الكاتب يسخر من الترويج لفكرة “الدروع البشرية” في غزة
الكومبس – ستوكهولم: انتقد الكاتب السويدي المعروف يان غويلو ما أسماه “الاتهامات المتهورة” بمعاداة السامية، معتبراً أنها “مضحكة” و”غير واقعية”.
وكتب غويلو الأحد مقالاً في صحيفة أفتونبلادت بدأه بمقدمة ساخرة، قال فيها “طبعاً، فإن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش كاره لليهود. مثله مثل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، ومثل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، كل ذلك حسب تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مناسبات عدة”.
وأضاف الكاتب “هذه الاتهامات المتهورة تهدف إلى تحييد الانتقادات الموجهة إلى جرائم الحرب الإسرائيلية المستمرة”.
وسخر الكاتب من اتهامات معادة السامية التي وجهت لرئيسة الاشتراكيين الديمقراطيين مجدلينا أندرشون من قبل رئيسة المسيحيين الديمقراطيين إيبا بوش، حين قالت بوش إن أندرشون “هي التي مهدت الطريق لمعاداة السامية التي نراها في شوارعنا وساحاتنا”، مضيفة أن هناك “كثيراً” من المعادين للسامية من الاشتراكيين ضمن دائرة معارفها الخاصة.
واعتبر الكاتب أن رئيس الوزراء أولف كريسترشون عبّر عن الأفكار نفسها، لكن بطريقة حذرة، تبدو وكأنها أكثر تهذيباً عندما قال كريسترشون “هناك قصة رومانسية مع الإرهاب في بعض دوائر الاشتراكيين وهذا من المفترض أن يزعج رئيسة حزبهم أندرشون”. ورأى الكاتب أن هذا النوع من “الاتهامات الطائشة” من قبل هذين الحزبين هدفه التغطية على الإحراج الذي يسببه ما يقدمانه من طاعة لحزب الـ SD.
وتابع الكاتب “المثير للدهشة أن صحيفة فوكس الليبرالية اليمينية المعروفة وصفت حتى كارل بيلد رئيس الوزراء ورئيس “الموديرات” السابق بأنه نازي قديم من طراز النازية الألمانية، بسبب الاعتراضات الحذرة على سحب المساعدات من الفلسطينيين، في نفس الوقت الذي يتم فيه الاستهزاء بالفلسطينيين باعتبارهم متوحشون و”بشر بدائيون””.
وحول دور بعض الصحف الليبرالية اليمينية في إشهار تهمة معادة السامية بوجه من يريد انتقاد الممارسات الإسرائيلية في كل هجوم على غزة، قال الكاتب “من الصعب الدفاع عن الاستراتيجية الإسرائيلية، تماماً كما يصعب الدفاع عن جميع جرائم الحرب الأخرى. ونتيجة لذلك، نرى أن الصحافة الليبرالية في السويد، تنفجر بتدفق المواد المنشورة التي تتحدث عن تزايد معاداة السامية، مع كل حرب تُشن على غزة”.
وقال غويلو “مهما جاء به هؤلاء الذين يحاولون إخفاء جرائم الحرب في غزة من أدلة للصق تهمة معادة السامية، بكل من يريد قول الحقيقة وانتقاد إسرائيل، تبقى هذه الأدلة بعيدة جداً عن الواقع أو مضحكة”.
وأضاف “يمكن للمرء أن يتخيل أن هذا الكذب الطائش، أو الغباء والجهل، هو تعبير عن اليأس من الهروب من الحديث عن مقتل 10 آلاف امرأة وطفل حتى الآن في غزة، لكن هذا ليس عذراً”.
واستشهد الكاتب بأرقام نشرتها صحيفة نيويورك تايمز حول هول المأساة في غزة وارتفاع عدد الضحايا بين المدنيين خصوصاً الأطفال والنساء. وقال “أمام هذا الواقع الذي لا يطاق والذي وجد محامو إسرائيل المخلصون بشدة صعوبة متزايدة في التعامل معه، وصفت مؤخراً صحيفة نيويورك تايمز، وهي واحدة من أكثر الصحف احتراما في العالم، كيف أدت الحرب الإسرائيلية حتى الآن إلى مقتل 10 آلاف امرأة وطفل في غزة، وهو رقم يمكن مقارنته بما فعلته الولايات المتحدة من قتل خلال 20 عاماً من الحرب في أفغانستان”.
وتابع “في اللغة العسكرية والصحفية الأمريكية، يُطلق على المدنيين الذين يقتلون في الحرب مصطلح “الأضرار الجانبية”، وهو يعني القتل غير المتعمد المباشر للمدنيين”، مضيفاً “إن السبب وراء إنجاز القوات المسلحة الإسرائيلية إلى الوصول لهذا العدد القياسي من الضحايا “الجانبيين” هو سبب منطقي وملموس. هم يريدون تجنب الخسائر بين صفوفهم. ولهذا السبب هم لا يذهبون إلى غزة لمواجهة 30 ألف رجل من حماس وجهاً لوجه. ويفضلون ترك الأمر للقصف لكي يمسح التجمعات السكانية المكتظة. كلفة مقتل كل “إرهابي” حوالي 25 ضحية وربما أكثر من النساء والأطفال الذين سقطوا بصورة “جانبية””.
واعتبر الكاتب ذلك “جرائم حرب”، لكنهم يحاولون “تبرير هذه الجرائم بسهولة من خلال إطلاق صفة “الجبن على الإرهابيين” أي أن المقاتلين جبناء لدرجة أنهم لا يخرجون إلى العلن لمواجهة القوة النارية الإسرائيلية الساحقة كرجال محترمين”.
وسخر الكاتب من الفكرة التي يُروج لها حول احتماء مقاتلي حماس خلف “دروع بشرية” بين السكان المدنيين في غزة، مشيراً إلى أن “هذه الدروع لا تجدي على الإطلاق، لأن الخصم الذي يقدم نفسه بأنه الأكثر احتراماً، لا يهتم ويحسب ببرودة أعصاب أن كل “إرهابي” يسقط على الأرض يمكن أن يكلف ما لا يقل عن بضع عشرات من النساء والأطفال”.
وخلص الكاتب إلى أن الاتهامات المتهورة بمعاداة السامية لكل من ينتقد قصف المدنيين وقتل الأطفال يمكن أن تزيد من معاداة اليهود حتى في أوروبا. وحذّر من “موجة كراهية حقيقية لليهود”، كنتيجة لهذا التغاضي عن الحقيقة، مضيفاً “يبدو هذه المرة وكأن موجة حقيقية من كراهية اليهود تجتاح أوروبا. إنها مأساة لا يمكن تصورها بالنظر إلى تاريخ أوروبا. ولذلك، عار علينا جميعاً”.
وختم الكاتب مقاله بوصف هذه التصريحات الصادرة من أعلى الجهات الحكومية إلى صغار المشاهير بـ”المنشورات الغبية”. وكتب “هذه المنشورات الغبية، من رأس هرم حكومتنا إلى أسفل قائمة صغار المشاهير في عالم الفن والثقافة، تنشر السخرية من أي مناقشة جادة حول معاداة السامية، وتقلل من أهمية هذه القضية وتتعامل معها كمجرد دعاية بسيطة، وتنزع من الفلسطينيين حقهم بالدفاع عن أنفسهم، ما يضاعف المأساة التي تتكشف تفاصيلها في غزة”.
Source: www.aftonbladet.se