عوائق وضع جهود اللاجئين في المكان الصحيح لخدمة الاقتصاد السويدي.. خبراء للكومبس: كفاءات كبيرة قد تضيع إذا لم تستغل بالطريقة الأمثل

: 3/15/16, 3:23 PM
Updated: 3/15/16, 3:23 PM
عوائق وضع جهود اللاجئين في المكان الصحيح لخدمة الاقتصاد السويدي.. خبراء للكومبس: كفاءات كبيرة قد تضيع إذا لم تستغل بالطريقة الأمثل

الكومبس – تحقيقات: يطالعنا عدد من المسؤولين السويديين بين الفينة والأخرى ببعض التصريحات، التي تشير إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه اللاجئون الجدد في تنمية الاقتصاد السويدي بقطاعاته المختلفة، ذلك على الرغم من تشكيك البعض في هذا الأمر، واعتبار اللاجئين عامل ضغط قوي على الاقتصاد في هذه الدولة الاسكندنافية، وما قد يتركه ذلك من انعكاسات اجتماعية سلبية، الأمر الذي دفع وزيرة سوق العمل إيلفا يوهانسون في وقت سابق إلى الرد على أولئك المتشككين بالقول: إن مخاوفهم مبالغ فيها معتبرة أن سوق العمل يتميز بالديناميكية والفعالية والتغير السريع، وأن السويد تتمتع بنمو قوي للغاية ولديها إمكانية لخلق فرص عمل جديدة.

تزامن ذلك مع تأكيد مكتب العمل السويدي، أن اللاجئين يشكلون زخماً إيجابياً على المدى القصير للاقتصاد السويدي، لأنهم سيساهمون في خلق المزيد من فرص العمل في بعض القطاعات مع التأكيد على ضرورة توفير الشروط الضرورية، والخيارات المناسبة التي تمنح الفرصة لأولئك اللاجئين ممن يمتلكون مهارات علمية ومهنية عالية المستوى، في تحقيق النجاح المطلوب.

هذا التأكيد أتفق معه العديد من رجال الأعمال والمحللين الاقتصاديين، ومنهم من تحدث لـ الكومبس عن أهمية الاستغلال الأمثل للإمكانيات المتوفرة عند عدد كبير من اللاجئين.

يقول لنا مارون عون مدير جمعية أصحاب الشركات الأجنبية في السويد: إنه يتفق مع توقعات مصلحة العمل بأن اللاجئين سيعززون الاقتصاد الوطني، لأنهم سيلعبون دوراً مهماً في تحسين وزيادة معدلات الاستهلاك في المقام الأول، ومن ناحية ثانية فإن سوق العمل السويدي بحاجة الى الكثير من الكفاءات وأصحاب الخبرة في قطاعات عديدة، وهذا ما هو متوفر بين هؤلاء اللاجئين لكن لا بد من استغلال ذلك بالطرق والآليات المناسبة، مع العلم أن اصحاب الكفاءات لن يكلفوا الدولة الكثير من الأموال، لأن لديهم الخبرة الكافية التي تدفعهم للانخراط في سوق العمل في وقت قصير وجهد قليل، ثم أن هؤلاء سيصبحون من دافعي الضرائب، الذين سيدرون أموالاً على خزينة الدولة، وهذه من أهم الفوائد التي يمكن أن تحققها الحكومة هنا.

وزد على ذلك وفقا لعون أن هناك من بين اللاجئين، الكثير من رجال الأعمال الذين دفعتهم ظروف بلدهم إلى ترك أعمالهم الخاصة، فإذا توفر الاستغلال الأمثل لقدرات هؤلاء، فإننا سوف نجد شريحة كبيرة من رجال الأعمال، يندفعون إلى إعادة تأسيس شركاتهم على الأرض السويدية ويشير في هذا الإطار إلى دراسة أعدتها جمعيته بالتعاون مع مؤسسات حكومية وخاصة شملت 3500 لاجئ ضمن مدارس تعلم اللغة، أظهرت أن 23% من هؤلاء اللاجئين، هم رجال أعمال وأصحاب شركات في بلدانهم الأصلية، وأن 80% من هؤلاء يرغبون بتأسيس شركات لهم في السويد

مارون

مارون عون

البيروقراطية …العائق الأكبر

ويعود عون ليكرر أن كل ذلك مرتبط أولاً وأخيراً بإرادة الدولة السويدية، في إيجاد المنهج المناسب لدمج هؤلاء بالطريقة المثلى في سوق العمل عبر إجراءات عديدة، أولها التخفيف من البيروقراطية التي تعيق أي تقدم، ضاربا مثالا على ذلك معادلة الشهادات الجامعية للاجئين، الذي برأيه يستنفذ الكثير من الجهد والوقت غير الضروريين، فضلا عن ذلك التأخير في البت في إقامات العديد من اللاجئين، فالكثير منهم ينتظرون أشهر طويلة في مساكن اللجوء دون أي أمكانية لممارسة كفاءته، وهذا ما يؤثر سلبا على أداءه وخبرته.

ويرى عون أن أكثر القطاعات التي قد تستفيد من اللاجئين هو القطاع الصحي، الذي يحتاج إلى كفاءات عديدة بدءاً من العامل البسيط انتهاءً بالطبيب المختص، ثم قطاع التعليم الذي ينقصه مدرسين في مجالات مختلفة، فضلا عن القطاع الخدمي وهو ما يتطلب توافر كفاءات أقل.

ويؤكد عون أنه لا بد من إيجاد خطة حكومية، لمعرفة متطلبات سوق العمل وما هو متوفر من كفاءات لدى اللاجئين، وأن يتم فرز هؤلاء كلا وفق اختصاصه للاستفادة أكثر منه، معتبراً أن هناك بعض التعقيدات لا طائل منها، يتضمنها شرط التقدم إلى وظيفة، وأولها اللغة السويدية، ويرى أن هناك الكثير من الوظائف لا يهم توافر اللغة فيها، لكن نراها ضمن شروط الوظيفة. ويلفت النظر خلال حديثه معنا إلى نقطة يعتبرها عون مهمة جداً، وهي أن القانون السويدي يمنع التمييز العنصري في العمل لكنه يرى أن هذا القانون موجود على الورق فقط، في ظل غياب آلية التطبيق مشيراً إلى حالات كثيرة عن تعرض عدد من العمال والموظفين في قطاعات عدة لمضايقات عنصرية دون أي رادع.

معمر عواد

معمر عواد

السويد تدرك أن معظم اللاجئين يعشقون الحياة ويحترمون العمل ويطمحون إلى النجاح

من جهته يعتبر الكاتب الاقتصادي معمر عواد المقيم في العاصمة القطرية الدوحة أن السويد تستطيع أن تكتشف في هؤلاء اللاجئين، فرصة وصفها بالتاريخية لإعادة انتاجهم وتأهيلهم ودمجهم في المجتمع الأوروبي الناهض على ثقافة القانون وموروث العدالة الاجتماعية. ويرى أن القارة الأوروبية ومن بينها السويد يدركون أن معظم من وصلها من اللاجئين، هم ممن يعشقون الحياة، ويحترمون العمل، ويطمحون إلى النجاح، و يقول إن السويد البلد الاسكندنافي بسكانه العشرة الملايين، كان هدفاً لكثير من الشباب الطامح بغدٍ أفضل في البلد الأول بمؤشر الايكونوميست للديمقراطية، حيث استطاعوا هؤلاء أن يقدموا أنفسهم بطريقة حضارية إلى المجتمع السويدي، على أنهم اضافة للمجتمع والاقتصاد المحلي، وليسوا عبئاً عليه، الأمر الذي برأيه لفت انتباه السلطات السويدية الى قوة العمل الماهرة وأصحاب الخبرات العلمية والأكاديمية، التي حطت رحالها في جميع الاقاليم السويدية معتبراً أن أكثر القطاعات التي ستستفيد من اللاجئين هو قطاع الخدمات ثم قطاع الصناعة بالدرجة الثانية.

مازن سلهب

مازن سلهب

اللاجئ استثمار طويل الأجل ستظهر نتائجه خلال السنوات الخمس المقبلة

وأمام هذين الرأيين يعتبر الخبير الاقتصادي مازن سلهب مؤسس والمدير التنفيذي لشركة ماس للخدمات المالية ومقرها دبي أن الحكومة السويدية تنظر إلى اللاجئين على أنهم استثمار طويل الأجل. ويقول إن المليارات التي تصرف على ايواء اللاجئين وتعليمهم ومحاولة دمجهم بسرعة في المجتمع السويدي ما هو الا استثمار، يتوقع أن تظهر نتائجه خلال الأعوام الخمسة القادمة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وكذلك ديموغرافياً. يقدر عدد سكان السويد بحوالي 9.8 مليون حسب العام الفائت 2015 وهي تتمتع بناتج محلي اجمالي يقارب $483 مليار مما يجعل نصيب الفرد فيها 48.900$ أي السابع على مستوى العالم، اضافةً الى أن السويد تملك واحداً من أعلى معدلات التنمية البشرية التي تصل إلى 0.907

من شأن اللاجئين أن يزيدوا من نسبة الخصوبة في السويد

ويتابع سلهب في حديثه للكومبس، أن قدرة الحكومة السويدية على الاستفادة من اللاجئين سيكون مرهوناً بقدرتها على دمجهم في المجتمع اولاً، إضافةً إلى تحقيق معدلات عالية من التوظيف والعمل حسب متطلبات سوق العمل السويدي بشكل خاص. ويشير إلى أن نسبة مرتفعة من اللاجئين هم من الشباب والأعمار الصغيرة والمتوسطة بين 18 عام وحتى 45 عام، وهذه تعتبر فئة منتجة بالكامل تستفيد منها السويد بقطاعين أساسين، وهما رفع مستويات الاستهلاك الداخلي اولاً بكافة أشكاله، وثانياً تشغيل الكثير من القادمين الجدد لرفع مستويات الانتاج وزيادة الناتج المحلي الاجمالي. ويضيف أن الكثير من اللاجئين هم من أصحاب الأعمال الخاصة في بلادهم وعليه فقد يساهم هؤلاء في دعم قطاعات الأعمال الصغيرة والمتوسطة، والتي قد تكون مجدية أكثر من عمليات التوظيف في الشركات الكبرى، وهنا سيكون القطاع البنكي السويدي أمام مجال آخر لزيادة التمويل في السنوات المقبلة وفقاً لسلهب

ويشير في ختام حديثه إلينا إلى أن نسبة الخصوبة في السويد هي 1.9 ولد لكل امرأة، وهي نسبة متواضعة مع الدول الأقل نمواً، وهنا يمكن برأيه أن يساعد اللاجئون الجدد في رفع معدلات الخصوبة وزيادة الداخلين لسوق العمل، ويتابع أن 85% من السكان يعيشون في المناطق الحضرية والمدنية في المدن الكبرى، كالعاصمة ستوكهولم ويوتبوري ومالمو وبالتالي ستكون فرصة قوية للحكومة السويدية، لإعادة توطين السكان الجدد في المناطق الريفية البعيدة، والتي تحتاج لعملية تنمية وتطوير

هاني نصر

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.