الكومبس – أخبار السويد: انتقدت قيادات بارزة في حزب الاشتراكيين الديمقراطيين قرار الحكومة السويدية بوقف دعم وكالة الأونروا، واعتبرته “وصمة عار” في وقت يواجه فيه سكان غزة كارثة إنسانية. وقالوا إن موقف الحكومة تجاه أونروا والانتهاكات الإسرائيلية في غزة يُمثّل تراجعاً خطيراً عن مبادئ القانون الدولي ويقوّض دور السويد كقوة إنسانية على الساحة العالمية.

وفي مقال مشترك نُشر في صحيفة Svenska Dagbladet، قال الموقعون على المقال، وهم رئيسة الحزب مجدلينا أندرشون ورئيس الوزراء الأسبق ستيفان لوفين، ووزيرا الخارجية السابقان يان إلياسون ومارغوت فالستروم، إن الحكومة الإسرائيلية تقوّض فرص السلام والأمن الدائمين من خلال سياساتها الحالية، فيما تقف الحكومة السويدية موقف المتفرج.

واستشهد الكتّاب بكلمات رئيس الوزراء الأسبق أولوف بالمه “القانون الدولي هو خط الدفاع الأول لدينا”، مشددين على أن القانون الدولي “لا يحمي فقط من ويلات الحروب، بل يقف أيضاً كحاجز أمام التعسف، ويضمن كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية بغض النظر عن مكان إقامته”. وأكدوا أن تجاهل هذه المبادئ يقوّض النظام الدولي ويضعف أحد أهم أدوات التضامن الإنساني في العالم.

انتهاك واضح للقانون الإنساني الدولي

ووصف الكتاب هجوم 7 أكتوبر بالجريمة المروعة وطالبوا حماس بالإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين، وأكدوا على حق إسرائيل بالدفاع عن النفس، لكنهم شددوا على أن ما تلا ذلك من رد إسرائيلي كان مفرطاً في القوة، حيث لم يُفرّق بين المدنيين والمقاتلين.

وذكروا أن أكثر من 50 ألف شخص قتلوا في غزة، من بينهم أكثر من 15 ألف طفل، بينما دمّرت القنابل الإسرائيلية المستشفيات والمدارس ومخيمات اللاجئين. كما يجوع السكان نتيجة منع إسرائيل دخول الغذاء والماء.

ورأى الكتّاب أن هذه الأفعال تمثل انتهاكاً واضحاً للقانون الإنساني الدولي، مؤكدين أن اتفاقيات جنيف تحظر العقاب الجماعي وتُلزم بحماية المدنيين وضمان الوصول الإنساني في أوقات النزاع. وقالوا إن هذه المبادئ لا تقبل التفاوض، وأن جرائم حماس لا تبرر تجاوزات إسرائيل.

“حكومة إسرائيل المتطرفة تسعى لتهجير الفلسطينيين”

كما أشاروا إلى أن أصواتاً عديدة داخل إسرائيل نفسها بدأت تنتقد مسار الحرب، من بينهم رؤساء وزراء سابقون، وصحفيون، وناشطون، وقدامى محاربين. وأكدوا أن الوقوف إلى جانب بلد لا يعني الصمت على الانتهاكات التي ترتكبها حكومته، بل يتطلب دعم الأصوات التي تدافع عن الكرامة والسلام.

واعتبروا أن الحكومة الإسرائيلية الحالية هي الأكثر تطرفاً في تاريخ البلاد، وأنها تسعى لإفشال حل الدولتين من خلال تهجير الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية. كما حذّروا من أن هذا النهج، المدعوم من الإدارة الأميركية السابقة بقيادة دونالد ترامب، يُغذّي مشاعر الكراهية ويهدد بإدامة النزاع لعقود قادمة.

اتهام الحكومة السويدية بالتقاعس

وفي المقابل، انتقد الكتّاب موقف الحكومة السويدية ووصفوه بالمتقاعس، مشيرين إلى أنها تتجنب توصيف ما يجري في غزة كجرائم حرب، وتمتنع عن اتخاذ أي إجراءات ملموسة. وأعربوا عن أسفهم لأن السويد هي الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي لا تقدم حالياً دعماً لوكالة الأونروا، رغم أن الوضع في غزة وصل إلى حدّ المجاعة بسبب الحصار المستمر.

وأضافوا أن وكالة الأونروا هي الجهة الوحيدة القادرة على تنفيذ عمليات الإغاثة بشكل فعّال في غزة، وأن سحب الدعم منها يُعرض النظام الإنساني بأكمله لخطر الانهيار. وقالوا إن السويد، التي كانت يوماً ما صوتاً ريادياً في الدفاع عن القانون الدولي وحقوق الإنسان، تتراجع اليوم عن هذه القيم الجوهرية.

“كارثة أخلاقية وسياسية”

وأكد الكتّاب أن المطلوب ليس مواقف رمزية، بل تحركات سياسية واضحة. ودعوا إلى استئناف دعم الأونروا فوراً، والضغط داخل الاتحاد الأوروبي لتعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، ووقف استيراد المنتجات القادمة من المستوطنات غير الشرعية. كما طالبوا بفرض عقوبات على المستوطنين العنيفين والمسؤولين الإسرائيليين المتورطين في الانتهاكات، ودعم تحقيق دولي مستقل يشمل جميع أطراف النزاع، بما في ذلك حركة حماس.

وختموا بالقول إن هذه المطالب لا تمثل راديكالية، بل الحد الأدنى الواجب على دولة تدّعي احترامها للقانون الدولي.

وحذّروا من أن ما يجري في غزة ليس فقط كارثة أخلاقية، بل أيضاً سياسية. وإن لم يتحرك المجتمع الدولي، فإن العالم سيكون شريكاً في مأساة تاريخية. وأضافوا: “إذا سمح المجتمع الدولي بحدوث هذا دون تبعات، فنحن نبعث برسالة إلى المستقبل مفادها أن الكرامة الإنسانية والقانون الدولي يمكن الاستغناء عنهما. وهذا ليس العالم الذي نريده”.