شعر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ببعض الارتياح على الصعيدين الدبلوماسي والعسكري من هجومه على غزة مع تحويل اهتمامه مرة اخرى الى ايران التي تمثل التحدي الاستراتيجي الرئيسي له.
شعر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ببعض الارتياح على الصعيدين الدبلوماسي والعسكري من هجومه على غزة مع تحويل اهتمامه مرة اخرى الى ايران التي تمثل التحدي الاستراتيجي الرئيسي له.
وتعتبر اسرائيل البرنامج النووي الايراني تهديدا لوجودها في شكل مختلف تماما عن المشكلات التي تمثلها حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي تحكم قطاع غزة.
ويخشى نتنياهو من امكان ان تقضى ايران المسلحة نوويا ذات يوم على اسرائيل ووعد بالا تحصل طهران على هذه القنبلة اذا فاز بفترة ثالثة في منصبه في الانتخابات التي تجري في 22 يناير كانون الثاني.
في الوقت نفسه اختتم نتنياهو للتو هجوما استمر ثمانية ايام ضد حماس بهدف وقف اطلاق الصواريخ من قطاع غزة على جنوب اسرائيل.
وقتل ستة اسرائيليين و163 فلسطينيا في القتال قبل سريان وقف لاطلاق النار بوساطة مصرية يوم الاربعاء لينهي صراعا محدودا وغير متوازن بدا مختلفا جدا عن اي حرب محتملة مع ايران.
وقال عوزي ايلام وهو باحث كبير في معهد دراسات الامن الوطني "لا يمكنكم ان تقارنوا قطاع غزة بأي بيئة عسكرية اخرى مما يجعل من عدم الحكمة وصف ما حدث هناك بانه تدريب على مهاجمة ايران."
ورغم ذلك فقد سدد الجيش الاسرائيلي ضربات خطيرة لترسانة اسلحة حماس والتي جاء معظمها من ايران واثبت للعالم انه يملك تكنولوجيا متطورة ولاسيما عندما يتعلق الامر بالدفاع الصاروخي.
وتقول اسرائيل ان نظام القبة الحديدية اسقط 421 صاروخا قادما من غزة محققا معدل نجاح بلغت نسبته 84 في المئة. وبدون هذا النظام كان سيحدث قدرا اكبر بكثير من الدمار وعددا اكبر من القتلى بشكل ملحوظ .
ويعتقد محللون هنا ان هذا سيثير قلق حزب الله الشيعي حلف ايران الرئيسي في المنطقة والذي يتمركز في لبنان المجاور ويقدر انه يملك ما يصل الى 60 الف صاروخ موجه عبر الحدود الشمالية لاسرائيل.
واشار نتنياهو الى انه قد يهاجم ايران اذا اخفقت الدبلوماسية والعقوبات الدولية في وقف تقدمها النووي . وتقول ايران ان برنامجها النووي سلمي وانه اذا اندلعت حرب فان الاسرائيليين يخشون من احتمال تدخل حزب الله في الصراع.
ويقول ساسة ان نظام القبة الحديدية يعطي اسرائيل ميزة.
وقال يوهانان بليسنر وهو عضو معارض في البرلمان وعضو في لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالكنيست ان نظام "القبة الحديدية برهن على انه احد عوامل تغيير اللعبة.. وقلل دون شك تهديد حزب الله."
ولمس زعماء اسرائيل حقيقة ان اسرائيل صمدت في وجه اكثر من 1500 صاروخ متوسط وبعيد المدى اطلقت من غزة بسهولة نسبية . ولم يطالب زعماء اسرائيل هذه المرة بتشكيل لجنة تحقيق بعد حملة عسكرية ضخمة.
وقال بليسنر لرويترز "لقد قطعنا شوطا كبيرا للامام في السنوات الاخيرة فيما يتعلق بالاستعدادات والتعليمات للناس ..الطريقة كلها التي تعمل بها المحليات.
"هذا يفسر لماذا لم يسبب نحو 1500 صاروخ سوى هذا المستوى المذهل نسبيا من العدد القليل من الضحايا ."
وتوقع وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك ان يتطلب بناء درع دفاعية تغطي اسرائيل كلها "بضع سنوات ومليارات من الشواقل" ولكن النظام بني.
وقال "لا يوجد جيش او اي دولة او سكان مدنيون يملكون مثل هذا النظام.. ومن هذه النقطة ننظر بتفاؤل.
"في نهاية الامر فانه سيحمي دولة اسرائيل بأكملها ضد معظم التهديدات ..الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى."
ورد اسرائيل على الصواريخ الاكبر ذاتية الدفع الايرانية صاروخ ارو 2 وهو صاروخ اعتراضي يعمل بطريق مماثلة للقبة الحديدية ولكن على ارتفاع اعلى بكثير. وتوعدت طهران بالرد اذا تعرضت لهجوم ويقدر انها تمتلك بضعة مئات من الصواريخ بعيدة المدى التي يمكن ان تصل الى اسرائيل.
ويتباهي مطورو صاروخ ارو 2 الذي لم يثبت نفسه حتى الان الا في تجارب فقط بمعدل اسقاط للصواريخ يبلغ نحو 90 في المئة .
ولم يثن الوزراء الاسرائيليون على تكنولوجيتهم الصاروخية فحسب في اعقاب هجوم غزة وانما ايضا على جمعهم لمعلومات المخابرات.
وقالت قوات الدفاع الاسرائيلية انها هاجمت 1500 موقع في غزة و"اضعفت بشكل كبير" قدرات حماس على اطلاق الصواريخ مشيرة الى انها ستستغرق وقتا طويلا قبل التعافي ربما بما يساعد على تهميشها في حال حدوث مواجهة مع ايران.
وقال افي ديختر وزير الدفاع المدني الاسرائيلي لاذاعة اسرائيل "لا اشك في ان هناك مناقشات محمومة تجري في ايران اثناء محاولتهم فهم كيف نجح اليهود في ضرب مثل هذا العدد الكبير من الاهداف."
واعلنت حماس التي ترفض الاعتراف بحق اسرائيل في الوجود الانتصار في القتال ونفت انها منيت بأي خسائر كبيرة في الغارات الجوية التي تشن طوال الاربع والعشرين ساعة.
وأي كانت النتيجة على الارض فلا يوجد شك يذكر في اسرائيل ان ايران منيت بنكسة دبلوماسية الاسبوع الماضي.
وقال مئير جويدانفار وهو خبير ايراني يقوم بالتدريس في مركز انترديسبلينري في هرتزيليا "كان من المهم جدا لايران ان ترى تحولا كبيرا بين اسرائيل ومصر."
ولكن مع تفادي حدوث غزو بري كان من المحتمل ان يكون داميا لغزة والوساطة المصرية التي لاقت ترحيبا في هذه الازمة نجحت اسرائيل في منع حدوث شقاق كبير مع الرئيس المصري محمد مرسي وفتحت نافذة حوار.
وعلاوة على ذلك اوضح وقف اطلاق النار الذي توسط فيه مرسي ان حماس التي كان ينظر اليها في الماضي على انها تحت نفوذ ايران تقع بشكل كبير في المعسكر المصري ولا تتلقى اوامر من طهران.
وقال جويدانفار "لقد اصبح واضحا ان الجماعات الفلسطينية الرئيسية ادركت ان (ايران) ستقاتل اسرائيل لاخر فلسطيني وان هذا ثمن ليسوا مستعدين لدفعه.
" حماس ابتعدت عن ايران."
ولا يعتقد سوى عدد قليل من الاسرائيليين ان وقف اطلاق النار مع حماس سيستمر لفترة زمنية طويلة ولكنه لابد وان يعطي نتنياهو وقتا لاعادة التركيز على الملف الايراني.
وفي حين حظي نتنياهو بتأييد كبير من الجيش والشعب والساسة لهجومه على غزة فانه سيكتشف بسرعة من جديد ان الخلافات بشأن شن هجوم اصعب بكثير على ايران البعيدة ما زالت عميقة كما كانت .
وعلى هذا النحو فمن غير المحتمل ان تؤدي الانجازات المتصورة من الايام الثمانية الماضية الى اعطاء معلومات بشأن صنع القرار النهائي فيما يتعلق بايران.
وقال جيورا ايلاند وهو مستشار سابق للامن القومي الاسرائيلي "هذا لن يؤثر على المواجهة المحتملة في المستقبل بيان اسرائيل وايران."
كريسبيان بالمر
رويترز