سكان ضواحي السويد للسياسيين: اشربوا الشاي معنا قبل أن تتحدثوا عنا!

: 6/1/23, 12:28 PM
Updated: 6/1/23, 3:02 PM
ندوة الكومبس في أسبوع يارفا
ندوة الكومبس في أسبوع يارفا

الكومبس – خاص: نظمت الكومبس أمس، الأربعاء، ندوة حوارية باللغة العربية في أسبوع يارفا السياسي Järvaveckan، لمناقشة التحديات التي يواجها سكان الضواحي في السويد، حيث تتركز غالبية من القادمين الجدد والسويديين من أصول مهاجرة.

وأدار رئيس تحرير مؤسسة الكومبس، د. محمود آغا، الندوة بمشاركة ثلاث شخصيات، من الناشطين في العمل المجتمعي والمقيمين في ضواحي السويد وهم، مطوّر الأعمال عمر المالي، مستشار سوق العمل مصطفى زعترة، ومؤسسة جمعية “لغتي” سونيا سوداني.

سعت الندوة إلى منح فرصة لسكان هذه المناطق بالتحدث عن أوضاعهم، ومقارنتها بالصورة التي يتبناها الإعلام والسياسيون حولهم. فهل هناك مبالغة وتشويه لهذه المناطق؟ أم أن الأوضاع فعلاً بهذا السوء؟

زيادة الجريمة والصورة السلبية عن المهاجرين
تشير الإحصاءات إلى أن نسب الجريمة في ضواحي السويد تشهد تصاعداً مستمراً، كما أن حوادث إطلاق النار التي شهدتها السويد في السنوات الأخيرة هي الأعلى في تاريخها، ولكن ما السبب وراء هذا التطور؟

تناول المشاركون في الندوة عدة عوامل ساهمت في سوء الأوضاع في الضواحي وزيادة الجريمة، ومن بينها الصورة السلبية التي وُصم بها المهاجرين في الإعلام، والتي تحولت جزئياً إلى حقيقة. وهذه الظاهرة تعرف بالسويدية بـ”självuppfyllande profetia”، أي نبوءةٍ تحوّلت إلى حقيقة.

وقال مطور الأعمال عمر المالي إن بعض الشباب تبنّوا الصورة النمطية التي يراهم بها المجتمع وجعلوا منها هويةً لهم. كما أن الفقر يلعب دوراً محورياً في مصير الفئات المهمشة في المجتمع.

وأضاف “عندما تغلق المدارس وأماكن الترفيه والمكتبات واحدة تلو الأخرى، وتنقل مقرات مكتب العمل من الضواحي إلى وسط المدينة، فمن الطبيعي أن ينتهي الأمر بالشباب في الشارع، ويصبح ضمّهم للعصابات أسهل”.

الشرطة في كل مكان

وتتجه حكومة السويد إلى زيادة عدد رجال الشرطة واستخدام الكاميرات وغيرها من الوسائل المشابهة للقضاء على الجريمة، وهو ما لم يره المشاركين في الندوة كافياً.

وقالت سونيا سوداني التي تعيش في منطقة أكالا بستوكهولم “الأمان الحقيقي هو في عدم وجود الشرطة! أكثر ما أبهرني عندما قدمت إلى السويد أنني لم أرَ شرطياً واحداً لعامٍ كامل! أما الآن فأرى رجال الشرطة في كلّ مكان. وطائرة الهليكوبتر التابعة للشرطة تسكن فوق سطح بيتي تقريباً! اسمع صوتها ليلاً ونهاراً.”

وتناول المشاركون في الندوة وسائل بديلة، يمكن من خلالها كبح عملية تجنيد الشباب في العصابات. فهناك على سبيل المثال كثيرٌ من فرص العمل، ولكن أعداد العاطلين عن عمل أيضاً كبيرة.

واعتبر المشاركون أن أحد أسباب هذه الفجوة هو نقص المعرفة عند البعض فيما يخص إدارة الحسابات والفواتير، وهو ما قد يؤدي إلى مشكلات مع هيئة جباية الديون kronofogden، ويتحول إلى نقطة سوداء في تاريخ طالب العمل تُصّعب حصوله على وظيفة. ولذلك فمن المهم أن يحصل القادمون الجدد على الدعم الكافي لتجنب مثل هذه المشكلات.

دور المدارس ونقل الأساتذة الأكفاء

ويمكن للمدارس أن تلعب دوراً كبيراً في تأهيل الأطفال والشباب من خلفيات أجنبية، للانخراط في المجتمع، ودعمهم للحصول على فرص متساوية مع غيرهم.

وترى سونيا سوداني أن هذا الدعم يجب أن يبدأ في مراحل مبكرة. “فالطفل من أصول أجنبية الذي يذهب إلى مدرسة في ضاحية في السويد، كثيراً ما يحتاج إلى دعمٍ أكبر من الطفل السويدي، خصوصاً إذا كان لديه الكثير من الأخوة. ولذلك فالتركيز لا يجب أن يكون على مساعدة الطفل وحده، بل الأسرة كاملة، فالأسرة بحاجة لتأهيل كي تندمج في المجتمع السويدي”.

ولكن هذا الدعم يصعب توفيره عندما يتم نقل المدرسين الأكفّاء إلى مناطق أخرى.

وتحدث مصطفى زعتره الذي نشأ في منطقة رينكيبي وتينستا، أن مدرسته في رينكيبي كانت تعتبر من أفضل مدارس أوروبا قبل عشرين عاماً، أما الآن فهي تنحدر من سيّئ إلى أسوأ، بعد أن نُقل معظم مدرسيها إلى أماكن أخرى.

نقص في خبرة السويد بالتعامل مع الهجرة

أنهى المشاركون حديثهم بأنه رغم كل هذه التحديات فالسويد مازالت الدولة التي فتحت أبوابها للمهاجرين، وهي ليست فندقاً، نقصده متى نحبّ ونتركه متى نحبّ.

ولفتوا إلى خبرة السويد المحدودة، فيما يخصّ استقبال المهاجرين ودمجهم في المجتمع، فقد بدأت السويد بالتعامل مع الأمر قبل نحو أربعين عاماً ويمكنها التعلم من تجارب دول أخرى مثل بريطانيا مثلاً التي لديها خبرة تزيد عن مئة عاماً في هذا الأمر.

دعوة السياسيين إلى الضواحي

ودعا المشاركون السياسيين، إلى زيارة الضواحي وشرب الشاي مع سكانها، لتكوين صورة أوضح عن الأوضاع في هذه المناطق.

كما طالبوا بإشراك المهاجرين في الحوارات المجتمعية، فهم ليسوا آلافاً معدودة، بل جزءاً كبيراً من المجتمع السويدي، يجب أن يصل صوته للمسؤولين.

ورغم أن مناطق مثل “رينكبي”، و”تينستا”، و”أكالا”، هي مناطق مصنّفة بأنها “ضعيفة” من قبل الشرطة، إلا أنها مناطق غنية بالثقافات المتنوعة والمواهب، والتي يمكن استغلالها، عند توفر الإرادة، وعند الابتعاد عن الصورة النمطية والسلبية التي روّجها الإعلام.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.