ألمانيا

حوداث العنف تتزايد في مسابح برلين.. واتهامات للمهاجرين

: 7/23/23, 8:29 PM
Updated: 7/24/23, 8:57 AM
عدد كبير من سكان ألمانيا يقصدون المسابح المفتوحة للانتعاش في ظل حرارة الصيف
عدد كبير من سكان ألمانيا يقصدون المسابح المفتوحة للانتعاش في ظل حرارة الصيف

الكومبس – أوروبية: بعد عدة حوادث عنف، قررت برلين تعزيز الإجراءات الأمنية في مسابحها المفتوحة مثل فرض إبراز بطاقات الهوية الشخصية. وتثير قضية العنف جدلًا واسعاً، خصوصاً مع استغلال اليمين الشعبوي مشاركة أشخاص من أصول مهاجرة في تلك الحوادث.

لم يكد يمر أسبوع على بدء فترة العطلة الصيفية المدرسية في ألمانيا، حتى أصبحت المسابح المفتوحة في برلين محل جدل سياسي واسع. فبعد حوادث عنف توجب على زوار المسابح إبراز بطاقات الهوية الشخصية والخضوع لفحص حقائب من قبل فرق من حراس الأمن المعينين حديثاً.

واتُخذت التدابير الجديدة، ومنها تخصيص وحدات متنقلة للشرطة، من قبل عمدة برلين المنتخب حديثاً كاي فيغنر المنتمي للحزب المسيحي الديمقراطي المحافظ ، بعد سلسلة من حوادث العنف في المسابح. وقال فيغنر في مؤتمر صحفي، يوم 13 يوليو، في مسبح “برنتسباد” (مسبح الأمراء) المفتوح الذي يقع في منطقة كرويتسبيرغ “لا نريد مساحات بدون قانون”.

لكن الزوار في المسبح بدوا غير مقتنعين بأن الإجراءات الجديدة ستفعل الكثير لتحسين الوضع. وقال رجل في منتصف العمر معه طفلان “لا أعرف ما إن كان ذلك سيساعد على الإطلاق”، وأضاف “لم أواجه أي مشاكل في أي مسابح. في بعض الأحيان يكون هناك بعض الشغب بين الشباب، لكن هذا طبيعي”. من جهتهما قال شابان في أوائل العشرينات من العمر لـ DW: “لا نعرف ما الذي ستغيره الإجراءات الجديدة، لم نشعر أبداً بعدم الأمان في المسبح”.

موظفو المسابح محبطون

أغلقت الشرطة مسبح “كولومبياباد” المفتوح في منطقة نويكولن الواقعة جنوب برلين، بعد شجار في أوائل يوليو. وظل المسبح مغلقاً في الأسبوع التالي بدعوى مرض العديد من العاملين فيه. وفي رسالة إلى إدارة هيئة المسابح المحلية في برلين بتاريخ 13 يونيو، اطلعت عليها صحيفة “تاغسشبيغل” البرلينية، قالت الإدارة إن العاملين يتعرضون بانتظام لاعتداءات لفظية وجسدية، بما فيها البصق والشتائم.

وذكرت الرسالة أن “نطاق الحوادث وصل إلى درجة لا تُطاق” وأن العاملين والزوار، لا سيما الأشخاص المتحولين جنسياً والمثليين، يتعرضون بشكل متزايد للتهديد بالعنف. وتظهر بيانات من شرطة برلين أنه تم الإبلاغ عن 57 جريمة عنف في المسابح المفتوحة بالعاصمة برلين في العام 2022. كما تم منع نحو 1300 شخص من دخول هذه المسابح في السنوات الخمس الماضية، بينما بلغ عدد من تم منعهم منذ بداية العام الجاري 25 شخصاً، وهو رقم يماثل من تم منعهم العام الماضي.

دعوات لـ”العدالة السريعة”

في أعقاب الأحداث الأخيرة، دعا الأمين العام الجديد للحزب المسيحي الديمقراطي كارستن لينيمان إلى مقاضاة مرتكبي أعمال العنف في نفس يوم ارتكابها. وقال لينيمان لصحيفة “بيلد أم زونتاغ” واسعة الانتشار “يجب على أي شخص يهاجم الناس في مسبح مفتوح وقت الغداء أن يخضع للمحاكمة في المساء، حتى في عطلة نهاية الأسبوع”. وأضاف “العائلات التي لا تستطيع تحمل تكاليف إجازة أو بناء مسبح في فناء منزلها الخلفي تصبح مضطرة لمشاهدة شباب، غالباً من أصول مهاجرة، يمارسون العنف في المسبح المفتوح”، وذلك في محاولة لإلقاء اللوم على المهاجرين، وهو تكتيك مشابه لذلك الذي يستخدمه أيضاً حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي المناهض للهجرة، والذي يتقدم في استطلاعات الرأي الحالية ويأتي في المرتبة الثانية لأكثر الأحزاب شعبية في البلاد.

لكن المتحدثة باسم السياسة القانونية للحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار وسط)، سونيا آيشفيده، رفضت الاقتراح ووصفته بأنه “شعبوي بحت”، وقالت إنه “فشل في الاعتراف بمبادئ سيادة القانون”. وانتقدت جمعية القضاة الألمان أيضاً تصريحات لينيمان. وصرح سفين ريبين، المتحدث باسم الجمعية لصحيفة “تاغشبيغل” “الأمر ليس مقنعاً كثيراً عندما يدعو السياسيون إلى حكم قوي للقانون وبشكل حازم يوم عطلة الأحد، لكنهم لا يفعلون الكثير حيال المشكلة من الإثنين إلى السبت”.

عمدة برلين كاي فيغنر سبق أن حاول تحقيق محاكمة سريعة لمتظاهري المناخ هذا العام، لكنه فشل في ذلك، إذ رفض قاضٍ الطلب على أساس الحاجة إلى مزيد من الوقت لفحص تفاصيل القضية.

“العدالة بطيئة لسبب وجيه”

وقال فولكر بوهمه-نيسلر، أستاذ القانون العام في جامعة أولدنبورغ إن تطبيق نظام “العدالة السريعة” للمتهمين بالعنف في المسابح المفتوحة ليس بالأمر السهل. وأوضح الخبير القانوني لـ DW “لدينا حكم القانون، وحكم القانون النموذجي هو أن على المحكمة أن تنظر في القضية عن كثب قبل أن تصل إلى حكم”، مضيفاً “العدالة بطيئة لسبب وجيه للغاية، لأن إصدار الحكم يتطلب فحصاً دقيقاً وسماع أكبر عدد ممكن من الشهود”.

تُمنح المحاكمات السريعة في بعض الأحيان بموجب القانون الألماني، ولكن في ظروف محدودة للغاية فقط. أحد المتطلبات هو أن تكون وقائع الموقف والأدلة واضحة تماماً، وشرط آخر هو أن تكون العقوبة المتوقعة هي أقل من سنة في السجن. يقول بوهمه-نيسلر “ومع ذلك، إذا تشاجر 20 شاباً بطريقة ما في حمام السباحة وقاتلوا بعضهم، عندها يصبح الأمر معقداً.. لا توجد طريقة يمكن من خلالها إجراء محاكمة سريعة”.

الاستثمار في التدريب على إدارة الأزمات

يرى توماس بليزينر، الخبير في جرائم الأحداث في معهد أبحاث علم الجريمة في ساكسونيا السفلى، أنه ينبغي توقع حدوث مناوشات وصخب من حين لآخر في المسابح المفتوحة، حيث توجد كثافة عالية من الشباب في منطقة صغيرة.
ويعتقد بليزينر أنه لا يوجد دليل على أن التهديد بملاحقة قضائية سريعة سيجدي نفعأً كرادع. ويوضح “نحن نعلم أن التهديد بالعقاب ليس له أي تأثير على مجرمين محتملين”، ويضيف “هناك ديناميكية خاصة لهذه الجرائم.. وبعد ذلك إذا فشلت المحاكمة يمكن أن يكون لها تأثير معاكس إذا لم يتم تحميل أي شخص المسؤولية – فهذا سيشجع (الناس) على ارتكاب المزيد من الجرائم”.

ومن وجهة نظر بليزينر، سيكون من الأفضل الاستثمار في تدريب طواقم المسابح على إدارة الأزمات، ويتابع “القدرة على فرض حظر الدخول عندما يكون واضحاً من فعل ذلك، وهذا من شأنه أن يعزز سلطة الأفراد أيضاً”.

حوادث العنف وتوظيفها من قبل اليمين الشعبوي

حوادث العنف في المسابح الألمانية ليست جديدة، ويستغلها اليمين الشعبوي، عندما يكون من بين مرتكبيها أشخاص من أصول مهاجرة، للترويج لموقفه المعادي للهجرة. ففي منتصف عام 2017 مثلاً، فرض مسبح “راينباد” في مدينة دوسلدورف على الزوار إظهار بطاقة الهوية عند المدخل، وذلك بعد 3 حوادث مقلقة داخل المسبح خلال شهر. إذ قام حوالي 60 شاباً، جميعهم من أصول “شمال أفريقية”، بحسب الشرطة، باحتكار مرافق داخل المسبح المفتوح لأنفسهم ومنع وصول باقي الزوار الآخرين إليها. وعندما حاول موظفو المسبح التدخل، تعرضوا للتهديد من قبل هؤلاء الشباب. وقتها أيضاً عمل حزب البديل اليميني الشعبوي على استغلال تلك الحوادث لصالحه.

الحوادث لا تقتصر على ألمانيا

وتحصل حوادث العنف في المسابح المفتوحة في دول أوروبية أخرى أيضاً. فقد تم الإبلاغ عن حوادث مماثلة مؤخراً في فرنسا وبلجيكا وهولندا وكان رد فعل السلطات مشابهاً. في مدينة تيرنوزن الهولندية القريبة من الحدود البلجيكية، أدخلت السلطات عمليات التحقق الإلزامية من الهوية، ومنعت دخول زوار من خارج المنطقة، كما زودت العاملين بكاميرات محمولة على الجسم. وفي مسبح بفرنسا أيضاً تم تعزيز الإجراءات الأمنية بعد شجار شارك فيه بين 40 و50 شاباً، إذا تم ربط دخول الأطفال واليافعين بوجود مرافق بالغ.

وبالعودة إلى برلين، تريد مفوضة البيانات في برلين مايكه فحص ما إذا كانت الإجراءات الأمنية الجديدة – بما في ذلك عمليات التحقق الإلزامية من الهوية – متوافقة مع قانون حماية البيانات في البلاد.

هيلين ويتل

ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية وDW

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.