“حملة التضليل تتهمني بخيانة القضية والسوسيال لا يكترث”
الكومبس – خاص: بعد أن كان أحد أهم قادة الحراك الذي أطلقت الصحافة السويدية عليه “حملة التضليل ضد السويد والخدمات الاجتماعية (السوسيال)” انقلب علي الصيداني وغير مكانه، معلناً خروجه من هذه الحملة بعد أن “تحولت في جزء كبير منها إلى أداة بيد أشخاص داخل السويد وخارجها، كان كل همهم ليس إرجاع الأطفال إلى أهاليهم، بل التشهير بالسويد ومؤسساتها”، حسب ما قاله علي في مقابلة مع الكومبس ووسائل إعلام سويدية أخرى قبل حوالي 7 أشهر في تفسيره لترك الحراك ، مضيفاً أن هذه الحملة “لم تستطع المساهمة بحل مشكلة أي عائلة متضررة من قانون الرعاية القسرية، بل فاقمت الأمور أكثر وحرضت الرأي العام السويدي ضد الحملة وحرمتها من أهم عوامل نجاحها وهي المصداقية التي كانت يمكن أن تكسب تعاطف الرأي العام”.
علي الصيداني الذي تولت الخدمات الاجتماعية رعاية ابنتيه قسرياً في العام 2020 قال في مقابلة جديدة معه إنه لا يستطيع نسيان ذاك اليوم، تاريخ 29 مارس 2020، كانت الساعة بحدود الثالثة ظهراً، عندما أتى السوسيال بمساعدة الشرطة، وانتزعوا الطفلتين من المنزل، وكأنهم انتزعوا معهما قلبه، ليغيروا مجرى حياته كلها. يتابع علي”من الطبيعي أن أتوتر وأغضب وأن اتصرف بعفوية، خصوصاً أن قرار سحب الطفلتين جاء على أساس تقرير طبي يقول إن أم الطفلتين وبسبب مرضها وحالتها النفسية الصعبة لا تستطيع تأمين رعاية آمنة للأطفال، وهنا ولسبب ما لم يستطع علي كما يبدو إظهار أنه مستعد أن يأخذ الرعاية على عاتقة، خصوصاً أن التقرير لم يذكر أن الأب اقترف أي خطأ.
لكن هناك أخطاء عدة استخدمها السوسيال ليبعد الأطفال عن الأم والأب، ومن هذه الأخطاء التحدي الذي مارسه علي لعمل السوسيال واتخاذ موقف عدائي منهم في البداية، كما يقوله هو نفسه.
الآن وقبل أيام فجع علي بوفاة زوجته. وتقول الشرطة إن التحقيقات الأولية لم تظهر أي سبب جنائي لوفاتها، بانتظار تقرير الطب الشرعي لتحديد سبب الوفاة، مع أنها كما قال علي كانت تعاني من مرض عضال.
وبعد أن ترك علي الحراك “المناهض للسويد”، وأعلن تعاونه الكامل في قضيته مع السوسيال، وبعد أن خسر زوجته التي كانت سبب الرعاية القسرية للأطفال حسب التقرير الذي سُحب الأطفال بموجبه، يصطدم علي الآن بعوائق جديدة يضعها موظفو السوسيال حسب قوله، مشبهاً الامر وكأنه يتعامل مع “آلة من البيروقراطية بلا إحساس أو رحمة”.
المبرر الجديد حسب ما يقول علي، وحسب تسجيلات اطلع عليها الكومبس، أن ابنته الكبيرة (11 عاماً) ترفض مقابلة والدها، لأنه كان “يضربها”، ويمكنه الآن فقط أن يلتقي مع ابنته الصغيرة (6 أعوام).
يؤكد علي أنه لا يشعر إطلاقاً بالندم على ترك “حملة التضليل” التي عادت لتنشط الآن خصوصاً من خارج السويد، لأنه كما يقول استطاع تحقيق نجاح كبير بأن نقل جهوده لإعادة أطفاله من خارج نظام الرعاية إلى داخلها، وأنه لم يعد يقف بالخارج فقط لكي يسب ويشتم ويكيل الاتهامات للسوسيال، بل إنه الآن يقوم بعمل مؤثر من الداخل، ومع أنه لم يحصل إلى الآن على كل ما يريده، ويصطدم دائما بوحش اسمه البيروقراطية، فإنه لم يستسلم وسيستمر باتباع كل الطرق القانونية وأدوات التأثير على الرأي العام لتحقيق هدفه.
يقول علي للكومبس “نعم أنا مصاب بخيبة أمل كبيرة منهم، فبدل أن يشجعوا الناس التي عادت إلى رشدها وتريد التعاون مع برامجهم لإعادة الأطفال، يضعون أمام الشخص العراقيل تلو العراقيل، دون أن نعرف السبب”. بهذه الكلمات يتساءل علي عن سبب تصرف السوسيال معه، خصوصاً أن “حملة التضليل” الشرسة تقف له بالمرصاد وكأنها تتمنى ألا ينجح بإرجاع أطفاله لكي يثبتوا أنه كان على خطأ حين تركهم، أو لأنه “خانهم”، حسب سيل الشتائم والاتهامات التي وُجهت له.
ولأن مثل هذه القصص تبقى من طرف واحد، وبسبب رفض الخدمات الاجتماعية التحدث عن ملفات سحب الأطفال للصحافة حفاظاً على السرية والخصوصية، توجهت الكومبس إلى المختص بالسلوك المعرفي فاروق الدباغ الذي يعمل لمساعدة الأهالي والأطفال ممن لهم قضايا مع السوسيال، وسألته:
أنت متابع لهذا الملف، أين برأيك تصرف السوسيال بشكل خاطئ في هذه القضية؟
نعم أنا متابع لقضية علي وأطفاله، وأعتقد بأن السوسيال يهمه أولاً وأخيراً مصلحة الطفل، وهو غير مهتم كثيراً كون علي ترك حملة التضليل، ولا يستطيع أن يحصل علي على مكافأة فورية مقابل ذلك، لكن بالتأكيد هذه خطوة كانت مهمة جداً قام بها علي ووضع نفسه في المسار الصحيح، ومن خلال إصراره على اتباع الطرق القانونية بشكل مجدٍ، سيكون لذلك نتائج. بالنسبة للأخطاء طبعاً هناك أخطاء يقع بها الموظف، ويمكن مواجهة هذه الأخطاء من خلال الوعي وحسن التصرف، من أهم وآخر هذه الأخطاء قيام السوسيال بتبليغ البنات بوفاة والدتهم دون وجود الأب، أي أقرب الأقارب لهم (Närmaste Anhöriga)، وهذا مخالف للقانون، لأنه يشكل صدمة عاطفية للطفل. والأخطر أن تؤدي الصدمة العاطفية إلى “اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، حيث أثبتت الدراسات العلمية أن 20 بالمئة من الأشخاص الذين يتعرضون لحدث صادم يصابون باضطراب ما بعد الصدمة.
لكن السوسيال يقول إن البنت الكبرى ترفض لقاء الأب، فكيف يمكن إبلاغها بالوفاة بوجود الأب؟
كان من الممكن انتظار وجود أقارب آخرين، وبالنسبة لرفض البنت مقابلة والدها، فهذا يمكن أن يكون شيئاً طبيعياً، مع الأخذ بنظر الاعتبار، أن هناك عوائل حاضنه تمارس الاستمالة العاطفية للطفل والتأثير والإيحاءات الذهنية ليبدأ الطفل بالدخول بالخلط بين الواقع والخيال، لذلك ينبغي على موظف السوسيال أن يكون حذراً ودقيقاً في التعامل مع الطفل ولا يعتمد على كل كلمة يقولها الطفل ويبني عليها قراره. وبالمناسبة هذا يدرس لطلاب علم الاجتماع، لكن ليس كل موظفي السوسيال يلتزمون به، ما يتسبب بقرارات خاطئة تستند فقط لادعاءات الأطفال. عندما تؤكد الأخت أو الأخ الادعاء، هنا يمكن الاخذ به، لأن الأخ يعتبر شاهد إثبات في العنف الاسري، لكن عندما يدعي طفل واحد فقط فيجب إعادة التحقيق لأكثر من مرة للتأكد من تطابق الأقوال والأحداث قبل اعتماد كلام الطفل موثوقاً به (Trovärdig) وهذا قانون LVU (الرعاية القسرية للأطفال واليافعين).
هل هناك أمل في عودة الأطفال لعلي؟
علي حقق الكثير واشتغل على نفسه لتحقيق مطالب السوسيال، وهو استطاع انتزاع حق اللقاء بأطفاله، بعد أن كان ممنوع عليه نهائياً مقابلتهم، المشكلة الآن مع ابنته الكبرى التي تحتاج إلى رعاية كما يبدو، لكن ليس أمام علي سوى أن يسلك الطريق القانونية الصحيحة، وأن يطالب دوما بحق اسمه “إعادة فتح ملف التحقيق” (Omprövning) خصوصاً أن السبب الذي سُحب الأطفال من أجله، لم يعد موجوداً بعد أن فُجع علي بوفاة زوجته.
كيف تنظر إلى استغلال بعض أطراف الحملة لوفاة زوجة علي؟
للأسف هذه الأطراف تستغل مآسي الناس وتستخدم حتى حالات الوفاة من أجل أجنداتها الخاصة التي أصبحت مكشوفة للجميع، المرأة كانت تعاني من مرض عضال، ولم يصدر بعد التقرير النهائي الذي يبين سبب الوفاة، لكن هناك أشخاص معروفين بنشاطاتهم داخل الحملة، مع أنهم أشخاص مجهولي الهوية غير معروفين لا بأسمائهم الحقيقية ولا بأشكالهم أو مكان إقامتهم، يريدون إثبات بأن علي وغيره ممن كشف ادعاءاتهم الباطلة، أخطؤوا وكان من المفترض أن يبقوا تحت جناحهم مع أنهم لم يحققوا سوى الخراب للعائلات المتضررة، وحتى أنهم ألحقوا الضرر بنا كجاليات عربية وإسلامية، وساعدوا على تقوية اليمين المتطرف، الذي يشترك معهم بنفس هدف شرخ المجتمع السويدي، وزيادة عزلة الأجانب. نتمنى لعلي ولكل المحرومين من رؤية أبنائهم أن يجدوا الطرق الأمثل من خلال اتباع كل الطرق القانونية المؤثرة، والمساهمة في كشف أي حالة من حالات الظلم أو التقاعس أو الخطأ أو الإهمال من قبل موظفي الخدمات الاجتماعية.