كيسوانسون فنان فلسطيني يحكي قصة انخراط عائلته في السويد

: 4/28/23, 11:28 AM
Updated: 4/28/23, 9:13 PM

Foto: Claudio Bresciani / TT
Foto: Claudio Bresciani / TT

الكومبس – خاص: في أحد مكاتب مصلحة الهجرة عام 1980، تغير اسم عائلة “الكيسواني”، التي كانت قد جاءت إلى السويد من الأردن، إلى “Kiswanson”، الاسم الأقرب إلى الثقافة السويدية. حاولت الأسرة الانخراط في المجتمع الجديد الذي استقبلهم بعد أن اضطروا الخروج من فلسطين إلى الأردن، حتى انتهى بهم المطاف في مدينة هالمستاد بالسويد، حيث استقروا. ولكن تأقلمهم مع واقعهم الجديد لم يعني بالنسبة لهم التخلي عما جاءوا منه. لم تمح هويتهم، بل تجددت. ورحلة التجدد هذه هي ما نشاهده في معرض الفنان الفلسطيني السويدي “طارق كيسوانسون”.

ابتداءا من السادس والعشرين من إبريل، تقدم صالة بونيرس الفنية معرض للفنان طارق كيسوانسون بعنوان الصيرورة. ويضم المعرض أعمال نحت ورسم وكتابة وفيديو تتناول ذكريات كيسوانسون وعائلته مع تجربة التنقل والهجرة.

من القلم الذي استخدمته أمه لملأ كافة أوراق الهجرة إلى ملعقة أحضرتها الأسرة معها من فلسطين وسترة جده التي حضر بها إلى السويد، كل هذا وأكثر جمعه طارق في معرض يصل الماضي بالحاضر.

يحكي كيسوانسون للكومبس “كان من المهم لي أن أحمل الماضي معي. بعض الأشياء تتلاشى بمرور الوقت، لكن البعض الآخر لابد أن تأخذه معك حتى وإن مضيت في حياتك.”

Foto: Claudio Bresciani / TT

ضمن الأعمال التي يقدمها كيسوانسون في المعرض، رسم مخطط لأول شقة انتقلت أسرته إليها بعد هجرتهم إلى السويد. ورغم أنها الشقة التي تربى بها، إلا أن صورتها باتت ضبابية في ذهنه، ما أضطره للجوء إلى مساعدة أخوته. يحكي كيسوانسون أنهم تجادلوا لبعض الوقت، محاولين تجميع شتات ذاكرتهم في حقيقة واحدة، إلى أن توصلوا إلى رسم كان الكل راض عنه.

يتناول كيسوانسون في معرضه تعددية الهوية وافتقاد الجذور، ولكن من منطلق جديد، فهو يرى في ذلك حرية وفرص غير محدودة. فيصور هذه الحالة بشعور “التحليق” والتأرجح بين الماضي والمستقبل. ويعتقد كيسوانسون أن حالة تجدد الهوية والذات التي مرت بها أسرته حين قدموا إلى السويد، هي حالة لا نهائية، فالذات لا تصل إلى مرحلة تتوقف فيها عن التجدد، بل أنها دائماً في حالة تغير وتطور.

ولكنه لا يغفل أن الموضوع له صعوباته وهو ما حاول تصويره في فيلم يجلس فيه طفل مهاجر على كرسي متأرجح ويسقط بالتصوير البطيء. حيث قال “هناك حرية في أن يكون الإنسان بلا جذور، وأن يطفو، لكن لا ننسى أن في هذا المقطع القصير، يسقط الصبي ويضرب رأسه في الأرض، فهي تجربة عنيفة”.

تنقل طارق بين بلدان عديدة ويعيش الآن في باريس ورغم تعدد جنسياته واللغات التي يتقنها، إلا أنه تربطه علاقة وثيقة بالوطن العربي، فمنذ كان طفلاً حرصت أمه على أن يتقن اللغة العربية ويسافر إلى الوطن العربي سنوياً وهي عادة يحافظ عليها إلى يومنا هذا. وفي زياراته إلى الأردن سنوياً، يسعى أن يلتقي بعائلته ويتعاطى مع ثقافته التي تعني له الكثير.

يرى طارق الهوية كشيء يتكون من خلال علاقتنا بمن حولنا، وبما نحب وما نكره ولا يراها كتكوين مستقل بذاته. ويجسدها في فنه كشيء متحرك ومتغير بتغير المحيط. فهو لا يهتم إلى المسميات التي يستخدمها الناس لتعريفه مثل أن يقولوا إنه فنان “سويدي” أو “عربي” أو “فرنسي”، لأنه يعرف أنه ليس هناك مسمى واحد يلخصه، بل أنه يحمل معه تراث ثقافات عديدة.

وقال “اتنقل بين كل هذه الثقافات، فهناك أشياء مهمة جداً بالنسبة لي في الثقافة الفلسطينية والعربية على سبيل المثال، كالقرب من العائلة.”

Foto: Claudio Bresciani / TT

يرى كيسوانسون أن هذا المعرض للجميع، لا فقط لمن يهتمون بالفن ويزورون المعارض بشكل دوري. فجميعنا نختبر مشاعر شبيهة عندما ننتقل من حالة إلى أخرى. ينتابنا شعور بالضياع والقلق والتأهب. ولا تنحصر حالة “الانتقال” على الهجرة من بلد إلى أخرى فحسب، بل يمكن أن يكون انتقالاً من وظيفة إلى أخرى، أو من حالة نفسية إلى أخرى. لكل منا ذكرياته الخاصة بالطبع، ولكن إلا أن تتقاطع مع بعضها البعض في مكان ما. لذلك ننصحكم بزيارة معرض طارق كيسوانسون في صالة بونيرس الفنية بين 26 إبريل وحتى 18 يونيو.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.