منصة الكومبس

على منصة الكومبس: هل تملك الحكومة الإرادة السياسية لوقف حرق المصحف؟

: 7/24/23, 5:42 PM
Updated: 7/26/23, 12:08 PM
الندوة شهدت نقاشاً جاداً من شخصيات دينية وقانونية وسياسية ومجتمعية

محاور: العلاقة بين الجمعيات الإسلامية والسلطات السويدية أمنية فقط

الكومبس – خاص: تثير تجمعات حرق المصحف ردود فعل دولية غاضبة، الأمر الذي يثير اهتمام الإعلام السويدي والعالمي، غير أن تأثير كل هذه التداعيات ينعكس أولاً على المهاجرين في السويد قبل غيرهم.

مؤسسة الكومبس الإعلامية جمعت عدداً من الخبراء في مجالات مختلفة في ندوة حوارية استشارية نظمتها يوم الجمعة الماضي تحت عنوان “دور منظمات المجتمع المدني في الحراك الهادف إلى منع إهانة الرموز الدينية”.

وتأتي الندوة ضمن سلسلة من فعاليات منصة الكومبس الحوارية Alkompis panel، إضافة إلى نشاطات مختلفة مثل استطلاعات الرأي لإيصال صوت الناطقين بالعربية في السويد.

الدعوة للندوة كانت خاصة ووجهت إلى شخصيات معينة تمثل فعاليات دينية مختلفة وقانونية وسياسية ومجتمعية، وكانت الدعوات مقتصرة على 12 شخصاً، غير أنه في اليومين الأخيرين سجّل للندوة وحضرها 45 شخصاً، بسبب أهمية الموضوع وسخونته، بعد إعادة إهانة المصحف إمام السفارة العراقية قبل يوم واحد من انعقاد الندوة.

وتضمنت الندوة التي انعقدت في مقر الكومبس في ستوكهولم المحاور التالية:
1. دور الإعلام المسؤول في الأزمات وأهمية هذه الندوة: د. محمود آغا

2. الوضع القانوني، الإمكانيات أمام المشرع السويدي لمنع إهانة الرموز الدينية: المحامي مجيد الناشي.

3. دور الكنائس الدافع نحو هدف منع إهانة المقدسات: الأب إدريس حنا

4. طرق الوصول إلى السياسيين، وهدف تقوية مفهوم المواطنة الشاملة: عضوة البرلمان السويدي السابقة: ماجدة أيوب، وحسين الداوودي من الوقف الاسكندنافي للعلاقات، وفيكتور سماعنة من لجنة القدس.
5. تنسيق عمل الجمعيات والاتحادات الإسلامية: الشيخ محمود خلفي مدير المركز الإسلامي في ستوكهولم، د.محمود الدبعي أحد مؤسسي العمل الإسلامي في السويد، الشيخ صلاح بركات مدير الأكاديمية الإسلامية ومقرها مالمو.
6. مبادرات ومداخلات وتوصيات.

دور الإعلام في هذه الأزمة

تحدث رئيس تحرير مؤسسة الكومبس د.محمود آغا في مقدمة الندوة وتناول أهمية انعقادها وما يترتب على ذلك من استمرارية نحو هدف إحداث تغيير لتفسير القانون الذي لا يزال يتيح حرق الكتب المقدسة والرموز الدينية إجمالاً.

وشرح رئيس التحرير معنى أن يكون الإعلام مسؤولاً خصوصاً في الأزمات، عبر الابتعاد عن التحريض ومكافحة الشائعات والمعلومات المضللة، مقابل تقديم المعلومة الصحيحة حتى لو كانت حقيقة قاسية، والابتعاد عن الإعلام الموجه لدغدغة المشاعر واستغلال عواطف الناس. وأكد أن الكومبس التي تدفع في العديد من الحالات ثمن قولها الحقائق تحافظ على مصداقيتها لتكون أيضاً منصة تتيح للجميع التعبير عن آرائهم وأفكارهم، دون تدخل، شرط ألا يكون الرأي تشهيراً أو على شكل اتهامات دون دليل.

وشدد د.آغا على حرص الكومبس على القيام بدورها الإعلامي المتمثل ليس فقط بأن تكون قناة لنقل الخبر والمعلومة ومختلف المواد الإعلامية، بل لتكون أيضاً منصة حوار للجميع. وقال “تقام هذه الندوة التي نتمنى فيها أن يتعلم كل منا من الآخر ويستفيد منه ومن خبراته وتجاربه وأفكاره، فنحن أتينا إلى هنا لنستمع إلى بعضنا، قبل أن نفكر بالخطط والطرق ووضع الاستراتيجيات”. وأضاف أن “الحراك نحو التغيير موجود الآن في السويد وقد بدأ، ونحن نلاحظه من خلال النقاشات والمقالات ذات الطابع السياسي والقانوني والأمني الذي أحدثه السماح المتكرر لحرق المصاحف، كما نلاحظ الحراك أيضاً من خلال نشاطات الجاليات العربية والشرقية الإسلامية منها والمسيحية ضمن إطار استخدام الأدوات الديمقراطية والقانونية المتاحة، وتأتي هذه الندوة ضمن زيادة المعرفة وتبادلها، من أجل تصويب أكثر دقة وتأثير لكافة الجهود المبذولة”.

الإمكانات القانونية لمنع إهانة الرموز الدينية

قدم المحامي مجيد الناشي أمام الندوة عرضاً دقيقاً للحالة القانونية، إضافة إلى الاحتمالات المتاحة للتأثير والتغيير في القوانين وتفسيراتها لتصبح إهانة الكتب المقدسة محظورة بشكل كامل ودائم وليس بشكل مؤقت وحسب كل حالة. وأجاب الناشي على التساؤلات التالية:
على ماذا بالضبط يعتمد حالياً المشرع السويدي في منح تصاريح لحرق الكتب المقدسة؟
حسب عدة مقالات ونقاشات قانونية هناك من يطالب بالإبقاء على القانون الأساسي على أن يكون التغيير فقط على قوانين الحق في التجمعات، فهل يمكن أن يوضع ذلك ضمن التحريض على الكراهية ضد مجموعات عرقية ودينية؟ إلى الآن لم تصل أي قضية لحرق الكتب المقدسة للمحاكم السويدية لماذا؟ هل يوجد تقصير؟ أم أن طريقة التناول غير صحيحة؟
كيف يمكن للجمعيات الدينية ان تسهم في هذا الحراك بشقه القانوني، وما هي خريطة الطريق؟

وأجاب الناشي عن هذه الأسئلة وغيرها، مشدداً على أن المساس بقانون حرية التعبير يمكن أن يؤثر سلباً، على الأقليات العرقية والدينية ومنها المسلمون الذين يتمتعون الآن بحقوق كاملة لممارسة شعائرهم. كما كشف أن مكتبه قدم دعوة رسمية منذ أيام ضد سلوان موميكا لأنه تجاوز حدود انتقاد الدين إلى التعرض لأصحاب هذا الدين.

دور الكنائس في منع إهانة المقدسات

معظم أو كل الكنائس في السويد نددت وأدانت بالتعرض للمصحف وإهانته من قبل أشخاص يستغلون حرية التعبير في المجتمع. الأب إدريس حنا من الكنيسية السريانية الكاثوليكية، قدم مداخلة بدأها باستنكار هذه الأفعال “البغيضة”، حسب وصفه، والتي من شأنها أن “تزيد الشرخ وتنشر الفتنة بين مكونات المجتمع”. وقال إن المسيحيين المؤمنين يتعرضون أيضاً للإهانة أحياناً، مؤكداً أن الكنسية تقوم بواجبها أمام رعاياها وخصوصاً الشباب بحثهم على نشر قيم التسامح والتحذير من الانسياق إلى مزالق الطائفية، لأن “إهانة المصاحف هي إهانة لكل المؤمنين، لأن المصاحف كلام الله، وفيها قصص الأنبياء والقديسين الذين يؤمن بهم المسيحيين كما المسلمين. ونالت كلمة الأب إدريس حنا إعجاب وثناء الحاضرين.

طرق الوصول إلى السياسيين

بعدها وقف في منصة الحوار كل من: عضوة البرلمان السويدي السابقة ماجدة أيوب، وحسين الداوودي من الوقف الاسكندنافي للعلاقات، وفيكتور سماعنة من لجنة القدس. وناقش هذا المحور الأسئلة التالية: كيف نصل للسياسيين والبرلمانيين للتأثير عليهم وعرض القضايا أمامهم بشكل مؤثر ويعطي نتائج؟ ما لغة الخطاب السياسي المقبولة وكيف يمكن أن تكون الأدوات الديمقراطية المتاحة أكثر تأثيراً وفعالية أمام السياسيين. إضافة إلى سؤال حول المواطنة الشاملة والهوية الدينية والثقافية الخاصة، فهل يعد ضعف الشعور لدى أفراد من الأقلية الإسلامية والعربية والشرقية إجمالاً بمفهوم المواطنة الشاملة عائقاً أمام اندماج والانخراط أكثر في قضايا المجتمع العامة؟

النائبة ماجدة أيوب ومن خلال تجربتها من البرلمان السويدي، اعتبرت أن معرفة القوانين والتمكن من المعلومة الاجتماعية يسهّل الوصول إلى السياسيين، إضافة إلى استخدام أي مناسبة على المستوى الشخصي أو العام، للتحدث مع السياسيين. كما أكدت أهمية تشجيع المشاركة في الأحزاب والجمعيات والعمل المجتمعي. فيما شدد فيكتور سماعنة على ضرورة الاستمرار بتنظيم المظاهرات والأدوات القانونية والديمقراطية للضغط على السياسيين للإصغاء وأخذ الأمور بجدية أكثر. كما تصدى حسين الداودي للإجابة عن أهمية تقوية الشعور بالمواطنة الشاملة واعتبار المسلم في السويد، مواطناً سويدياً مسلماً كما المواطن السويدي المسيحي أو اليهودي أو غيرهما.

تنسيق عمل الجمعيات والاتحادات الإسلامية

تناول المحور عمل الجمعيات والاتحادات الإسلامية، ومدى حضور هذه الجمعيات والاتحادات وتأثيره في المجتمع. وشارك في هذا الحوار: الشيخ محمود خلفي مدير المركز الإسلامي في ستوكهولم، د. محمود الدبعي أحد مؤسسي العمل الإسلامي في السويد، الشيخ صلاح بركات مدير الأكاديمية الإسلامية ومقرها مالمو.

بدأ الحوار بسؤال: هل تراجع حضور الجمعيات الإسلامية وتأثيرها خلال السنوات العشر أو العشرين الماضية؟ وما سبب هذا التراجع؟ الحكومات السابقة قبل حوالي 15 سنة كانت دائماً تستشير وتناقش الجمعيات الإسلامية في كل الأمور والظواهر الاجتماعية التي تخص المكون المسلم، أما الآن فيكاد يختصر التنسيق على اجتماعات مع القيادات السياسية لأخذ الصور؟

الشيخ محمد خلفي أكد حقيقة هذا التراجع وقال إن العلاقة مع السلطات السويدية تكاد تقتصر حالياً على الأمور الأمنية، فـ”علاقتنا الدائمة تكاد تكون فقط مع الأمن السويدي”. وأضاف الخلفي “نحن لسنا ضد الاجتماعات الأمنية التي تحمينا وتحمي المجتمع، لكن سابقاً كنا نُستشار وكان التنسيق معنا أفضل لحل مسائل مهمة تخص المجتمع والجالية.

وعن أسباب هذا التراجع اعتبر الخلفي ومحمود الدبعي من بعده أن الخوف مما يسمى “الإسلام السياسي” هو السبب، وقالا إن هذا التخوف ليس مبرراً بل “حجة” لتحجيم العمل الإسلامي.

وتطرق الحديث إلى ما هو سياسي محظور وسياسي ضروري عندما يتعلق الأمر بالعمل الإسلامي المنظم في السويد. د. محمود الدبعي الذي يحتفظ بتاريخ من العلاقات مع سياسيين قدامى قدم عرضاً مختصراً عن نشأة العمل الإسلامي المنظم في السويد ومسيرة هذا العمل. فيما طالب للشيخ صلاح، الذي ينتمي لجيل جديد من الشباب المسلم في السويد والذي له حضور مميز مع الطبقة السياسية ومع عدد من الجمعيات والمنظمات من عدة أديان، بإجراء دراسة للتحقق ما إن كان هناك تراجع في التعامل مع الجمعيات الإسلامية أم لا، دراسة تبين أيضاً أسباب هذا التراجع في حال وجوده. وأثار الشيخ صلاح موضوعاً مهماً على شكل تساؤل: هل فعلا تتوفر حالياً الإرادة السياسية لهذه الحكومة لإحداث تغيير يوقف حرق المصاحف والرموز الدينية إجمالاً؟

الحديث في هذا المحور استغرق أكثر من ساعة ونصف وتطرق إلى مواضيع عدة، منها كيف يمكن تقديم عمل إسلامي قد يكون طموحه تأسيس لوبي أو مجموعة ضغط أو على الأقل هيكلية تضمن أن تُستشار ويكون لها رأي في القضايا التي تهم المسلمين في السويد.

مداخلات وتوصيات

تخلل محور تنسيق عمل الجمعيات والاتحادات الإسلامية في السويد مداخلات عدة من الحضور، تميزت والتنوع والحرص على إنجاح هدف الندوة،غير أن مداخلة وحيدة بدت وكأنها خارج السياق، حيث تحدث شخص يمثل حزب التحرير الإسلامي، اعتبر أن “لا فائدة من التحدث مع الأحزاب أو التعامل معها أو حتى انتخابها”، معتبراً أيضاً أن “الطريقة الوحيدة هي الضغط الخارجي على السويد من قبل الدول الإسلامية ومقاطعة البضائع السويدية”.

ورد الشيخ محمود خلفي على هذا الطرح واعتبر أنه “ليس في صالح المسلمين في السويد، لأن المسلمين مواطنون سويديون ويجب أن يكونوا حريصين على بلدهم السويد وعلى اقتصاده وأمنه المجتمعي”، الأمر الذي أيده بقية المحاورين على المنصة.

وجرى الاتفاق على إرسال مزيد من التوصيات والأفكار بعد الندوة لمتابعة نتائجها والبناء عليها. وتم تسجيل الندوة تلفزيونياً بشكل كامل وسيتم عرضها على منصات الكومبس وموقعها الإلكتروني.

يمكنكم مشاهدة الندوة كاملة من خلال الرابط التالي: الحوار من أجل المعرفة: كيف نوقف إهانة المقدس

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.