الهجرة واللجوء

قصة لاجئ حرمته البيروقراطية من لقاء زوجته ولم شملها

: 9/4/23, 7:02 PM
Updated: 9/4/23, 7:03 PM
أسر لاجئة في ألمانيا - أرشيفية
أسر لاجئة في ألمانيا - أرشيفية

“جسدي هنا وفكري في اليمن” هذا هو حال الشاب علي الذي يسعى جاهدأ من أجل لم شمل أسرته. لكن عواقب بيروقراطية تمنعه وتجعل حياته في ألمانيا “غير مستقرة”.

تقدم 244 ألف شخص بطلبات اللجوء العام الماضي، وأصدرت السفارات والقنصليات الألمانية 117 ألف تأشيرة لأفراد عائلات اللاجئين حتى يتمكنوا من دخول البلد. إضافة إلى ذلك، ففي الفترة الممتدة من يناير/كانون الثاني إلى يوليو/تموز 2023، حصل 76798 شخصًا آخر على التأشيرة، هذه آخر الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الخارجية خلال ردها على سؤال عضو حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي في البوندستاغ، أندريا ليندهولز.

النائب البرلماني، اعتبر هذه الأرقام دليل على أن عام 2023 لن يكون عاما لتحطيم الأرقام القياسية فيما يتعلق بالهجرة غير القانونية فحسب، بل أيضا في أرقام تأشيرات لم شمل أسر المهاجرين واللاجئين.

قصص لا تعكس وردية الأرقام!

علي، مهاجر يمني يبلغ من العمر 34 عاماً، وصل إلى ألمانيا منذ أكثر من 5 سنوات، عن طريق حصوله على تأشيرة دراسية. خصص سنتين من حياته في ألمانيا للتمكن من اللغة ومعادلة شهاداته، للانطلاق بعدها في مساره الأكاديمي إلى جانب العمل. مسيرة أغنته تماما عن الحصول على أموال دعم من الدولة أو أي مساعدات تذكر، حسب تصريحه لمهاجر نيوز.
خلال زيارة سابقة لليمن، قرر أن يتزوج وعاد من عطلته لينطلق في سباق الإجراءات الإدارية لأجل إتمام أمر لم شمل زوجته، لكنه اصطدم بسرعة برفض طلب لمّ شمل عائلته الخاص به من طرف مكتب الأجانب، الذي برر قراره بـ “نوع التأشيرة” (تأشيرة طلابية)، معتبرا أن هذا النوع من الإقامات لا يسمح لصاحبه بلم الشمل. لكن محامي علي، أكد له أنه “من حقي أن أجتمع بزوجتي هنا، مادمت مقيما بشكل قانوني في وحققت كل الشروط المطلوبة من سكن ودخل قار وغيرها”.

يحكي علي، أنه تقدم بالطلب بسفارة ألمانيا بسلطنة عمان، لأنه في بلده لا تسمح الأوضاع بذلك، وفهم خلال المقابلة رفقة زوجته التي رافقته، أنهم يستوفون كل الشروط، وأن الملف مكتمل. “كنا في انتظار الرد لما يزيد عن أربعة أشهر، فالمقابلة كانت خلال أكتوبر/تشرين الأول 2021، في تلك الفترة تواصل معي مكتب الأجانب أكثر من مرة، وطلبوا تزويدهم بعض الوثائق مثل عقد العمل والسكن، وزودتهم بكل شيء، وهو ما بدا لي إشارة إيجابية”، يقول المتحدث. بعد انتظار لأشهر أخرى، راسل علي مكتب الأجانبيسأل عن مآل الطلب، فتوصل بعدها بيومين بالرفض عن طريق السفارة.

ما كان أمامه إلا التقدم بطلب الطعن في القرار في أبريل/نيسان 2022، لكن الطعن رفض أيضا، لكن بعد سنة وأربعة أشهر، وهي مدة يجدها علي ومحاميه أطول من المعتاد بكثير، ويرى فيها نوعا من التماطل.

سياسيون يطالبون بإيقاف تأشيرات لم الشمل!

في الوقت الذي يشتكي فيه آلاف المهاجرين واللاجئين من معاناتهم مع صعوبة لم شمل أسرهم في ألمانيا، يرى سياسيون أن البلد صارت تتحمل ما لا طاقة لها له، ومن بين هؤلاء أندريا ليندهولز، النائب عن منطقة فرانكونيا السفلى، والذي يشغل أيضًا منصب نائب رئيس المجموعة البرلمانية للحزب. وقد دعا ليندهولز الحكومة الفيدرالية إلى “الحد من قبول طلبات لم شمل أسر الحاصلين على الحماية الثانوية حتى ينخفض عدد طالبي اللجوء بشكل كبير”، حسب صحيفة أوغسبيرغر الألمانية.

كما اعتبر المتحدث نفسه أنه “في ضوء الوضع المتوتر في سوق الإسكان، لا ينبغي منح التأشيرة للم الشمل إلا إذا تمكن الأجنبي الذي يعيش في ألمانيا من إثبات وجود مساحة كافية لأفراد الأسرة الذين سيلتحقون به”.
معظم التأشيرات التي تصدر حاليا حسب الإحصائيات، تصدر عن القنصليات في كل من بيروت واسطنبول وأربيل بالعراق، كما أن تسعة من كل عشرة طلبات تعود لمواطنين سوريين.

سامي لاجئ عراقي وهو من بين الحاصلين أيضا على الحماية في ألمانيا، يشتكي حسب توضيحه لمهاجر نيوز من عدم تمكنه من لم شمل أسرته، رغم عمله المتواصل لما يزيد عن سبع سنوات. ويرى المتحدث أن هذا القرار في ألمانيا يشكل ظلما في حق كل من يعيش في هذا البلد بإقامة حماية ويعرقل حياته.

كذلك الأمر بالنسبة لعلي، فبعده عن زوجته يجده شيئاً ظالماً، خاصة أنه يستوفي الشروط التي تمكنه من العيش معها في ألمانيا، مذكرا أنه لم يلجأ يوما لإعانات الدولة أو يثقل كاهلها، بل اعتمد على نفسه ومنحته الجامعية وعمله ليعيش بدون أدنى مشكل لما يزيد عن خمس سنوات.

ومما يزيد من صعوبة وضعه، أن الزواج في اليمن، يُسَيَّرُ إلى اليوم بعقلية النظام العشائري، إذ أن عائلة الزوجة يحق لها اتخاذ قرار فسخ الزواج بعد غياب الزوج عن بيته لمدة تتجاوز السنة. “خلال أكتوبر/تشرين الأول القادم، ستحين ذكرى زواجي الأولى، وهو ما يجعلني أعيش ضغطا رهيبا. زوجتي تتفهم الأمر، لكن عائلتها يجدون أن الأمر غير مبرر، فالعديد من اليمنيين الذين قدموا إلى ألمانيا ببطاقة الإقامة الطلابية في العديد من الولايات الأخرى، تمكنوا من لم شمل زوجاتهم وهم الآن مع بعض، هذا ما لا أفهمه أنا بنفسي، فكيف سأبرره لعائلة زوجتي ووالدها”، يقول علي بنبرة حسرة.

لم يترك الشاب اليمني بابا إلا وطرقه، لكن مجهوده لم يجدي نفعا إلى الآن، وهو ما يؤثر عليه نفسيا ويضر بتركيزه في عمله ودراسته، حسب ما يحكيه. يقول”أنا إنسان لدي مواردي المالية هنا وفي اليمن أيضا، لا أعلم لماذا يجب أن أعيش هذا الوضع، صار ينظر إلينا كلنا أننا لاجئون لا نسعى إلا للحصول على المساعدات، وهذا غير صحيح، اللاجئون والمهاجرون يكافحون أيضا لأجل حياة كريمة في هذا البلد”.

ويضيف المتحدث قائلا “جسدي هنا وفكري في اليمن بسبب هذا المشكل، الوضع في بلدي غير مستقر بسبب الحرب، تتغير الأوضاع في المدن بين ليلة وضحاها. أفكر أيضا في اتباع طريق أخرى، مثل أن تقدم زوجتي على فيزا البحث عن عمل إذا تمكنت من الحصول على مستوى لغة مناسب قريباً ونجحت في الامتحان. أحيانا ألوم نفسي لأني لم أقدم طلب لجوء، لأن العديد من اللاجئين قاموا فعلاً بلم شمل أسرهم بكل سهولة”، على حسب قول علي.

مهاجر نيوز 2023

ينشر بالتعاون مع DW

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.