عاشت 22 سنة في السويد تحلم بالأمل.. المسنة نازنين: ترحيلي يعني موتي

: 6/17/23, 9:48 AM
Updated: 6/17/23, 9:53 AM

الهجرة ترفض منحها الإقامة و”التقاعد” تطالبها بمليون و200 ألف كرون
عائلتها في السويد وليس لها أحد في العراق

الكومبس – خاص: 22 عاماً قضتها نازنين كريم محمد في السويد لم تكن كافية لتحقيق حلمها بالحصول على الإقامة فتبقى بين أبنائها وأحفادها. قرار مصلحة الهجرة برفض الإقامة ثلاث مرات يجعل الأم والجدة البالغة من العمر 78 عاماً تحت تهديد دائم بالترحيل. والأدهى أنها مطالبة الآن بتسديد مليون و200 ألف كرون لهيئة التقاعد، هي قيمة المعاشات التقاعدية التي تقاضتها منذ 2010. مبلغ كبير باتت ملزمة بدفعه دون ذنب اقترفته، كما تقول نازنين للكومبس.

تجفف نازنين دموعاً تلخص قصة حياتها وعذابها المستمر مع عدم الاستقرار في البلد الذي تستقر فيه ابنتها وعائلتها. تغالب حشرجة الصوت لتقول “أين يريدونني أن أذهب. لا أحد لي هناك. كل عائلتي خارج العراق، فكيف سأتدبر أموري بعد 22 سنة قضيتها هنا؟!”.

جاءت نازنين، وهي معلمة كردية عراقية، إلى السويد في العام 2001 بعد أن توفي زوجها في ظروف مأسوية. كانت تريد أن تلحق بابنها وابنتها بعد أن هاجر الابن إلى ألمانيا، والابنة إلى السويد، واستقرا فيهما.

استغرق طلب اللجوء الذي تقدمت به نازنين سنوات لتحصل في العام 2006 على إقامة مؤقتة لمدة سنة، كانت مصلحة الهجرة تمنحها لكثير من الأكراد الذين فروا من ظروف الحرب والدمار.

لم تطل فرحة نازنين بالإقامة طويلاً، حيث رفضت مصلحة الهجرة تمديد الإقامة في العام 2007. ومنذ ذلك الحين دخلت نازنين في رحلة طويلة من عدم الاستقرار.

“أصبحت الإقامة حلمي الوحيد الذي حُرمت منه”. هكذا تتحدث نازنين عن حلم حياتها في سنواتها الـ22 التي قضتها في السويد، وهو حلم كان يزداد بعداً كلما مرت السنوات.

تقدمت نازنين بطلب اللجوء 3 مرات، وفي كل مرة كانت تعيش الصدمة نفسها “طلبك مرفوض لعدم وجود أسباب للجوء ولأن عمر الابنة فوق الـ18 عاماً وتستطيع أن تعيش لوحدها”. ولأن القوانين دون مشاعر عادة، لم تأخذ مصلحة الهجرة بعين الاعتبار الحالة الإنسانية لنازنين ورغبتها في أن تبقى مع عائلتها.

مطالبة بتسديد مبلغ كبير

لم تكن الإقامة مشكلة المرأة ذات الـ78 عاماً الوحيدة، بل إنها فوجئت في العام الماضي بمشكلة تتعلق بالنظام السويدي والتواصل بين السلطات المختلفة.

حصلت نازنين بحكم سنها على معاش تقاعدي بعد حصولها على الإقامة المؤقتة وعلى رقم شخصي. واستمرت هيئة التقاعد في دفع المعاش (حوالي 10 آلاف كرون بعد الضريبة) حتى بعد رفض الهجرة تمديد الإقامة. واستمر التعامل مع نازنين في كل دوائر الدولة بشكل طبيعي باعتبار أنها تحمل رقماً شخصياً.

تقول نازنين “كيف لي أن أعرف أن علي إبلاغ التقاعد بسحب إقامتي. ظننت أنهم يعرفون أكثر مني بأن إقامتي توقفت”.

في العام الماضي تلقت نازنين فاتورة من هيئة التقاعد تطالبها بإرجاع مبلغ مليون و200 ألف كرون خلال 14 يوماً فقط وإلا سيحال الأمر إلى هيئة جباية الديون (كرونوفوغدن).

“من أين آتي بالمبلغ وأنا المرأة المسنة التي تدفع معاشها التقاعدي لدفع إيجار السكن والفواتير. كيف لي أن أجمع مبلغاً كهذا في 14 يوماً؟! (..) أنا مستعدة لتقسيط المبلغ لو أن بإمكاني الحصول على إقامة”.

لا تعرف نازنين بعد، ما حصل بشأن مطالبتها بالمبلغ في هيئة جباية الديون. فتركيزها الآن على موضوع الإقامة، خصوصاً بعد أن دعتها مصلحة الهجرة لمقابلة الأسبوع المقبل بهدف النظر في وضعها بعد قرار الرفض.

تبدي نازنين استغرابها كيف تُعامَل في الرعاية الصحية وكل دوائر الدولة الأخرى باعتبارها تحمل رقماً شخصياً، رغم أنها لا تحمل إقامة. وتقول إن المركز الصحي يطلب منها دفع رسوم العلاج باعتبارها حاصلة على الرقم الشخصي ولا يقبل بالبطاقة التي تمنحها مصلحة الهجرة لطالبي اللجوء. بل إنها كانت تجدد هويتها الشخصية من مصلحة الضرائب بشكل دائم دون أي مشاكل. ومع ذلك تطالبها هيئة التقاعد بدفع مبلغ هائل باعتبارها غير مقيمة قانوناً في البلاد. “فهل استغرق وصول المعلومات من مصلحة الهجرة إلى هيئة التقاعد 12 عاماً؟!”. تتساءل نازنين.

كانت حضن حفيدها في مواجهة السرطان

لنازنين ابنة في السويد عاشت قصة إنسانية أخرى مع طفلها الذي أصيب بسرطان في المخيخ أقعده على كرسي متحرك. وكانت الجدة حضنه الدافئ في مواجهة المرض سنوات طويلة، كما كانت المعين الوحيد لابنتها في مواجهة المحنة. غير أن علاقة الجدة بحفيدها وحاجته لها لم تكن سبباً كافياً أيضاً لمنحها الإقامة.

تعيش نازنين حالياً لوحدها في شقتها التي تقيم فيها منذ سنوات طويلة. وتساعدها ابنتها بدفع الإيجار. وتتولى المرأة المسنة تدبر أمور حياتها بعد أن أوقفت البلدية خدمة الرعاية المنزلية لها باعتبارها غير حاصلة على الإقامة. ولا تحصل حتى على مساعدة مالية من مصلحة الهجرة لأنها مسلجة في عنوان شقة.

تبحث نازنين عن أي بريق أمل يساعدها في البقاء إلى جانب أولادها وأحفادها. وتقول “أريد أن أموت هنا بين أحبائي. ليس لي أحد هناك. فهل حُكم علي أن أموت غريبة كما عشت غريبة (..) أنام باكية وأفيق باكية”.

بعد قصة حياتها الصعبة التي انتقلت معها من بلدها الأم إلى السويد لتعيش سنوات من القلق وعدم الاستقرار، تتساءل نازنين “أليس للقانون قلب؟”.

الناشي: الأمل بالمحكمة

الكومبس سألت مصلحة الهجرة عن قضية نازنين، وعما إن كانت قوة صلة الشخص بالسويد تلعب دوراً في منحه الإقامة. وتنتظر الكومبس رداً من مصلحة الهجرة.

في حين علّق المحامي مجيد الناشي بعد إطلاعه على القضية بالقول إن “المشكلة تكمن في أن القانون عادة أعمى، بمعنى أنه لا يأخذ كل الامور بعين الاعتبار، وينظر فقط إلى الفقرات القانونية ومدى تطبيقها. والهجرة أيضاً عمياء، حيث تحاول تطبيق الفقرات القانونية بالطريقة التي ترتئيها”.

وعما يمكن فعله قانونياً في قضية نازنين، قال الناشي “برأيي هذه القضية يمكن فيها الاستئناف أمام المحكمة حيث قد يكون لديها تقييم مختلف”، لافتاً إلى أهمية إبراز قوة علاقة المرأة بالسويد “لأن الواضح من قرار الرفض الأخير أنهم غير مدركين الوضع الفعلي بشكل كاف حيث أنهم لم يعتبروا التقارير قوية، لذلك من الضروري التركيز على هذه النقاط، ليكون هناك أمل في النجاح بالمحكمة”.

وعن موضوع مطالبة المرأة بتسديد الرواتب لهيئة التقاعد، قال الناشي “يجب إرجاع المبلغ لصندوق التأمينات الاجتماعية، لأنه من المتعارف عليه أن الشخص الذي تنتهي إقامته أو تسحب لا يكون بإمكانه الحصول على أي مساعدات اجتماعية. ولهذا السبب صندوق التأمينات يرسل إخطار بضرورة تسديد المبلغ. ولكن بشكل فعلي فالمرأة بهذا الوضع، إذا تم ارجاعها إلى بلدها أو إذا بقيت هنا لن يكون بإمكانها أن تعيد المبلغ. لكن قانونياً الهيئة ملزمة بالمطالبة بتسديد المبلغ. بشكل عام اعتقد أنه من الضروري التركيز على قضية اللجوء إلى حين الحصول على نتيجة إيجابية ومن ثم يتم العمل على القضية الثانية”.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.