الكومبس – أخبار السويد: تحول مطلب حزب الاشتراكيين الديمقراطيين بإلغاء خصم الغياب المرضي (karensavdrag)، إلى إحدى القضايا الساخنة في الحملة الانتخابية السويد، بعد مناظرة محتدمة جمعت وزيرة التأمينات الاجتماعية آنا تينيي من المحافظين، والمتحدث في السياسة العمالية باسم الاشتراكيين أردالان شكرابي، تبعتها مواقف تصعيدية من الجانبين.

الاشتراكيون: الخصم غير عادل

وقال شكرابي خلال المناظرة في برنامج Agenda على التلفزيون السويدي (SVT) إن “خصم الغياب المرضي غير عادل”، في إشارة إلى أن العاملين في المهن المكتبية غالباً ما يمكنهم العمل من المنزل عند الشعور بالتعب، وبالتالي يتجنبون الخصم من الراتب، فيما لا يستطيع العاملون في المهن العملية كالشرطة والممرضين والسائقين والنظافة التمتع بهذه الميزة.

وأظهر تقرير أعده أن الخصم المرضي يمثل قضية طبقية وجندرية في الوقت ذاته. ففي عام 2023، خضع 65 بالمئة من النساء العاملات في المهن اليدوية للخصم المرضي، مقارنة بـ43 بالمئة فقط من الرجال العاملين في الوظائف المكتبية.

المحافظون: الإلغاء يزيد الغياب والتكاليف

من جانبها، ردّت الوزيرة تينيي بالقول إن إلغاء الخصم المرضي في السابق أدى إلى زيادة ملحوظة في نسب الغياب عن العمل. واستشهدت بما حدث في عام 1987، عندما ألغت حكومة إنغفار كارلسون الاشتراكية الخصم، فارتفع عدد أيام الغياب القصير (1–2 يوم) بنسبة تزيد على 30 بالمئة.

وخلال النقاش، استشهدت تينيه بتجربة النرويج التي ألغت الخصم، قائلة إن النرويجيين رغم كونهم أكثر صحة من السويديين فإنهم يتغيبون عن العمل بشكل أكبر.

لكن مقدمة البرنامج كاميلا كفارتوفت ذكّرت بأن دولاً أخرى مثل فنلندا والدنمارك لا تطبق الخصم المرضي، ورغم ذلك فإن معدلات الغياب فيها أقل من السويد.

نقاش قديم يتجدد بين الاشتراكيين والمحافظين

كما حذّر رئيس الوزراء المحافظ السابق كارل بيلد النقاش من إعادة إلغاء الخصم، مشيراً إلى أن ذلك أدى سابقاً إلى ارتفاع معدلات الغياب عن العمل، واصفاً السويديين آنذاك بأنهم “أصبحوا أكثر شعوب أوروبا مرضاً”.

ورد رئيس الوزراء الاشتراكي السابق إنغفار كارلسون نفسه على هذه التصريحات من خلال منشور على فيسبوك، قال فيه إن المحافظين لا يدركون أن سوق العمل تغيّر كثيراً منذ ذلك الحين، وأن الخصم الحالي بات يضرب بشكل غير عادل.

وتبع المناظرة نفسها مواقف تصعيدية لأبرز وجوه الحزبين عبر وسائل التواصل، حيث دعم وزراء محافظون موقف تينيي الرافض لإلغاء الخصم الضريبي، فيما أكد القادة الاشتراكيون على ضرورة إلغائه، وسط هجوم متبادل بين الحزبين.

وزيرة الخارجية تدعم موقف حزبها وتهاجم الاشتراكيين

محلل: صراع بين يمين ويسار يصب في مصلحة الحزبين

واعتبر المحلل السياسي أوسين كانتويل في صحيفة أفتونبلادت إن الاشتراكيين الديمقراطيين مستعدون للدخول في صراع سياسي حول الخصم المرضي، في خطوة تعكس عودة نادرة لمطلب إصلاحي حقيقي، بعد سنوات اتسمت فيها سياسات الحزب بتقليد أحزاب اتفاق تيدو والسعي لعدم إثارة استياء الطبقة الوسطى.

وأشار إلى أن الحزب الذي كان وراء العديد من الإصلاحات الكبرى في السويد، كإقرار نظام التقاعد والإجازات المرضية والسنوية، لم يعد في الفترة الأخيرة يطرح رؤى جديدة، لكن عودة النقاش حول الخصم المرضي أطلقت من جديد مواجهة تقليدية بين اليسار واليمين.

قادة الاشتراكيين أطلقوا حملة لإلغاء خصم الغياب المرضي

ورأى كانتويل أن هذا الصراع يختلف تماماً عن الثرثرة المستمرة حول القيم السويدية وكيف يمكن التضييق على المهاجرين بأذكى طريقة، وهي المواضيع التي وصفها بأنها “تفاهات” تملأ أجندات كثير من السياسيين، واعتبر أنها تصب في مصلحة رئيس حزب ديمقراطيي السويد (SD) جيمي أوكيسون.

وفي ختام تحليله، عبّر كانتويل عن اعتقاده بأن كلا الحزبين الكبيرين في السويد سيستفيدان من حملة انتخابية تتركز حول القضايا الاقتصادية بدلاً من الانشغال بالصراعات الثقافية.