حلم العيش على المعونات الاجتماعية وواقع الحياة الجديدة في السويد

: 4/6/13, 7:37 PM
Updated: 4/6/13, 7:37 PM
حلم العيش على المعونات الاجتماعية وواقع الحياة الجديدة في السويد

الكومبس- تحقيقات: للمهاجرين الى السويد قصصهم المختلفة. منهم من يلجأ اليها بحثاً عن الأمن والسلامة، ومنهم من يبني فكرة هجرته على أساس انه سيتمكن من العيش في بحبوحة، وان أبواب الحياة المُترفة، ستُفتح أمامه، دون ان يُضطر الى العمل او يندى له جبين، فالدولة في نظر هذه الشريحة، ستؤمن لهم المساعدات الإجتماعية التي توفر كل متطلبات الحياة الرغيدة دون ان تطالبهم بشيء. فهل الأمر كذلك حقاً؟

الكومبس – تحقيقات : للمهاجرين الى السويد قصصهم المختلفة. منهم من يلجأ اليها بحثاً عن الأمن والسلامة، ومنهم من يبني فكرة هجرته على أساس انه سيتمكن من العيش في بحبوحة، وان أبواب الحياة المُترفة، ستُفتح أمامه، دون ان يُضطر الى العمل او يندى له جبين، فالدولة في نظر هذه الشريحة، ستؤمن لهم المساعدات الإجتماعية التي توفر كل متطلبات الحياة الرغيدة دون ان تطالبهم بشيء. فهل الأمر كذلك حقاً؟

لاشك فيه، أن السويد هي من الدول المتميزة حتى الآن في تقديم الرعاية الإجتماعية والمساعدات للقادمين الجدد، التي تشمل السكن والمأكل والملبس والكهرباء والماء والرعاية الصحية، مقابل برنامج لتعليم اللغة والدخول الى سوق العمل، لكن مما لاشك فيه أيضا، أن القيود والتشديدات على شروط منح المساعدات الإجتماعية في تزايد مستمر.

يقول المسؤول في دائرة المساعدات الإجتماعية ببلدية ستوكهولم خالد عبدالواحد لـ " الكومبس " : " إن التشديدات في منح الإعانات المالية، التي تُصرف من قبل قسم المساعدات الإجتماعية في مجالس البلديات، تزداد تعقيداً يوم بعد يوم، وان السياسة المرنة التي كانت تتبعها السويد في السابق بهذا المجال، تغيرت كثيراً، ولم تبق على حالها".


خالد: اللجوء الى طلب المعونات الإجتماعية، يجب ان يكون آخر شيء يفكر فيه المهاجر، عندما تنعدم لديه كل الفرص التي يمكن من خلالها، تحقيق إستقلاله الإقتصادي، سواء بالبحث عن فرص عمل او التدريب العملي

ويبينّ عبدالواحد " ان اللجوء الى طلب المعونات الإجتماعية، يجب ان يكون آخر شيء يفكر فيه المهاجر، عندما تنعدم لديه كل الفرص التي يمكن من خلالها، تحقيق إستقلاله الإقتصادي، سواء بالبحث عن فرص عمل او التدريب العملي او الإنخراط في البرامج والشهادات التي توفرها مكاتب العمل".

ويقول إنه " يجري بحث كل طلب مساعدة، يُقدم الى قسم المعونات الإجتماعية ( السوسيال ) في المجلس البلدي على حدة وبشكل دقيق، وعلى ضوء ذلك يتم الإقرار بالصرف من عدمه".

وتمتاز السويد دون غيرها من البلدان الأوربية المانحة للجوء، بسياسة هجرة مرنة، تساعد طالب اللجوء، الحاصل على حق الإقامة، على تأسيس حياته بإنسيابية واريحية، وربما هذا ما يستقطب اليها المهاجرين من كل حدب وصوب، مميزين إياها عن بقية الدول، رغم الأجواء القاسية المعروفة عنها، غير ان عبد الواحد، يؤكد ان تلك المرونة التي كانت تعتمدها السويد في منحها للإعانات الإجتماعية، كانت في الماضي، ولم يعد لها وجود الآن.

أم سمر، سيدة تعيش مع عائلتها في السويد، وكغيرها من المهاجرين، أعتمدت في البداية على المعونات الإجتماعية في معيشتها عندما وصلت البلد في العام 2006، لكنها بعد ذلك، نجحت في إيجاد عمل لها، لتفقده بعد أشهر، ما اضطرها لطلب المعونة المالية مجدداً.

تقول أم سمر لـ "الكومبس" إنها واجهت صعوبات بعد خسارتها لعملها حتى تمكنت من الحصول على الإعانة الإجتماعية، وذلك بعد ان وجه مسؤولها في مكتب العمل، رسالة الى قسم الإعانات الإجتماعية، أوضح فيها انها جربّت كل المحاولات في العثور على عمل او تدريب، يوفر لها دخلاً، تعتاش عليه هي وعائلتها، لكنها لم تنجح في ذلك.

2012-07-05 17.47.45(1).jpg

خالد عبد الواحد

المرض ليس عائقاً!

يقول عبد الواحد إن قوانين الإعانة الإجتماعية، تحتم على الشخص القادر على العمل، إثبات محاولاته في البحث عن وظيفة، مشيراً الى وجود أشخاص في بلدية ستوكهولم وبلديات المحافظات الأخرى، يساعدون في هذا المجال. اما الشخص الذي يعاني من مرض او إعاقة، تمنعه من العمل، فعليه أن يقدم شهادة طبية واضحة، تثبت حالته المرضية. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل يجري دراسة الشهادة الطبية المقدمة، برّوية وتمعن، ومعرفة الطبيب المعالج، وهذه اجراءات لم يكن معمول بها في السابق.

وبينّ عبد الواحد ان الشهادات الطبية التي يتم تقديمها في هذا المجال، لا يؤخذ بها لأمد بعيد، بل يجري تحويل قسم منها الى صندوق التأمينات الإجتماعية Försäkringskassan، كما يجري إعادة تأهيل المرضى، وتسهيل دخولهم في سوق العمل من جديد وبشكل تدريجي، وكلاً حسب وضعه الصحي.

الحد الأدنى للمعيشة

يعيش أبو محمد وعائلته، المؤلفة من أربعة اشخاص، على الإعانة الإجتماعية، فهو لم يتمكن من الحصول على عمل، رغم محاولاته الكثيرة في ذلك.

يقول أبو محمد لـ "الكومبس" إن ما يستلمه شهرياً، بالكاد يكفي لسد الحاجات الأساسية، وأن عليه في كل شهر، ان يدرس ميزانيته بشكل جيد، ويضع خطة إقتصادية، تمكّنه من سداد فواتيره وتأمين مبلغ، يوفر له الحاجات اليومية الأساسية. وأمور كالسفر مثلاً، سواء كان داخل السويد او خارجها، تقع خارج نطاق ما تتحمله ميزانية أبو محمد.

ويتفق عبد الواحد، المسؤول في بلدية ستوكهولم مع أبو محمد في ان المعونات الإجتماعية التي يحصل عليها المهاجر، لا توفر له غير الحد الأدنى للمعيشة، وان الدخل الذي يحصل عليه لا يضمن له الحياة الرغيدة، بل يمكنه فقط تأمين متطلباته الضرورية لا أكثر ولا أقل.

eb950c7b99b642d26820671be5dc381c.JPG

إعمل في السويد كأنك لن تغادرها أبداً!

ومن خلال عمله وتجربته الطويلة مع المهاجرين، يشير عبد الواحد الى نقطة مهمة، وهي أن الكثير من المهاجرين، يأتون الى السويد، لغرض جمع المال ومن ثم الرجوع الى بلدهم، حيث يعتبرون وجودهم في السويد وقتياً، لكن الواقع الذي يجدون أنفسهم فيه بعد ذلك، يقول غير ذلك.


ينصح عبد الواحد جميع المهاجرين أن يبنوا فكرة وجودهم بالسويد على أساس بقاءهم فيها الى الأبد، حتى وأن كان الأمر غير ذلك، وأن يحاولوا قدر الإمكان البحث عن عمل رسمي

ويوضح أن ما يحصل هو أن الأعوام تمر مسرعة كالبرق، لا يحس بها الفرد، والنتيجة أن من يفكر بهذه الطريقة، يفقد شوطاً جيداً من عمره، دون أن يحصل على فرصة عمل جيدة، تكفل له الولوج بالمجتمع والإندماج به بشكل أسرع، وتضمن له العيش برفاهية.

ويرى ان لا فائدة مرجوة من العمل بشكل غير رسمي (العمل بالأسود)، فبالإضافة الى أن هذا النوع من العمل لا يدر أرباحاً مادية جيدة، تؤمن لصاحبها الحياة الرغيدة التي يتمناها كل فرد، فأنه سيحرم من الكثير من الضمانات والحقوق التي يمكن الحصول عليها بالسويد في حال العمل بشكل رسمي، كما ستنعدم فرصه في الحصول على التأمينات في حال تعرض الشخص لمكروه.

وينصح عبد الواحد جميع المهاجرين أن يبنوا فكرة وجودهم بالسويد على أساس بقاءهم فيها الى الأبد، حتى وأن كان الأمر غير ذلك، وأن يحاولوا قدر الإمكان البحث عن عمل رسمي (عمل ابيض)، يضمن لهم حقوقهم، ويكفل لهم راتباً تقاعدياً في أي بقعة كانوا من العالم.

تحقيق : لينا سياوش

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.