عيد الميلاد… الوقت الأمثل للترابط العائلي في السويد

: 12/24/21, 5:54 AM
Updated: 12/24/21, 5:55 AM
عيد الميلاد… الوقت الأمثل للترابط العائلي في السويد

الاحتفال بعيد الميلاد في السويد تقليد قديم يعود إلى القرن 11 للميلاد، حيث كان في ذلك الوقت مزيجاً من الإحتفال الديني المسيحي مع احتفال “منتصف الشتاء” الذي يبدأ الانقلاب الشتوي بعده ليصبح النهار أطول والليالي أقصر بالتدريج. قبل وصول المسيحية إلى السويد كان الغرض من الاحتفال إنارة ليالي الشتاء المظلمة، ثم امتزجت هذه العادة القديمة بتقاليد تابعة للديانة المسيحية لتتشكل طقوس احتفال عيد الميلاد كما نعرفها اليوم.

وقد كان الاحتفال الجرماني الوثني بمنتصف الشتاء قائماً بشكل أساسي على الطعام والشراب، وتقديم الأُضحيات من الحيوانات كي تبارك لهم الآلهة في محاصيلهم الزراعية ورزقهم. ما جعل هذا النوع من الطقوس ممنوعاً بشكل كامل مع تحول السويد إلى دولة مسيحية قبل أكثر من ألف عام.

أجواء تحمل الفرحة للجميع

يبدأ العد التنازلي لاحتفالات العيد مع إشعال أول شمعة من الأدفنت أو (مجيء المسيح) في أول أحد من شهر ديسمبر/كانون الأول وتستمر حتى 13 يناير/كانون الثاني الذي يختتم موسم الأعياد وتُزال فيه زينة و مظاهر الأعياد مع قدوم يوم القديس كنوت.

تبدأ العديد من المدارس عطلة عيد الميلاد في الفترة 17 و 22 ديسمبر/كانون الأول و تمتد حتى 9 يناير/كانون الثاني من السنة الجديدة. في حين تبدأ عطلة العمل في الفترة ما بين 20 و 23 ديسمبر/كانون الأول وبعض الشركات تستأنف العمل لبضع أيام مابين احتفالات عيد الميلاد والسنة الجديدة، وتعتمد أيام العطل على عطلة نهاية الأسبوع، وأي الأيام يصادف عشية الميلاد من كل عام.

وفي الأيام الأخيرة قبل ليلة الميلاد، يتم الانتهاء من استعدادات الاحتفال، فتتأكد العائلات من شراء كل ما يحتاجونه من مأكولات ومشروبات، وزينة، وهدايا ويقوم البعض كذلك بشراء الألعاب النارية التي يستمر إطلاقها كل ليلة ابتداءً من ليلة الميلاد بشكل تصاعدي حتى ليلة رأس السنة. وعادة ما تكتظ المتاجر ومراكز التسوق بالزبائن خلال هذه الفترة لشراء لوازم الاحتفال أو للاستفادة من عُروض الأسعار المخفضة.

ومن المعروف عزوف الكثير من السويديين عن زيارة الكنائس في الأيام العادية لذلك تعتبر أعياد الميلاد ورأس السنة بالأساس فرصة اجتماعية يتم اقتناصها للقاء الأهل والأحبة. والحقيقة أن عيد الميلاد في السويد شهد كذلك إقبالاً متزايداً من المقيمين في السويد من أبناء الديانات الأخرى على تقليد مظاهر الأعياد الحميمة من تزيين منازلهم بالأضواء والشموع والنجوم وتوزيع الهدايا واللقاء بالأحبة، أو الذهاب إلى مراكز التسوق مع أطفالهم لأخذ الصور مع “سانتا كلوز”، كتقليد اجتماعي الطابع أكثر من أن يكون ديني.

شجرة الميلاد

يَأتي موسم الإحتفالات ويَتنافس الجميع على شراء وتبادل الهدايا، وقد اعتادت العديد من العائلات السويدية إقامة الإحتفال الرئيسي وتبادل الهدايا في ليلة الميلاد 24 ديسمبر/كانون الأول. ويقضي الأطفال الأيام السابقة بالنظر أسفل شجرة الميلاد وترقٌب الهدايا والمفاجئات عشية العيد.

و بالتأكيد يدور في أذهانكم كيف بدأت فكرة تبادل الهدايا؟

فكرة التهادي و العطايا كانت موجودة في المجتمع السويدي من قبل ظهور “سانتا كلوز” أو “بابا نويل”، فاعتاد المزارعون الفقراء تلقي الهدايا المختلفة من الكعك المعد بالمنزل أو النقانق أو شمع مصنوع يدوياً.

أما شجرة الميلاد فهي عادة وصلت إلى السويد من ألمانيا في القرن التاسع عشر. وتم استبدال التقليد المسبق بتقديم هدايا مضحكة مصنوعة غالباً من الخشب في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بهدايا عيد الميلاد المقدمة من “ماعز عيد الميلاد” وفي وقت لاحق من “سانتا كلوز أو بابا نويل”.

زُينت أول أشجار ميلاد سويدية بالشموع وحلويات العيد والفواكه، وسُرعان ما اسُتبدلت هذه الزينة بزينة خاصة بكل عائلة مصنوعة من الورق والقش. واعتباراً من عام 1880، كانت زينة شجرة الميلاد التجارية متاحة في المدن السويدية الكبرى، والتي تم استيرادها من ألمانيا. وتشمل الزينة الشائعة الإستخدام اليوم: الحلي، والشموع، والتفاح، والأعلام السويدية، التماثيل الكنسية الصغيرة، وقد يمتلئ المنزل بزهرة “بنت القنصل” أو نجمة الميلاد والنرجس الأحمر (الأمارليس) وبسكويت الزنجبيل على شكل قلب، والذي يضفي على البيت رائحة طيبة وشعور بالسعادة والدفء.

حكاية “سانتا” السويدي

“تومتن” هو الشخص الذي يجلب الهدايا مساء 24 ديسمبر/كانون الأول للعائلة السويدية، حيث يجلس أفراد العائلة والأطفال في انتظار قرع الباب واستقبال “تومتن” محملاً بالهدايا. وفي السويد لا نُجبر تومتن السويدي العجوز على تسلُّق أسطُح المنازل و التسلل من المداخن كالنسخة العالمية التي تقدمها ديزني لنا عن سانتا كلوز، وإنما هو شخص على هيئة رجل عجوز يقرع الأبواب مع كيس من الهدايا في يده.

والحقيقة أن تومتن رغم الخلط الشائع هو ليس نفسه سانتا كلوز الشهير، فتومتن قصة سابقة للديانة المسيحية ذات أصول هولندية، ويُصَوّر على أنه قزم يعيش في المزرعة ويعتني بأسرة المزارع أثناء نومها، ويمكن أن يكون كريماً ويقدم الهدايا إذا تعامل معه أهل المزرعة بشكل لطيف، وهو رمز لروح الأجداد التي تطوف حولنا وتحمينا. واليوم ومع تحول الميلاد في السويد إلى مزيج من العادات المحلية والأجنبية التي تم تكييفها فقد تم تكييف شخصية تومتن أكثر لتشير إلى شخصية سانتا.

يعود الفضل في شكل تومتن كما نراه اليوم بالنسخة السويدية للفنانة و الرسامة “يني نيوستروم“، و التى استلهمت فكرة رسم “تومتن” بعد قراءتها للرواية الشهيرة “مغامرات فيغز الصغير عشية الميلاد” للكاتب السويدي “فيكتور ريدبرغ” والتي كتبها في عام 1875، فقامت برسم صورة لتومتن كما تخيلته. وقد واجهت رفضاً في بداية الأمر من دور النشر إلى أن وصلت الرسومات للكاتب فيكتور ريدبيرغ و تابعا المحاولات إلى أن تبنت أحد دور النشر طبع بطاقات العيد و أصبحت فيما بعد رمزاً للفلكلور السويدي. و قد رَسمت يني عدداً هائلاً من بطاقات عيد الميلاد وصل إلى 5000 بطاقة ونُشرت رُسُوماتها على أَغلفة المجلات. وقد تبين فيما بعد أن “تومتن” الذي رسمته كان نسخة من والدها.

احتفال ديني واجتماعي

يَحتفل مُعظم السويديون بعيد الميلاد بالطريقة نفسها تقريباً من الناحية الكنسية، والذي يتمركز حول قداس الميلاد الذي تُحييه الكنائس ليلة الميلاد، بينما تختلف الطقوس الإحتفالية من منظور اجتماعي تبعاً للمنطقة، فالأطعمة التي تقدم على مائدة الإحتفال تختلف من منطقة لأخرى رغم أنها تبقى متقاربة إلى حد ما. و بإمكانك سؤال أي سويدي عن أهم الأطعمة التي تقدم في عيد الميلاد و ستجد جوابهم موحد حول أطعمة مُعينة تشمل : السجق، ولحم الخنزير، وأسماك الرنجة المخللة، وكعكة الكبد المنزلية، والبطاطا، وأطباق السمك الخاصة بكل منطقة، كم يتم تقديم المشروب الغازي الموسمي الخاص بعيد الميلاد “يول موست”.

وكون السويد بلد ذو مساحات شاسعة، فموسم الأعياد يعتبر فرصة جيدة للاجتماع بأفراد الأسرة المقيميين في أرجاء البلاد وقضاء الوقت معهم. فيقومون بالترتيب لذلك بداية من حجز تذاكر القطار وشراء الهدايا قبل الأعياد بفترة مناسبة.

وهو الوقت الأمثل للعائلة للقيام بأمور مشتركة معاً لزيادة الترابط الأسري، فيقوم الوالدن بمشاركة الأطفال في القيام ببعض الأنشطة سوياً مثل صنع الأعمال اليدوية الخاصة بالعيد كرجل الثلج أو زينة لشجرة الميلاد بأقماع الصنوبر، واصطحاب الأطفال في نزهة لرؤية أضواء وزينة الميلاد وزيارة أسواق الميلاد ومظاهر الاحتفالات في المدن و الشوارع، أو التزلج علي الجليد وصنع رجل ثلجي، وبناء بيت من بسكويت الزنجبيل و تزيينه، والذي يتم تزيين المنزل به والاستمتاع بأكله مع انتهاء موسم الأعياد، وكذلك خبز الحلويات والمخبوزات الخاصة بالأعياد مثل كعك الزعفران وكعك الزنجبيل وشُرب الجلوج المميز المكون من النبيذ الدافئ مضاف إليه خليطًا من القرفة والهيل والزنجبيل والتوابل، والذي توجد منه كذلك أنواع خالية من الكحول.

من موقع الحكومي الرسمي ar.sweden

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.