طبيب يمني يصف رحلة الفرار من الخرطوم: البعض مات على الطريق

: 5/10/23, 2:12 PM
Updated: 5/10/23, 2:12 PM
طبيب يمني يصف رحلة الفرار من الخرطوم: البعض مات على الطريق

الكومبس – خاص: من غربة إلى أخرى إلى مصير مجهول، هذه باختصار قصة اليمني الفيصل وحيد محسن الذي فرّ أهله من اليمن إلى السعودية بحثاً عن حياة أفضل، وهاجر هو من السعودية إلى السودان ليستطيع إكمال دراسته الجامعية. هاجر أهل الفيصل إلى السويد وبقي هو في السودان التي أصبحت بمثابة موطنه الجديد، وبعد أن كوّن فيها حياة فاجأته الأحداث الأخيرة وتم إجلاؤه من البلاد كونه أجنبياً.

الدراسة الجامعية السبب والحافز

الفيصل وحيد يمني الأصل لكنه ولد وترعرع في السعودية وعندما أنهى المرحلة الثانوية أراد إكمال دراسته الجامعية لكن لا يحق لليمنيين الدراسة في الجامعات الحكومية في المملكة، أمّا الجامعات الخاصة فكانت تكلفتها باهظة وتفوق مقدرة العائلة. حينها قرر الشاب اليمني الانتقال إلى الخرطوم في العام 2016 لدراسة الطب وبعد ست سنوات من الدراسة في جامعة الخرطوم تخرج الفيصل وبدأ مزاولة مهنة الطب منذ خريف العام الماضي.

الفيصل وحيد محسن، طبيب يمني مقيم في السودان

لم يمض على عمل الفيصل كطبيب نصف سنة حتى تدهورت الأوضاع في الدولة. أول مظاهر الاشتباكات التي شهدها الفيصل كانت على شكل صوت طلقات نار قريباً من مكان إقامته في الـ15 من أبريل. بقيت الأوضاع غير مستقرة خلال أسبوع كامل، انقطاعات في الكهرباء والإنترنت وأصوات قصف، وصولاً ليوم عيد الفطر، حينها أعلن الطرفان المتقاتلان عن هدنة لمدة ثلاثة أيام. وخلال الهدنة حزم الطبيب أمتعته وشق طريقه مع مجموعة من أصدقائه الأطباء، أغلبهم من اليمن.

يقول الفيصل “لم يكن معي سوى نصف ساعة لأحزم أمتعتي وأجمع ما أريد أن آخذه معي. أخذت بعض الملابس والمستندات المهمة وتوجهت إلى الباص”.

“نجونا بأعجوبة”

أول محطة في رحلة الفيصل من الخرطوم المتأزمة إلى خارج البلاد كانت مدينة “مدني” جنوب العاصمة. المسافة بين المدينتين حوالي 200 كيلومتر، والرحلة التي تستغرق ساعتين عادة استلزمت أكثر من خمس ساعات بسبب حواجز التفتيش من قبل قوات الدعم السريع. يقول الفيصل “عادةً ما تأخذ قوات الدعم السريع أي شخص يعمل طبيباً لكني وأصدقائي الأطباء نجونا بأعجوبة”.

بمجرد أن وصل الفيصل وأصدقائه إلى مدينة مدني كان عليهم التخطيط لوجهتهم التالية. وعن ذلك يقول “مدينة مدني كانت هادئة وتحت سيطرة الجيش لكن إلى متى؟ المؤونة لن تكفينا. كانت لدينا ثلاث خيارات، فكرنا في الذهاب إلى مدينة قضارف على الحدود الأثيوبية أو مدينة كسلا على الحدود الإرتيرية أو ولاية البحر الأحمر بورتسودان”. ورسى القرار على الخيار الأخير.

يقول الفيصل مستذكراً رحلة الفرار “كانت رحلة طويلة واستغرقت من 15 إلى 16 ساعة، وكانت الباصات مكتظة بشكل رهيب، كنّا كشباب نجلس على أرضية الباص، في الممر بين الكراسي. وواجهنا أكثر من 10 حواجز لقوات الدعم السريع والجيش. وفي كل حاجز كانوا يطلبون من الاجانب أن يخرجوا من الباص ويظهروا هوياتهم. كان الوضع متوتراً”.

مئات الأشخاص تم إجلاؤهم من الخرطوم بواسطة الباصات متجهين إلى جنوب البلاد

بعد ساعات طويلة وصلوا إلى بورتسودان

عندما وصل الفيصل إلى المدينة الساحلية التي لم يكن يعرف أحداً فيها أوشكت نقوده على النفاد. ولم يكن هناك أي وسيلة لسحب مزيد لأن البنوك كانت مقفلة. اتخذ الفيصل وأصدقاؤه من محطة الباصات مأوى حتى سمعوا أن هناك سفينة تجلي المدنيين الأجانب من المنطقة. “سمعنا أنه كان هناك لجنة تابعة للمملكة العربية السعودية تجلي الأجانب بشكل عشوائي. توجهنا إلى الميناء وبالفعل كان هناك لجنة أخذوا جوازات السفر وطمأنونا أننا سنتوجه بالباخرة من بورسودان إلى جدّة”.

وكان هناك 1700 راكب من 58 جنسية مختلفة على متن الباخرة.

أطفال يمنيين عالقين في بورتسودان

“أنا من المحظوظين”

أنقذ الإجلاء مئات الناس لكن هناك كثير من معارف الفيصل وغيرهم ما زالوا عالقين في بورتسودان، والبعض الآخر فقد حياته على الطريق. يقول الفيصل “هناك كثير من الشباب الأجانب وخصوصاً اليمنيين والسوريين ما زالو عالقين هناك. الحكومة اليمنية والسفارات اليمنية والسورية لم تفعل شيئاً. البعض منهم ينام في الشارع. عبر تواصلي مع معارفي هناك سمعت عن أكثر من حالة وفاة وكذلك حالات إجهاض. الوضع مزرٍ جداً. الله يكون في العون”.

الحكومة السعودية أعطت الفيصل مهلة 30 يوم عبور تنتهي في الـ27 من مايو. الطبيب الشاب لا يعرف ما الذي سيفعله بعد ذلك، ويقول “أنا أبحث عن مكان جديد أنتقل إليه وأعيش فيه لكن الخطة غير واضحة حتى الآن”.

وعن مشاعره في الوقت الحالي، يقول “المشاعر متخبطة، أنا سعيد لأنني نجوت وفي الوقت نفسه حزين لأن معارفي وأصدقائي هناك وكل حياتي وعملي هناك”.

وكانت عائلة الفيصل هاجرت إلى السويد في العام 2019 وحصلت على الإقامة وهي الآن مقيمة في مدينة يونشوبينغ.

ألا تنوي الهجرة إلى السويد؟

أنا أحاول ولكن لا طريق حتى الآن. إذا هاجرت فأريد الذهاب بطريقة نظامية. لا أنوي الهجرة بطريقة غير شرعية.

شاهد بالفيديو قصف العاصمة الخرطوم في الـ17 من أبريل. تصوير الفيصل وحيد:

هديل إبراهيم

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.