كرار الحسيني، سويدي من أصل عراقي، يقيم في مدينة مالمو جنوب السويد، يدير شركته الخاصة لصيانة وبيع اكسسوارات الهواتف المحمولة، تحت مسمى Sveriges Mobil .
شعوراً منه بالمسؤولية تجاه مجتمعه السويدي الجديد، وقناعته بأهمية المساهمة الفردية والجماعية في محاربة كورونا، سافر بنفسه إلى خارج السويد لاستيراد 6000 علبة كمامات طبية، من فئة الطبقات الثلاثة. تحتوي العلبة الواحدة على 10 عبوات بلاستيكية، بكل عبوة منها 5 قطع.
لكنه لم يفعل ذلك من أجل استغلال الأزمة، على عكس ما يفعل العديد من التجار “الجشعين”، حيث راح يمنح عبوة كمامات مجاناً إلى الأشخاص المصنفين كحالات صحية خطرة، مثل كبار السن وذوي الأمراض المزمنة. أما الأصحاء الراغبين في شرائها، فإنه يبيعهم إياها بسعر 8 كرونات سويدية للقطعة، بحد أقصى عبوة واحدة فقط.
ولأنه من الصعب التمييز بين طلبات الأشخاص المنتمين إلى الفئات المعرضة للخطر وطلبات الزبائن الأصحاء، كتب أسفل منشوره التسويقي على شبكة الإنترنت، تنويهاً يدعو فيه الزبائن إلى التزام المصداقية ذاتياً، قائلاً: “من فضلك، لا تستغل هذا”.
كرار: دعم الكوادر الصحية ودور رعاية المسنين هم في مقدمة اهتمام مبادرتي
يقول كرار لـ”الكومبس” حول مبادراته: “يتم تسليم الكمامات مباشرة، أو إيصالها إلى المحتاجين بمختلف المدن السويدية بريدياً عبر شركة بوست نورد، إلا أننا لا نبيع سوى خمس كمامات فقط في كل مرة، تلافياً لاحتكارها وعموم الفائدة على أكبر قدر من المحتاجين.
لقد استرعت مبادرتنا هذه اهتمام عديد من وسائل الإعلام المحلية، ما ساهم في رواجها بين الناس. عندما قامت صحيفة أفتونبلاديت بكتابة تقرير عنها قبل عدة أيام، فوجئنا بتلقي أكثر من 320 طلباً بحلول اليوم التالي عبر صفحتنا الرسمية على الفيسبوك.
لدينا في المخزن حالياً، قرابة 1000 كمامة، كما ستصلني خلال الأيام القادمة 25 ألف كمامة أخرى.
عند بداية الأزمة، لاحظت وجود نقص حاد في وسائل الوقاية الصحية من المرض داخل السويد، كما أحزنني كثيراً معرفة حجم التهديد الذي يشكله الوباء يومياً على حياة كبار السن والأشخاص المصابين بالأمراض المزمنة. لا سيما أن فقدان أحدهم سيخلف جرحاً عميقاً لا يندمل في قلوب أفراد عائلته. لذا حزمت أمري على وقاية تلك الشريحة الضعيفة بكل ما أوتيت من جهد.
هكذا ركزت إمكاناتي المتواضعة أولاً على دعم كوادر الرعاية الصحية في قسم الطوارئ بمستشفى سكونه الجامعي ومراكز رعاية المسنين والمنظمات الإنسانية في مالمو. لم أكن حينها أملك إلا خمسة صناديق كمامات، ما جعل بعض معارفي يسخرون مني وينصحونني بالعدول عن الأمر حتى لا أسبب لنفسي الإحراج.
لكن رؤيتي مقدار الفرحة والامتنان على وجوه أولئك الأطباء والممرضين لحظة استلامهم الكمامات، جعلني أدرك يقنياً أنني اخترت السير على الدرب الصحيح، فأنا أؤمن دائماً أن إعطاء القليل أفضل من الحرمان. لقد بلغ مقدار المساعدات التي قدمتها إلى تلك المؤسسات حتى الآن، حوالي 2000 كمامة طبية.
من بين مبادراتي الأخرى، الأنشطة المجتمعية، التي تضمنت توزيعنا شطائر الشاورما والكباب والفلافل، بمناسبة حلول أعياد الميلاد على المشردين في مالمو، شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي.
كما تواصل مؤخراً معي عدد من المتطوعين الخيرين الشبان، طالبين مني مشاركتهم في حملة مشابهة لتوفير الطعام إلى المشردين طوال فترة الجائحة الحالية، فأبديت موافقتي لهم دون تردد، شريطة ألا تكون دعاية لحزب سياسي أو طائفة دينية بعينها”.
عمر سويدان – الكومبس