خبراء: صعود المتطرف بالودان مرتبط بسياسة الهجرة المشددة

: 4/22/22, 7:13 AM
Updated: 4/22/22, 10:56 AM
خطط سياسي يميني متطرف لحرق القرآن أثارت أعمال شغب في العديد من المدن السويدية
خطط سياسي يميني متطرف لحرق القرآن أثارت أعمال شغب في العديد من المدن السويدية

“تصوير السويد وكأنها بلد للمهاجرين العنيفين أصبح خطاباً شائعاً الآن”

الكومبس – ستوكهولم: لفتت أعمال العنف في السويد مؤخراً الانتباه مجدداً إلى متطرف غير معروف يسعى لإبراز نفسه عبر استفزاز المهاجرين والمسلمين. ويرى خبراء أن صعوده يأتي بسبب تصلب المواقف تجاه المهاجرين.

ووجه إعلان اليميني المتطرف راسموس بالودان تنظيم سلسلة من التجمعات في جميع أنحاء السويد، الأسبوع الماضي، لإحراق نسخ من المصحف، برد فعل شديد. وقوبلت مسيراته الأولى باحتجاجات مضادة تصاعدت إلى أعمال عنف واشتباكات في عدة مدن أسفرت عن حرق سيارات وممتلكات وإصابة عدد من أفراد الشرطة والمتظاهرين.

حكومات عدة في الشرق الأوسط أدانت تجمعات حرق المصحف في السويد. فيما قالت الشرطة السويدية الإثنين الماضي إن بعض المتظاهرين المتورطين في أعمال الشغب والمشتبه بأنهم وراء اندلاع أعمال العنف، مرتبطون بعصابات إجرامية تستهدف الشرطة والمجتمع السويدي. وفي مقابلة مع “أفتونبلادت الأحد الماضي وصف وزير الداخلية مورغان يوهانسون، بالودان بأنه “أحمق يميني متطرف، هدفه الوحيد هو إثارة العنف والانقسامات”.

تأجيج العنف لتحقيق مكاسب سياسية

وفي بيان نشره حزبه “شترام كورس” (الخط المتشدد) على فيسبوك، قال بالودان خلال عطلة نهاية الأسبوع إنه قرر إلغاء المظاهرات في مدينتي لينشوبينغ ونورشوبينغ، شرق السويد، اللتين شهدتا اشتباكات، مبرراً ذلك بأن أفراد الشرطة السويدية “أظهروا أنهم غير قادرين على الإطلاق على حماية أنفسهم وحمايتي”.

يرى البعض أن الاضطرابات التي استمرت لأيام خدمت بالودان، الذي سبق لحزبه المتشدد أن خاض الانتخابات الأخيرة في الدنمارك في 2019 بالاعتماد على برنامج مناهض للإسلام، لكنه لم يصل إلى عتبة 2 بالمئة المطلوبة لدخول البرلمان. ويبدو أن بالودان يركز اهتمامه الآن على السويد المجاورة، حيث يخطط الرجل البالغ من العمر 40 عاماً، والذي يحمل جنسية مزدوجة، لخوض الانتخابات البرلمانية في سبتمبر المقبل.

يقول أستاذ السياسة في جامعة أبردين في اسكتلندا، أندرس ويدفيلدت لـDW “هذا بالضبط نوع الدعاية ورد الفعل العنيف الذي يريده بالودان حتى يتمكن من الإشارة لذلك، ويقول: هذا يظهر نوع المجتمع الذي أنشأته السويد من خلال التراخي الشديد بشأن الهجرة”.

من هو راسموس بالودان؟

ويضيف ويدفيلدت، الذي أجرى أبحاثاً عن الحركات اليمينية والشعبوية في الدول الاسكندنافية، أن بالودان استخدم في السابق نفس الطريقة في الدنمارك. فقد نظم احتجاجات مناهضة للمسلمين قام فيها بحركات مستفزة لهم بإلقاء كتاب ادعى أنه المصحف في الهواء وتركه يسقط على الأرض أو لف كتاب قال إنه المصحف بلحم خنزير مقدد، وذلك غالباً في أحياء يسكنها عدد كبير من المهاجرين.

اكتسب بالودان، وهو محامي نشأ في الدنمارك، سمعته المثيرة للجدل لأول مرة من خلال سلسلة من مقاطع الفيديو على الإنترنت أدلى فيها بتعليقات مهينة للإسلام وأتباعه وكذلك للسود، وواجه الناس بآرائه في الأحياء التي يتركز فيها المهاجرون. يقول ويدفيلدت “يرى بالودان أن هذا احتجاج مشروع ضد ما يعتقد أنه أيديولوجية شريرة”، ويضيف “وهذا يرتبط بالمناقشات الجارية في الدنمارك والسويد حول المدى الذي يمكن أن تصل إليه حرية التعبير وما يعتبر نقداً مشروعاً وما يرقى إلى الاستفزاز غير المشروع”.

في العام 2020، أحرق أنصار بالودان مصحفاً في مالمو، ما أثار احتجاجات عنيفة. مُنع بالودان من دخول بلجيكا لمدة عام، ومن السويد لمدة عامين وطُرد من فرنسا بعد أن أشار إلى نيته حرق مصحف في باريس. أدين بالودان وحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ في الدنمارك في يونيو 2020 بسبب سلسلة من الجرائم بما في ذلك العنصرية والتشهير. ونتيجة لذلك، تم فصل المحامي لمدة ثلاث سنوات.

وقال ويدفيلدت “حركته المتطرفة تركز على قضية واحدة فقط وهي حظر الإسلام وترحيل جميع المسلمين”، ويضيف “اتباع هذه السياسة سيكون بمثابة تطهير عرقي”.

تصلب المواقف تجاه المهاجرين

يرى خبراء أنه يجب النظر إلى صعود متطرفين مثل بالودان في السياق الأوسع المتمثل في المواقف المتشددة تجاه المهاجرين في كل من الدنمارك والسويد منذ أزمة الهجرة في 2015 و 2016، عندما فر أكثر من مليون شخص من إفريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا. وصل الآلاف إلى البلدين الاسكندنافيين، حيث استقبلت السويد، التي يبلغ عدد سكانها نحو 10 ملايين نسمة، أكبر عدد من اللاجئين بالنسبة لعدد السكان مقارنة بأي دولة أوروبية أخرى.

يقول أندش هيلستروم، المتخصص في الحركات القومية والشعبوية والمحاضر البارز في جامعة مالمو، لـ DW “لدينا وضع أصبح فيه السكان أكثر تنوعاً. وفي الوقت نفسه، هناك كثير من عنف العصابات في السويد”، ويضيف “هذا الاستخدام المجازي للربط بين الجريمة والهجرة وتصوير السويد على أنها مكان للمهاجرين العنيفين – كما يفعل بالودان – أصبح الآن خطاباً شائعاً. ووسائل الإعلام الروسية التي ترعاها الدولة تروج له منذ فترة طويلة”.

في عام 2017، أدلى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بتصريح مثير للجدل حول السويد مشيراً إلى أن تاريخ السويد في الترحيب باللاجئين كان السبب الجذري لهجوم عنيف لم يحدث في السابق (هجوم الشاحنة في دروتنينغاتان). في ذلك الوقت، أثار ذلك غضباً في السويد، لكن الخبراء يقولون إن هذا الارتباط أصبح “مقبولاً” الآن على نطاق واسع.

تعميم للتطرف

شجعت ردة الفعل العنيفة ضد الهجرة صعود الشعبوية اليمينية حتى أن الأحزاب الرئيسية أصبحت تلتقط نقاط اليمين المتطرف وتتخذ موقفاً أكثر صرامة تجاه المهاجرين. فقد أوضحت انتخابات الدنمارك لعام 2019 أن أجندة حزب الشعب الدنماركي اليميني المتطرف المناهضة للهجرة تم تبنيها من قبل العديد من الأحزاب الرئيسية في اليسار واليمين.

وفي السويد، يسعى حزب “ديمقراطيي السويد” (SD) اليميني المتطرف، وهو حزب مناهض للهجرة يتهم بأنه يستمد أفكاره من النازيين الجدد، لدخول الحكومة في انتخابات سبتمبر المقبلة. ويريد الحزب أن يرحل كثير ممن حصلوا على حق اللجوء في السويد في السنوات الأخيرة. ويصف الحزب انتشار الإسلام بأنه “أكبر تهديد” للبلاد.

يقول هيلستروم “كانت أحزاب مثل (ديمقراطيي السويد) هامشية ذات يوم، تحاول جميعاً استقطاب الرجل العادي والقول “نحن طبيعيون جداً”، ويضيف “لذلك نحن نشهد تعميماً للتطرف حيث أصبح من الطبيعي التحدث عن المسلمين والمهاجرين بطريقة كان سيتم اعتبارها متطرفة قبل عقدين من الزمن. لأن شخصاً مثل بالودان يحتاج إلى العثور على رسالة أكثر تطرفاً حتى يتم سماعها”.

ليس كل شيء سيئاً!

بالنسبة لمستقبل راسموس بالودان السياسي في السويد، يشير الخبراء إلى أنه ليس لديه حتى الآن عدد التواقيع اللازمة لتأمين ترشيحه. ولدى السويد عتبة أعلى لدخول البرلمان، مقارنة بالدنمارك، تبلغ 4 بالمئة. ويرى ويدفيلدت أن جهود بالودان لبناء منصة سياسية في السويد عانت من انتكاسة بعد ما كشفت عنه إحدى الصحف الدنماركية بأنه شارك في محادثات جنسية مع فتيات صغيرات. وادعى بالودان أن ذلك كان “مزاحاً بريئاً”.

ويعتقد البعض أنه من المهم اتخاذ نظرة أكثر واقعية للتطورات في السنوات الأخيرة. يقول هيلستروم “منذ 2015، لدينا استقطاب شديد في المجتمع. ولكن لدينا قوى رجعية وتقدمية. لديك راسموس بالودان ولكن لديك أيضاً غريتا تونبيري وحركة ” Friday forFuture” (أيام الجمعة من أجل المستقبل)، وهناك تقارير عن اندماج المهاجرين في سوق العمل”. ويضيف “من المهم أن تكون لديك صورة دقيقة ولا تصدق أن كل شيء ضائع”.

سونيا فالنيكار

ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية وDW

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.