعان، نجل نسمة جباوي البالغ من العمر 19 عاماً، منزله في محافظة درعا جنوب سوريا، وتوجه إلى ليبيا حيث خطط للعمل وتوفير المال لدفع رسم للسلطات السورية يبلغ حوالي 8000 دولار يعفيه من الخدمة العسكرية الإجبارية.

آخر مرة تحدثت السيدة جباوي مع ابنها عمار كان بعد ظهر يوم الأحد، 10 أيلول/سبتمبر، وتقول السيدة جباوي لوكالة “أسوشيتد برس” إن عمار أخبرها أنه سيغلق محل الحلويات الذي يعمل فيه ويعود إلى منزله لأنه من المتوقع حدوث عاصفة قوية، لكن بعدها حاولت مراراً الاتصال به يوم الاثنين دون جدوى، بينما يُظهر حساب WhatsApp الخاص به أن آخر مرة كان فيها هاتفه متصلاً بالإنترنت كانت في حوالي الساعة 1:30 صباحًا يوم الاثنين.

وبينما تقول السيدة جباوي والدموع تخنقها: “لا يزال لدينا أمل”، أكد عم عمار الذي توجه إلى المبنى الذي يعيش فيه ابن شقيقه، صباح الثلاثاء 12 أيلول/سبتمبر، أنه وجد المبنى الذي يعيش فيه ابن أخيه قد جرفته المياه، وقال لوكالة “أسوشيتد برس”: “كل من كان بالداخل يعتبر ميتاً”.

العائلة بأكملها جرفتها المياه

رغم واقعها السياسي السيء، كانت ليبيا، بالنسبة لبعض السوريين، خيارًا للحصول على حياةٍ أفضل، إذ يمكن للسوريين الدخول بسهولة إلى ليبيا بتأشيرة سياحية والعثور على عمل، حيث أن الأجور أعلى مما يكسبه الكثيرون في وطنهم.

من بين هؤلاء كان زيد مرابح، 19 عاماً، الذي يوصل إلى ليبيا قبل عامين من مدينة حمص وسط البلاد وعمل نجاراً. يروي زيد لوكالة “أسوشيتد برس” عبر الهاتف من درنة كيف شاهد المياه تتدفق نحو مبناه ليلة الأحد 10 أيلول/سبتمبر.

ويقول: ” سمعت دوياً عالياً.. وكانت هذه هي اللحظة التي انهارت فيها السدود، بدأ منسوب المياه في الارتفاع، وركضت بسرعة نحو الأراضي المرتفعة- تل شيحا الشرقي القريب- ومن هناك رأيت الماء يدمر كل شيء تقريبًا في طريقه”.

عاد زيد صباح يوم الاثنين بعد أن انحسرت المياه للاطمئنان على عمه وأقاربه، ليجد أن المبنى الذي كانوا يعيشون فيه قد اختفى. ويقول زيد إن عمه عبد الإله مرابح وخالته زينب وابنتهما شهد البالغة من العمر سنة واحدة قد رحلوا، رغم أنه بحث بين الجثث الملقاة في شارعهم، ولم يتمكن من العثور على عائلة عمه.

صوت الفاجعة وصل دمشق

في العاصمة السورية دمشق، تلقى أفراد عائلة قلعجي، التعازي بأفراد أسرتهم الثمانية الذين قضوا في درنة، وقالت الأسرة في بيان إن فراس قلعجي (45 عاما) وزوجته رنا الخطيب وأطفالهما الستة سيدفنون في ليبيا.

وقال محمد خير قلعجي إن شقيقه فراس ميكانيكي سيارات يعيش في ليبيا منذ عام 2000، وأن لديه شقيقاً آخر، شادي، يعيش في درنة، نجا من الفيضانات رغم ابتلاعه كميات كبيرة من المياه، وأخبر شادي وكالة “أسوشيتد برس” أن شقيقه شادي لم يتمكن إلا من العثور على جثتي أخيه وإحدى بنات أخيه، بينما لا تزال جثث البقية مفقودة.

ويضيف محمد أن شقيقه فراس، وقبل ثلاث ساعات من العاصفة، أجرى وعائلته مكالمة فيديو مع والدته وأخواته في دمشق وبدأوا في تلاوة آيات من القرآن الكريم، وقال لأمه: “سامحيني يا أمي”.. “كان الأمر كما لو أنه أشعر بأن شيئاً ما على وشك الحدوث”، يقول محمد.

بينما تتشابه قصة محمد مع قصة غنى القاسم التي تروي لوكالة “أسوشيتد برس” قصة ابن أخيها، هاني تركماني، الذي كان طبيب أسنان وصل إلى درنة منذ حوالي تسعة أشهر “لتحسين حياته”، وتمكن أقاربه من أن يجدوا له عملاً بليبيا، لكن بعد انحسار مياه الفيضانات، ذهب أبناء عمومته الذين نجوا من المأساة للبحث عنه، فوجدوا شقته كانت مليئة بالمياه والطين، لكن وجود ثقب كبير في الجدار أنعش آمالهم في احتمال هروبه من المبنى أو إخراج عمال الإنقاذ منه، على حد قول القاسم، التي أضافت: “إن شاء الله”.

مهاجر نيوز 2023

ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية و DW

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.