عام مر على حكم بايدن…بماذا اختلف عن ترامب تجاه القضايا العربية؟

: 1/22/22, 7:45 AM
Updated: 1/22/22, 7:45 AM
عام مر على حكم بايدن…بماذا اختلف عن ترامب تجاه القضايا العربية؟

الكومبس – دولية: اختلف الرئيس جو بايدن عن سلفه دونالد ترامب في ملفات خارجية عديدة، لكنه كان نسخة عنه في ملفات أخرى، كما تراجع عن وعود معينة ووفى بأخرى. كيف تبدو حصيلة سياسات الرئيس الأمريكي في المنطقة العربية؟

مرّ عام على توّلي جو بايدن البيت الأبيض. وعد الرئيس الأمريكي بالكثير من المتغيرّات التي قال إنها ستميزه عن سلفه دونالد ترامب، ومن ذلك العلاقات الأمريكية مع عدد من الدول العربية. تحتل هذه الدول عنصراً رئيسياً في السياسة الخارجية الأمريكية، وإن كانت تأتي في مراتب أقل اتساعا من العلاقة مع الاتحاد الأوروبي والدول الحليفة في الناتو وكذلك العلاقة الملتبسة مع روسيا والصين.

هل وفى بوعوده حول حقوق الإنسان؟

أبرز ما وعد به جو بادين هو الاهتمام بحقوق الإنسان وإعطائها بعدا هاما بدل التركيز فقط على الغنائم الاقتصادية والسياسية التي غالبا ما كان ترامب يضعها في مقدمة أهدافه. يتذكر المصريون ما قاله ذات مرة قبل انتخابه من أن الشيكات على بياض لديكتاتور ترامب المفضل، وقصد به بشكل مباشر، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لن تستمر.

كما هاجم بشكل قوي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وربط بينه وبين مقتل جمال خاشقجي خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، ووعد أنه في ظل إدارته ستتم إعادة تقييم العلاقة الأمريكية-السعودية، وسينتهي الدعم الأمريكي لحرب الرياض في اليمن، لافتا أنه سيتأكد من أن بلاده “لا تناقض قيمها لأجل بيع الأسلحة أو شراء النفط”.

نفذ بايدن جزئياً ما وعد به في الحالة المصرية، وربطت الإدارة الأمريكية استكمال جزء من المعونة العسكرية الموجهة للقاهرة، يقدر بـ 130 مليون دولار، من أصل 300، بتحسبن القاهرة لسجلها في حقوق الإنسان وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، لكن القاهرة لم تستجب للضغط الأمريكي ومضت قدما في المحاكمات السياسية.

لكن في الحالة السعودية، تراجع بايدن جزئياً عن لهجته الصارمة، ورفض اتخاذ إجراءات ضد محمد بن سلمان رغم تقرير الاستخبارات الأمريكية الذي خلص إلى مسؤوليته عن اغتيال خاشقجي، وبرّر بايدن ذلك بأنه لم يحدث قط أن عاقبت واشنطن حكام دولة حليفة، مكتفيا بالعقوبات ضد مسؤولين سعوديين في مستويات أقل، كما استمر في تسليح الرياض.

غير أن بايدن لم يمض في العلاقة الودية ذاتها التي جمعت البلدين في عهد ترامب، إذ لم يلتق محمد بن سلمان ولم يتحدث معه بشكل مباشر، لكنه أجرى حديث هاتفي مع الملك سلمان بن عبد العزيز، كما أن أكبر مسؤول أمريكي زار السعودية خلال 12 شهرا من ولاية بايدن كان مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، وأكبر مسؤول سعودي يزور واشنطن هو نائب وزير الدفاع، الأمير خالد بن سلمان.

كيف دبّر النزاعات؟

لم يخرج جو بايدن عن خط الإدارة الأمريكية فيما يتعلقّ بالمواجهات بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية المسلحة وأبرزها حماس، وأكد على “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، لكنه طالب في وقت لاحق بوقف التصعيد، كما دخل معها في خلافات حول ملف إيران النووي، وهو الملف الذي يعتمد فيه بايدن موقفا مخالفا تماما لسلفه، إذ ركز على إحياء المفاوضات مع طهران، بعكس ما ترغب به إسرائيل.

وهناك ملف آخر شكّل تحديا كبيرا لبايدن، يخصّ اعتراف ترامب بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية. فالرئيس بايدن لم يتراجع عن القرار، لكنه في الوقت نفسه لم يدعمه بشكل صريح، وحاولت الإدارة الجديدة البقاء على خط محايد نسبيا، خصوصا دعمها الواضح للمبعوث الأممي الجديد، ستيفان دي ميستورا.

أما أهم قرار مؤثر اتخذه بايدن في العلاقة مع العالم الإسلامي فهو سحب الجنود بشكل نهائي من أفغانستان، ما فتح الباب على مصراعيه لحركة طالبان للاستيلاء على السلطة. لم يغير بايدن كثيرا في استراتيجية سلفه الذي كان يخطط بدوره لسحب القوات من هذا البلد بعدما تبين للإدارة الأمريكية أنها غير قادرة على كسر شوكة طالبان، لكن ترامب لم يكن راضيا عن طريقة الخروج “الفوضوية” التي أظهرت القوات الأمريكية كما لو أنها انهزمت بدلا من أن تخرج باتفاق مسبق مع طالبان.

ومن أكبر الملفات التي وجدها بايدن على طاولته، ما يتعلق بحرب اليمن التي لم تنته رغم تراجع عدد القوات المشاركة فيها وتأكيد الإدارة الأمريكية مراراً على ضرورة توقفها. وأول ما قام به بايدن هو الوفاء بوعده بعدم دعم الرياض في الحرب بإعلان وقف الدعم الأمريكي للعمليات الحربية في اليمن ومن ذلك مبيعات الأسلحة، ثم أعلن لاحقا سحب جماعة الحوثي من قائمة الإرهاب، وكان ضم الجماعة إلى القائمة خطوة اتخذها سلفه ترامب في أيامه الأخيرة.

لكن هجوم الحوثيين الأخير على أبو ظبي جعل بايدن يبحث إمكانية إعادة الجماعة إلى قائمة الإرهاب، خصوصا أنه أكد التزام بلاده بأمن الإمارات وبالدفاع عنها. وتلتقي مصالح واشنطن وأبو ظبي في ضرورة تحجيم إيران، أكبر داعم للحوثيين، وكذلك في علاقة ثلاثية تجمعهما بإسرائيل في أعقاب اتفاقيات أبراهام.

تحدث هذه التطورات في فترة لم تحقق فيها عملية السلام أيّ تقدم، لكن لا يرشح خبراء عودة الدعم العسكري الأمريكي المباشر للتحالف السعودي-الإماراتي في اليمن، إذ تظهر إدارة بايدن مقتنعة أن الأزمة في اليمن لن تحلّ عسكريا وأن تكلفتها الإنسانية الباهظة سترتفع في حال اشتداد سعير الحرب.

ع.ا

ينشر بالتعاون مع DW

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.