الكومبس- خاص: “زيارة طبيب عادية غيّرت مجرى حياتي ووضعتني أمام الخبر الصادم، إصابتي بسرطان البروستات”، هكذا يبدأ آدم (اسم مستعار) الحديث عن اكتشاف إصابته بالسرطان ورحلته ضد المرض، وكيف أنقذ الكشف المبكر بالصدفة حياته.

بعد انتهاء شهر “أكتوبر الوردي” الذي يعد رمزاً للوقوف بجانب النساء اللواتي يحاربن سرطان الثدي، يأتي شهر “نوفمبر” ليقف بجانب الرجال ويذكرهم بأنهم النصف الآخر للمجتمع. إذ انطلقت حملات الدعم والتوعية بضرورة الكشف المبكر عن “سرطان البروستات” أو (Prostatacancer) حول العالم مع بداية هذا الشهر.

في السويد ينصب التركيز على تقديم الدعم النفسي للرجال خلال شهر نوفمبر، إذ تنطلق العديد من الحملات التوعوية والنشاطات المتنوعة التي تهدف إلى نشر المعلومات الصحيحة والإرشادات الوقائية حول سرطان البروستات لدى الرجال، وذلك بعد “عيد الأب” الذي يتم الاحتفال به في الأحد الثاني من هذا الشهر أيضاً.

كما أصبح يُطلق على شهر نوفمبر اسم “نوفمبر الأزرق” أو “موفمبر” (Movember) لإبراز التضامن مع الرجال المصابين بسرطان البروستات. هذه التسمية التي تجوب منصات تواصل الاجتماعي حالياً تحت هاشتاغ movember# أو prostatacancer# جاءت عبر دمج لفظ شارب بالإنجليزية “موستاش” مع اسم الشهر “نوفمبر”، حيث يعتبر الشارب شعاراً لتلك المبادرة، وذلك على غرار الشريط الوردي الذي يرمز لمكافحة سرطان الثدي لدى النساء.

وفي السويد وحدها، يصاب بسرطان البروستات نحو 10 آلاف رجل كل عام، الأمر الذي جعل هذا النوع من السرطان أحد أكثر أنواع السرطان انتشاراً في السويد، من حيث عدد الأشخاص الذين يصابون به، كما بلغت نسبة خطر الإصابة بهذا النوع من السرطان لدى الرجال الذين تقل أعمارهم عن 75 عاماً نحو 13 بالمئة، وذلك وفقاً لإحصاءات نشرتها مؤسسة (Karolinska institutet).

وأطلقت “حملة الشوارب” أو (Mustaschkampen) التي تديرها “جمعية سرطان البروستات” في السويد شعارها هذا العام، وجاء على شكل شارب مرسوم باستخدام الأسماء الأولى الأكثر شيوعاً في السويد بين الرجال، مثل “دان، وبيتر، ورولاند، وفيكتور” كما لُوحظ وجود بعض الأسماء الأخرى مثل: “محمد، وعلي، وآدم”، حيث نشر القائمون على هذه الحملة شعارهم على موقعهم الإلكتروني، وقالوا إنه “يمكن أن يشير كل اسم في هذا الشعار إلى شخصٍ أو عائلة أو مجتمع يكافح ضد أكثر أشكال السرطان شيوعاً في السويد، ويسلط شعار هذا العام الضوء على أهمية أن يكون كل شخص جزءاً من المعركة. إن كل مساهمة هي جزءٌ مهم في رفع مستوى الوعي حول المرض وصحة الرجال في المجتمع”. وأضافوا “معاً، يمكننا المساعدة في التأثير على مستقبل أولئك الذين يكافحون سرطان البروستات مع أقاربهم”.

مصدر الصورة: Mustaschkampen

“زيارة طبيب عادية .. غيّرت مجرى حياتي”

“قاتل الرجال الصامت” هي تسمية أخرى يطلقها بعض الأشخاص الذين عانوا من مضاعفات سرطان البروستات، الكومبس تواصلت مع آدم (اسم مستعار) عمره 55 عاماً وهو من سكان مدينة ستوكهولم، اكتشف إصابته بسرطان البروستات في شهر سبتمبر 2023. يقول آدم “كنت في زيارة اعتيادية لدى الطبيب لأتأكد أنه ليس لدي أي نقص في بعض الفيتامينات، لكن الطبيب طلب مني أن أقوم بتحليل يُقال له (اختبار المستضد البروستاتي النوعي PSA)، وبالتالي فإن القيم المرتفعة لهذا التحليل قد تعطي مؤشراً بوجود التهاب أو سرطان في البروستات، وهذا ما حصل معي”.

آدم يعمل مترجماً حالياً ولديه ثلاثة أولاد، يقول للكومبس إن نتائج تحاليله الأخيرة أظهرت أن نسبة الـ(PSA) لديه قد أصبحت ضمن المعدل الطبيعي، وهذا قد يعطي مؤشراً بتعافيه من سرطان البروستات، ولكن الخطة العلاجية الخاصة به تستلزم أن يأخذ علاجاً هرمونياً لمدة عامين،. ويضيف “أثر الدواء الهرموني على حالتي النفسية إضافة إلى وقع خبر إصابتي بسرطان البروستات، ولهذا أخبرتُ طبيبي بهذا الأمر لأتلقى الدعم النفسي المناسب”.

الطبيب المُشرف على حالة آدم قال له في إحدى الزيارات “لقد أنقذت حياتك بسبب الكشف المبكر عن هذا المرض”، ويقول أدم عن هذا الأمر: “يمكنني القول إنني اكتشفت إصابتي بسرطان البروستات بمحض الصدفة حقاً حيث لا أنا ولا الطبيب توقعنا هذا الأمر خصوصاً أنني لم أعانِ من أية أوجاع أو مؤشرات قد تشير إلى وجود مشكلة لدي، وكما ذكرت كانت زيارة اعتيادية، لأكشف بعد يومين بأن الطبيب يحاول الاتصال بي ليخبرني بنبأ إصابتي. لم يكن الأمر سهلاً بالطبع”.

يتابع آدم “أنصح جميع الرجال الذين قاربوا بلوغ الأربعين من عمرهم أن يطلبوا بأنفسهم تحليل الـ(PSA) أو أن يطرحوا هذا الموضوع على أطبائهم لأخذ المعلومات الصحيحة حول كيفية الوقاية من هذا السرطان، كما أن فكرة الفحوصات الدورية بمجرد تجاوز الأربعين من العمر مهمة جداً لأن نتيجة هذه الفحوصات قد تختلف جذرياً بين فترة وأخرى. ويتابع “أتمنى أن تنشر المؤسسات الصحية في السويد مزيداً من الحملات التوعوية الخاصة بسرطان البروستات على مدار العام وبشكل مكثف وليس خلال هذا الشهر فقط، وأن نحصل نحن الرجال على هذه المعلومات في كل زيارة حتى لو كانت اعتيادية للمستوصف”.

يختم آدم بالقول “أنا ممتن لعائلتي وأولادي الذين يقفون بجانبي ويتابعون معي مواعيد الأدوية الخاصة بي وزياراتي الطبية كل يوم”.

يذكر أنه خلال الأعوام الماضية ذكر العديد من الخبراء في السويد أن الأدوية الهرمونية تساعد المرضى الذين يعانون من مرحلة متقدمة من سرطان البروستات في رحلة شفاءهم من هذا المرض، وذلك مثل دواء (Zytiga) الذي جرت الموافقة عليه لاستخدامه في الحالات التي تكون فيها الاستجابة للعلاج الهرموني الطبيعي صعبة إلى حدٍ ما.

المزيد حول خطوات اختبار (المستضد البروستاتي النوعي PSA) المعني بالكشف المبكر عن الإصابة بسرطان البروستات لدى الرجال في الفيديو أدناه،

راما الشعباني