المناطق الضعيفة

روسينغورد.. أصوات المهاجرين التي غابت وراء “الضعف” و”التهميش”

: 1/19/24, 2:04 PM
Updated: 1/19/24, 2:08 PM
Foto: Alkompis

الكومبس – خاص: يبرز اسم حي روسينغورد في مالمو كثيراً في الإعلام السويدي. كثير من الأحداث والمشكلات ارتبطت إعلامياً بالحي الذي يسكنه كثير من المهاجرين. فما حقيقة حي روسينغورد؟ وإلى أي مدى كانت الصورة التي انتشرت عنه حقيقية؟

ثقافات مختلفة امتزجت في منطقة واحدة في الجزء الشرقي من مدينة مالمو، حيث يعيش حوالي 34 ألف نسمة من ثقافات وإثنيات مختلفة يتقاسمون الأفراح والأتراح.

بعض سكان الحي يعتبرون أنفسهم أكثر انفتاحاً وأكثر قرباً من بعضهم، ومع اختلاف اللغات والثقافات تكون اللغة السويدية هي صلة التواصل والرابط الأقوى بين أبناء المنطقة خصوصاً ممن هم دون الثامنة عشرة.

اللوحة الفسيفسائية للحي تشكلت عبر أكثر من ربع قرن في هذه المنطقة الحيوية من مالمو حيث يرغب معظم القادمين الجُدد السكن فيها لِما توَفِره من خدمات ولشعورهم بأن الأجواء الاجتماعية هنا تشبه تلك التي جاؤوا منها.

لا يشبه بقية أحياء مالمو

معظم الأحياء في مالمو تعيش حياة سويدية كلاسيكية هادئة حيث تُقفل معظم أبواب البيوت والمحلات عند الثامنة مساءً استعداداً للنوم ثم الاستيقاظ في السادسة صباحاً وبدء يوم جديد.

بينما للحياة في روسينغورد شكل آخر. يقول أمير أحد سكان المنطقة إن الحياة الاجتماعية في الحي أكثر تنوعاً ونشاطاً والعائلات أكثر ترابطاً ويجتمع معظم أفرادها بشكل شبه يومي حتى ممن تزوج وغادر بيت العائلة لا يكاد يمر يوم أو أكثر حتى يأتي لزيارة الأب والأم والأشقاء، هذا المفهوم معهم في بالأعراف الشرقية التي ينتمي لها معظم سكان الروسنغورد

تجتمع العائلات لتبادل الأحاديث والسمر وتناول الأطعمة والحلويات في السهرات المسائية وفي ليالي الشتاء الباردة.

التنوع في روسينغورد يمنح هذه اللوحة تناغماً آخر، حيث اعتاد سكان المنطقة التزاوج من بعضهم على اختلاف ثقافاتهم. (م) شاب من أصل عربي متزوج من (ج) الشابة من أصل ألباني قالا للكومبس إنهما يعيشان حياة جميلة هادئة، مؤكدين أن اختلاف الثقافات بينهما لا يفسد للود قضية.

غير أن هذه اللوحة الفسيفسائية في روسينغورد تحتاج إلى ترميم واهتمام لتكتمل، حسب قول بعض سكان المنطقة.

إيمان المغربي من سكان روسينغورد تقول “يوجد كثير من الأماكن المخصصة لرمي القمامة، لكن بعض الناس لا يلتزمون. كما يوجد تقصير من الإعلام السويدي الذي يصور المنطقة بأنها سيئة السمعة ومليئة بالمشكلات. نتمنى أن يكون الإعلام منصفاً ويسلط الضوء على الاشياء الإيجابية وليس السلبية فقط”.

“تهميش وتقصير في الخدمات”

نايف كنعان أحد سكان روسينغورد يعيش في السويد منذ أكثر من 30 عاماً يعتبر أن المنطقة تتعرض للتهميش. ويضيف “هذه المنطقة مهمشة من قبل الجميع، البلدية والحكومة ووسائل الإعلام السويدية التي لاتشاهد الحقيقة وتسلط الضوء فقط على الأشياء السلبية وأخطاء المهاجرين. نحن نُعاقب عقوبة جماعية في حال حدوث أي مشكلة بسيطة في المنطقة”.

ويتابع “الجميع يعلم من الذي أجج المشاكل في هذه المنطقة عندما تم حرق المصحف”، معتبراً أن منح تصاريح لحرق المصحف في مناطق غالبية سكانها من المهاجرين نوعاً من “التهميش وعدم احترام مشاعر الأقليات المسلمة”. ويلفت إلى أن سكان الحي “حذّروا الجميع من تبِعات مثل هذه الأعمال المستفزة حتى أن الجمعيات الاسلامية وغير الإسلامية حذرت البلدية والشرطة من هذا النوع من الاستفزاز الذي يؤثر على أمن السويد وأمن روسينغورد، لكن لم يستمع أحد للنصائح”.

وعن الصوة الإعلامية، يقول نايف “قمنا بمبادرات اجتماعية جيدة وإيجابية في روسينغورد مثل حملة تنظيف الشوارع بعد الأحداث التي تلت حرق المصحف إضافة الى حملات اجتماعية وثقافية وفولكلورية من مختلف الثقافات لكن الإعلام السويدي لا يشاهد هذه الاشياء ويسلط الضوء على المشكلات فقط”.

وكانت احتجاجات على حرق المصحف اندلعت في الحي بعد إقدام المليشيوي السابق سلوان موميكا وقبله اليميني المتطرف راسموس بالودان على حرق نسخ من المصحف في مالمو. وتحولت الاحتجاجات إلى أعمال عنف أصيب فيها عدد كبير من أفراد الشرطة وأُحرقت سيارات مدنية وأخرى تابعة للشرطة.

ويصنف حي روسينغورد حسب قائمة الشرطة بأنه من المناطق الضعيفة المعرضة للخطر بشكل خاص، ما يعني أنه من المناطق التي يؤدي الوضع الاقتصادي الاجتماعي لسكانها إلى مخاطر متزايدة لنشوء الجريمة والجريمة المنظمة.

ويشكل المهاجرون غالبية سكان هذه المناطق عادة.

وعن سبب تجمع الجاليات المهاجرة في روسينغورد، يقول نايف كنعان إن “السبب الرئيسي لذلك هو شركات السكن والبلدية ومكتب العمل في مالمو، حيث ساهمت هذه المؤسسات بتجمع المهاجرين في منطقة واحدة من خلال منحهم الشقق السكنية فيها دون توزيعهم على باقي أحياء المدينة”.

في شوارع روسينغورد، يتحدث نايف كنعان عن “التقصير في الخدمات”، والحواجز الحديدية التي “تعيق حركة المارة خصوصاً ذوي الاحتياجات الخاصة”.

فيما يقول بعض شباب المنطقة إنهم يشعرون ببعض الملل بسبب قلة النشاطات الصيفية، حيث تعتبر عطلة الصيف أطول عطلة في السنة ومعظم العائلات من سكان روسينغورد لا يستطيعون السفر وقضاء إجازاتهم خارج السويد بسبب التكاليف الكبيرة للسفر. ويعتبر الشباب أن النقص في النشاطات ينعكس سلباً على بعض الشباب الذين يسلكون طرقاً ملتوية لملء أوقات فراغهم.

ورغم ذلك، قال يوسف أحد سكان المنطقة إنه يشعر بالأمان في روسينغورد أكثر من أي مكان آخر، على عكس ما يشاع في بعض وسائل الاعلام بأن روسينغورد مكان خطر.

وأضاف يوسف “لا يوجد مكان آمن 100بالمئة في أي بقعة من العالم. هذا الحي هو جزء من السويد وسكانه يحملون الجنسية السويدية وأبناؤهم يتعلمون في المدارس السويدية. يجب على بلدية مالمو بناء جسور الحوار مع الشباب الذين انحرفوا عن الطريق وذهبوا باتجاهات خاطئة”.

شادي فرح

مالمو

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.