كيف يعيش سكان الحدود بين بيلاروسيا وبولندا مأساة المهاجرين

: 11/14/21, 7:34 AM
Updated: 11/14/21, 8:32 AM

منذ مدة لم تشهد القرى الواقعة على الحدود الغربية لبيلاروسيا حالات تقطع سبل بأشخاص هناك. لكن الآن ومع تزايد المهاجرين هناك يشعر سكان القرى على الحدود البولندية البيلاروسية بانعدام الأمان. أوضاع مؤسفة تشهدها المنطقة!هي منطقة مهجورة في الغالب. الحديث هنا يدور عن منطقة كامينيتس القريبة من محمية بيلوفاشسكايا الشهيرة الواقعة على الحدود البلاروسية البولندية. عبر معبر حدودي واحد فقط، يمكن الوصول، بشكل قانوني، من هنا إلى بولندا المجاورة. والآن وبسبب قيود فيروس كورونا على مواطني بيلاروسيا، لم يتم تسجيل أي حالات عبور عند نقطة التفتيش بيستشاتكا. رغم ذلك، يشعر سكان القرى البيلاورسية في المنطقة المحيطة بالحدود الغربية لبيلاروسيا بقلق شديد والسبب هو كثرة الأشخاص الموجودين على الحدود.

في قرية أوبرفشتشينا، يعيش السائق ميخائيل (50 عاماً) (تم تغيير اسمه) ويعمل في شركة زراعية في قريته. يقع منزل ميخائيل على بعد نحو خمسة كيلومترات من الحدود البولندية. لكنه لم يول اهتماماً لتجمع الأشخاص على الحدود.

إقرأ المزيد: أملا في الوصول إلى أوروبا…عراقيون يشدون الرحال نحو بيلاروسيا

“صحيح أن الحدود البولندية قريبة، لكن عبورها من هنا غير قانوني. لدخول بولندا علينا الذهاب بالسيارة إلى بيستشاتكا على بعد 8 كيلومترات”، حسبما يقول ميخائيل. لا يمكن للمواطنين، غير المقيمين هناك، الدخول إلى الشريط الحدودي. ما يعني أن سكان المنطقة هناك هم فقط من يُسمح لهم بجمع الفطر والتوت في الغابة. وهذا يتطلب تصريحا خاصا يتم إصداره من قبل دائرة الحدود المسؤولة. ومن يدخل إلى الغابة بدون تصريح يعتبر مخالفاً وتتم معاقبته بدفع غرامة مالية أما بالنسبة للأجانب فيتم ترحيلهم.

يملك كل سكان المنطقة أرقام هواتف أقرب نقطة حدودية، وفي حال وجود شخص غريب يقوم سكان المنطقة “بالإبلاغ عنه فوراً”، حسبما يؤكد ميخائيل. لكن هذا الخريف كان مختلفاً، إذ ظهر، وبشكل مفاجئ، عشرات الأشخاص في المنطقة الحدودية قادمين من العراق ودول أخرى. علماً بأنه لم يطرأ أي تغيير على القوانين البيلاروسية المتعلقة بإقامة المواطنين البيلاروسيين والأجانب الموجودين في المنطقة الحدودية.

في انتظار السفر إلى دول الاتحاد الأوروبي!

في قرية أوبيروفشتشينا، التي يعيش فيها ميخائيل، لم يرَ المواطن البيلاروسي أي مهاجر أو لاجئ، حسبما يقول. لكن الأمر يختلف في القرى المجاورة لمنطقة كامينيتس، حسبما يؤكد، مضيفاً “بحسب معلوماتي، تم استجواب رئيس شرطة المنطقة من قبل مجلس إدارة القرية”. إذ يشعر كثير من سكان المنطقة بانعدام الأمان.

لم تنشر الصحف المحلية سوى خبر قصير عن زيارة رئيس الشرطة فيكتور فودشيتسا لمجلس إدارة القرية، بل وحتى التغطية الإعلامية عن الأوضاع على الحدود هي أيضا محدودة جداً. وأكد فودشيتسا أن الشرطة المحلية تسيطر وبشكل تام على الأوضاع عند الحدود. “يعيش المهاجرون في مخيمات بانتظار مواصلة رحلتهم إلى الاتحاد الأوروبي. وإلا ستتم إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية”، حسبما يؤكد فيكتور فودشيتسا. لكن لم يتطرق الخبر إلى كيفية وصول المهاجرين إلى بولندا بشكل قانوني.

رحلات جوية جديدة من الشرق الأوسط؟

ينحدر سيرغى (لم يفضل ذكر اسمه بالكامل) من مدينة بريست البيلاروسية. سابقاً، كان يعمل كحارس للحدود. ولا يزال سيرغى على اتصال دائم بزملائه السابقين ويشعر بالأسف تجاههم بسبب الأوضاع الحالية التي يعيشونها. وبالنسبة له “فإن حرس الحدود البيلاروسي هم أداة لتنفيذ خطط مستفزة. في البداية، اُعتبرت الحدود الليتوانية نقطة ضعف، وتم بذل محاولات لتوجيه الناس إلى الحدود هناك. لكن الأوضاع تزداد سوءاً الآن أمام حدود بولندا”، يقول سيرغى.

على الحدود البولندية، لم تشهد مدن كبرى مثل غرودنو وبريست قدوم لاجئين أو مهاجرين. فبعد وصول اللاجئين إلى مينسك وإقامتهم لمدة قصيرة في العاصمة البيلاروسية، يتم نقلهم مباشرة إلى الحدود الخضراء. لكن هنالك افتراضات تشير إلى أن تغييرات ستطرأ على طريق نقل المهاجرين. فإلى جانب الرحلات الجوية الحالية التي تنطلق من الشرق الأوسط إلى مينسك، سيتم تنظيم رحلات تنقل المهاجرين إلى مطارات إقليمية. حتى الآن لم يتم تخطيط رحلات جوية إلى بريست. وفي نهاية أكتوبر/ تشرين الأول هبطت آخر طائرات مستأجرة من تونس ومصر. ولا يوجد أي معلومات عن رحلات طيران جديدة.

إقرأ المزيد: بولندا….لاجئ سوري في رحلة بحث عن والديه على الحدود!

في رحلة البحث عن المسؤولين!

في بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول، زار منطقة بريست عدة ممثلين بارزين في السلطات الأمنية البيلاروسية. من بينهم ألكسندر فولفوفيتش، وكيل مجلس الأمن، الذي زارالنقاط الحدودية في مقاطعة كامينيتس. وأكد لوسائل إعلام رسمية أن على بيلاروسيا الآن “محاربة الهجرة غير القانونية وحماية مصالح جيرانها الأوروبيين”.

وبالنسبة له، فإن السلطات البيلاروسية “أشارت مراراً وتكراراً إلى ضرورة استئناف مشاريع التعاون عبر الحدود التي تم إيقافها”، ويزعم الرجل أنه تم تجاهل الاقتراحات لتحقيق ذلك، ويقول فولفوفيتش إن قضية الهجرة موضع ترحيب من قبل الغرب “ليحول عواقب أفعاله غير المدروسة إلى الجانب البيلاروسي”.

كما يرى حارس الحدود السابق سيرغى أن الثقة بين سلطات الحدود البيلاروسية والدول المجاورة تتضرر بشكل خطير ويقول: “كان هناك العديد من المشاريع المشتركة لتسهيل عبور سكان المناطق المجاورة للحدود مثلا” ويتأسف الرجل لأن سكان المناطق الحدودية “أصبحوا هم الآن ضحايا لأزمة الهجرة”.

بسبب تدهور الأوضاع على الحدود بين بولندا وبيلاروسيا، تتهم بروكسل حاكم بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو بتهريب اللاجئين والمهاجرين عمداً من الشرق الأوسط إلى الاتحاد الأوروبي. وذلك رداً على العقوبات الأوروبية على نظام الحكم الاستبدادي في مينسك.

ومن جانبها، دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين إلى فرض مزيد من العقوبات على مينسك. ويتوجب على بيلاروسيا الكف عن “استغلال المهاجرين بشكل عبثي” ولأغراض سياسية، حسب فون دير لاين.

يذكر أن بروكسل لم تعترف منذ الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل في صيف 2020، بألكسندر لوكاشينكو رئيساً لبيلاروسيا.

أليس بيتروفيتش/ د.ص/ ص.ش

ينشر بالتعاون بين مؤسسة الكومبس الإعلامية و DW

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.