صبر لوفين أخذ ينفذ” هل كان أمامه خيارات آخرى”

: 12/22/14, 7:00 PM
Updated: 4/9/15, 7:01 PM
صبر لوفين أخذ ينفذ” هل كان أمامه خيارات آخرى”
الكومبس – مقالات: هل كان أمام ستيفان لوفين خيارات أخرى؟ هو عنوان جريدة الكومبس الورقية الرئيسي في عددها الأخير (العدد 14 الصادر في 18ديسمبر) أما اليوم (الأحد) فقد كتبت المسائية السويدية أفتونبلادت مقالا بعنوان: صبر لوفين أخذ ينفذ، جاء فيه أن جميع الخيارات المتاحة أمام رئيس الوزراء قد استنفذت لتجنب حدوث فوضى سياسية، وأنه قام بكل ما بوسعه لإقناع المعارضة بضرورة التعاون لحل الأزمة الحكومية
الآن وبعد خريف سياسي هو الأكثر اضطرابا في السويد، يستعد لوفين لاغتنام فرصة احتفالات عيد الميلاد، للذهاب إلى منزله الريفي في أورنسكولدسفيك، شمال البلاد، لكي يأخذ قسطا من الراحة والاسترخاء، استعدادا للانتخابات البرلمانية المقبلة في مارس آذار
وفيما يلي الافتتاحية التي كتبها الزميل رئيس التحرير
هل كان أمام لوفين خيارات أخرى
حطت نتائج الانتخابات السويدية الأخيرة (سبتمبر 2104) البلاد على سكة أزمة فريدة من نوعها، لم تشهد لها السويد مثيلا في تاريخها المعاصر. عدم حصول أي حزب أو كتلة برلمانية على أغلبية مريحة في البرلمان الحالي، وضع مصير الحكومة التي تشكلت من حزبي الاشتراكيين الديمقراطيين والبيئة، تحت رحمة حزب مستجد نسبيا في السياسة السويدية، أثار ولا يزال يثير الكثير من الجدل، حزب أراد أن يجيد لعبة “بيضة القبان” فكان له ما أراد، ليرجح كفة فوز موازنة أحزاب المعارضة وينتقم من الحكومة الوليدة، بعد أقل من شهرين على تشكيلها.
هل تبدل الانتخابات الجديدة خريطة التحالفات الحالية:
ترك رئيس الوزراء لوفين الباب مواربا، لأي حزب من أحزاب تحالف يمين الوسط، يمكن أن يغير رأيه وينضم إلى الحكومة الحالية، لتجنب البلاد خوض انتخابات جديدة، عندما قال إنه سيتوقف عن الاتصال مع الأحزاب لكن عنوانه معروف، لمن يريد أن يتصل به. ومع أن هذه الامكانية ضعيفة التحقيق، إلا أن ما قد تفرزه الانتخابات المقبلة من نتائج يمكن أن يساهم في تغيير خريطة التحالفات الحزبية الحالية.
فهناك أصوات من الاشتراكيين الديمقراطيين تنادي بفك الارتباط مع حزب البيئة، عند تشكيل حكومة مقبلة، وهناك أصوات من داخل الحزب تنادي بالتقارب مع المحافظين المدرات.
أحزب تحالف يمين الوسط تبدو أكثر تماسكا، لكن في السياسة لا يوجد تحالفات ثابته، بل المصالح هي التي تحكم دائما.
التكهنات حول شكل الخريطة الجديدة للتحالفات البرلمانية في السويد، تبقى مرهونة بتوجهات نتائج صناديق الانتخابات، ومن سيكون الرابح من هذه الإعادة، وهل سيبقى سفارياديمكراترنا الماستر، أي بيضة القبان في حسابات رياضيات الديمقراطية.
القاعدة والشواذ في الديمقراطية السويدية
من أهم مشاهد الأزمة الحكومية الحالية، استخدام قواعد الديمقراطية السويدية بطريقة سمحت لحزب يملك أقل من 13% بأن يفرض واقعا جديدا مغايرا لرأي كتلة كبيرة حاكمة، حققت أعلى نسبة أصوات في انتخابات جرت بطريقة ديمقراطية. وهنا نرى أن الكلمة ليست دائما للأكثرية حسب ما تنص عليه قواعد الديمقراطية، بل من الممكن أن تلعب مجموعة صغيرة دورا حاسما في معادلة التحالفات، فهل هذه الحالة من شواذ القاعدة الديمقراطية؟
مشهد آخر عن تطورات هذه الأزمة، يعطي فكرة عن مفارقات عديدة تحدث عند تطبيق قواعد الديمقراطية في السويد، حزب الاشتراكيين الديمقراطيين أكبر الأحزاب السويدية وأكثرها خبرة ومناوبة على تشكيل الحكومات، يرفض التعاون مع حزب سفاريادمكراتنا والحديث معه، ليس لأنه حزب مستجد بل لأنه حزب عنصري وينتمي إلى الفاشية الجديدة حسب ما وصفه رئيس الحكومة الحالية ستيفان لوفين، وأكدته وزيرة المالية ماغدالينا أندرشون، التي أوضحت أن هذا الحزب (سفاريادمكراتنا) لا يؤمن بالقيم والمفاهيم الأساسية التي تؤكد أن جميع البشر متساوون.
الاشتراكيون الديمقراطيون يرفضون الحديث مع سفارياديمكرتنا حتى من منطلق حكمة المتنبي القائلة: ومن نَكَدِ الدّنْيا على الحُرّ أنْ يَرَى عَدُوّاً لَهُ ما من صَداقَتِهِ بُدُّ. فهل يراهن الاشتراكيون الديمقراطيون على عزل هذا الحزب، خاصة بعد تصريحات نائب رئيس البرلمان بيورن سودر الذي ينتمي إلى سفاريادمكراتنا بإن شعوب السامر واليهود هم ليسوا سويديين، تصريح أثار ردود فعل قوية في المجتمع.
لماذا يمارس حزب بميول نازية الحياة السياسية السويدية
ولكن كيف استطاع حزب موصوف بالفاشية الدخول إلى البرلمان السويدي وكيف بدأ يشارك بالحياة السياسية في بلد يفتخر بعراقته الديمقراطية؟ فهل استخدم هذا الحزب أيضا القواعد الشاذة في الديمقراطية السويدية للوصول إلى هدفه؟ الاختفاء وراء تعابير ومصطلحات مخففة عن العنصرية واستخدام القانون المتاحة في قضايا حرية الرأي والتعبير وتشكيل الأحزاب، إضافة إلى الخوف من لجوء هذا الحزب إلى العمل السري، كلها وغيرها من العوامل التي ساهمت بقبول انضمام الحزب إلى ساحة العمل الديمقراطي.
المشهد الأكثر ملاحظة في عروض الأزمة الحكومية السويدية الحالية، يتمثل بما يمكن أن تحدثه مراهقة بعض الأحزاب الصاعدة من تغييرات قد تصل إلى حد الفوضى في الحياة السياسية والاجتماعية للبلاد، وذلك أيضا باسم الديمقراطية.
حزب سفارياديمكرتنا أطلق على نفسه أسما يجمع بين مصطلح الديمقراطية وبين كلمة السويد، وأصبح معروفا باسم “سفاريا ديمكراتنا” تأسس في العام 1988 من قبل ناشطين في منظمات قومية وعنصرية ونازية
ودخل إلى البرلمان السويدي أول مرة بعد انتخابات 2010 بنسبة 5.7% ليصبح ثالث أكبر حزب في السويد بعد الانتخابات الأخيرة العام 2014 بنسبة تقارب 13% من الأصوات.
وللمقارنة فقد كانت أول مشاركة للحزب الاشتراكي الديمقراطي، الذي تأسس في العام 1889 بالحكم في العام 1917 فيما كانت أول حكومة تتشكل من أغلبية اشتراكية في العام 1920.
الأحزاب الكبيرة الخاسر الأكبر في حسابات الديمقراطية
تقارب الأحزاب الكبيرة مع الوقت في معظم الدول الأوروبية والغربية والسويد منها، وشبه توافقها على عدة قضايا انتخابية هامة، فسح المجال أمام الأحزاب المراهقة واسعا، لتعبئة فراغ المعارضة الحقيقية والواضحة. ففيما يتعلق بمعارضة اللجوء واستقبال أعداد جديدة من المهاجرين والقادمين الجدد، استطاع سفاريادمكراتنا الاستفادة من فراغ التوافق، ليصنع لنفسه صورة مغايرة جذبت، إليه كل من له رأي سلبي بسياسات اللجوء والهجرة.
إضافة إلى أن اللعب على وتر حب الوطن والتعصب للعرق والإثنية بصورة مفرطة، أصبح يحقق المزيد من الشعبية لأحزاب عرفت كيف تربط بين ظواهر خارجية لقضايا تهم المجتمع وبين ايديولوجياتها الخاصة.
فهل فقط أعضاء حزب سفارياديمكراتنا هم من يحبون السويد؟ وهل هم فقط المؤهلين للدفاع عن الشعب السويدي واهتماماته؟ وهل حب السويد هو بمنع قدوم مهاجرين جدد له؟ وهل المحافظة على الشعب السويدي تتم بتقسيم سكان السويد على أسس عرقية ودينية، وإعلان العداء والكراهية ضد جزء من مكوناته؟
قد يحدث أن تسجل قواعد الديمقراطية السويدية بعض الشواذ في حالات إعراب العديد من المواقف والتطورات، لكنها تبقى قواعد هامة تشكل أسس بناء المجتمع السويدي، وطالما يوجد قواعد من المنطقي ان يكون هناك شواذ، ولكن الثوابت تبقى هي الضمانة الأساسية، والثواب ومن هذه الثوابت: حرية التعبير وحرية التجمع وحرية التظاهر وحرية اختيار العقيدة والدين والاشتراك في الجمعيات.
ولعل أهم ما يمكن أن يجعل الأزمة الحكومية الحالية مجرد أزمة بكل مشاهدها، هو رسوخ عراقة مبدأ الديمقراطية المدعومة بمؤسسات وبيئة قوية للقيام بمهام هذا المبدأ، ولا ننسى أن أبرز مهام الديمقراطية السويدية تتمثل بالمساوة ومكافحة التمييز.
رئيس تحرير شبكة الكومبس الإعلامية
د. محمود صالح آغا
Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2025.
cookies icon